الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تجاوز تردي الوضع بالمغرب . مشكلة الصحراء مشكلة انعدام الديمقراطية في الدولة المخزنية ( الحلقة الخامسة ) ( 5 ) . ( تابع )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ان إشكالية الصحراء ، هي إشكالية الديمقراطية المفقودة ، واشكالية النظام السياسي الدكتاتوري الوحيد الذي تسبب في ما آلت اليه الصحراء من أوضاع ، جعلت المجتمع الدولي من خلال مؤسساته ، يتشبث بالمشروعية الدولية التي وحدها تمثل الحل الديمقراطي الذي يرضي اطراف النزاع . والحل الديمقراطي والمشروعية الدولية ، تعني فقط الاستفتاء وتقرير المصير الذي نتيجته وحدها تحدد جنسية الأراضي المتنازع عليها .
5 ) ما العمل في وضع كالذي نحن فيه عربيا ومحليا ودوليا . ؟
بادئ ذي بدء لا بد من الإقرار بان الوضع الخاص بنا ، ما كان ليصل الى حيث هو او حيث انتهى ، لو عرفنا كيف نربط سياساتنا ، وتنظيمنا ،ووضعنا الداخلي العام ، في صلاته مع الأوضاع العربية ، والأوضاع الدولية .
ان التطور الذي شهده العالم العربي ، ومثل الارتداد المحلي لكل نظام عربي ، كان سيفعل فعله فينا ، ولكن ليس محتما ان يكون هذا الفعل بالاتجاه الذي حدث ، وبالشدة التي حصلت . ان أساس العيب كامن في النّحن ، في وضعنا الذاتي ، وتفاعله مع محيطه الموضوعي المحلي والعربي ، ومن ثم الدولي . واذا كانت المراجعة مطلوبة الآن ، فإنما هي مطلوبة في اتجاهين :
1 ) وعي نواقصنا الذاتية أولا ، والاستعداد لإجراء مراجعة شاملة وموضوعية ، نتجرد فيها عن الحسابات والقضايا الصغيرة ، ونبدي اكبر قدر ممكن من الاستعداد ، لنقد انفسنا وما انجزناه ، والاّ تحولنا الى بطّائين يؤمنون بجبرية لا تُرد ب " الموضوعي " متناسين اننا جزء منه .
2 ) وعي التجربة الموضوعية التي عشناها ، وكانت المبادرة فيها خارج أيدينا . والاستعداد الحقيقي بان نعيد التجربة ، ولكن ليس على طريقة التكرار ، بل على طريقة إعادة التأسيس . فالتاريخ ليس سوى عمليات إعادة التأسيس متصلة ، تأخذ من الماضي احسن ما فيه ، لترسي حاضرا قادرا على الامتداد نحو المستقبل ، دون ان يقف عند حدود نقل التجربة ، وانما يتجاوزها ، الى دمج التجربة المنقدة ( النقد ) في سياق نظري وعملي ، يستطيع الإمساك مجددا بالمبادرة ، وتطويرها على كل الأصعدة ، نحو اجراء التغيير المنشود ، في ذاتنا وفي الظروف الموضوعية ذاتها .
في الظرف المشخص الذي نعيشه ونعيش فيه ، نرى ان يتبلور هذا النشاط حول القضايا التالية :
1 ) الاتجاه الحاسم والجذري نحو الجماهير الشعبية ، بقصد إعادة احياء المجتمع ، كمجتمع سياسي ، وبلورة سياسة خاصة به ، مستقلة عن الاقطاع ومناهضة له ، حيث يجب ان تكون كذلك .
ان الصورة التي عرضناها لآليات عمل الدولة ، لا تترك مجالا للشك ، في ان هذه قد تحولت اكثر فاكثر ، الى مركز أساسي للحياة الاقتصادية ، وللحياة السياسية . فهي وحدها تتصرف في الثروات ، والمالكة لوسائل الإنتاج ، وهي المشرفة على التراكم ، وعلى توزيع الدخل الوطني . هذا الوضع سيكون مقبولا في حالتين :
ا – لو كانت الدولة المخزنية البوليسية ممثلة لمصالح الشعب والمجتمع .
ب – لو كانت ثمة حركة سياسية اجتماعية ناشطة ، قادرة على موازنة دور الدولة الاقتصادي والطبقي هذا .
ان السياسة التي تقوم على الاستيلاء على الدولة ، عن طريق الرضوخ لسياستها ، والدخول في لعبة مصالحها ، والتي تحني رأسها اكثر فاكثر امام العواصف التي تهب من فوق ، فهي قمينة بتحويل الأحزاب " السياسية " ، الى تجمعات مصالح كما يبدو وضعها اليوم ، لا شأن لها في حياة الشعب ، وبتدمير الدور الشعبي المنشود ، الذي تسعى الدولة بالأساس الى تدميره .
وتترتب على سياسة كهذه ، وضعية لا تنقد ما يمكن إنقاده ، ريثما تمر الظروف الصعبة ، بل سياسة تُضيّع ما يجب الحفاظ عليه وتطويره . الى ذلك ، فان سياسة كهذه ، تعزز دور الدولة المحولة ، الى مركز للحياة السياسية بدل ان تضعفه ، فتسد أفق الاحتمالات امام الشعب ، وتضعه في مركز حرج ، جوهره التسابق نحو خطب ود الدولة البوليسية ، ورجالاتها ، او التخلي تماما عن أي نشاط سياسي او عام .
ان تأسيس الحركة السياسية الشعبية ، ضرورة لا بد منها ، لان وجود ، مجرد وجود ، القوى السياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة ، صار مربوطا به . وحتى لا نخدع انفسنا ، فان أي حزب يفقر الى قاعدة شعبية حقيقية ، واعية ومقاتلة ، لن يستطيع الوقوف بوجه الدولة البوليسية " الدولة الحديثة " الراهنة ، فكيف سيستطيع بالأحرى قيادة المجتمع والانتقال الى الهجوم المضاد ؟ ..
ان هذه المسألة ، مسألة مجابهة الدولة السائدة ، والطبقات المساندة لها بأوسع الجماهير الشعبية ، لا يجوز ان تفلت من وعينا لحظة واحدة ، اذا كنا نريد ممارسة السياسة الثورية بمعناها الحقيقي ، أي بوصفها تعبيرا عن مصالح مجتمع معين ، وعن جماهيره المنتجة والمضطهدة ، حيال اية قوة تحول دون وصوله الى مصالحه . والحقيقة ان ما حل بالأحزاب السياسية عموما ، لم يكن سببه تناقص حجمها او تزايده ، ولا علاقتها بالدولة أساسا ، بل ان مكمن سببه دوما ، في علاقاتها مع الجماهير الشعبية التي أدى انقطاعها عنها ، الى تقليصها حينا ، والى وقوعها في اغراء مسايرة سياسة الدولة في اغلب الأحيان . وهذا طبعا ما ابعدها عن الشعب وعن الجماهير ، ودفعها بالتالي الى حلقة مفرغة دفعتها الى الدوران اكثر فاكثر ، في فلك القوة السائدة ، الا وهي الدولة البوليسية ، الرعوية ، البطريركية ، المخزنولوجية ، البتريمونيالية ، الثيوقراطية ، الكمبرادورية ، الاقطاعية ، المفترسة والناهبة للمال العام الذي تم تهريبه الى خارج البلد .. ، والتي وصفنا بعض ملامحها الراهنة ..
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال