الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقم مجادلة الملاحدة

خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)

2023 / 3 / 4
حقوق الانسان


لاتجادلوا الملاحدة
من يقرأ التاريخ الإسلامي سيرى كثيراً من الشخصيات التي تصنف بأنها ملحدة أو كافرة. منهم مثالاً وليس حصراً: أبن الراوند والرازي والفارابي وابو العلاء المعري ( نسبة إلى معرة النعمان السورية). لم يتوقف لصق الكفر عند هؤلاء، بل تعداهم ليشمل أفراداً أوّللوا النص ليتناسب مع منطق العدالة الإلهية منهم الجعد بن درهم الذي ذبحه خالد القصري في المسجد تقرباً لله بعيد الأضحى. ولاننسى أبن المقفع الذي أبدع الخليفة بقتله حيث أمر الجند أن يقطعوا أصابعه وأطرافه وأن تشوى أمامه كي يأكلها، أو الحلاج صلب وأحرق. كل هؤلاء قتلوا تقرباً إلى الله، تماماً كما فعلت ومازالت تفعل دولة الخلافة في العراق والشام (داعش).
وصمة الكفر والإلحاد لاتخلو غالباً من أبعاد سياسية: مثل قضية محمد محمود طه السوداني الذي حكم عليه بالإعدام (1985) شنقاً بتهمة الردة على يد الرئيس المؤمن جعفر النميري. محمود طه قسم القرآن الكريم إلى مرحلتين: المرحلة المكية والمرحلة المدنية. أما المكية فهي - كما قال – روح الدين الإسلامي، وأما المرحلة المدنية فهي فترة إنشاء الدولة وهي تاريخية تخص ذلك الزمان. هي محاولة لتبرأة النصوص القرآنية من مسألة الجهاد والعنف والإرهاب. لكن سعي النميري للإسراع بشنقه لم يكن بدافع الكفر والردة فقط، بل كان سياسياً لأن طه هذا شكّل حزباً سياسياً معارضاً تحت مسمى الحزب الجمهوري حيث وجد النميري تهديداً له، ثم أتت فتوى الأزهر لتأكد الردة والكفر والضلال.
خوف السياسيين ورجال الدين على مناصبهم يدفعهم لتكفير كل من يحاول شق طريق مختلف عنهم. سقراط أهم مثال على ذلك، إذ أنه كان يرشد شباب أثينا إلى حقائق الوجود وإلى تفاهة عبادة الأصنام. فوجدته السلطة تهديداً لها، فأمرت بقتله بتجرع السم. وسقراط يعتبر عماد الفلسفة الغربية كما أنه عماد مايسمى بالفلسفة الإسلامية. حاول تلاميذه اقناعه بترك موافقه لتجنب الموت، لكنه أبى وتمسك بأفكاره وظل أميناً لفكره فمات مرفوع الرأس وبقي أثره إلى يومنا هذا.
ولاننسى المفكر المصري اسماعيل أدهم الذي ألف كتاب " لماذا أنا ملحدا" ثم أنتحر في عمر يافع. كان مغرماً بالرياضيات إضافة إلى إهتماماته في العلوم التطبقية الأخرى. شخصية أخرى، هو السعودي عبدالله القصيمي الذي بدأ حياته سلفياً يهاجم الشيعة خطاباً وكتابه، ثم جذبته موجة الكفروالضلال، فأخذ يؤلف الكتب في الإلحاد ونقد الأديان. ولمن يريد التوسع بتاريخ الإلحاد في الإسلام عليه قراءة كتاب "تاريخ الإلحاد في الإسلام" للفيلسوف المصري عبد الرحمن بدوي الذي ألف أكثر من 150 كتاب قبل أن يرحل.
والأن وبعد هذه المقدمة، نرى أن عدد الملحدين في الوطن العربي يزداد بإزدياد حركات التعصب والسلفية وتسلط داعش. فلايمكن أن تتعصب بجهة حتى ترى ردة الفعل بالجهة الأخرى، خاصة بعد سهولة الإطلاع على المعارف بشكل مجاني على النت واتساع رقعة مواقع الإتصال الإجتماعي. والذي يزيد الطين بله أن الكثير من هؤلاء كانوا أصلا في تنظيم الإخوان أو مشايخ وأئمة سابقين حافظين للقرآن والحديث. وعندما يحاول البعض الجدل معهم يخسر في الغالب المناظرة لسببين بسيطين: الأول أنهم عارفين أكثر من المجادل بالقرآن والسنة والسبب الثاني هو أنهم يتكلمون بالدليل العقلي والمجادل يتكلم بالمعارف الإيمانية التي لاتستند لدليل عقلي. فمثلاً، المؤمن المجادل لايستطيع إثبات وجود الملائكة أو الجن ولذلك تتحول المناظرات إلى جدال عقيم يزداد فيه عدد الملاحدة أكثر.
ولذلك أطلب منكم أيها الأعزاء أن لاتتجادلوا مع الملاحدة. فمن يؤمن بالله والإسلام هو يؤمن لأنه يرتاح لذلك ويشعر بالانتماء وليس لأن هناك أدلة وبراهين. شيء آخر، ألا يتوجب على رجال الدين والمشايخ تنقية التراث الإسلامي الذي ورثناه، فهؤلاء الملاحدة والمبشرين المسيحيين يقرؤون لكم من صحيح بخاري ومسلم أحاديث صحيحة، ويقرؤون لكم آية السيف التي تقرأها داعش وتعتمد عليها في ذبح وسلخ وسبي البشر.
آذار-4 - 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاريخ غير مشرف
شكري ملاح ( 2023 / 3 / 5 - 00:18 )
صدقت فإن تاريخنا العربي والإسلامي غير مشرف أبدا
تحياتي استاذ خليل
شكري ملاح


2 - عصر جديد
على سالم ( 2023 / 3 / 5 - 15:21 )
الاستاذ الفاضل خليل الشيخه تحيه , دعنى اقول لك ان الحلقه تضيق يوما بعد يوم على عنق هؤلاء الاسلامجيه المجرمين الارهابيين الدواعش الحافظين لكتاب الله المجهول الهويه ؟ هم يعلموا ذلك جيدا , عصر الانترنت والتواصل والمعرفه والعلم سوف يبدد الظلام والجهل والخرافه