الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنوار عبد الوهاب والفن الملتزم

محمد الكحط

2006 / 10 / 18
الادب والفن


في أمسية جميلة أستضافت فيها رابطة المرأة العراقية في ستوكهولم يوم الأحد 16 أكتوبر2006 الفنانة العراقية القديرة أنوار عبد الوهاب، حضر الأمسية جمهور من النساء العراقيات، وقدمت الضيفة السيدة هيفاء عبد الكريم بكلمات رقيقة وأوقدت شمعة لهذهِ الفنانة التي قدمت الكثير للفن العراقي الأصيل والملتزم.
مسيرةٌ طويلة هيّ حياة أنوار عبد الوهاب، ومن (( عمري سبع سنين وكليبي مهموم)) وكأن تلك الكلمات تحكي قصة حياة هذهِ الفنانة المفعمة بالحيوية والعطاء، بدأت رحلتها في الحياة وسط المتاعب، وسط عائلة تحب الثقافة والفن، عائلة أرتبطت بقضايا الناس وهمومهم ومصير الوطن، أصدقاء الفقيد والدها محامون وفنانون ومن المسرحيين كذلك وأدباء ومن الشخصيات السياسية، فكان طريقها وعراً لكنها تحملته بتأنِ وصبر كبيرين.

ومنذ طفولتها غنت وأحبت الغناء، أنتبه لها القريبون منها من الأهل ومن ثم المعلمات في المدرسة، فغنت وأجادت وشقت طريقها بعالم الفن رغم الصعوبات وتهديد الأقارب الذين لم يروق لهم أن تكون أنوار فنانة، حيث التقاليد البالية تقف أمامهم، وعندما أختارها الفنان يوسف العاني لتمثل دور تماضر في مسرحية الفقيد غائب طعمة فرمان بعد أن ألتقاها وهي تلك الشابة البسيطة الناعمة السمراء، قال ((وجدتها أنتي تماضر التي ابحث عنها))، أخذت أنوار النص لتقرأه في البيت وهناك بكت وهي تقرأ النص متأثرةً بهِ ومثلته ووقف الجميع منبهراً من حسن الأداء وكأنها ممثلة محترفة وهي الهاوية ليس إلا، أنها لم تدرس المسرح ولكنها مثلت أدوارا مميزة وصعبة وأجادتها، منها مسرحية هملت تقول ((أنني كنت لا أعتمد على التكنيك بل أعتمد على الشعور الداخلي، أنسى أنني أنوار، أحس بأنني بروفيل وأكاد أطير بشخصها من على خشبة المسرح، لقد منحني المسرح أشياءاً كثيرة وعملت مع العديد من الفنانين وعملت مع فرقة المسرح الحديث، كسبت جمهوراً كبيراً، ولكنني وجدت صعوبة الجمع بين الغناء والمسرح فتفرغت للغناء وتلك كانت غلطتي الكبيرة التي أعترف بها))، وفي عالم الغناء غنت للعديد من المؤلفين والملحنين وكانت رسالتها واضحة في الفن عموماً وفي الغناء خصوصاً فأبتعدت عن الأبتذال فقدمت الأغاني الهادفة الملتزمة، بل أفادتها كثيراً سفرتها إلى برلين لتستمع لأول مرة في حياتها إلى غناء الأوبرا، من خلال جارتها الألمانية فأنبهرت بهِ وأصرت على تعلم هذا الفن الراقي والرفيع الذي يحتاج إلى الكثير من الصبر والتحمل والمران الطويل، ولكنها كانت قد قررت تعلمه وإتقانه، وهكذا كانت خطواتها بعد ذلك أكثر رصانة وأكثر جمالاً في عالم الغناء فتطور أدائها وتمرنت حنجرتها وأخذت تتحكم بصوتها ونَفَسها بشكل أكبر لتؤدي أصعب الألحان بأسلوبٍ عذبٍ مميز.

الفن مرآة المجتمع وهو أرقى قضية في المجتمع، هكذا تعبر أنوار عن مفهوم الفن لديها فكانت بسيطة في حياتها تحب الأشياء الحقيقية ولا تحب الزيف، وكانت أغانيها الحزينة جزء من ذلك الحزن العميق المتوارث لشعبنا، غنت منذ السبعينات وأعتزلت سنة 1989 حيث أنحط الفن كما إنحطت القيم في مجتمعنا بفعل السلوك المشين للنظام الدكتاتوري وأزلامه، كانت تشعر بالغربة حيث لم يعد هنالك مكان للفنان الملتزم بالفن الأصيل والديمقراطي، ففقدت جمهورها الحبيب وهجر الأصحاب الوطن، ومن بقي منهم بين مطارد وخائف، منعوا أغانيها وحاربوها بكافة الوسائل وطاردوها، وحتى جمهورها الذي أحبها يخشى الأقتراب منها، أضطرت لمغادرة الوطن وهناك في الأردن أهملها الجميع فعيون النظام تتربص هناك أيضاً للمبدعين الملتزمين.

وأخيراً لجأت إلى السويد التي وصلتها منذ خمس سنوات وهنا تقول أنوار ((لقد أستفدت هنا كثيراً أشعر بأنني أصبحت أنقى وأكثر إنسانية وعقلانية بل وأكثر ديمقراطية. ولكن ما يحزنني بأنني لم أستطع أن أقدم شيئاً لفني الذي أعشقه، ولم تتح لي الفرصة الصحيحة لأقدم أكثر))...تحدثت الفنانة أنوار كثيراً وردت على أسئلة الحاضرات وبعد أستراحة قصيرة عادت لتقدم في الأمسية بعض من أغانيها القديمة ولكنها الأغاني الأصيلة التي لازلنا نرددها ونتذكرها ونطرب لها، فأطربت الحضور الذي طالبها بالمزيد ودعناها على أمل أن نسمعها تغرد من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف