الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كمال غمبار

عامر سليم

2023 / 3 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حتى لا ننسى , كلمة وفاء وتقدير لأستاذ قدير, بمناسبة يوم المعلم.
" كمال غمبار " , الشيوعي الكردي الذي كان مُدَرِساً للغة العربية في اعدادية الرساله والتلميذ النجيب للدكتوره عاتكة الخزرجي , و كان يـا ماكان.
كان ذلك في منتصف سبعينات القرن الماضي , وفي عز الجبهة (الوطنيه) بين الشيوعيين الرومانسيين والحالمين ( حملة الكتب والأقلام والاعلام واغاني جعفر حسن) , وبين الفاشيست البعثيين الدمويين (حملة التقارير والمسدسات ورشاشات الكلاشنكوف السوفياتيه).
كمال غمبار هو مُدرس اللغة العربية لمرحلة الصف الرابع عام في أعدادية الرساله (المقابلة لجامع الحيدرخانه الكائن في قلب شارع الرشيد), قصير القامه , أنيقٌ مهندم لازلت اذكره يلبس بدلات سبورت ( الستره ليست بلون البنطلون) , مخلصاً لعمله و شديداً حازماً مع المشاغبين, بدأ معنا السنه الدراسيه بدرس التأدب والأصغاء عملياً من خلال تأديب تلميذ مشاكس (ببسطه ناشفه) لازال أسمه يرن في أُذني لأنه كان الزميل الذي يشاركني الرحله , هو صديقي شهاب , تلك البسطه كانت رسالة واضحة للمشاغبين في مدرسة الرساله, وبعدها بدأ هؤلاء المشاغبون يتمتمون سراً : هذا الكردي مخبل لحد يندك بيه!.
في النهايه كان الرجل يؤمن بضرورة العنف الثوري في العمل التربوي أحياناً!, فقد كان مزيجاً من البلاشفة والبيشمركه ويشترك معهم ومع البعثيين بشاربه الكث !.
عرفته شجاعاً جسوراً لا يخاف , كان يصطحب معه الى الفصل الجريده الاسبوعيه الشيوعيه الثقافيه " الفكر الجديد " وكان من محرريها آنذاك , يكتب في الشعر والنقد الأدبي و الترجمة, والجريده تلك كانت بطبيعة الحال تثير حفيظة مدير المدرسه البعثي " زكي عيسى الدوري" والذي عُرف بفظاظته , اذ داوم على مضايقته وإستدعائه الى الاداره حتى اثناء الفصل , واتذكره يعود متمتماً وهو يشتم بالكردي المدير وحزبه.
اضاف استاذنا الجليل غمبار الى درس اللغة العربية سحراً خاصاً , فقد كان محباً عاشقاً لهذه اللغة وحاول جاهداً ان ينقل الينا هذا الحب والعشق , نابهاً وذكياً في اختيار الأمثلة والأقتباسات من القصائد ذات المعاني الكبيرة ومحاولة ربطها بالواقع ( في كل بيت من قصائد المنهج كان يسأل : كيف يمكن ان نربط ونفسر هذا البيت مع واقعنا!) وكنت ارى ابتسامته المخفية تحت شاربه الكث وهو ينتقد بشفافية هادئة و بشكل غير مباشر الخطاب الثقافي البائس لفكر حزب البعث الفاشي حين يربط و يفسر معاني الشعر بواقعنا.
أشتدت وتيرة كتابة التقاريرعليه والتي كانت تسجل كل شاردة وواردة ضد المدرسين غير البعثيين ,حينها اختفى بعد سنتين أو ثلاثة من المدرسة ولم نعد نسمع اخباره , وكحال كل العراقيين تشتت ذاكرتنا على وقع انفراد ارعن العراق بالسلطة وبداية عصره المأساوي و الدموي بالحروب والقتل والاعتقالات والحصار, لتنتهي بسقوطه المخزي والنهايه المذله والتي تليق بامثاله.
في بداية غربتي الطويله, تذكرته وكوكلت اسمه , عرفت انه يعيش في اربيل , بعد رحلة كفاح بطولية وشجاعة لم يتنازل خلالها ابداً عن مواقفه او يرضخ لمطالبات الفاشيست, وقد حصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الأدب والنقد وهو في عمر متقدم.
التحيه والتقدير والعرفان لأستاذي القدير الدكتوركمال غمبار, فقد كان رجلاً يستحق كل الاحترام بحق ,ترك اثره الجميل وذكراه الغنية بالأخلاص والمسؤولية التربوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مديح هائل للمعلم بلا رتوش-اجمل تكريم قراءته في هذا
المتابع- ( 2023 / 3 / 3 - 05:35 )
الموسم-جميل سلس في صدق كثير حتى والكاتب يشير الى بعض الهنات في معلمه المحبوب كخلقة شاربه-وصفع العرقيين دون استعمال كفه= كردي يبدع باللغة العربية وتدريسها-تحياتي عزيزي الصديق الاستاذ عامر


2 - استاذنا وعمنا العزيز د. الكحلاوي المحترم
عامر سليم ( 2023 / 3 / 3 - 06:53 )
يقول الشاعر:
وَمَن ذا الَّذي تُرضى سَجاياهُ كُلُّها
كَفى المَرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ
كان يا ما كان ...
غاندي أبو الهند.... كان عنصرياً ضد الأفارقه.
آينشتاين أبو الفيزياء .... كان عنصرياً معادٍ للأجانب.
ومن منا تصفو مشاربه؟
العمر الطويل والحضور الدائم لكم

اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة