الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بحاجة الى جيشه من المثقفين

اميرة بيت شموئيل

2006 / 10 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حارب نظام صدام الدموي الطبقة المثقفة من العراقيين مثل العلماء واساتذة الجامعات والمدارس والكتاب والصحفيين بشراسة مستخدما مختلف الطرق من ارهاب وقتل واذلال وتهجير لغرض ابعادهم عن الساحة العراقية ليتربع بدكتاتوريته الدموية وسياسته الجاهلة على كاهل الشعب دون رادع. عداء صدام للمثقفين حقيقة اشار اليها الكثير من علماء النفس في تحليلهم لشخصيته العدائية المتخلفة عندما اقدم على قتل استاذه وترك الدراسة وهو في الابتدائية. وما محاولته الدائمة لشراء ذمم الكتاب والشعراء للاطراء على شخصيته الجاهلة وسياساته الدكتاتورية وحتى شراء البعض منهم لكتابة قصص تصدر باسمه، ما كانت الا جزء من رغبته في اذلال الطبقة المثقفة التي لم يستطع الانتماء اليها في حياته.

بعد سقوط نظام صدام الدموي انفجرت الطاقة الثقافية العراقية في الداخل والخارج لتأخذ مكانها اللائق في عملية البناء والترميم بشكل يدعو الى وقفة احترام واجلال. هذه الطاقة التي انفجرت بعد سقوط الدكتاتورية مباشرة اثبتت بسرعة تواجدها في الوقت المناسب وفي الوقت المناسب لتشارك في البناء من خلال الاف الاصدارات من جرائد ومجلات وكتب في مختلف مجالات الحياة، العلمية، الاجتماعية، السياسية، المالية، الفنية وغير ذلك، فماذا حدث بعد ذلك؟؟؟
للاسف ، لقد اخطأت قوات التحالف والجهات العراقية السياسية المشاركة معها في حساباتها عندما اغفلت الاهتمام بالجيش الثاني للعراق الا وهو المثقفين، بالرغم من مناشدة قوات التحالف بضرورة تحويل السياسة العراقية الى الديمقراطية والحوار المثقف بدل التقاتل والتناحر والحوار الدموي الذي انتهجه صدام وحزبة مع العراق والعالم، وكانت النتيجة احباط وحتى توقف العديد من الكوادر العراقية المثقفة في مسيرة البناء!!.

لننظر جميعا الى الساحة الثقافية العراقية بعد سقوط صدام واليوم ونرى كم من المثقفين من العلماء والاساتذة والكتاب والصحفيين والشعراء توقفت عطاءاتهم في عملية البناء نتيجة الاهمال المستمر من قبل قوات التحالف والحكام الجدد في العراق، كم عالم تم اغتياله وكم عالم هرب نتيجة عدم توفر الحماية له وكأن السياسيين اكبر قيمة من العلماء ليتم توفير الحماية لهم ويترك العلماء بلا حماية، وهكذا بالنسبة للاساتذة والكتاب والصحفيين والشعراء. كم من مرة جرى اعتداء على الحرم الجامعي ومدارس العلم وتم الاعتداء على الاساتذة والطلبة دون ان يتبادر احد الى وضع الحماية الكافية لهم ، وهل ان الحرم الجامعي ومدارس العلم ، بل هل ان وزارة الثقافة باقل من وزارة النفط ليتم وضع حماية للاولى ويتغاضى النظر عن الثانية؟؟. لنعود الى العديد من الصحف والاصدارات الثقافية المختلفة ونسأل، كم منها حظيت بالدعم ، المادي على الاقل ، من قبل التحالف والحكام الجدد لتتمكن من الاستمرار في البناء الثقافي؟؟.. كم من الكتاب والمثقفين العراقيين الوطنيين حظوا بالدعم والحماية لتستمر عطاءاتهم في البناء الذي يريده قوات التحالف والعالم من العراق.

في عهد صدام البائد ، شكل ، عدد لا يستهان به من شكاوي المثقفين العراقيين ( العلماء، الاساتذة، الكتاب، الصحفيين وغيرهم ) من المهاجرين والمهجرين في الامم المتحدة والصليب الاحمر الدولي ، والتي سطروا فيها معاناتهم في ظل النظام الدكتاتوري الصدامي ومناشداتهم للامم المتحدة وللدول العديدة في العالم التي استقروا بها، شكل احدى اقوى الاسباب للتشهير بدكتاتورية صدام وحمل العالم على الوقوف مع عملية الاطاحة به، ولكن رغم كل ذلك لم تتحرك القوى الكبرى لمساندة هؤلاء المثقفين ودعمهم بشكل جدي ولحد الان، حتى اصبح من السهولة لقوى الظلام والارهاب ان تسكت العديد الكتاب والمثقفين ، لعلمها اليقين ان اعدائها قد غفلوا عن الاهتمام بالمثقفين العراقيين. فهل من اهتمام جدي بجيش العراق من المثقفين.


ان عدم الاهتمام الجدي بالساحة الثقافية و جيشها من المثقفين العراقيين في الداخل والخارج كما كان الاهتمام بالساحة السياسية، قد اسقط العراق في براثين الحروب الحزبية والطائفية والدينية وغيرها وجعله ضعيفا في مواجهة قوى الارهاب ، الذي يدعم قوته الاعلامية واعلامه في حربه ضد مخالفيه.


من يرى كل هذا الدمار الذي لحق بالعراق منذ سقوط صدام، يشك فعلا بقدرة القوى التي شاركت في سقوط صدام الدموي وبثت الامل في خلق البناء الصحيح في هذه البقعة المهمة في الشرق الاوسط.

فعملية البناء والتجديد والترميم الفكري يجب ان تبدأ اولا وتستمر جنبا الى جنب مع البناء والتجديد والترميم الهندسي، والشعب العراقي اليوم بأمس الحاجة الى جيشه من المثقفين ليعيد بناء وتجديد ثقافاته الحضارية والفكرية التي ستعيد اليه الثقة بنفسه كشعب حر معافى من قيود الظلم والحرمان التي عانى ويعاني منها لحد اليوم.

لا يتفاقم الخطأ عندما نقوم بتقييم تجربتنا بين فترة واخرى ونعترف باخطاءنا ونسعى الى تعديلها ، بل ان الخطأ يتفاقم عندما لا نهتم بتقييم تجاربنا ولا نعترف باخطاءنا وفي هذه الحالة قد نكتب الموت الحقيقي لعملية البناء هذه ، وهنا لا يسعنا الا ان نشيد بأن قوات التحالف وبعض السياسيين العراقيين قد اعترفوا احيانا ببعض الاخطاء التي اقترفوها هنا وهناك في العراق ووعدوا باصلاحها وهذه عدالة نعتبرها بادرة امل تدعونا الى الكتابة والتحليل والنقد لنلفت بها نظرهم ( قوات التحالف والقيادة العراقية الجديدة ) الى الاجحاف والغبن الذي اصاب الساحة الثقافية ( القوة الرابعة) العراقية في الداخل والخارج نتيجة اهمالهم لجيش العراق من المثقفين الوطنيين الذين
سعوا بجدارة لا تقل عن جدارتهم هم كسياسيين وعسكريين في بناء العراق ليعود قويا يضاهي بتحضره الثقافي دول العالم المتقدمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي