الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


{{ كيف ستكون الخاتمة }}

أسعد محمد تقي

2023 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في كتابهِ "تاريخ ألمانيا الهتلرية" يتحدث وليام شيرر عن السياسة الأمريكية التي سبقت الحرب العالمية الثانية ويشير بوضوح الى ان السفير الأمريكي في برلين كان يقوم بتقديم أدولف هتلر الى كبار الصناعيّين في ألمانيا ويدعوهم لتقديم المساعدة له ودعمه في الانتخابات لأنه سيقوم عند الفوز فيها بإعادة تسليح ألمانيا وإعادة النشاط لصناعتها الثقيلة عبر إنتاج السلاح وهو ما يعني بشكل من الأشكال تمزيق معاهدة فرساي التي كبّلت الأقتصاد الألماني بقيودها الثقيلة بعد الحرب العالمية الأولى ومنعت تسليح ألمانيا ، وبسهولة يستنتج القاريء ان تلك السياسة الامريكية الداعمة لهتلر كانت تهدف ، في البدء ، لدفع هتلر ونظامه إلى ضرب الاتحاد السوڤييتي وتصفيته أو على الأقل إنهاكه من خلال الحرب الى الدرجة التي لن يستطيع معها إلا الاستجابة لمتطلبات المصلحة والسياسة الامريكية .. ولكن هتلر اندفع في البداية نحو اوربا الغربية لكي يغدو اكثر قدرة على مواجهة السوڤييت من حيث توفّر الموارد وربما هذا التوجه لم يكن في البدء يعجب راسمي السياسة الامريكية الا انهم اكتشفوا ان الأمر في النهاية سيجعل من الولايات المتحدة الدولة الأقوى فيما ستغدو اوربا في حالة ضعف حتى بعد انتصارها وستكون دائماً بحاجة للدعم والمساعدة الامريكية وهو الامر الذي سيجعل اوربا كلها تابعة بشكل من الأشكال للسياسة الأمريكية ومن الناحية الاخرى اعتقدت الولايات المتحدة ان الاتحاد السوڤييتي لن يغدو بعيدا عن المصير الاوربي ايضا لأنه سيعاني كثيرا من المواجهة الشديدة الشراسة مع الجيوش الألمانية التي حاصرت فيما بعد موسكو ولينينغراد وستالينغراد .. وقد كانت الأفكار الامريكية في هذا المجال محقة فيما يخص اوربا الغربية وهو ما سهّل عليها طرح مبدأ ترومان (أواخر الأربعينات بعد الحرب العالمية الثانية) والذي كان الأساس للحرب الباردة ولسياسة ملء الفراغ التي تجسدت لاحقاً في مشروع آيزنهاور في العام 1957 و حققت الولايات المتحدة من خلالها تغلغل نفوذها الى اكثر المستعمرات البريطانية التي لم تعد بريطانيا قادرة على الاحتفاظ بها كما في السابق ولم تنجُ المستعمرات الفرنسية وباقي المستعمرات الاوربية من هذا المصير .. ولكن تلك الافكار الامريكية لم تحظَ بنفس النجاح في ما يتعلق بالاتحاد السوڤييتي الذي أصبح بعد الحرب قطباً شديد البأس وتؤخذ مواقفه بعين الاعتبار في كل ما يخص قضايا السياسة العالمية .
ويبدو ان الولايات المتحدة وراسمي سياساتها من أصحاب المؤسسات المالية الكبرى والصناعة العسكرية الذين تتشكل منهم "حكومتها العميقة"يميلون مؤخراً الى تكرار نفس السيناريو الذي قاد الى الحرب العالمية الثانية حين لم يكن السلاح النووي قد وجد مكاناً له بعد في ترسانات السلاح للعديد من الدول ، مع تعديلات بسيطة تجعل هذا السيناريو ، باعتقادهم ، متوافقاً مع ظروف العصر الذي نعيشه ويستطيع إنهاك القوى العالمية المؤثرة وهي أوربا و روسيا و الصين والسيناريو يتلخص بالتالي :
- إنهاك أوربا عبر تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا تحت غطاء الناتو وهذا الدعم يتصاعد باستمرار وينهك الأقتصاد الأوربي ولكن الضربة القاصمة ستكون عندما يتحول الدعم بالأسلحة إلى مشاركة تتصاعد باستمرار حتى تتحوّل إلى حرب مباشرة حقيقية .
- محاولة إطالة أمد المواجهة العسكرية في أوكرانيا الى فترة تكفي لإنهاك روسيا وجيشها الى جانب إنهاك اقتصادها وتمزيقه لكي ينعكس على الترابط بين شعوب الأتحاد الروسي وتحطيمه في النهاية لكي يتم تمزيق هذا الاتحاد وعندها لن نجد دولة كبرى ومؤثرة إسمها روسيا .
- المراهنة على فتح جبهة بين الصين وتايوان في المحيط الهادي وبحر الصين الجنوبي لتقوم فيها تايوان بالدور الذي اضطلعت به أوكرانيا ضد روسيا وتقوم الولايات المتحدة وأوربا الغربية بتمويل تلك المواجهة عسكريا واقتصاديا .. وهذا الأمر باعتقادهم سينهك الصين عسكريا ويجعل الوهن يستشري في اقتصادها وهو ما تتطلع له بشغف الإدارة الأمريكية وحلفاؤها ..
ولكن الصين بأَناتِها وحكمة قيادتها وطول صبرها إلى جانب الحزم في المواقف لم تفسح المجال لنجاح هذا المنهج .. فيما تمكنت روسيا من تجنيب الاقتصاد الروسي الضعف الذي كان الغرب كله يراهن عليه عندما فرضوا على روسيا المقاطعة الأقتصادية والعقوبات المنوّعة فمدّت ذراعها الاقتصادية الى البديل عن دول الغرب الاوربي وحلفاء الولايات المتحدة وصارت تطوّر علاقات التبادل الأقتصادي مع دول مثل الصين والهند وباكستان ودول افريقية وآسيوية ولاتينية أخرى وصارت تعلن عن نفسها كقوّة عسكرية لا يمكن مواجهتها دون الدخول في مغامرة قد تقود الى حرب نووية تأتي بالويل والدمار لكل العالم .
وفي النهاية على المرء أن يتساءل عمّا سيحدث لو ان ما خططت له الولايات المتحدة قد وجد فرصةً للتحقّق وما هو الحال الذي ستكون عليه الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ؟
وكيف سيغدو العالم لو فشلت الولايات المتحدة وحليفاتها الاورپيات فيما خططت له واستمر اندفاع الصين في مضمار التنافس الأقتصادي وبقيت روسيا تحقق النجاح في توسيع علاقاتها وتعاونها الأقتصادي والسياسي مع الدول الاخرى خارج الأتحاد الأوربي والناتو فيما يتوضّح يومياً مستوى قوّة الردع العسكري الذي تمتلكه ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ