الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية دور الأسرة والمدرسة في حياة الإنسان

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


إن أية ظاهرة في الوجود تؤكد حقيقتها من خلال السلوك والممارسة والتصرف ومن خلال هذا السياق لابد من الإشارة إلى الضوابط النفسية والسلوكية في الإنسان التي هي (منظومة من القيم) هي التي تحرك سلوك الفرد وتوجهها نحو الأهداف المحددة في حياة الإنسان التي لا يدركها ولا يعلم بأن هذه القيم هي التي تحرك سلوكه وتوجهه في الحياة والمجتمع ولذلك فإن سلوك الإنسان (رجل دين أو مفكر أو سياسي أو اقتصادي أو عالم) تختلف بين إنسان وآخر بسبب دور وتأثير (منظومة القيم) في ثقافة الإنسان ووعيه الفكري وما ينتج عنها من سلوك وتصرف لذلك الإنسان نوعياً وكمياً وإن هذه القيم لا تولد مع الإنسان وإنما يكتسبها من خلال (الأسرة والمدرسة) التي تكون مميزة لثقافتنا ووعينا الفكري ويكون لها تأثير كبير في طرق سلوكنا وتفكيرنا وانفعالاتنا لدوافعنا وفيما ننقله من معايير المباح والمحظور والعدل والظلم والحق والباطل كذلك فيما نكسبه من معلومات ومهارات وعواطف وأذواق وجميع تلك السلوكيات تحددها نوع الثقافة إلى حد كبير إن كانت ديمقراطية أم غير ديمقراطية تعاونية أم تزاحمية مادية أم روحية مسالمة أم عدوانية مستنيرة أو غير مستنيرة
ويأتي دور الأسرة في الأساس في نشوء وتكوين شخصية الإنسان حيث كانت ولا تزال أقوى سلاح يستخدمه المجتمع في عملية التطبيع الاجتماعي ونقل التراث الاجتماعي من جيل إلى جيل وقد أجمعت تجارب الناس والعلماء إلى دور الأسرة من أثر كبير وفعال وعميق وخطير في نشوء الإنسان وتكوينه ونموه المادي والمعنوي وتشكيل شخصيته وخاصة خلال الطفولة المبكرة أي السنوات الخمس أو الست الأولى من حياة الإنسان وذلك لأسباب عدة منها أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون خاضعاً لسلطان جماعة أخرى غير أسرته ويكون فيها سهل التأثير وسهل التشكيل شديد التقبل للإيحاء والتعليم قليل الخبرة عاجزاً وضعيف الإرادة قليلة الحيلة في حاجة دائمة إلى من يعوله ويرعاه وخاصة الأم في رعاية حاجاته العضوية والنفسية المختلفة ولأن التطبيع فيها يكون مركزاً عنيفاً إذا عرفنا هذا قدرنا ما يمكن أن يكون لها من أثر في تشكيل شخصية الطفل وتوجيهها إلى الخير أو إلى الشر وإلى الصحة وإلى المرض وبذلك تكون حياة الفرد فترة حاسمة في تكوين شخصيته.
أما تأثير المدرسة والتطبيع الاجتماعي على تكوين وبناء شخصية الإنسان، فقد نشأت المدارس يوم شعرت الإنسانية أن الأسرة عاجزة وحدها عن إعداد الفرد للتوافق الاجتماعي اللازم وقد تأكد من حيث الواقع أن للمدرسة دور مهم يفوق مقدرة الأسرة على القيام بتكوين وبناء شخصية الإنسان لأنها أقرب إلى مطالب المجتمع من الأسرة باعتبار المدرسة أرحب أفقاً وأوسع مجالاً من الأسرة وبمنجاة من التقاليد البالية الغريبة التي تسودها وتجثم عليها من مثل وعادات وتقاليد ترزح تحتها الأسرة، وإن المدرسة تمتاز بالحد والجدية والالتزام وأبعد عن الدلال في معاملة التلميذ ولذلك يتجلى اعوجاج السلوك في المدرسة أكثر مما يتجلى في البيت لأن الطفل يخرج من البيت وقد تأثرت شخصيته به تأثيراً عميقاً ولذلك يعتبر انتقال الطفل من البيت إلى المدرسة بعد الطفولة المبكرة حدث يحرج خالد في حياته فهو يمثل انتقال من مجتمع صغير بسيط منطو على نفسه إلى مجتمع أوسع وأعقد وأكثر اتصالاً بالحياة وتعتبر بيئة جديدة ذات نظم وقوانين جديدة وبها من الواجبات والتكاليف ما لم يعهده الطفل وفيها علاقات جديدة ومنافسات جديدة أيضاً ومغامرات جديدة بين أتراب يختلفون عنه من نواح كثيرة وفيها يضطر الطفل إلى التضحية بكثير من المميزات التي كان ينعم بها في البيت وتعتبر المدرسة سواء كانت روضة أم غيرها فمعناها الانفصال عن الوالدين وخاصة الأم ولذلك يعتبر هذا التغيير العنيف في بيئة الطفل له أثر كبير في شخصيته وخلقه وسلوكه الاجتماعي فالعادات والتصرفات في البيت ليس لها وجود في المدرسة كما أنها تفرض عليه واجبات جديدة وأن يراعي النظام ويلتزم بالآداب وأن ينتبه ويلتفت إلى محدثه وأن لا يقاطع ويتجاوز على حقوق الآخرين وأن يتعاون مع زملائه الطلاب ويشترك معهم في الأشغال والألعاب وبذلك تعتبر المدرسة مرحلة انتقال إلى مرحلة أخرى من حياة الإنسان وتأثيرها كبير في نمو شخصيته وتستطيع أن تفعل الكثير في حياة الطفل ونموه وتطوره وتكوين شخصيته من خلال هذه المنظومة من القيم (الأسرة والمدرسة) التي هي بمثابة الرحم الذي ينمو فيه الإنسان المدرك والواعي والعالم والمثقف والخير والشرير والتقدم والتطور لأنها الرحم الذي يولد منها الإنسان الذي يمتلك العقل المدرك والمدبر الخالق لجميع مستلزمات الحياة المادية والمعنوية للإنسان الذي يعتبر أرفع الكائنات الحية في الوجود وقد أنزلت الدساتير السماوية وكتبت الدساتير الوضعية والأفكار الفلسفية والعلمية من أجل الإنسان وحياته ومن خلال هذه النبذة الموجزة يظهر لنا بجلاء أن الإنسان هو الذي يبني ويهدم ويعمر ويخرب تبعاً لتربيته وثقافته ووعيه الفكري الذي يعتبر الحاضنة الطبيعية في هذا الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي


.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه




.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت


.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري




.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا