الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للحرب في العراق مبررات خلقية؟!

جان كورد

2003 / 6 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

وقعت الحرب على نظام صدام حسين الدموي ليس تحت غطاء الشرعية الدولية كحرب تحرير الكويت عام 1990-1991 وإنما بحجة أن هذا النظام يمتلك أسلحة دمار شامل وقد تكون له علاقات مع منظمات إرهابية دولية قادرة على شن هجمات كبيرة على الولايات المتحدة وحلفائها في عقر دارهم مثلما حدث في 11 سبتمبر/أيلول 2001، وإذا ما وصلت هذه الأسلحة إلى أيدي هذه المنظمات التي تصدر الفتاوى بقتل الأمريكان مدنيين وعسكريين، دبلوماسيين أو سواحاً أو مسافرين عبر القارات، فهذا يشكّل خطراً لا يمكن تجاهله والانتظار حتى حدوث كارثة جديدة في مكان ما من الولايات المتحدة، حسب نظرة الحكومة الحالية في واشنطن. بينما كانت حجة الأوربيين وغير الأوربيين الذين وقفوا ضد هذه الحرب في الأمم المتحدة وخارجها تقوم على أساس أن بالإمكان انتزاع مثل هذه الأسلحة الخطيرة من أيدي النظام العراقي بطريقة سلمية وأنه لا يشكل خطراً على الولايات المتحدة أو اسرائيل ولم تثبت لديهم تهمة إقامة النظام العراقي علاقات مع منظمات إرهابية على غرار "القاعدة".  

هذه الحرب التي وقعت رغم كل المحاولات التي بذلها الكثيرون لتفاديها، وقضت على نظام صدام حسين الدموي الإرهابي الذي جعل العراق سجناً رهيباً لعقود من الزمن وخاض حروباً متتالية ضد شعبه وضد جيرانه من كرد وفرس وعرب وخلّف عدداً كبيراً من المقابر الجماعية التي لايشك أحد في أنها تضم رفات آلاف الوطنيين العراقيين والناس الأبرياء من مختلف أنحاء العراق الذين صبّ عليهم النظام جام غضبه لمجرد شعوره بأن هذه المدينة أو ذاك الريف غير موال له، فأهدر دم المواطنين وساقهم إلى البراري للتخلّص منهم وإخفاء جثثهم أو تعذيبهم حتى الموت في معتقلات سرّية وعلنية رهيبة...  

هذا يعني أن الحرب التي قضت على النظام الصدامي لها ما يبررها خلقياً إن كان هناك من يبحث عن مبررات أخلاقية لمجمل ما حدث، وخاصة بعد سماع إفادات كثيرين من المهّجرين والمبعدين والخارجين من المعتقلات أو ذويهم حول ما عانوه على أيدي النظام البائد.     وإن العمل على تفادي إسقاط النظام الصدامي أو الدفاع عنه كما فعل كثيرون من العرب والعجم بحجة أن الأهداف الأمريكية - البريطانية من إعلان الحرب ليس العثور على أسلحة الدمار الشامل ولا إمكانية وجود علاقات بين النظام الصدامي والمنظمات الإرهابية وإنما بداية إعادة ترتيب المنطقة حسب الاستراتيجية العالمية للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة، ليس إلا استهتاراً بدم الإنسان العراقي ومعاداة للديموقراطية وحقوق الإنسان، ويعني أيضاً الدفاع عن الدكتاتورية والطاغوت الذي مارس لسنين طويلة التقتيل والتشريد والتعذيب وهدر أموال الشعب العراقي، ويكفينا دليلاً على هذا الهدر الكبير لأموال الشعب تلك المبالغ الطائلة من الأموال والذهب المكتشفة من قبل قوات التحالف في المزارع والمنازل والبنوك العالمية وحتى حظائر الكلاب والماشية بدل أن تكون في المصارف العراقية. 

وسواءّ اكتشف الحلفاء أسلحة الدمار الشامل أم لم يكتشفوا، وعثروا على وثائق تدين النظام الصدامي البائد باقامة علاقات مع الإرهابيين أم لم يعثروا عليها، فإن هذا لا يغيّر من حقيقة أن الحرب قد أنهت نظام البعث الدموي ودمرّت معتقلاته الرهيبة وقصور رئيسه الفارهة وألغت أدواته القمعية المختلفة من فروع أمن إجرامية وقوات خاصة وفدائيين تبخّروا أيام الشدة وجيش تم تحويله من أداة للدفاع عن الوطن إلى أداة لقمع الشعب وتصفية الخصوم المعارضين.. 
                                                                                
أما بالنسبة للشعب الكردي فإن هذه الحرب قد مكّنت الكرد من تحرير أنفسهم من الخوف والإجرام والإرهاب اللذين عانوا منه في ظل النظام الصدامي، وعاد مئات الألوف من المهجرين إلى ديارهم وأرضهم وتوّقفت سياسة تعريب المناطق الكردية وشرع الكرد يتلاقون مع بعضهم ومع إخوتهم العرب من سائر فئات الشعب العراقي وقومياته ومذاهبه وطوائفه وعشائره من أجل بناء عراق حديث، عراق حر ديموقراطي وفيدرالي يتمتع فيه الشعب الكردية بحقوقه القومية والوطنية العادلة بعد معاناة طويلة حقاً، وهذا ما دفع الكرد وكثيرين من العرب الواعين إلى وصف هذه الحرب ب"حرب تحرير العراق" ...    
 أما موضوع مغادرة قوات الحلفاء أرض العراق فهذا قد يستغرق وقتاً طويلاً ومرتبط بمدى قدرة العراقيين على التخلّص من فلول النظام الذي يحاول بشتى الوسائل تعكير الأجواء واستغلال الفرص للعودة إلى السطح بعد الاختفاء وادعاء المقاومة بعد الهرب، وكذلك قدرة العراقيين على التحدث إلى الأمريكان بمعقولية وحكمة واقناعهم بأن أبناء العراق وبناته سيحققون مجتمعاً ديموقراطياً تعددياً مسالماً في المنطقة ، يتسع لكل الملل والنحل ودون إفراط أو تفريط في حقوق العباد، وأنهم لن يسمحوا بظهر دكتاتورية جديدة بعد كل ما عانوه على أيدي صدام حسين وزبانيته المجرمين. وبدهي أن هذا مرتبط بمجمل أحداث المنطقة والصراع الدائر فيها، والواقعيون من العراقيين واثقون من أنهم سيقعنون الأمريكان بالحوار والتعاون معهم بضرورة الخروج من العراق وترك الأمور لأبنائه وبناته.    
نحن الكرد متفائلون في أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة حل المشاكل عن طريق الحوار المتمدّن بين كافة الأطراف وستشهد المنطقة هدوءاً وازدهاراً إن غلبت الحكمة على العقول بدل العنف والإرهاب واعترف كل واحد بالآخر الذي يقابله رغم كل ما حدث ويحدث في المنطقة من مآسي..وإن المبرر الخلقي لازالة الأنظمة الدكتاتورية يكمن في أن الدكتاتورية ما هي إلا خروج على الأخلاق البشرية وقوانين الإنسانية.                                                                                                                          
                                                                                                                           








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحطم طائرة الرئيس الإيراني.. أبرز ما حدث في الساعات الأخيرة


.. مصادر إيرانية: جميع ركاب الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل ال




.. الصور الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ووزير


.. العثور على حطام طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على قمة




.. جيش الكونغو الديمقراطية يحبط محاولة انقلابية