الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل الثامن- السنوات الأخيرة للبروليتكولت 1923-1932

لين مالي

2023 / 3 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



Mally, Lynn. Culture of the Future: The Proletkult Movement in Revolutionary Russia. Berkeley: University of California Press, 1990. http://ark.cdlib.org/ark:/13030/ft6m3nb4b2/

لم تتعافَ البروليتكولت على الإطلاق من الهجمات التي تعرضت لها في بداية الـ 1920ات. على الرغم من الجهود الكبيرة، لم يتمكن المشاركون من التغلب على سمعتها السيئة كمنظمة مشبوهة سياسياً ومقيدة اجتماعياً. تضاءلت العضوية أكثر، خلال السياسة الاقتصادية الجديدة، حيث ناضلت البروليتكولت لتحديد مكانتها في البيئة الثقافية والسياسية الجديدة. من الأكيد، أنه خلال الخطة الخمسية الأولى، عندما أدت نداءات الدولة المباشرة للطبقة العاملة إلى نشر الحماس في الحركات البروليتارية، بدأت البروليتكولت بالتوسع من جديد. ولكن حتى وقتها طغت عليها المنظمات الثقافية الأحدث التي كانت على علاقة أمتن بالنظام.

على عكس من سنوات الحرب الأهلية، لم تكن فترة السياسة الاقتصادية الجديدة في صالح المشاريع الثقافية البروليتارية. في بحثها عن المواهب والموارد للمساعدة على إعادة بناء البلد المنهك، وسّعت الحكومة نفسها لتشمل الفئات الاجتماعية التي كانت معزولة خلال الحرب الأهلية. استفاد قسم من الفلاحين والمثقفين من التغيير بالسياسة، ولكن اختبر العمال أسوأ الظروف. (1) أثارت مجموعات مثل البروليتكولت، برسالتها الداعية إلى هيمنة الطبقة العاملة وديكتاتورية البروليتاريا، موضوعات متنافرة بعيدة عن الأيديولوجيا المهيمنة في الـ 1920ات.

مع ذلك، تشكلت نقابات فنية جديدة تبحث عن أشكال تعبير بروليتارية في كل أنواع الوسائل الفنية. كان اتحاد الكتاب البروليتاريين، المعروف باسم فاب (VAPP)، مدافعاً شديداً لأدب الطبقة العاملة. وتأسست مجموعة موسيقية بروليتارية، رابم (RAPM)، وفتح الفنانون جمعية الفنانين الثوريين الروس، أخرر (AKhRR). كذلك، كان للمسرح حلقاته، من بينها القميص الأزرق (Siniaia Bluza)، ومسرح شباب الطبقة العاملة ترام (TRAM). (٢)

على الرغم من أنهم كانوا مترددين في الاعتراف بذلك، فإن هذه المجموعات مدينة إلى البروليتكولت. اعتقد المشاركون أن الفن سلاح أيديولوجي قوي يمكن عبره تنظيم المجتمع. في بحثهم عن الأشكال الفنية البروليتارية الفريدة، اعتقدوا أن ذلك يمكن أن يساعد في تعزيز سلطة الطبقة العاملة. وكما كان الحال مع البروليتكولت، كانت لهذه المنظمات الجديدة صلات ضعيفة مع الطبقة التي ادعت تمثيلها. أقل من ربع أعضاء الفاب كانوا من العمال الصناعيين عام 1928. (3)

على الرغم من التشابه، كان هناك اختلافات بين البروليتكولت وخليفاتها. كانت الحلقات معنية بوسائط فنية معينة، لكن البروليتكولت نظرت إلى الثقافة على نطاق أشمل على أنها مزيج من الفن والأيديولوجيا والحياة اليومية. لم يكن بإمكان أي منظمة تأسست خلال السياسة الاقتصادية الجديدة التباهي بعدد أعضائها كما هو الحال مع البروليتكولت في بداياتها، ولم تتصرف أي منها بنفس الاستقلالية السياسية. كان لكل منها علاقات وثيقة مع الدولة ومؤسسات الحزب: عملت “أخرر” مع الجيش الأحمر؛ كان شرط الانتساب إلى بعض الحلقات من الفاب الانضواء في صفوف الحزب [الشيوعي]؛ رعت دار النشر الحكومية الرابم؛ والترام كانت حليفة للكومسومول. (4)

بقيت البروليتكولت مثيرة للجدل خلال الـ 1920ات؛ واستمرت النقاشات حول أهميتها ومكانتها في الحياة الثقافية للسوفيتات من دون توقف. وجد أعداء فن الطبقة العاملة مدافعاً بليغاً هو ليون تروتسكي، الذي أصر على أن المفهوم بأكمله لا مكان له في التطور التاريخي الماركسي. على الرغم من أن البرجوازية قد طورت ثقافتها طوال قرون، فإن الفترة الانتقالية بين الرأسمالية والاشتراكية قصيرة حتى تتمكن البروليتاريا من إيجاد أساليبها الفنية الخاصة بها. (5) وجرت بلورة آراء تروتسكي في المجلات الحكومية الممولة بسخاء مثل مجلة “الأرض الخام الحمراء”، التي حررها الناقد اللامع ألكسندر فورونسكي. شكلت مجلة الأخير منتدى للمؤلفين الموهوبين غير البروليتاريين، المعروفين باسم “رفاق المسافرين”، وكذلك أولئك الذين لديهم وجهات نظر مشككة بإبداع الطبقة العاملة. (6)

لكن المجموعات الفنية لم تعانِ بصمت. بدلاً من ذلك، قادها اتحاد الكتاب البروليتاريين، وطالبت بصوت مرتفع بالمزيد من الدعم الحزبي والمكانة المهيمنة في الحياة الثقافية السوفياتية. المجلات الأساسية لحلقة الفاب- “التأهب” التي خلفتها مجلة “التأهب الأدبي”- هاجمت فورونسكي وتروتسكي من دون توقف خلال الـ 1920ات. لكن العديد من النقابات الفنية لم تتصرف كجبهة موحدة. فقد انقسمت بسبب الاختلافات الجمالية الجادة والصراعات الداخلية على السلطة، وقد انتقدت المجموعات بعضها البعض كما انتقدت “رفاق المسافرين”.

في المناقشات الثقافية الجارية، كانت البروليتكولت بمثابة نقطة مرجعية سلبية. فقد رفض لينين أساسها النظري وممارساتها الثقافية، وأعيد طبع بياناته بشكل دوري خلال السياسة الاقتصادية الجديدة. ولأن لينين قد ربط فكرة الثقافة البروليتارية بالبروليتكولت وبوغدانوف، بذلت مجموعات أخرى، وخاصة حلقة الفاب الصاخبة والمحاربة، طاقة كبيرة في محاولة إظهار كيف يختلف مفهومها للفن البروليتاري عن “الأساليب الاختبارية الزائفة” للبوغدانوفية والبروليتكولت. (7) من دون شك، أضعفت هذه التكتيكات موقف البروليتكولت، حتى بين الحلفاء المحتملين. فقد أصبحت كبش فداء مناسباً لحملات المنظمات الجديدة التي ترغب في صرف العدائية عن جهودها لتعريف الثقافة البروليتارية.

برنامج البروليتكولت الاجتماعي

خلال الـ 1920ات جرى الفصل أخيراً بين المبدئين الأساسيين لتنظيم البروليتكولت، الاستقلالية والفعل المستقل، بحيث تخلت المنظمة عن أي ادعاء بالاستقلالية المؤسساتية. وعلى الرغم من هذا التحول الخطير في مبادئها التأسيسية، اعتقد القادة الوطنيون أن المنظمة كانت المدافعة الرئيسية عن الاستقلال الإبداعي للعمال. أجرى أعضاء الاستديوهات والمسارح الصغيرة في البروليتكولت تجارب فنية مبتكرة. في الوقت نفسه، حاولوا أيضاً الوصول إلى العمال بشكل عام لتقديم خدماتهم كباحثين ومدربين إلى أندية الطبقة العاملة.

حرصاً على إنهاء التشكيك بوضعها السياسي، ناضلت البروليتكولت لإثبات مصداقيتها كمنظمة موالية ومخلصة. وعندما تشكلت حلقة صغيرة سرية من العمال، مستوحاة بشكل جزئي من أفكار بوغدانوف، باسم “حقيقة العمال” عامي 1922-1923، أشار أعضاء الحزب البارزون إلى أن هذا دليل إضافي على نظريات البروليتكولت المعيبة بشكل أساسي. (8) وقف قادة البروليتكولت بشكل علني مع الحزب، معلنين أن “حقيقة العمال” قد انحرفت عن الحياة العمالية، ولم يكن لديها أي فهم للنظرية الماركسية، ولم تتمكن من فهم التطور الديالكتيكي للثقافة البروليتارية. لم يكن الحزب الشيوعي هرمياً ولا استبدادياً، كما اتهمته مجموعة “حقيقة العمال”. وعلى العكس من ذلك، ضمن الحزب للعمال التفاعل والجماعية والحكم الذاتي. (9)

لكن محاولات التوافق السياسي هذه لم تنفع لوقف التدهور السريع للمنظمة. فعام 1924، لم يتبقَ سوى 11 حلقة من حلقات البروليتكولت في الاتحاد السوفياتي، وفي وقت مبكر من السنة التالية، أغلقت البروليتكولت في تفير، والتي هي إحدى أقدم المنظمات، وجرت تصفيتها على يد قسم الحزب المحلي. (10) لم يترك هذا التراجع الدراماتيكي أي روح بروليتارية جوهرية. جاء 20 بالمئة فقط من المشاركين في ورش العمل البالغة 412 عام 1912 من المصانع، على الرغم من أن 33 بالمئة جاؤوا من خلفية بروليتارية. (11) لم تتغير هذه الأرقام إلا قليلاً خلال السنوات الأخيرة من السياسة الاقتصادية الجديدة؛ عام 1928 كانت نسبة الطلاب 49 بالمئة في ورش العمل الإبداعية الذين ادعوا وجود روابط مع الطبقة العاملة الصناعية. (12)

مع استنزاف شبكاتهم الخاصة بشدة، كان على البروليتاريين ابتكار طرق أخرى للوصول للبروليتاريا. كما حصل خلال الحرب الأهلية، لجؤوا إلى الأندية كحلقة وصل أساسية مع الجماهير. حتى وقتذاك كانت المنظمة قد فقدت سيطرتها على معظم أنديتها الخاصة، ولكنها قدمت المدربين والمعلمات والمبادئ التوجيهية الفنية للعمل الثقافي في حلقات النقابات والمصانع والناركومبروس. صممت استديوهات البروليتكولت البوسترات واللافتات والشعارات لأنشطة النادي. رعت المنظمة المركزية ورش عمل المخرجين لتدريب الممثلين والمخرجين المسرحيين؛ كما رعت برامج خاصة مصممة لتثقيف قادة الأندية. (13)

لجعل عمل النادي شعبياً، استبدلت البروليتكولت مجلتها “الموقد”، النشرة الوحيدة المتبقية لها، بمجلة جديدة تسمى “نادي العمال” عام 1924. على عكس المشاريع السابقة، لم تكن هذه المجلة موجهة إلى أعضاء البروليتكولت وأنصارها. إنما كانت تسعى إلى الوصول لجمهور أوسع بين عمال النوادي وكانت مليئة بالإرشادات التقنية التنظيمة والتثقيف السياسي والأنشطة الثقافية. من خلال هذه النشرة أمل البروليتكولتيون بالوصول إلى عدد كبير من القراء عبر رسالة تقول إن العمال السوفيات بحاجة إلى برنامج صارم ومخطط بشكل جيد للنوادي. كان المساهمون الاعتياديون من ناشطي نوادي البروليتكولتيين المخضرمين من بينهم: رايزا غينزبورغ وم.أ. روستوبتشينا وفاليريان بليتنيف.

تضمن النادي المثالي من تصميم البروليتكولت على العديد من الحلقات الصغيرة. وكانت كل دائرة متخصصة بشكل تام، لكنها تناولت مجموعة واسعة من قضايا الساعة، من بينها العلوم والعائلة والإلحاد والتدريب العسكري. لقي التعليم السياسي اهتماماً خاصاً. في صفحات نادي العمال، أرشد مناضلو البروليتكولت القراء حول التاريخ الثوري والسياسة الحالية. إذ بدأت سنة وفاة لينين، وخصصت المجلة اهتماماً خاصاً بالبطل الذي مات، داعية إلى إقامة “زاوية لينين” في كل نادي. (14) اقترح المساهمون أنشطة مخصصة للألعاب السياسية حيث يمكن لأعضاء النادي اختبار معرفتهم بتاريخ الحزب والنظرية الماركسية. حظيت الآن قضايا الفلاحين اهتماماً إيجابياً كبيراً. ونصحت النوادي بفتح “حلقات الفلاحين” و”زوايا الفلاحين” لإعداد العمال للتحريض في الأرياف. (15)

من خلال النوادي، أمل البروليتكولتيون بمواصلة جهودهم لتحويل أنماط الحياة اليومية وتغيير “العامل-التافه” إلى [أن يصبح] عضواً في الطبقة الواعية. (16) كان للكثير من الكتابات عن العادات البروليتارية صدى مألوفاً؛ كما كان الحال خلال الحرب الأهلية، حذر مناضلو البروليتكولت أعضاء النوادي من الاستسلام لـ”التفاهة” خلال أوقات الفراغ، مثل الشرب والرقص. مع ذلك، اقترحوا طرقاً مختلفة لتحقيق الغايات القديمة. لزيادة نسبة حضور النساء، على سبيل المثال، اقترح محررو نادي العمال مجموعة رائعة من البرامج، بدءاً من مراكز الرعاية النهارية والاحتفالات الفخمة باليوم المرأة العالمي وصولاً إلى دورات الخياطة. (17) كانت النساء موضوعاً غائباً عن الأعمال الإبداعية في الحرب الأهلية، ولكن الآن اقترحت البروليتكولت سيناريوهات مسرحية تعالج مشاكل الطلاق وتربية الأولاد وقانون الأسرة. وتصور إحدى المشاهد محاكمة رجل رفض تحمل مسؤولية حمل زوجته. من أجل إثارة الشكوك بأبوته، أقنع أصدقاءه بأن يشهدوا أنهم قد ناموا معها كذلك. في قرار شبيه بقرار سليمان، جعل القاضي كل الرجال مسؤولين عن رعاية الطفل المادية.(18)

كما أضيفت إلى برنامج عملها حملات جديدة لتغيير مشاعر البروليتاريا. شجع البروليتكولتيون العمال على الابتعاد عن الدين والانضمام إلى النضال من أجل الإلحاد من خلال المشاركة في الاحتفالات المعادية للدين مثل: “عيد فصح كومسومول” و”عيد ميلاد كومسومول”. (19) ولتحقيق الانضباط العمالي والانتاجية الصناعية الكبيرة، دعم البروليتكولتيون عمل المنظمة العلمية للعمال (نوت – NOT). يجب على النوادي تعلم قيمة العمل، كما نبّه الفنان الطليعي نيكولاي تارابوكين. الترفيه، كما أي شيء آخر، يجب تعلمه. (20) ولضمان طبقة عاملة قوية وصحية أصبحت البروليتكولت مدافعة حماسية عن التربية البدنية.

كان من المقرر نقل هذا البرنامج الاجتماعي والسياسي الطموح إلى حد كبير عبر العمل الإبداعي. في النادي النموذجي للبروليتكولت، بات التصميم والمسرح والموسيقى والأدب والفن قوى فاعلة في الحياة اليومية. كان البرولتيكولتيون من المؤيدين الأقوياء للأشكال الفنية التشاركية، مثل “المجلات الحية” و”الصحف الحية” و”الساحات التحريضية”. جرى توجيه أعضاء النادي لتصميم سيناريوهاتهم الخاصة لعرض الوسائط المتعددة باستعمال مقالات الصحف والنقاشات في أماكن العمل والحي والمنزل. وكانت النوادي العمالية مليئة بسيناريوهات نموذجية لقضايا قد تطرأ، من بينها صعود الفاشية، والعلاقات بين العمال والفلاحين، والحملات المناهضة للدين. جمعت بعض هذه القضايا بطريقة مرحة، كما وضعت مخططات لذهاب دعاة التربية البدنية إلى القرية لتحدي كاهنها وإثارة اهتمام ابنته إلى قضيتهم. (21)

على الرغم من جهودهم لتقديم خدمات عملية للمنظمات العمالية، واجه البروليتكولتيون نقداً لأنشطتهم اليومية من قبل البيروقراطية الثقافية النقابية. اعتقد المنظمون النقابيون أن البروليتكولت قد ركزت كثيراً على العمل الإبداعي على حساب البرنامج التعليمي الأساسي، مثل محو الأمية. كما أنهم كانوا يخشون أن هذا النوع من النوادي التي تقترحها البروليتكولت يمكن ألا تعني العمال، لأنها بقيت “مختبرات” معزولة وحصرية. مع ذلك، اشتكى البروليتكولتيون أن العمل الثقافي النقابي كان سيء التخطيط وغير منهجي ومخصص إلى حد كبير للترفيه التافه. (22)

سرعان ما أخذت البروليتكولت انتقادات النقابيين على محمل الجد لأنها في تموز/يوليو 1925 تحولت من سيطرة الناركومبروس إلى سيطرة النقابات. (23) وكنتيجة لهذا الترتيب، فتحت جريدة نادي العمال صفحاتها لمزيد من التقارير من حلقات النقابات المحلية وبدأت الطلب من النوادي تبسيط عروضها الثقافية وتكريس المزيد من الوقت للمهام التعليمية الأساسية. وفي محاولة للوصول إلى المزيد من العمال، وخاصة البالغين، أعرب خبراء نادي البروليتكولت عن قلقهم غير المعتاد من وسائل الراحة البسيطة، مثل بيئة النادي اللطيفة، والطعام الأفضل المقدم، والشاي المجاني. (24) كما اكتسبت الموضوعات الاقتصادية أهمية أكبر. شُجع الأعضاء على بذل المزيد من الاهتمام لمهام إعادة البناء الاقتصادي والنظر في سبل رفع الانتاجية الصناعية. (25)

من أجل تحسين جودة عمل النادي، أجرت البروليتكولت العديد من الدراسات الاستقصائية والدراسات للأنشطة المحلية، وحضرت الكتيبات والأدلة التنظيمية. وعند الطلب، قدمت المنظمةُ كذلك مدربي فنون لنوادي النقابات. أعاد أحد اختصاصيي مسرح البروليتكولت تشكيل البرنامج الفني بالكامل في نادي “ميتاليست” في لينينغراد. وقد أقنع المشاركين بالتخلي عن المسرحيات الكلاسيكية إلى حد كبير وتأليف انتاجاتهم الخاصة مثل “الزفاف الأحمر” عوضاً عن ذلك. في موسكو، خططت مجموعة بحثية خاصة تسمى “نادي الكابينة” لمناهج برامج التدريب الثقافي النقابي.

بالنسبة للبروليتكولت، كانت النوادي مراكز لرعاية وتقوية استقلالية العمال الإبداعية. في منشوراتهم الضخمة، أكد مناضلو البروليتكولت باستمرار على أهمية العمل المستقل. لم يكن من المفترض أن تعتمد ورش العمل على المعلمين المحترفين أو أن تسير على خطى المدارس الفنية المحترفة. بشكل مثالي، سيدمجون المشاكل الحقيقية للحياة اليومية في الأعمال التي أنشئت بواسطة المشاركين أنفسهم ومن أجلهم. تهدف مجموعات المناقشة والدروس إلى معالجة القضايا المتعلقة بالأعضاء بشكل مباشر، بدلاً من انتهاج الخطوط المحددة للدورة التدريبية. باختصار، لم يكن من المفترض أن تشبه الأندية البروليتارية البرامج التعليمية الثقافية، حيث تكون الأنشطة مخططة [مسبقاً] من دون مشاركة الطلاب.

مع ذلك، كان هناك خط تعليمي قوي، بل حتى متعال، في تعليمات البروليتكولت. طبعت المنظمة ووزعت سيناريوهات للمجموعات التحريضية والصحف الحية، ما قوّض بشكل كبير فكرة أن يكتب الأعضاء السيناريوات الخاصة بهم. وفي المقترحات الخاصة بالفصول السياسية وحلقات النقاش، تضمنت أسئلة مقترحة وحتى إجابات مقترحة، إلى جانب لوائح بالقراءات المطلوبة. (27) لم يترك تحول “العمال-التافهين” إلى عمال واعين للصدفة أو لمزاجية التفسير الفردي. من خلال العمل الإبداعي، هدفت برامج نادي البروليتكولت إلى تثقيف طبقة عاملة صحية ورصينة ومخلصة ومجتهدة.

الممارسة الفنية

تتناقض برامج الأندية التقليدية من الناحية السياسية في البروليتكولت بشكل جذري مع العمل المبتكر الذي أجرته مسارحها وورش عملها. بالمقارنة مع سنوات الحرب الأهلية، بات برنامجها الفني أكثر تجانساً بكثير. أخيراً، أصبح للمنظمة الوطنية ما يلزم من سلطة حتى تفرض اتجاهاً جمالياً موحداً إلى حد ما، جرى فرضه من خلال حملات التفتيش المستمرة للمقاطعات. (28) هيمنت المبادئ التوجيهية الوطنية التي تدعم فن الانتاج والأشكال التجريبية أخيراً، ما دفع المنظمة باتجاه اليسار الفني. في إشارة واضحة إلى هذه النقلة الفنية، اكتسب الفنانون والكتاب من المعسكر المستقبلي، من بينهم نيكولاي تشوزاك وسيرغي تريتياكوف، تأثيراً في استديوهات البروليتكولت المركزية. أشارت المجلة المستقبلية LEF إلى ذلك ببعض الفخر في إحدى أعدادها الأولى. (29) على الرغم من أن قادة مثل بليتنيف استمروا بالاعتراض على تسميتها “مستقبلية”، لكن البروليتكولت باتت مع ذلك حليفة للطليعة. (30)

بات المسرح، الذي كان دوماً الشكل الفني الأكثر شعبية، مساحة لأعظم انجازات البروليتكولت التجريبية الناجحة. بحلول عام 1927 دعمت المنظمة المسارح العمالية في 6 مدن سوفياتية خارج العاصمة. (31) تضمن مسرح العمال الأول في موسكو، الذي افتتح عام 1921، مجموعة أعمال مسرحية مثيرة للاهتمام. كانت العروض ما زالت انتقائية، بدءاً من فجر البروليتكولت، وهي مجموعة من الشعر البروليتاري وضعت أول مرة عام 1918، وصولاً مسرحية لينا الواقعية لبليتنيف. مع ذلك، اختفت الكلاسيكيات المعيارية السابقة للثورة بشكل كامل. وقد حل مكانها العمل الإبداعي لسيرغي أيزنشتاين، الذي كان ناشطاً في مسرح البروليتكولت عام 1921.

كان طالباً لفسيفولود مييرخولد، أحد المخرجين الأكثر ابتكاراً في بدايات الاتحاد السوفيتي، قدم أيزنشتاين الكثير من التقنيات الحديثة للبروليتكولت. وكان الأكثر فائدة نظام مييرخولد للبيوميكانيك. جادل المدافعون عن هذا النظام بأنه سيعمل مثل التايلورية في الصناعة ويجعل العمل عملية علمية متحكم بها. (32) كما أخذ أيزنشتاين من معلمه حب السيرك والترفيه والسخرية والغروتيسك- “الأشكال الثانوية” التي يعتقد مييرخولد أنها متجذرة في المسرح والثقافة الشعبية.

من خلال العمل مع الكاتب المستقبلي سيرغي تريتياكوف، أخرج أيزنشتاين ثلاث مسرحيات تجريبية مذهلة عامي 1923-1924. الأولى كانت مقتبسة من رواية أوستروفسكي “لا حاجة إلى المزيد البساطة من كل رجل حكيم”، والتي أعاد ترتياكوف كتابتها بالكامل. (33) غيّر عمله موضوع المسرحية إلى مهاجر في باريس المعاصرة واستعمل تقنيات السيرك، والتهور، وحتى الفيلم (أول فيلم لأيزنشتاين) لمفاجأة وإشراك الجمهور. الانتاج التالي، كان أيضاً تعاوناً بين أيزنشتاين وتريتياكوف، هل تستمعين يا موسكو؟، وهي مسرحية تحريضية تقشعر لها الأبدان حول صعود النازية في ألمانيا. من خلال استعمال أساليب التشويق والتخويف، شجع أيزنشتاين وتريتياكوف الجمهور على التماهي مع الأحداث التي صورت على المسرح. في المشهد الأخير، انضم المشاهدون بحماس إلى عملية اقتحام محكمة فاشية [في المسرحية]. (34) كان آخر عمل أساسي لأيزنشتاين في البروليتكولت بعنوان “أقنعة الغاز”، وهو عمل أدائي عرض في مصنع الغاز في موسكو من دون تجهيزات أو تصميمات. (35)

بعد عرض “أقنعة الغاز” غادر إيزنشتاين البروليتكولت نحو إنتاج الأفلام، على الرغم من أن فيلمه الأساسي، إضراب، أنجز بمساعدة من فاليريان بليتنيف ومجموعة مسرح العمال الأوائل. (36) أبرز المخرجين الذين عملوا بعده في كل من بروليتكولت موسكو ولينينغراد- أليكسي غريبتش، لازار كريتسبيرغ، ونعوم لويتر- كانوا قد تدربوا كذلك على يد مييرخولد. طوال الـ 1920ات استعمل مسرح العمال الأول تقنيات مييرخولد، خاصة أسلوب البيوميكانيك والاستعمال المكثف للغروتيسك، والترفيه، والسخرية وهي مقاربة اعتمدت كمعيار في كل فروع المناطق. (38)

في الفنون البصرية، تخلت البروليتكولت عن بعض تنوعها وتبنت مبادئ اليسار الفني. هيمن نهج فن الانتاج أخيراً خلال السياسة الاقتصادية الجديدة. وكرمز لهذا التحول، في ربيع عام 1922 أغلق استديو الفن في موسكو ورشة عمل الرسم. (39) أصبح بوريس أرفاتوف المتحدث الأكثر بلاغة للفنون، حيث أشاد بفضائل الإبداع الفني المرتبط بالحاجات الفعلية. أعلن أن فن الحامل، والمتاحف والأشكال المزخرفة قد ماتت. (40) وبدلاً من ذلك، اتجهت الاستديوهات الفنية إلى الأساليب النفعية، وتصميم الملصقات، وتجليد الكتب، والرموز النقابية، وتزيين المهرجانات الثورية. (41)

بالمقارنة مع الفنون البصرية والمسرحية، كانت أعمال البروليتكولت في مجال الأدب متواضعة. لم تستطع منافسة العدد المتزايد من منظمات الكتّاب البروليتارية أو عدد العمال المراسلين المتنامي في صحافة الحزب. وشجعت المجموعات المحلية مناضلي الأندية على تعليم المهارات العملية، مثل التقنية الصحافية وكتابة الخطابات، وكيفية إعداد النصوص للمجموعات التحريضية التي كانت قائمة على تجارب العمال اليومية. مع ذلك، فإن مهمة نشر الأدب الخيالي والترويج له انتقلت إلى أطراف أخرى.

كما تراجع حضور البروليتكولت في عالم الموسيقى. طورت بعض المجموعات المحلية، مثل إحداهن في جورجيا، جوقات وأوركسترا شعبية، ولكن البروليتكولت الوطني لم ترعَ الاستديو الموسيقي المركزي. كما مال العمل المتبقي إلى اليسار. عام 1923، أقامت بروليتكولت موسكو، بقيادة الموسيقي التجريبي أرسيني أفراموف، حفلة موسيقية من صفارات المصنع للاحتفال بذكرى الثورة. نظمت البروليتكولت في لينينغراد فرقة للجاز، والتي روجت لـ”سبورتس تروت” للإطاحة بشعبية “فوكستروت”. (42)

جرى دعم المشاركين في ورش العمل واستديوهات البروليتكولت بواسطة منح دراسية خلال الـ 1920ات، وواصل معظمهم عملهم الفني بدوام كامل. كان مسرح العمال الأوائل ناجحاً جداً بترقية الفنانين الشباب إلى وظائف احترافية. وكان قد بدأ في هذه المنظمة الفنانون الاحترافيون المستقبليون مثل مكسيم شتروخ ويوليا غليزر والنجم السينمائي المشهور غريغوري أليكساندروف. (43)

مع ذلك، استمرت البروليتكولت في إظهار التناقض تجاه الاحتراف. كانت برامجها الفنية مميزة؛ وقد كانت مصممة لأخذ الإلهام من الدوائر غير المهنية. (44) والأهم من ذلك، لم تُدمج في النظام التعليمي السوفياتي. “وعندما يتخرج أحدهم من جامعة عمالية أو مدرسة الحزب، كان واضحاً ما يعني ذلك”، اشتكى أحد المشاركين من إيفانوفو-فوزنيسينسك. مع ذلك، إن الأهمية الاجتماعية لتدريب البروليتكولت لم تكن واضحة فوراً بالنسبة له: “كان علي ترك البروليتكولت للانضمام إلى حلقات مييرخولد أو أحد مساعديه الكثيرين أو الذهاب إلى فخوتيماس (ورش العمل التقنية والفنية الرسمية العالية) فقط لمعرفة إذا كنت سأصبح ممثلاً أو فناناً حقيقياً لديه شهادة في جيبه.” (45)

عندما انتقلت البروليتكولت إلى السلطة النقابية عام 1925، تعرض عملها الإبداعي إلى المزيد من التدقيق. بشكل عام، كان القادة النقابيون نقديين للغاية لأسلوب البروليتكولت التحريضي والتجريبي. واقترحوا عليها اتباع مسار المجموعات المهنية الموجودة، خاصة في مجال المسرح. (46) وهذا ما أثار بعض الردود الإيجابية من الصحافيين في “نادي العمال”، حيث حاججوا أن الجماهير البروليتارية كانت قد ملت من “الإثارة التحريضية” وتشتاق إلى شخصيات متطورة بشكل جيد وخط واضح في الحبكة. مع ذلك، واجه قادة البروليتكولت المركزيون بحزم الأعمال المعيارية. يجب على المسارح في النوادي إجراء محاكمات تحريضية أو تأليف مونتاج أدبي من الوثائق الرسمية والصحف، كما شدد ف.م. بليومينفيلد من بروليتكولت لينينغراد. اعتقد فاليريان بليتنيف أن النصوص من أي نوع ستكون قريباً من الماضي. (47)

داخل ورش العمل والمسارح الخاصة بها، لم يظهر أن البروليتكولت قد تبنت أساليب أكثر تحفظاً في ظل سلطة النقابات العمالية. على الرغم من تراجع مسرح العمال إلى حد ما عن تجاربه التي أقامها خلال عهد إيزنشتاين، إلا أنه كان يملك مجموعة معاصرة تماماً ويعتبر نفسه جزءاً من اليسار الفني. كان فن الانتاج ما زال سائداً. استعملت ورش العمل الطريقة الشعبية للتركيب الضوئي، وصممت استديوهات موسكو، تحت إشراف إلكسندر رودتشينكو، أثاثاً مبتكراً متعدد الاستعمالات للنوادي. كانت المهرجانات محورية لكثير من الأنشطة المحلية. عام 1927، ساعدت البروليتكولت في لينينغراد على وضع جدول أعمال مفصل لمدة 3 أيام للاحتفال بالذكرى العاشرة للثورة. تضمن البرنامج عرضاً للمعدات العسكرية، والمشاهد التاريخية من الثورة، وعروضاً جماعية للتدريبات والألعاب الجسمانية. (49)

على الرغم من هذه الأدلة على الحيوية، بقيت البروليتكولت على هامش الحياة الثقافية خلال الـ 1920ات. خلال الاحتفالات بالذكرى العاشرة للثورة، قيّم العديد من المراجعين إيجاباً مساهمات البروليتكولت في الثقافة السوفياتية. لكن المقالات كان لها نبرة التمثيل بالجثة، من خلال النظر إلى ما كانت عليه المنظمة كان هذا التقييم قد تجاوز فائدته. في تقييمه لعقد من الأدب السوفياتي توصل الناقد المؤثر فياتشيسلاف بولونسكي إلى أن البروليتكولت قد ساعدت على إيقاظ القوة الإبداعية للطبقة العاملة. “لا يمكن لأي أخطاء من قادة البروليتكولت ومنظريها أن تقلل من الأهمية الكبيرة للحركة، التي استقطبت العديد من الممثلين الموهوبين من الشباب البروليتاريين، وإن لوقت وجيز فقط”. (50) كما هو واضح في نبرته أنه يشعر أن الوقت الوجيز قد مر عليه الزمن.

الخطة الخمسية الأولى: التوسع والزوال

كانت نهاية السياسة الاقتصادية الجديدة وظهور التصنيع السريع والتأميم في نهاية الـ 1920ات بمثابة تغيير شديد في الحياة الاجتماعية السوفياتية. فقد وجدت مجموعات كانت محظية خلال السياسة الاقتصادية الجديدة، خاصة الفلاحين ومجموعات من النخبة المتعلمة، أن وضعها قد تغير فجأة وبشكل عميق. أما الآن فقد نبذ النظام حلفاءه السابقين وتحول إلى الطبقة العاملة، ضمن سردية، وإن لم تكن دائماً ضمن سياسته، أن هذه الطبقة الدعامة الأساسية للتصنيع. انتعشت لغة الصراع الطبقي، والتي كانت محدودة جداً خلال الـ 1920ات، في الحقل المعجمي للمناضلين السياسيين.

كانت للخطة الخمسية الأولى تداعيات ثقافية عميقة. خلال الـ 1920ات، أيدت الحكومة السوفياتية سياسة التعددية الثقافية النسبية، وبالتالي نالت تأييد العديد من المثقفين والمفكرين الذين كانوا في أحسن الأحوال مؤيدين فاترين للنظام الجديد. اعتُبرت معرفتهم وخبرتهم ضرورية لتحقيق رؤية لينين حيال الثورة الثقافية، أي النشر التدريجي لمحو الأمية وتعليم أكبر قدر من الناس. مع ذلك، جرى تغيير هذا المنهج التدريجي فجأة خلال الـ 1920ات. غيرت الدولة اتجاهها ووضعت الخبراء المثقفين في موقع دفاعي وعطلت البرامج التعليمية الموجودة. أصبحت الثورة الثقافية، في تحولها العدواني الجديد، وسيلة للصراع الطبقي، طريقة النظام لتحفيز وتبرير الهجمات على المثقفين والفلاحين. (51)

لم ترحب الحلقات الثقافية التي دعت إلى الأشكال الفنية البروليتارية بهذه السياسات الجديدة فقط، إنما ساعدت كذلك في منحها القوة. صعّد اتحاد الكتاب البروليتاريين، وخاصة قسمه الراديكالي الروسي، الرابطة الروسية للكتاب البروليتاريين، من هجماته ضد الثقافة البرجوازية، هذه المرة مع بعض الفعالية. سرعان ما سقط كل من فورونسكي ولوناتشارسكي اللذَين دافعا عن “رفاق المسافرين” من [“هذه”] النعمة. بلغة شبيهة بلغة الحرب، طالبت رابطة الكتاب البروليتاريين وحلفائها بالهيمنة البروليتارية في المجال الثقافي.

كما اعتنق البروليتكولتيون الاتجاه الجديد. في مقال طويل عن معنى الثورة الثقافية، جادل فاليريان بليتنيف أنه بدون تحول راديكالي في القيم الثقافية، لن ينجح التصنيع. وقد أصر على أنه من الضروري للبلاد عقلنة عملية الصناعة، ومراجعة النظام التربوي، والتخلص من التأثير الفاسد للبيروقراطيين والكولاك والرأسماليين. كان لا بد من إثارة الجماهير وجذبهم إلى التصنيع من خلال الإبداع الثقافي؛ فهم بحاجة إلى أدب جديد، وأفلام ومسرح جديد، إضافة إلى أشكال جديدة من البروباغندا لإشراكهم في الدفع الكبير من أجل التغيير الاقتصادي. (52)

خلال الخطة الخمسية الأولى، كانت جميع الحلقات الثقافية البروليتارية في حالة انتعاش. زادت نسبة العضوية في رابطة الكتاب البروليتاريين بحوالي 80 بالمئة بين عامي 1930 و1931؛ توسعت فروع مسرح شباب الطبقة العاملة 5 أضعاف بين عامي 1929 و1932. (53) كما شهدت البروليتكولت بعض التغييرات الإيجابية: زادت العضوية في المنظمات الموجودة، وزادت نسبة العمال، وتوسعت الشبكة الوطنية لتضم حلقات جديدة في مناطق مثل ستالينغراد وأقسام من سيبيريا. (54)

سيطرت الموضوعات الراهنة على العمل الإبداعي للبروليتكولت. أرسلت حلقات جديدة في سيبيريا فرقاً تحريضية لتقديم عروض في ورشات البناء والمزارع الجماعية. (55) قدمت مسارح البروليتكولت مسرحيات معاصرة، على سبيل المثال، مسرحية ألكسندر بيزيمينسكي “الطلقة”، التي أشهرَها مسرح مييرخولد. في المسرحية، يفضح العمال الشباب فساد الحزب ويكشفون قناع مجموعة من مؤيدي تروتسكي. عرضت مسرحية أخرى بعنوان “دون اعتبار للأفراد”، أظهرت عضواً في كومسومول يواجه بشجاعة إدارة متجر كبير ويكشف عن ممارساته غير الأخلاقية. (56)

على الرغم من أن البروليتكولت قد أظهرت علامات تجديد خلال سنوات “ثورة ستالين”، إلا أنها لم تتمكن من استعادة موقعها القديم. لم يكن لديها التمويل ولا الموظفين لإلهام أتباعها الكثيرين الذين كانوا فيها خلال سنوات الحرب الأهلية. أكثر من ذلك، كان اتجاهها الفني على خلاف مع المقاربات الجمالية التي يفضّلها النظام. احتضنت البروليتكولت مسرحاً مستوحىً من مييرخولد، والفنون البصرية قامت على البنائية، والأدب مال نحو التوثيق وأدب الحقائق. كل هذه الأساليب تعرضت للهجوم باعتبارها أساليب “شكلانية” خلال الخطة الخمسية الأولى. حتى أن اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي لامت بروليتكولت سيبيريا لأنها اتخذت موقفاً نقدياً إزاء عمل مكسيم غوركي. (57)

لكن السمعة السيئة السياسية للبروليتكلوت بقيت العائق الأكثر أهمية للمنظمة. هاجمت رابطة الكتاب البروليتاريين الروس، أقوى منظمة ثقافية، نظرية وممارسة البروليتكولت بشكل أعادت فيه اتهامات لينين الأصلية. في مجلتها “الحرس الأدبي”، أدان أعضاء الرابطة البروليتكولت باعتبارها جثة الثورة واتهموها بأنها مستوحاة من الأفكار “المنشفية” لـ ألكسندر بوغدانوف. لم تنتج الكثير من الأعمال الجيدة لأن أعضاءها رفضوا تماماً التراث الروسي وكان لديهم نظرة رومانسية للثورة. كانت البروليتكولت تحت مرماهم؛ ولم يكن أتباعها سوى منفذين لحركة الموتى الذين كانوا يدورون حول النعش الحجري. (58)

انتهى تصاعد تشكل الحركات الثقافية البروليتارية بنفس السرعة التي بدأت بها. وجاءت هيمنتها على الحياة الثقافية بسبب تحول برعاية الدولة في ظل مناخ اجتماعي مؤاتٍ للطبقة العاملة. بحلول العام 1931 بدأت الحكومة في التراجع السريع عن المواقف المناهضة للمفكرين التي أقرتها في بداية الخطة. أقرت سلسلة من القوانين المخصصة لتعزيز موقع الخبراء “البرجوازيين” والمثقفين التقنيين، الذين نبذوا بشدة من قبل أجهزة الدولة والمجموعات العمالية الثقافية. وقد طبقت سياسة الفروقات بالأجور لصالح الأكثر تعلماً وتقلصت برامج العمل الإيجابية الضخمة، وهي سمة أساسية في السياسة التعليمية للخطة الخمسية الأولى بشكل كبير. (59)

أثرت هذه الانتكاسات الدرامية بسرعة على المنظمات التي تدافع عن الثقافة البروليتارية. في بداية السياسة الاقتصادية الجديدة، لم تعد رسائل هيمنة البروليتاريا التي تطلقها هذه المنظمات مرحباً بها. وأصبحت رابطة الكتاب البروليتاريين، التي كانت تطالب بمكانة متميزة، عرضة لنقد من الحزب الذي استهدفها على نحو خاص. اتهمت باستقطاب الكتاب غير الشيوعيين المتعاطفين، وانتاج النقد المبتذل وغير المتسق، والترويج للانتاج الفني السيء. (60) على الرغم من أن رابطة الكتاب البروليتاريين وحلفاءها قد تعرضوا لهجمات سابقة، إلا أنها كانت هذه المرة مقدمة لحلها.

في نيسان/أبريل عام 1932، أصدر الحزب الشيوعي قراراً بحل كل الحلقات الثقافية والأدبية. كان عنوان الوثيقة محايداً: “حول إعادة هيكلة المنظمات الفنية والأدبية”، ولكن كان موجهاً بالتحديد إلى الأوساط البروليتارية التي هيمنت على الحياة الثقافية خلال الخطة الخمسية الأولى. (61) اعترف الحزب بفائدة هذه المجموعات التي ساعدت على تربية جيل جديد من الفنانين من الحقول والمصانع.

مع ذلك، فإن القرار اتهم أنشطتها قد باتت ضيقة وعصبوية للغاية، الأمر الذي أعاق التطور الإضافي للفن الاشتراكي. وبالتالي ستستبدل بنقابات مهنية مفتوحة للفنانين من كل الطبقات.

كان القرار بمثابة نهاية كل الحلقات التي تطورت بدءاً من عام 1917 حتى عام 1932، ومن بينها البروليتكولت. صفّت هذه الحلقات عملياتها، ووزعت موظفيها ومواردها. جرى استيعاب أغلب فروع مسرح شباب الطبقة العاملة في الكومسومول. عرض أعضاء رابطة الموسيقيين البروليتاريين خدماتهم على نقابة الموسيقيين الجديدة. (62) سلمت البروليتكولت، الأقدم والأكثر شمولاً من بين كل المجموعات، بكل هدوء أصولها إلى البيروقرطية الثقافية النقابية، في آب/أغسطس عام 1932 ولم تعد موجودة. (63)

بعد حل العديد من المجموعات الخلافية التي هيمنت على الحياة الثقافية السوفياتية، بدأ النظام بصياغة الجمالية السوفياتية الرسمية، “الواقعية الاشتراكية”. هذا النوع المراوغ يحمل بعض أوجه الشبه مع نظريات البروليتكولت الثقافية. كما بوغدانوف، اعتقد صانعو الواقعية الاشتراكية أن الفن يلعب دوراً اجتماعياً فاعلاً. كما ألحوا على أن الإبداع الثقافي يجب أن يكون بسيطاً وواضحاً وأن يصل بسهولة إلى الجماهير، وهي خصائص رددت صدى، على الأقل جزءاً، من أفكار البروليتكولت الفنية خلال الحرب الأهلية. ولكن عند هذه النقطة ينتهي التشابه. اعتقد البروليتكولتيون أن الثقافة بمعناها الواسع كانت وسيلة لإيقاظ الاستقلال الإبداعي والتعبير عن الوعي الطبقي البروليتاري. على العكس من ذلك، اعتبر دعاة الواقعية الاشتراكية الفن وسيلة تعليمية تعلّم الجماهير الكادحة روح الاشتراكية. (64) سواء ضمنياً أو صراحة، رفضوا فرضية وجود ثقافة طبقية وحيدة تتوجه إلى البروليتاريا أو من أجلها.

بدلاً من ذلك، هدفت الواقعية الاشتراكية إلى نقل قيم كل المجموعات في المجتمع السوفياتي. كان الهدف منها إعطاء “الشكل الشعري للتجربة الروحية للإنسان الاشتراكي الذي يتشكل الآن”، بحسب تعبير بوخارين الشغوف. (65) لطالما أكد البروليتكولتيون على أن هدفهم النهائي خلق الأساس لثقافة إنسانية تتجاوز الحدود الطبقية؛ كانت الثقافة الطبقية البروليتارية ضرورية كخطوة ما قبل أخيرة قبل تلك النهاية النهائية. ادعت الواقعية الاشتراكية أنها حققت هذه المثالية غير الطبقية.

جرى تقديم الجمالية الجديدة كتعبير عن مرحلة جديدة وأكثر تقدماً من التطور التاريخي، خطوة نحو مجتمع غير طبقي. (66) أدى تبني الدولة لهذا الاتجاه الجديد إلى تحويل الثقافة البروليتارية، التي يفترض أنها المبشرة بالمستقبل، إلى ثقافة الماضي.

الهوامش:

[1] On state policies toward workers during the New Economic Policy see William J. Chase, Workers, Society, and the Soviet State: Labor and Life in Moscow, 1918–1929 (Urbana, 1987).

[2] On these groups see Edward J. Brown, The Proletarian Episode in Russian Literature, 1928–1932 (New York, 1953); Hubertus Gassner and Eckhardt Gillen, eds., Zwischen Revolutionskunst und sozialistischen Realismus: Kunstdebatten in der Sowjetunion von 1917 bis 1934 (Cologne, 1979); I. M. Gronskii and V. N. Perel’man, eds., AKhRR—Assotsiatsiia Khudozhnikov Revoliutsionnoi Rossii: Sbornik vospominanii, statei, dokumentov (Moscow, 1973); L. A. Pinegina, Sovetskii rabochii klass i khudozhestvennaia kul’tura, 1917–1932 (Moscow, 1984); and Boris Schwarz, Music and Musical Life in Soviet Russia , Rev. ed. (Bloomington, 1983), chapters 3–5.

[3] “Na Vserossiiskom s”ezde proletarskikh pisatelei,” Na literaturnom postu, no. 19 (1928), p. 71.

[4] On AKhRR see Elizabeth Valkenier, Russian Realist Art (Ann Arbor, 1977), pp. 150–52; on VAPP see Brown, The Proletarian Episode , pp. 12– 20; on RAPM see Schwarz, Music and Musical Life , p. 54; on TRAM see V. Mironova, TRAM: Agitatsionnyi molodezhnyi teatr, 1920–1930kh godov (Leningrad, 1977).

[5] Leon Trotsky, “Proletarian Art and Proletarian Culture,” in Literature and Revolution , by Leon Trotsky (Ann Arbor, 1975), pp. 184–214.

[6] The classic study of this important journal is Robert A. Maguire, Red Virgin Soil (Princeton, 1968). For examples of the journal’s stance on proletarian literature see A. Voronskii, “O gruppe ‘Kuznitsa, ” Krasnaia nov ‘, no. 13 (1923), pp. 297–312; on the visual arts see Fedorov-Davydov, “Tendentsii sovremennoi russkoi zhivopisi v svete sotsial’nogo analiza,” Krasnaia nov ‘, no. 23 (1924), pp. 329–48.

[7] See, for example, G. Lelevich, “O marksizme, bogdanovshchine, proletarskoi literature i t. Rumii,” Na postu , no. 6 (1925), columns 171–88.

[8] See I. Vardin’s comments at a party press section meeting in May 1924 in Voprosy kul’tury pri diktature proletariata: Sbornik (Moscow and Leningrad, 1925), pp. 127–28. On Workers’ Truth see Frits Kool and Erwin Oberländer, eds., Arbeiterdemokratie oder Parteidiktatur (Freiburg, 1967), pp. 264–73; Robert V. Daniels, Conscience of the Revolution (New York, 1960), p. 204; and N. I. Demidov, Iz istorii bor’by Kornmunisticheskoi partii za chistotu sotsialisticheskoi ideologii v period NEPa (Moscow, 1960), pp. 9– 10.

[9] “Proletarskaia kul’tura: Tezisy pod redaktsiei Nauchnoi Komissii Proletkul’ta,” Al’manakh Proletku’ta , p. 21.

[10] Minutes of the January 20, 1925, meeting of the central Proletkult presidium, Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv Literatury i Iskusstva [henceforth cited as TsGALI] f. 1230, op. 1, d. 19, l. 7.

[11] Al’manakh Proletkul’ta , p. 187.

[12] “Sotsial’nyi i partiinyi sostav tvorcheskikh kollektivov, 1927–1928,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 298, l. 21.

[13] Rabochii klub , no. 3/4 (1924), p. 77; and “Organizatsionnye- instruktorskie kursy pri TsK Vserossiiskogo Proletkul’ta,” Rabochii klub , no. 7 (1924), p. 37.

[14] See, for example,”Leninskie ugolki v klubakh,” Rabochii klub , no. 5 (1924), pp. 47–48. On Lenin corners in general see Nina Tumarkin, Lenin Lives! The Lenin Cult in Soviet Russia (Cambridge, Mass., 1983), pp. 126– 27, 222–24.

[15] V. Pletnev, “Vnimanie derevne,” Rabochii klub , no. 10/11 (1924), pp. 5–8; and R. Ginzburg, “Rabochii klub—litsom v derevne!” Rabochii klub , no. 14 (1925), pp. 3–6.

[16] Iu. L., “Obshchestvenno-nauchnyi kruzhok,” Rabochii klub , no. 1 (1924), pp. 5–9.

[17] A. Zhilin, “Raskrepostim rabotnitsu,” Rabochii klub , no. 10/11 (1924), pp. 67–69; “Den’ Rabotnits,” Rabochii klub , no. 15 (1925), pp. 60–63; and V. Pletnev, “Rabota sredi zhenshchin v klube,” Rabochii klub , no. 25 (1926), pp. 4–7.

[18] Arkhip, “Priataly kontsy—popali v ottsy,” Rabochii klub , no. 5 (1924), pp. 34–37.

[19] M. Maiorskii, “Antireligioznyi kruzhok,” Rabochii klub , no. 3/4 (1924), pp. 6–12; and A. Ivanov, “Komsomol’skoe rozhdestvo,” Rabochii klub , no. 10/11 (1924), pp. 12–16.

[20] Nikolai Tarabukin, “Vremia v klube,” Rabochii klub , no. 1 (1924), pp. 32–33.

[21] Ia. Semenov, “Fizkul’tura v derevne,” Rabochii klub , no. 15 (1925), pp. 43–53.

[22] See S. Levman, “Proletkul’t i profsoiuzy,” Vestnik truda , no. 1 (1924), pp. 93–102, and Raisa Ginzburg’s outraged response, “Nashi raznoglasiia v klubnoi rabote,” Rabochii klub , no. 8 (1924), pp. 3–7. For an analysis of these disputes see John Hatch, “The Politics of Mass Culture: Workers, Communists, and Proletkul’t in the Development of Workers’ Clubs, 1921– 1925,” Russian History , vol. 13, no. 2/3 (1986), pp. 119–48.

[23] “O Proletkul’te,” Pravda , June 18, 1925; and V. Pletnev and F. Seniushkin, “Polozhenie o formakh sviazi Proletkul’ta s profsoiuzami,” in Leningradskii Proletkul’t na tret’em fronte (Leningrad, 1928), pp. 34–35.

[24] S. Krepusko, “Pochemu vzrozlyi rabochii ne idet v klub,” Rabochii klub , no. 25 (1926), pp. 25–35; and I. Mazin, “Odin chainyi opyt,” ibid., pp. 36– 39.

[25] See, for example, M. Rostopchina, “Ocherednye zadachi kluba,” Rabochii klub , no. 32 (1926), pp. 3–6. For similar trends in Komsomol clubs see Peter Gooderham, “The Komsomol and Worker Youth: The Inculcation of ‘Communist Values’ in Leningrad during NEP,” Soviet Studies , vol. 34, no. 4 (1982), pp. 506–28.

[26] “Teatral’naia rabota kluba ‘Metallist’ v Leningrade,” Rabochii klub , no. 30/31 (1926), pp. 97–98.

[27] See, for example, V. Zlatov, “Kul’trazvlecheniia v klube,” Rabochii klub , no. 2 (1924), p. 28; M. R., “Voprosy dlia polit-igr,” Rabochii klub , no. 12 (1924), pp. 22–24.

[28] In the fall of 1924, for example, Dodonova and Pletnev visited the Ivanovo-Voznesensk, Leningrad, and Kharkov organizations to inspect their work; see the minutes of the September 2, 1924, meeting of the central Proletkult presidium, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 16, l. 20.

[29] “Proletkul’t,” LEF , no. 2 (1923), p. 173.

[30] On this shift see John Willett, Art and Politics in the Weimar Period, 1917–1933: The New Sobriety (New York, 1978), p. 42.

[31] V. Pletnev, “Za rabochii teatr,” Rabochii klub , no. 41 (1927), pp. 3–8.

[32] See Marjorie L. Hoover, Meyerhold: The Art of the Conscious Theater (Amherst, 1974), pp. 100–110, 311–15.

[33] On Eisenstein in the Proletkult see Karla Hielscher, “S. M. Eisensteins Theaterarbeit beim Moskauer Proletkult, 1921–1924,” Aesthetik und Kommunikation , no. 13 (1973), pp. 64–75.

[34] S., “Slyshish’, Moskva?” LEF , no. 4 (1924), p. 217.

[35] Al’manakh Proletkul’ta , p. 186.

[36] Jay Leyda, Kino: A History of the Russian and Soviet Film , 3d ed. (Princeton, 1983), p. 181.

[37] See D. Zolotnitskii, Budni i prazdniki teatral’nogo Oktiabria (Leningrad, 1978), pp. 12, 43; and S. Margolin, Pervyi Rabochii teatr Proletkul’ta (Moscow, 1930), p. 56.

[38] See “O rabote Proletkul’tov RSFSR, 1925–1926,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 45, ll. 37–40 for provincial theatrical repertoires.

[39] “Zhivopisnye masterskie,” Gorn , no. 8 (1923), p. 242.

[40] Boris Arvatov, “Iskusstvo v systeme proletarskoi kul’tury,” in Na putiakh iskusstva: Sbornik statei , ed. V. M. Bliumenfel’d, V. F. Pletnev, and N. F. Chuzhak (Moscow, 1926), pp. 9–33.

[41] See the designs for May Day tribunals in 1925, Rabochii klub , no. 16/17 (1925), pp. 53–54.

[42] Arsenii Avraamov, “Simfoniia gudkov,” Gorn , no. 9 (1923), pp. 109– 16; Leningradskii Proletkurt na tret’em fronte , p. 26; and Pavel Marinchik, Rozhdenie Komsomol’ skogo teatra (Leningrad and Moscow, 1963), p. 175.

[43] Margolin, Pervyi Rabochii teatr , pp. 58–59.

[44] V. Bliumenfel’d, “Teorabota Lenproletkul’ta,” Rabochii klub , no. 28 (1926), pp. 34–37.

[45] Khoral, “Na bol’nye temy,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1245, ll. 57–59, quotation l.59. Some of his colleagues accused him of cowardly, petty- bourgeois behavior for this statement. See ibid., ll. 50–56.

[46] “Vsesoiuznoe kul’tsoveshchanie pri VTsSPS,” Rabochii klub , no. 29 (1926), pp. 51–53.

[47] V. Bliumenfel’d, “Litmontazh,” Rabochii klub , no. 32 (1926), pp. 19– 26; and A. V. Lunacharskii, R. A. Pel’she, and V. F. Pletnev, eds., Puti sovremennogo teatra (Moscow, 1926), pp. 51–53.

[48] L. P., “Izo Rabota Leningradskogo Proletkul’ta za 10 let,” in Sovetskoe iskusstvo za 15 let: Materialy i dokumentatsii , ed. I. Matsa, L. Reingardt, and L. Rempel’ (Moscow, 1933), pp. 279–82; Ia. Tugendkhol’d, “Sovremennyi plakat,” Pechat’ i revoliutsiia , no. 8 (1926), pp. 61–62; A. R., “Zapisnaia knizhka LEFa,” Novyi LEF , no. 6 (1927), p. 5; and I. Chkannkov and N. Serov, “Klubnaia mebel’,” Rabochii klub , no. 50 (1928), pp. 30–38.

[49] I. M. Bibikova and N. I. Levchenko, Agitatsionno-massovoe iskusstvo: Oformlenie prazdnestv (Moscow, 1984), vol. 1, pp. 162–66.

[50] V. Polonskii, “Literaturnoe dvizhenie Oktiabr’skogo desiatiletiia,” Pechat’ i revoliutsiia , no. 7 (1927), pp. 15–80, quotation p. 38; see also P. Markov, “Teatr,” in ibid., pp. 149–50.

[51] See Sheila Fitzpatrick, ed., Cultural Revolution in Russia, 1928–1931 (Bloomington, 1978), esp. Sheila Fitzpatrick, “Cultural Revolution as Class War,” pp. 8–40.

[52] V. Pletnev, “O kul’turnoi revoliutsii,” Rabochii klub , no. 53/54 (1928), pp. 3–13.

[53] Katerina Clark, “Little Heroes and Big Deeds: Literature Responds to the First Five Year Plan,” in Cultural Revolution in Russia, 1928–1931 , ed. Sheila Fitzpatrick (Bloomington, 1978), p. 196; and Mironova, TRAM , p. 6.

[54] Minutes of the July 3, 1931, meeting of the central Proletkult presidium, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 23, ll. 1, 8; and T. A. Khavina, “Bor’ba Kommunisticheskoi partii za Proletkul’t i rukovodstvo ego deiatel’nost’iu, 1917–1932 gg.” (Candidate diss., Leningrad State University, 1978), p. 152.

[55] Pinegina, Sovetskii rabochii klass , p. 95; and Kunst in die Produktion: Sowjetische Kunst während der Phase der Kollektivierung und Industrialisierung, 1927–1933 (Berlin, 1977), p. 22.

[56] Pechat’ i revoliutsiia , no. 5/6 (1930), p. 95; ibid., no. 3 (1930), p. 87.

[57] “O vystupleniiakh sibirskikh literatorov i literaturnykh organizatsii protiv Maksima Gor’kogo,” in KPSS o kul’ture, prosveshchenii i nauke: Sbornik dokumentov , ed. V. S. Viktorov (Moscow, 1963), pp. 201–2.

[58] See V. Sytyrin, “O blagorodnykh predkakh, neblagodarnykh potomkakh, o legomyslennom povedenii poslednikh,” Na literaturnom postu , no. 2 (1930), pp. 26–30; and idem, “Blagodarnost’,” ibid., no. 8 (1930), pp. 20–23. See also Iu. Libedinskii, “O proletarskom teatre,” Rabochii i teatr , no. 2 (1932), pp. 4–5.

[59] Fitzpatrick, “Cultural Revolution as Class War”; idem, Education and Social Mobility in the Soviet Union, 1921–1934 (Cambridge, Eng., 1979), pp. 209–33; and Kendall E. Bailes, Technology and Society under Lenin and Stalin (Princeton, 1978), pp. 159–87.

[60] Brown, The Proletarian Episode , pp. 188–89; Herman Ermolaev, Soviet Literary Theories, 1917–1934 (Berkeley, 1963), pp. 106–18; and S. Sheshukov, Neistovye revniteli: Iz istorii literaturnoi bor’by 20-kh godov (Moscow, 1970), pp. 302–13.

[61] “O perestroike literaturno-khudozhestvennykh organizatsii: Postanovlenie TsK VKP(b) ot 23 aprelia 1932 g.,” in Gronskii and Perel’man, AKhRR—Assotsiatsiia Khudozhnikov Revoliutsionnoi Rossii , pp. 329–30.

[62] Mironova, TRAM , pp. 92–104; and Schwarz, Music and Musical Life , p. 112.

[63] Khavina, “Bor’ba Kommunisticheskoi partii za Proletkul’t,” pp. 156–57; and Pinegina, Sovetskii rabochii klass , p. 118.

[64] See the resolutions passed at the 1934 Writers’ Congress, Soviet Writers’ Congress, 1934: The Debate on Socialist Realism and Modernism in the Soviet Union (London, 1977), p. 275. For an innovative study of socialist realism that stresses its didactic nature see Katerina Clark, The Soviet Novel: History as Ritual (Chicago, 1985).

[65] Soviet Writers’ Congress , p. 255.

[66] On the links between socialist realism and a new classless interpretation of Soviet society see Ermolaev, Soviet Literary Theories , pp. 140–43; and Hans Günther, Die Verstaatlichung der Literatur: Entstehung und Funktionsweise des sozialistischen-realistischen Kanons der sowjetischen Literatur der 30er Jahren (Stuttgart, 1984), p. 12.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين لإسرائيل وآخرين مؤيدين لفلسطين


.. أنصار إسرائيل يعتدون على متظاهرين مؤيدين لغزة بجامعة كاليفور




.. اشتباكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب في ميدان تقسم بإس


.. ضباط شرطة يدخلون كلية مدينة نيويورك لاعتقال وتفريق المتظاهري




.. اقتحام الشرطة الأميركية جامعة كولومبيا واعتقال العشرات من ال