الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيال حقيقي 2000 (كيم كي دك): أنا الآخر

بلال سمير الصدّر

2023 / 3 / 4
الادب والفن


في هذه الساحة،ساحة الكلية،هناك شاب يرسم البورتريه في الساحة العامة،لكن هناك شيء قبيح في الصور...هو ينظر الى الجانب السيء من الشخصية،ولكن ايضا هناك شيء...
هو ينظر الى الجانب السيء في الوجه الذي امامه من خلال انعكاس داخلي وليس انعكاس خارجي.
هو ليس سوداويا بالمعنى الحرفي والاصطلاحي للكلمة،بل هو يعاني الكثير من الغضب الداخلي،ذلك الغضب التي تنقصه الارادة الى تحقيق الانتقام الأمثل المتمثل بالقتل.
هناك فتاة تحمل كاميرة فيديو تصوره دائما...لماذا هي مهتمة به...لماذا تصوره.....وهذه الفتاة التي كانت تصوره تطلب منه اللحاق بها لإعطائه ثمن رسمها.
ولكن،هناك ايضا شيء مهم،فكل ما يحدث في الساحة تلاحقه شخصيات عشوائية تتكلم من خلال كابينة الهاتف،مثلا لفتاة تحاول ارضاء حبيبها ورجل ايضا يحاول ارضاء حبيبته ولكن بسخرية،وسنكتشف لاحقا ان هذه الشخصيات ذات علاقة تامة كاملة بالجوانية لهذا الرسام...هذا الرسام الذي لايمتلك أي ردة فعل حقيقية ولو حتى كلامية اتجاه الحياة.
يدخل الى ممر في شارع جانبي...ملصق اسود وكأنه قادم من عالم اسود
صورة تبرز وجه عابس تماما وفي عينيه شيء واضح من الحزن...الوجه يغطي اللوحة وكأنه ملصق مبني داخل اللوحة...في الصورة ايضا هناك شاب –كما هو واضح-ينظر الى الملصق الوجهي وكلمة عريضة بالكورية من تحت اللوحة:أنا الآخر
يلاحقها...يدخل معها وكانه يدخل الى مسرح الخيال الحقيقي
يلتقي بشخص ما،غريب الهيئة والتصرفات حافي القدمين يدخن ويشرب ويجلس عند مسرب الضوء التي تتيحه نافذة صغيرة...عن من تبحث...؟!
يبدأ بالسؤال ويبدا بالحديث ايضا من دون مقدمات
انت تعلم كم انت غبي...الكثير من الكره والحقد يقبع في داخلك...اليس هذا صحيحا؟
سوف امنحك الحرية...يحاول الشاب الرسام الخروج ولكنه يمنعه ويطرحه ارضا
ولكن،يجب ان تعاني كثيرا قبل ان تحصل على هذه الحرية
وعلى مسرح فارغ يتلقى الضربات...ليس هذا الذي أدعوه بالمعاناة
المعاناة الحقيقية لاحقتك طوال حياتك،وهؤلاء الذين سببو لك التعاسة والمعاناة يعيشون في راحة،أنا اريد منك ان تحقق انتقامك،أنا اريد ان تقتلني ومن ثم أن تقتلهم...يتابع الحديث مخاطبا الشاب:
هل تريد ان تنال تلك الفتاة...كاذب انت لا تستطيع ان تعبر عن نفسك
أنا أسألك مرة اخرى:هل تريدها فعلا...؟
هناك ازدواج للصورة الحاصلة أمام اعيننا...الصورة من خلال المشهد السينمائي،والصورة التي تظهر من خلال الكاميرا التي يصور بها تلك الفتاة...الموضوع بات واضحا
الكامير،أو الصورة التي تظهر في الكاميرا هي انعكاس للعالم الداخلي للشاب،او دعونا نقول الغضب الذي يعاني منه نتيجة كم هائل من الاحباطات والخيانة والأذى الذي تعرض له في فترة لانتسطيع القول عنها سوى انها قصيرة...
لنتابع،ما الذي يقوله له أناه الداخلي...هذا الانأ الداخلي المتشكل على هيئة شخص يقف على مسرح ليس سوى ما يقوله الرسام نفسه...
أنا أسألك مرة أخرى...هل تريدها فعلا...أنها مثل الجواهر...أنت تريدها أليس كذلك...سوف أدعك تنال منها
هنا يوقفه على قدميه،يخلع بنطاله،يجعله يمارس الاستمناء أو مأساة الجسد بيديه هو...
كل ما حدث اعلاه لايعني سوى شيء واحد:عالم داخلي محبط،مستسلم...عالم داخلي محطم تماما
يجعله ينظر الى تلك الفتاة التي تصور...هل تشعر بالاهانة
فكر كيف أحبطك ذلك وهذا لاشيء...أنت تريد ان تقتلني لأني أهنتك؟!
هذا الشخص يرى ذاته،يحاكي انعكاس ألمه الداخلي وغضبه...يريد ان يحقق انتقامه الداخلي خارج عالم التمنيات...إذا المشهد برمته هو مشهد داخلي...
إذا كانت كل افلام كيم كي دك عبارة عن عالم مزدوج من الأنا الداخلية والعالم القاسي المحيط والمكون للانسان في الوقت نفسه،فالحاكية على مايبدو معكوسة هنا،ولكنها ليست مختلفة،فالمأساة عند كيم كي دك تتكون من المحيط على الغالب الذي يحيط بالانسان،الأمر الذي يجعل من هذا الانسان مندفعا بقسوة متخلصا من القيد الحضاري الفاصل بينه وبين المشهد الفعلي للإنسان،ويجعل منه ينكص نحو ذاته،نحو أناه البدائية مهمشا ومختصرا كم هائل من التاريخ.
ولكن القصة هنا هي عن النوايا التي تفتقر الى التحقيق،عن النوايا المستسلمة للقيد الحضاري,,,
اللقطة مزدوجة....لقطة تسجيلية مع مشهد سينمائي
سوف يتحرك صديقنا نحو تحقيق القمة العليا للانتقام،وهذا الانتقام لايعني حياته الشخصية فقط،بل المحيط أيضا،فهو يقل امرأة اعطته نقودا باشمئزاز ومزقت الصورة التي رسمها لها...هذه البداية فقط
يتحرك ضمن رغبة عارمة بالانتقام محركها الغضب تجعله يقتل كل من تسبب بألمه ذات مرة...بتشويه صورته أو تشويه جسده،ولكن،الواقعية تضفي على الحب سمة من عدم المنطقية لأنه لايستطيع أن يكره المرأة التي تسببت له بالأذى الأكبر في حياته،وحتى لو ابتكر طريقة خاصة عفوية لقتل صديقه المتهم من قبله بالخيانة،ولكن يبقى حيز الحب مفتوحا يفتقد الى المنطقية ويرتدي ثياب الموت.
الأمور تشير أن كل مايحدث هو مجرد رغبات،رغبات حادة ولكنها مستحيلة التحقيق،ولو فعلها هذا الانسان-الرسام-لكان الانسان فعلا لازال في طور التكوين.
الفيلم ليس له أي علاقة بعلم النفس،الفيلم هو تشريح عن الانسان في ابسط حالاته من دون اي تعقيد...
هذا الانسان ليس ملفتا تماما للنظر،بل هو طبيعي يمتلك رغبات نتيجة حوادث مكثفة جعلته يحلم بقتل كل من اهانه في يوما ما...ولكن من منا لم يرغب بقتل شخص في حياته؟
كلنا نعاني من الرغبات المكبوتة،من الانتقام المفتقر للفعل وحتى الارادة،ولكن تبقى كل تلك الرغبات محتملة في مسرح العالم الداخلي للانسان...مسرح الانسنا أو مسرح قسوة الانسان...
الفيلم تقريبا ثوري في موضوعه مختلف عن السائد ويستحق المشاهدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا