الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام الديمقراطية في الدولة المخزنية ( الحلقة الثالثة ) ( 3 ) .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ان إشكالية الصحراء ، هي إشكالية الديمقراطية المفقودة ، واشكالية النظام السياسي الدكتاتوري الوحيد الذي تسبب في ما آلت اليه الصحراء من أوضاع ، جعلت المجتمع الدولي من خلال مؤسساته ، يتشبث بالمشروعية الدولية التي وحدها تمثل الحل الديمقراطي الذي يرضي اطراف النزاع . والحل الديمقراطي والمشروعية الدولية ، تعني فقط الاستفتاء وتقرير المصير الذي نتيجته وحدها تحدد جنسية الأراضي المتنازع عليها .
3 ) توظيف القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب .
لو اخذنا مثالا ساطعا على الطريقة التي تلعب بها المشاكل الوطنية ضد مصالح الشعب العليا ، لكان احسن مثال في كيفية توظيف النظام لنزاع الصحراء ، لخدمة نظامه بالأساس ، لأنها لم تعالج كمشكلة وطنية ، بل تم توظيفها كمشكلة نظام وحكم جانبها الديماغوجي اكبر من جانبها التثويري . كما اعتبرت من جهة أخرى ، مناسبة لترتيب مجموعة معقدة من الصراعات بين الأنظمة السياسية ، فكانت بذلك اسفينا يدق بين شعبها الواحد ، بدل ان تكون جسرا يعاد عليه طرح القضايا الهامة ، التي لعبت جملة من الظروف في السابق دورا أساسيا في عدم طرحها ، او في طرحها بطريقة مغلوطة ومخربة . ان هذه التوجهات هي توجهات جميع الأطراف المشتبكة في نزاع الصحراء الغربية .
بادئ ببدء ، عندما كان هناك نهوض شعبي وثوري في المغرب ، وكان وضع الملكية على شفى حفرة مهددة بالسقوط ، طلب الحسن الثاني من الاستعماريين الاسبان عدم الانسحاب من الصحراء ، ورجاهم البقاء فيها . وعندما طرح في أواسط السبعينات الموضوع مجددا ، طرحه من منظور توطيد وضع الحكم بعد سلسلة الانقلابات العسكرية ، والانتفاضات الشعبية ، وليس من منظار حل مشكلة وطنية ، أي انها اعتبرت أداة لتقوية الملكية والاقطاع المساند لها ، وبابا تتسلل منه موازين القوى الغربية الجديدة ، بدل ان تطرح في اطار استراتيجية تحررية جوهرها قطع التبعية للخارج ، وبالتالي الاستناد الى برنامج تطويري في الداخل ، يعتمد على أوسع قاعدة شعبية تحررية عريضة .
والحقيقة ان هذا الطرح ، أفقد المسألة الوطنية وجهها الوطني الأصيل الذي كان لها في فترة النهوض الشعبي التحرري ، وحولها الى " قناة صرف " للتناقض الداخلي بين الشعب المغلوب على امره ، والحكم المستند الى الاقطاع .
وبديهي ان التكتيك الذي رسم للمعركة كهذه ، العدو الأساسي فيها هو الشعب ، وليس الاستعمار والامبريالية ، كان يعمل على تطويلها وجرجرتها بدل حلها ، وعلى تشعيبها بدل حصرها وحسمها . كما كان ولا يزال يقوم على دمجها في اطار السياسة الامبريالية بدل انتزاعها من هذا الاطار ، ولهذا بدأت المشكلة دولية ، ولم تأخذ حتى الآن طابعها الوطني الغالب والصرف . فالنظام المهدد من الصحراء بالسقوط ، لا يزال تائها من دون بوصلة اوصلته الى حد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 .
اذا ما رجعنا الى التاريخ ، وجدنا ان خطط القوى الخارجية كانت منذ هزيمة قرطاجة على روما ، تقوم على أسس قلما تغيرت ، وانْ كان بعض التطوير، منها :
1 ) الاستيلاء على رؤوس الجسور على الشاطئ ، وتحويلها الى مراكز تحشد قادرة على قمع الداخل ، والى مراكز نهب وافتراس في الداخل كذلك .
2 ) ادخال وتوطيد سلطة الاقطاع في كل واجهة في المغرب .
3 ) افتعال الاقتتال والتناقض بين مكونات المغرب العربي الكبير ، لإضعاف الدول وبالتالي سهولة السيطرة عليها .
4 ) ربط شرائح من المغرب بالمصالح الخارجية ، إمّا عن طريق المركز الاجتماعي ، او عن طريق لغة القوة الخارجية ، او عن طريق اعتناق ديانتها . وهذان يتيحان الدخول في جهاز ادارتها ، والتمتع بقسم من الامتيازات المتاحة لها .
باختصار ، هذا الشروط والاسس المعتمدة على التجزئة السياسية والنظام الاقطاعي ، والارتباط بالخارج الذي يصاحبه اكبر قدر من التناقض بين الوحدات السياسية في الداخل ، لا يزال الاستعمار والامبريالية يعتمدها ، مع بعض التطوير الذي أصاب الدولة بشكل خاص .
في شروط كهذه ، تتحول أي مشكلة الى مادة متفجرة بين الكيانات السياسية ، خاصة عندما تغيب الحركة الشعبية الواحدة ، وتصبح عاملا من عوامل تقوية هذه الكيانات ، خاصة حين تحل في اطار اللعب الخارجي ، وتُفْصل عن مقوماتها الذاتية التي تجعلها عنصرا من عناصر تقوية الداخل ضد الخارج .
في هذا الاطار عملت الرجعية المغربية ولا تزال " لحل " مشكلة الصحراء ، أي لتعقيد مشاكل المنطقة ، ويزيد الامر سوءا انّ هذه السياسة الرجعية ، فرضت نفسها حتى الان على القوى السياسية التي كانت تملك تصورا مغايرا لها ، وتناضل وفق برنامج يختلف عنها . ومما يؤسف له ان القضية اختصرت ومسخت الى مستوى فظيع ، وانصب بأسره على المسألة التالية : الصحراء مغربية ويجب ان ندعم جهود النظام لاسترجاعها . بينما المسألة هي في الحقيقة : الصحراء مغربية وعربية ، ويجب ان نحول المعركة من اجل الحفاظ عليها ، الى معركة لإضعاف الاقطاع وسلطته ولإسقاطها .
انّ أحدا لا يشك بان الصحراء جزء من المغرب ، ولكن الشكوك تدور حول هذه القضية الهامة ، من رافعة بأيدي قوى التغيير ، الى أداة بيد الحكم والاقطاع ، والقوى الامبريالية المساندة لهما في ذبح الشعب المغربي ، وذبح القوى السياسية المرتبطة به .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال