الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحولات الاجتماعية و البنية الطبقية لسوريا الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية

مازن كم الماز

2023 / 3 / 3
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم يتراجع الفرز و التفاوت الطبقي في سوريا بل انه زاد و بلغ مستويات غير مسبوقة دون أن يعني ذلك تصاعد النضال الطبقي بالضرورة ممن هم أسفل السلم الاجتماعي ضد أصحاب الامتيازات و السطوة و تتساوى في ذلك سوريا الأسد مع سوريا المحررة أو الحرة مع سوريا الإدارة الذاتية … كل ما جرى ، إلى جانب الموت و الخراب العامين ، هو تغير في تركيبة الطبقة المهيمنة حتى في مناطق سيطرة النظام … ما جرى هو تعميم لسلطة العسكر بألوانهم و فصائلهم و ميليشياتهم المختلفة إلى جانب المحاسيب المرتبطين بهم و ذلك على كامل الأرض السورية … و تتشكل سلطة العسكر هذه من أقسام أو فئات مما سماها ماركس بالبروليتاريا الرثة و التي قفزت بفعل الحرب و امتلاكها أو احتكارها السلاح إلى أعلى الهرم الاجتماعي … في الواقع لم يطرأ أي تغيير حقيقي على التركيبة الطبقية لما سنصطلح على تسميته بالمجتمع السوري ، و كما كان الوضع منذ الاستقلال أو الجلاء و حتى اليوم فإن المجتمع السوري كان و ما يزال عبارة عن هرم يتربع على قمته النخبة الحاكمة و زبانيتها من العسكر و التكنوقراط و التجار المرتبطين بها مباشرة ، و ترتبط بهذه النخبة "طبقة وسطى" تشكل من جهة قاعدة اجتماعية لتلك النخبة الحاكمة و من جهةٍ أخرى أداة لهيمنتها و أحيانًا تشكل أو يشكل جزءً منها تهديدا أو بديلًا عن تلك السلطة مع تصاعد طموح ذلك الجزء و سخطه من انسداد أفق الصعود الاجتماعي ، بينما يوجد في القاعدة جمهور غير متجانس من المهمشين ، المغيبين ، المقموعين ، الذين سنناقش بعد قليل وضعهم بشيء من التحديد … خلافًا لما كان في ذهن القلة من "الناشطين" الذين لعبوا دورًا مهمًا في بداية الثورة السورية فإن ما تبع المظاهرات الأولى هو تكريس هيمنة العسكر على المجتمع و تأصيل علاقة الهيمنة - التبعية المطلقة بين قمة الهرم الاجتماعي و قاعدته ، علاقة تقوم على أساس النهب المباشر ، الخوات ، عوائد الخطف و السلب و من عائدات المعابر بين مناطق سوريا المختلفة و جوارها و من سلب ما يعرف بالمساعدات الإنسانية أو ما يرسله المغتربون السوريون إلى أهاليهم … و هنا تبرز طبقة أخرى ، مهمشة أيضًا على الأرض لكنها تتمتع بامتيازات مهمة في بلاد اللجوء خاصة من خلال علاقاتها مع المنظمات غير الحكومية و الحكومية الغربية و هي طبقة "الناشطين" هذه الطبقة التي طردت من كل سوريا و التي تضطلع اليوم بدور مزدوج : من جهة تفعل كل ما بوسعها لإبقاء حنفية المساعدات الدولية مفتوحة باتجاه سوريا الحرة أي الخاضعة لفصائل المعارضة المسلحة بقيادة أبو عمشة و أشباهه و مناطق سيطرة الجولاني و حتى معسكرات الأسرى من الدواعش ، بالمقابل يجد هؤلاء أنفسهم مضطرين للإلحاح المستمر على القوى الدولية خاصة و الإقليمية ثانيًا لإسقاط نظام الأسد و "إعادة السياسة"إلى المجتمع السوري ، هذه هي فرصتهم الوحيدة ليلعبوا أي دور ما في الحياة السياسية لسوريا بعد أن وجدوا أنفسهم مطرودين ليس فقط من سوريا الأسد بل ايضا و بشكلٍ لا يقل حدة و عنفًا من سوريا الحرة أيضًا ، إن إسقاط النظام لن يعني بالضرورة منحهم وضعًا ما في البنية السياسية و الاجتماعية لسوريا المقبلة لكن إسقاط النظام على يد الغرب تحديدًا هو أملهم الوحيد في لعب أي دور في سوريا … بالمقابل لا يملك هؤلاء أي مشروع سوى صناديق الانتخابات التي يزعمون و ربما يعتقدون بأنها ستحل مشاكل سوريا جميعها دفعة واحدة بينما هي بالنسبة لهم في الواقع المعبر الوحيد الممكن إلى السلطة و للعب دور ما في الحياة السياسية لسوريا … من المستبعد أن يحصل هؤلاء على مبتغاهم فالقوى اللاعبة اليوم في سوريا تعتمد العسكر و أمراء الحرب لتحقيق مصالحها و البروليتاريا الرثة الحاكمة تنتج شروط استمرارها ليس فقط عبر حشد أعوانها و خدمها في ادلب و ريف حلب بل أيضًا عبر إنتاج بروليتاريا رثة أكبر عددًا ، منعدمة التعليم تقريبًا و معتمدة بالكامل على المساعدات ، تعطي الأولوية لانتماءاتها المناطقية و العشائرية ، يسهل قيادها بخطاب ديني معلن و عبر شبكة علاقات زبائنية هرمية ناجعة حتى اليوم في أن تعيد إنتاج نفسها بفضل الناشطين في الخارج و التهديد بموجات نزوح و هجرة جديدة و بشبكة علاقات دولية و إقليمية معقدة و دائمة التغير

المخيم كبنية هرمية ، البنية الاجتماعية للمخيم

ان أنسى ذلك اليوم الذي توجهنا فيه كمجموعة أطباء إلى إحدى المخيمات في شمال غرب سوريا أو ما اصطلح على تسميتها بسوريا المحررة ، لفحص ساكنيه طبيًا و معالجتهم لنفاجئ بحاجز يقطع الطريق إلى المخيم ، حاجز مكون من مجموعة من شباب من المخيم مسلحين بالعصي ، أوقفونا و لم يسمحوا لنا بدخول المخيم مصرين على أن ندخل المخيم بواسطتهم و أن يكون كل ما نفعله و نقدمه تحت إشرافهم و من خلالهم … اكتشفت يومها أن المخيم ليس مجرد مجموعة من الخيم التي يسكنها بشر بحاجة للرعاية و الطعام و الشراب الخ بل انه عبارة عن هرم يقف على رأسه الشبان الذكور من العصبية الأكبر عددًا و الأكثر قسوة و الذين يحتكرون عمليًا كل ما يدخل إلى داخل المخيم و يستولون عليه و يوزعونه حسب رغباتهم محتفظين لأنفسهم طبعًا بحصة الأسد من كل ذلك أما الأطفال الذين تستخدم صورهم على أوسع نطاق لاستدرار العطف و المساعدات و أمهاتهم بما في ذلك أرامل الشهداء فإنهم يعيشون على أطراف المخيم و يتوجب عليهم تقديم كل فروض الطاعة و الخدمات التي يطلبها سادة المخيم ليحصلوا على الفتات … يشكل المخيم بالفعل تمثيلًا صادقًا لسوريا اليوم و ربما سوريا الغد أيضًا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس




.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع