الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأخيرا بصق بوش عليهم !

سهر العامري

2006 / 10 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو لي أن الرئيس الأمريكي جورج بوش قد وقف طويلا عند عبارة حاكم العراق ، غب سقوط نظام الطاغية صدام ، بول بريمر ، تلك العبارة التي دونها في كتابه : سنتي في العراق . والتي وصف فيها قادته تحت ظلال المدفع الأمريكي بعدم الوطنية ، وهذا يعني أن بوش صار على قناعة من أن الذين استظلوا بظل الأمريكان من القادة في العراق اليوم ، ما هم إلا أناس تمسك كل واحد منهم بولائه العنصري ، والطائفي ، والحزبي ، وترك الوطنية العراقية جانبا ، والى الحد الذي صار فيه الواحد من هؤلاء يستنكف من أن يقول : أنا عراقي ، فالقادة في كردستان صاروا يسمون أنفسهم على رؤوس الأشهاد من أنهم شعب كردستان ، وليس الشعب العراقي ، هذا في وقت نجد فيه رئيس الجمهورية ، جلال الطالباني ، ورئيس الإتحاد الوطني الكردستاني كذلك الذي هو أحد الحزبين اللذين يتوزعان السلطة في كردستان العراق الآن ، يسمي نفسه ، أو يسميه الآخرون : برئيس جمهورية العراق ، مستظلا بعلمها المرفوض من لدن رئيس الحزب الديمقراطي ، مسعود البرزاني ، وهو الحزب الآخر الحاكم هناك ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على سياسة التخبط التي يسير عليها القادة في عراق اليوم. أما جنود إيران في العراق فقد رفضوا تسمية الناس في وسط وجنوب العراق بالعراقيين ، فهم بعد أن نفوا عن هؤلاء الناس هويتهم العراقية العربية ، راحوا يسمونهم : بشيعة آل البيت ، وكأنما شيعة آل البيت قد حصروا بالعراق فقط ، ولم تتوزعهم أقطار عربية وإسلامية أخرى ، أو أن هناك شعبا جديدا قد نزل في تلك المناطق من العراق لا يمت للعراقيين بصلة .
مثل أولئك وهؤلاء تمسك قادة السنة بأهداب طائفتهم كذلك ، ولكنهم ، وبغض النظر عن الدوافع ، كانوا الفم الوحيد تقريبا الذي امتلأ بلفظ العراق والعراقيين ، وذلك حين يتحدث الواحد منهم .
يبدو لي أن هذه الحالة هي التي دفعت ببول بريمر الى قوله في أنه لم يجد عراقيا وطنيا واحدا من الذين تعامل معهم على مدى عام من الزمان ، وعلى طول العراق وعرضه ، حتى عزيز محمد ، سكرتير الحزب الشيوعي السابق ، والذي جيء به إليه من أجل أن يكون واحدا من بين أعضاء مجلس الحكم ، وجده ينتسب الى الحقبة البريجنيفية ( نسبة الى بريجنيف ) رئيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الذي أتى عليه غرباشوف فيما بعد.
ورب سائل يسأل من أين تأتى لي أن عرف أن الرئيس الأمريكي ، جورج بوش ، قد وقف طويلا عند وصف حاكمه على العراق ، بول بريمر ، للقادة في العراق من أنهم لا يتصفون بالوطنية ؟
والجواب هو أنني قد قرأت بعد يوم على مؤامرة التصويت بنعم على شرذمة العراق كوطن في برلمان يقوده رجل معتوه ، يسميه الشارع العراق بمحمود شماعية ، من أن الرئيس جورج بوش يرفض ذلك التصويت الذي يريد أن يطيح بالعراق شعبا ووطنا ، وتحت ذرائع واهية لا تصمد أمام الحقائق أبدا ، والغريب أن بوش لم يرفض الفيدرالية الإيرانية المزمع قيامها في الوسط والجنوب من العراق ، وبزعامة المفوض السامي الإيراني ، عبد العزيز الحكيم ! وإنما يرفض هو كذلك الفيدرالية لكردستان العراق ، أو المنطقة الآمنة ، مثلما يسميها الإعلام الأمريكي ، ولكم أن تقرؤوا معي نص ما قاله جورج بوش ، الحاكم الفعلي للعراق في هذه الساعات السود التي يمر بها وطننا ، العراق ، المنكوب بأهله وأرضه : ( رفض الرئيس الاميركي جورج بوش تقسيم العراق الى ثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي لان ذلك سيتسبب كما قال "بفوضى" اكبر من التي يشهدها العراق حاليا. وقال بوش في مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية "فوكس نيوز" ستبث في وقت لاحق ان " تقسيم العراق الى ثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي امر سيخلق ليس فقط وضعا من شأنه ان يجعل السنة والدول السنية والمتطرفين السنة يتناحرون مع الأصوليين بل ان الاكراد سيخلقون مشاكل مع تركيا وسوريا ". أضاف " وسوف تجدون أنفسكم في فوضى اكبر من التي نشهدها في الوقت الراهن والتي سنتوصل الى حلها حسب ما اعتقد". )
وعلى هذا الأساس تكون أصوات أولئك الذين ارتفعت تحت قبة برلمان محمود شماعية منادية بالفدرالية لم تعد تساوي شيئا بعد الآن ، وإن السفير الأمريكي ، خليل زاده سيقوم بالشطب عليها دون أن نسمع صوتا لمعترض ، وبهذا ستكون آمال أولئك الذين تآمروا على العراق والشعب العراقي حين صوتوا على الفيدرالية بنعم ، وبالشكل الذي رسموه هم ، ستكون أضغاث أحلام ، وإن قيام مثل تلك الفيدرالية في العراق صار أملا بعيدا ، إن لم يكن مستحيلا ، هذا حتى لو صدرت أكثر من فتوى يُراد منها ذبح العراق على القبلة الإيرانية ، وحتى لو تباكى أولئك على الدستور الذي استغفلوا العراقيين به ، فالدستور ليس نجيلا منزلا ، وكل الدساتير في الدنيا تتغير وتتبدل ، وإنني هنا ، كواحد من أبناء هذا الشعب الذي غلب على أمره ، لا أرى بوش حريصا على العراق والعراقيين في رفضه للفيدرالية تلك ، وإنما هناك أسباب أخرى دفعته الى ذلك ، ذكر هو بعضا منها ، وترك البعض الآخر ، ومنها الآتي :
الأول : الفوضى التي ستعم المنطقة من جراء قيام فيدرالية في العراق تلونت بلونين هما اللون القومي ، واللون الطائفي ، وفيدرالية بهذه الألوان لم يشهدها بلد في العالم من قبل . ومعنى الفوضى الذي يقصده بوش هنا هو أن الأكراد في كل من سورية وتركيا وإيران سيتحركون مطالبين بفيدراليات هناك ، وهذا سيضع الأمريكان في خضم بحور أخرى من الفوضى ، لم يخرجوا هم من واحد مثلها في العراق للآن . والملفت للنظر في تصريح بوش ذاك هو أنه قد رد أسباب الفوضى في العراق ، ليس للسياسة الأمريكية الخاطئة التي مورست على مدى أكثر ثلاث سنوات فيه ، وإنما للشرخ العظيم الذي أصاب المجتمع العراقي ، وأحاله الى أوصال مقطعة ، غير معلن عنها بشكل رسمي للساعة .
الثاني : وهو الأهم ، ويتجسد في أن مواطن الفوضى هذه ستكون على مرمى عصا من منابع النفط في المملكة العربية السعودية ، ودول الخليج العربي الأخرى التي ستصلها نيران تلك الفوضى حتما ، وهذا ما سيؤدي بدوره الى توقف تدفق ذلك النفط الذي يشكل شريان الحياة للآلة الصناعية في الدول الرأسمالية ، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن أي توقف لتدفق هذا الشريان ، وحتى لو كان لأشهر معدودة ، سيصيب تلك الآلة بأضرار جسيمة ، لا يمكن للناس في الشرق أن تتصور الكارثة التي ستحل بالمجتمعات الغربية من جرائه .
الثالث : ميلان الأذن الأمريكية أخيرا لسماع ما يقوله العرب بشأن العراق ، خاصة بعد أن كانت الإدارة الأمريكية قد سدت تلك الأذن ، وامتنعت عن سماع وجهات نظر بعد الدول العربية من مثل مصر ، والمملكة العربية السعودية ، حين قررت أمريكا غزو العراق قبل ما يزيد على أكثر من ثلاثة سنوات من الآن ، وقد ظهر هذا الميلان في الاجتماع الذي انعقد في القاهرة قبل أيام ، وضم ، بالإضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية ، الدولة الخليجية العربية ومصر والأردن ، ذلك الاجتماع الذي أعلنت فيه أمريكا ، وبلسان وزيرة خارجيتها ، كوندليزا رايس ، أن الأمريكان على استعداد الآن لسماع وجهات نظر الحكام العرب في كل ما يهم منطقة الشرق الأوسط ، وخاصة الوضع في العراق ، ذلك البلد الذي تُجمع كل الدول العربية على وحدته أرضا وشعبا ، وترفض أي تقسيم له ، وتحت أية ذريعة من الذرائع ، وهذا هو الموقف نفسه الذي عبر عنه عبد الله بن عبد العزيز ، ملك المملكة العربية السعودية ، أمام وزرائه ، وقبيل ساعات من تصريح بوش ذاك ، ومن ارتفاع الأيادي في برلمان محمود شماعية ، معلنة عن البدء بتمزيق العراق .
واللاغريب في الأمر هنا هو أن القادة في العراق ، ورغم تبادلهم لأنخاب النصر ، ووقوف عبد العزيز الحكيم مصفقا بعمامته لهذا الانجاز المدمر ، لم يستطع أحد منهم أن ينبس ببنت شفة واحدة يعارض فيها تصريح بوش ، ولا يرفضه ، على أقل تقدير ، فالكل قد بلعوا ألسنتهم ، مراهقون وغير مراهقون ! لقد صمتوا جميعا ! وموقف هؤلاء من تصريح بوش ذاك يشبه الى حد بعيد موقف أحد المسؤولين الكورد الذي صرح من أن النفط في كردستان ، هو للشعب الكردستاني . ولكن بعيد هبوط وزير الخارجية الأمريكية في مطار اربيل ، وبعيد أن أسمعت الجميع هناك قولها : إننا ننظر للنفط على أنه عامل توحيد ، وليس عامل تفريق . عاد هذا المسؤول الكوردي في اليوم الثاني من زيارة كوندي ( اسم الدلع لكوندليزا رايس ) مباشرة ، ليقول : إن النفط في كردستان هو لعموم الشعب العراقي !
اللهم افضح حتى يتبين الخبيث من الطيب ! كلمة قالها الأمام علي عليه السلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع