الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة ممالك بني اسرائيل المرتقبة

محمد زهدي شاهين

2023 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يعتقد البعض بأن الازمة الداخلية التي تعصف في كيان الاحتلال الصهيوني بأنها مجرد ازمة طارئة أو حديثة العهد طفت على السطح بعد وصول اقصى اليمين المتطرف لاستلام مقاليد الحكومة الاسرائيلية. لكنها على العكس من ذلك تماماً، فهي نتاج ازمة تاريخية لهذا اللفيف غير المتجانس، الذي كان منقسما على ذاته منذ آلاف السنين مشكلاً كيانين متجاورين في زمان واحد، والآن فالأمر مرشح بأن يعود ويتكرر ذلك المشهد من جديد ولو كان ذلك بعد حين، بحيث سيتمثل في مطالبة المستوطنين بإقامة دولة أو حكم ذاتي لهم.
إن ازمة الكيان الصهيوني هي ازمة مركبة ومتداخلة اخذه بالتعمق في كونها تسير بشكل سريع في منحدر شديد الانحدار ولا يوجد ضامن لغاية الأن بإنهائها، وكذلك فهي ازمة ممتدة ايضا ستطرق ابواب كافة قطاعاتهم سواء كان القطاع السياسي او الاقتصادي التي بدت ملامحه الاقتصادية تتجسد في هروب رأس المال للخارج، وكذلك الحال في القطاع التعليمي التي امتدت اليه الازمة حتى دخلت ساحات واروقة الجامعات، وستطرق ابواب المجتمع الاسرائيلي في كافة فئاته وشرائحه ومكوناته وهذا يتم ملاحظته من خلال ازدياد وتيرة وحدة الاحتجاجات، كما انها طرقت ايضاً ابواب القطاع الامني وبشكل خاص جيش الاحتلال كحادثة اعتداء احد جنود جيش الاحتلال من لواء جفعاتي في مدينة الخليل على احد نشطاء اليسار.
من احدى الزوايا ينظر الى هذه الازمة بأنها ازمة دستورية تحد بشكل كبير من استقلالية القضاء في كيان الاحتلال بفعل طرح مشروع التعديل القضائي ، ومن زاوية اخرى ارى بأن لها ابعاد جيوسياسية بين تيار شديد التدين يعتقد بأحقيته في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ٦٧م، ويطالب ايضاً بإقامة دولة يهودية خالية من العرب (نقاء القبيلة)، وبين تيارات ليبرالية وعلمانية صهيونية اخذه بالانكماش رويدا رويداً بفعل توجه الشارع الاسرائيلي نحو اليمين واقصى اليمين.
اعتقد جازما عاجلا ام اجلا بأنه سينتج جراء هذه الازمة صدام داخلي في الكيان المحتل ، بدت ملامحة تتضح في المحاولات المتكررة في مهاجمة جنود الاحتلال من قبل المستوطنين في بلدة حوارة والشمال الفلسطيني كمحاولة دعس للجنود وشتم للضباط ورجم اخرين بالحجارة.
قد يظن البعض بأن هذا الأمر مستبعد، ولكن في حال قمنا بقراءة المشهد عن كثب نجد بأن هذه نتيجة حتمية لا مفر منها وهي ليست مجرد تكهنات واحتمالات قد تحدث او لا. فحادثة رسو سفينة آلتالينا على شواطئ فلسطين المحتلة في اواخر اربعينيات القرن المنصرم ليست ببعيدة عنا، وحادثة اغتيال رابين في منتصف التسعينيات على ايدي المتطرفين لهي خير اثبات وشاهد ودليل دامغ على ذلك، ولو دققنا النظر وامعنا التفكير في قضية مقتل مئير كهانا المرشد الروحي للمتطرفين على ايدي السيد نصير مصري الجنسية ، الذي قام إيتمار بن غفير في خطابه الاول كعضو للكنيست الاسرائيلي باتهام وسائل الاعلام الاسرائيلية بأنها نفذت اغتيال شخصية بحق مرشده الروحي، لراودنا حدس حين ذاك بأنها عملية اغتيال وتصفية جسدية يقف ورائها جهات امنية خفية بطريقة غير مباشرة وقد تكون على الأغلب صهيونية، فهذه احدى اساليبهم في عمليات الاغتيال التي لا يتركون فيها أي اثر، ومن المدهش في الأمر ايضاً بأن قاتل "مئير كهانا" قام بتقديم مقترح للسلام وهو داخل المعتقل تحت مسمى دولة ابراهيم الفيدرالية! فهل يا ترى يسير اتباع كهانا على ذات درب مرشدهم؟
ما يرشح انزلاق الاسرائيليين الى هذا المنزلق هو العامل النفسي الذي يشعر به اتباع اقصى اليمين في كونهم مضطهدين جراء نعتهم من قبل اليساريين الصهاينة بالمتطرفين وبأنهم يشكلون عبئا وخطراً على دولة اسرائيل، ما حدى بأحد الجنود الاسرائيليين في احدى الوقائع بأن يقوم بتهديد عدد من اليساريين قائلاً لهم بأن بن غفير (سيغير القواعد التي كانت سائدة)، فهم لا يستسيغوا وجود الموبقات والانحلال والفساد كالمثلية وبيوت الدعارة..... في دولة الرب الدينية التي يسعون جاهدين الى تحقيقها، وهم يعتقدون ايضاً بأن هذا هو الوقت المناسب الذي يمثل فرصة ذهبية لهم من اجل تحقيق رؤيتهم الدينية، وهذا بحد ذاته احد الخلافات بالغة الحساسية التي تمس طبيعة النظام وهويته، اهو نظام ديني أم نظام ديمقراطي علماني.
وفقاً لما تقدم من معطيات سيضطر قادة جيش الاحتلال الى التدخل لكبح جماح هذه الحكومة المتطرفة والمتدينين من خلفهم ، وهذا احد الاحتمالين، والاحتمال الأخر هو تفكك الحكومة وانهيارها واللجوء الى انتخابات جديدة، وهذا بحد ذاته سيعتبره اليمينيون اقصاء وطعنة في خاصرتهم ، وسيتم اعتبار ما يجري من تسلسل للأحداث بمثابة وقوف في وجه مشروع اقامة دولة الرب الدينية من قبل قوى الظلام. في حال حصل اي من الاحتمالين سيلجأ المستوطنون واقصى اليمين بشكل عام لاستخدام العنف بشكل مفرط ، وستكثر عمليات مهاجمة الجنود من قبل اليمين كما هو الحال في بعض دول الاقليم، وما يعزز هذا الأمر هو دولة المستوطنين الموجودة على ارض الواقع بالفعل، والفرق بين هذه اللحظة والحقبة السابقة هو في كون ما تم اغراقه من اسلحة في حادثة السفينة آلتالينا متوفر الآن وبكثرة في ايدي المتطرفين.
لقد كان اغراق السفينة آلتالينا نتيجة اختلاف الرؤى بين بن غوريون ومناحيم بيغن، لكن الأخير صرخ آنذاك قائلا (حرب أهليه،،،مستحيل) فأمر اتباعه بالاستسلام، لكن في ظل حكم الصبيان وفتية التلال فكل الاحتمالات واردة كإعادة انتشال آلتالينا مجازياً من عمق البحر. ومحاولاتهم المتكررة في تصدير ازمتهم علينا، ودعواتهم العنصرية والارهابية في محو قرانا وبلداتنا الفلسطينية عن الخريطة ستبوء كلها بالفشل كون نذر اقتتالهم الداخلي قد لاحت وبانت بالأفق، وسيحمى غضب الرب عليهم ولعنته قد حلت بهم بالفعل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة