الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون.. بين فاجعة الزَّلزال ونهب المساعدات الإنسانية

عبد الكريم البليخ

2023 / 3 / 9
الصحافة والاعلام


بالفم الملآن نقولها أنَّ المساعدات الإنسانية التي أرسلت إلى سوريا لم تصل إلى أيدي المتضررين من الزَّلزال! وهذا بالفعل بالتالي ليس غريباً على نظام قاهر للإنسانية حول البلاد إلى مزرعة خاصة به وبشبيحته التي لا تعرف الرحمة، وتعرف ما تحيك حيال البلاد وأبنائه، وهذه بالتأكيد ليس بجديد على سوريا والسوريين بصورة عامة الذين ابتلوا بهذه الطغمة الحاكمة هدفها إذلال الناس وتقزيمهم والاساءة لهم، ولم توفر أي شيء في سبيل السيطرة على أبناء سوريا. فالمساعدات الإنسانية التي سبق أن وصلت إلى البلاد من عدّة أقطار عربية للمتضررين من الزلزال الذي ضرب الشمال السوري، وسبق للنظام المثقل بالمآسي من سرقة أكثر من 95 بالمائة من المساعدات الأممية تعرّضت للنهب من قبل رجال حامية الأسد المستفيدين الفعلين من تلك المساعدات. وقد ورد على لسان أحد المسؤولين السوريين أنَّ سرقة المساعدات يتحمّل نتيجتها المواطن السوري الذي أقدم على بيعها في السوق المحلية، وينفي في الوقت ذاته أي تدخل للنظام في سرقتها.
إنّ المساعدات الأممية دخلت سوريا بعد أخذ منظمة الأمم المتحدة موافقة حاكم سوريا المسبقة لجهة دخولها من معبري باب السلام والراعي، وقد وجد حاكم دمشق أن محنة الزلزال هي فرصة ذهبية إلى النزول إلى شوارع مدينة حلب ولقاء الأخوة المتضررين من الزلزال الذي عصف بعدد من المدن السورية، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بأكثر من عشر مدن تركية، وكنا شاهدنا بالعين المجردة زيارة بشار الأسد بابتسامته المعهودة ساخراً من الشعب المصاب، وهذا ما يعني عدم احترامه للموتى ولا للمصابين المفجوعين بالحدث الجلل الذين نال منهم الزلزال فأصبحوا حصيداً بعد عين!.
الأسد في الواقع لم يكن يهمّه ما جرى للسوريين نتيجة الزلزال الذي عصف بالآلاف من شعبه، ودمر منازلهم، وباتوا مشردين بلا مأوى، وتراه وللأسف، مبتسماً فرحاً بما جرى لهؤلاء الناس الذين لا حول لهم ولا قوة. فالرجل، وكما هو واضح، اعتاد على رائحة الموت والدمار. فالزلزال خلّف آلاف القتلى والمصابين والمشرّدين في الساحات العامّة وفي الحدائق، وباتوا ينامون في الأبنية المهدّمة والمعرّضة للدمار!.
فالأسد لم يبال بأبناء شعبه، ولم يكن يهمّه المأساة والأضرار التي لحقت بهم، لأنه تعوّد صراحة على رؤيتهم في صور إذلال وقمع.. وهذه الصورة كانت تشكل جزءاً من حياتهم التي اعتادوا عليها، ناهيك عن زجّهم في السجون والمعتقلات. فالزلزال الذي عصف بالسوريين بالتأكيد هو أهم مما سبق أن عايشه السوريون من الموت قهراً، أو من خلال إنزال البراميل المتفجرة التي واجهتها صدورهم العارية مع بداية انطلاق الثورة.
إنَّ خروج الطاغية بشار الأسد إلى الشعب السوري بهذه الصورة التي كان عليها موزعاً ابتساماته الصفراء إلى المنكوبين بهذا المصاب الجلل يدرك تماماً مدى الحقد الدفين الذي يكنّه لهم، وهذا بعرفه جزاء كل من يُعارضه، الذي وكما ذكرنا، أنه خرج إلى أبناء شعبه الذي تضرر بشكل كبير جراء الزلزال الذي أطاح بعدد ليس قليل منهم. هذه الكارثة التي لم يفلت منها إلّا أعداداً قليلة من المقيمين في الشمال السوري، وكان ظهوره اللعنة وهو يوزّع ابتساماته على أهالي الضحايا الذين قضوا بالزلزال، بالتأكيد هذا التشفّي من أهالي الضحايا ليس بجديد على هذا الرئيس غير المبالي بأبناء شعبه، وهو الذي ساهم بتشريدهم من منازلهم.. ولا ننسى أن أكثر من نصف ضحايا الزلزال في شمال سوريا وتركيا من السوريين الهاربين من المدن والقرى السورية، ومن جحيم الأسد. إنّ هول الزلزال الذي تابعناه وقتل آلاف الناس الأبرياء، كان مهولاً، صادماً مذلاً وقاهراً للإحساس والوجدان وللضمير!. إنّه جرس الإنذار الصاعق الذي قلب الموازين وتعالت في ظله الصرخات بلا جدوى. صرخات لم ينفع معها الندم ولا الاستغفار.
اهتزازات الزَّلزال دفعت كل واحد بالبحث عن مخرج للهروب. أي مخرج، ولكن أين المفرّ؟ كلٌ يطلبُ النجاة. ولكن؟
كان الرعبُ يدكّ المكان.. يُزلزل العقل ويلجمُ اللسان، وهو فوق كل تصور.
الخوف.. الرعب والإمعان في حياة لم تَعد تساوي شيئاً، وبأقل من نصف دقيقة من تلك الاهتزازات التي ترافقت مع احتباس للأنفاس توالدت أشياء، وفقدنا أناساً أعزّاء كانوا يعيشون بيننا، تجاوز أعداد من فقدنا الآلاف.
نعم تجاوزوا الآلاف.. وهاهم اليوم تحت الثرى، ومنهم ما زال وإلى اليوم تحت الأنقاض بانتظار يد حانية تتطلع إليهم، تنقذهم وتخفّف عنهم مأساتهم.. فضلاً عن أعداد المصابين الضخم الذين تضرروا، ناهيك ما تركه من أيتام. أعداد الوفيات كثيرة، وصلت إلى أرقام مرعبة لم يعد العقل يستوعب ما حدث، ولم يعد بالإمكان إحصاؤهم.
في تركيا وسوريا كان المصاب جلل. الزلزال كان مخيفاً، وكل من عاش لحظاته بالتأكيد ليس كمن سمع وقرأ. لحظات تثير الرعب الهلع، ولا مفر من حالة وقف لها الجميع بترقب وخشوع.
انتهت حياة إخوة وأصدقاء أعزّاء في لحظات، ومن يدري في ثوان قادمة ما هو مصير من بقي على قيد الحياة؟
مصيرنا نحن، عباد الله ما زال مجهولاً، إنّ الله، كما يقول في كتابه العزيز، في سورة لقمان: " إن الله عنده علم الساعةِ، وينزل الغيث، ويعلمُ ما في الأرحامِ، وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً، وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت، إنّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ".
كل ذلك مرتبط بالخالق سبحانه. إنه مصيرنا الذي غفلنا عنه، نحن شريحة البشر الذين لا زلنا نرمي بأوجاعنا وهمومنا وعللنا بالآخرين بدون مبرر.
إنّ سرقة المساعدات الإنسانية التي بادرت بتقديمها عدد من البلاد العربية شيء مخجل، وفعل غير إنساني، وهذا التصرف لا ينسينا ما فعله حافظ الأسد بسوريا الذي سلم البلد لابنه. فشبيحة الأسد قاموا بإعدام عشرات المدنيين بذريعة تطهير البلد من العصابات الارهابية التي تحاول النيل من سوريا، ولا ننسى في المقابل ما فعله المرتزقه أعضاء البرلمان السوري وهم يهتفون وبكل صفاقة تحت قبة البرلمان بشعارات مؤيدة للنظام. والصورة المؤلمة التي شاهدناها ونقلتها شاشات التلفزيون تبعث في النفس الاشمئزاز.
والسؤال هو هل يعجز النظام في تقديم المساعدات لأبنائه من أدوية وأغذية وسجادات وبطانيات لقاء حماية المواطن السوري، ووقوف شبيحة النظام في وقف إيصال المساعدات إلى المتضررين من الزلزال، في وقت تتهم تلك البلدان التي قدمت تلك المساعدات بالعمالة للمشروع الأمريكي.
النظام في سوريا لا يهمه الوقوف على معاناة الأبرياء من البشر، والأهم هو تلبية مصالحه والعمل على تأكيد الولاء له، والتصفيق وبحرارة لكل خطوة تنال من هذا الشعب الفقير الذي ما زال يعاني الكثير في ظل حكومة فاسدة لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية، بل ويعمل على قتلها وإذلالها، وسفك دماء الأبرياء الذي كل ما يهمهم العيش بأمان. إنه قدرهم المحتوم الذي لا مفر منه.

صحافي سوري مقيم في النمسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب