الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوقت يقيس جودة حياتنا

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 3 / 9
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


لم تلتبس علاقتنا التاريخية مع الإحساس بالوقت مثلما حصل أثناء أشهر الإغلاق التي عاشها البشر في زمن كورونا، مع ذلك لم يساعدنا علماء الفيزياء والنفس والاجتماع في الإجابة على الأسئلة التاريخية بشأن الوقت.
منذ عقود توقعَ بشكل خاطئ عالم الاقتصاد الإنجليزي جون ماينارد كينز بالانتقال إلى أسبوع عمل مدته 15 ساعة. لكنه كان يعلم أن الأمر لن يكون بهذه السهولة. عندما كتب عام 1930 “لا يوجد بلد ولا شعب، يمكنه التطلع إلى عصر الترفيه والوفرة دون خوف، لأننا تدربنا لفترة طويلة على الكفاح وعدم الاستمتاع”.
ذلك يعزى إلى علاقتنا مع الوقت، لأن الساعة التي اختيرت من قبل الحاذقين معرفيا أن تُربط إلى معاصمنا، ستكون الأقرب إلى عيوننا وبالتالي إلى أذهاننا، وعندما نخلعها أثناء النوم نشغّل منبهها جوار السرير. وحتى عندما حاول الانسان الرقمي التخلي عن ساعة المعصم وجدها حاضرة على شاشة هاتفه، فلم تبتعد المسافة كثيرا بينها وبين عيونه.
تسيطر الساعة على اجتماعاتنا وخططنا، وغالبا ما يتم ضبطها حتى اللحظة، حتى أننا نقيس جودة حياتنا بالرجوع إلى الوقت، ونأسف لأن الوقت يمر عندما نمرح ويطول عندما نشعر بالملل أو الركود. نادرا ما نتوقف عن التفكير في الوقت، وليس بطريقة أحد الشعراء المغرورين بحماقة قلّ نظيرها عندما كتب ذات مرة “أنا لا ألبس ساعة ولا أحسب الزمن ولا أؤمن بالمستقبل!”.
مقابل ذلك ثمة تشويق منحنا إياه دين بونومانو أستاذ علمي الأعصاب والنفس بكتابه المثير “دماغك هو آلة الزمن: علم الأعصاب وفيزياء الزمن” ليس فقط بإطلاق الأسئلة التاريخية عن علاقتنا بالوقت، بل بالأجوبة التي يقترحها علينا وهو يُدرّس العلاقة بين الوقت والدماغ البشري في جامعة كاليفورنيا.
فلأن الإنسان أفضل آلة زمن تم بناؤها على الإطلاق، نتساءل: لماذا نشعر بالوقت بشكل مختلف جدا في مراحل مختلفة من حياتنا؟ ما الذي نفتقده إذا عشنا ملتزمين بشدة بمتطلبات ساعاتنا ومواعيدنا؟ لماذا نشعر خلال فترات غريبة مثل أشهر الإغلاق أثناء انتشار وباء كورونا، بضياع الوقت، وماذا لو – كما يعتقد بعض الفيزيائيين – يصبح المستقبل موجودا بالفعل، مع تداعيات خطيرة بقدرتنا على التصرف بشكل هادف في الوقت الحاضر، وإذا كان المستقبل محددا بالفعل بالنسبة إلينا فماذا يعني ذلك بالنسبة إلى سلوكنا الأخلاقي، وما معنى الوقت ودلالته عندما يكون الكون فارغاً من دون بشر، ولماذا لم يتطور الإنسان لفهم الوقت بالطريقة التي نفهم بها الفضاء، وكيف تختلف قدرتنا على التنبؤ بالمستقبل عن الحيوانات، ولماذا يعتقد العلماء أن الوقت “يطير” عندما نمرح، ولكنه يتباطأ عندما يتعرض الناس لحوادث قريبة من الموت، وما الذي فقده الإنسان عندما تم اختراع ساعات دقيقة للغاية؟
تلك الأسئلة هناك ما يقابلها في دماغ الإنسان بوصفه آلة زمن وفق بونومانو الذي يجادل بطريقة شيقة بأن الدماغ البشري هو نظام معقد لا يخبرنا بالوقت فحسب، بل يصنعه أيضاً. يبني إحساسنا بالحركة الزمنية ويتيح السفر الذهني عبر الزمن في محاكاة للأحداث المستقبلية والماضية.
هذه الوظائف ضرورية ليس فقط لحياتنا اليومية، ولكن لتطور الجنس البشري، فدون القدرة على توقع المستقبل، لن تكون البشرية قد صنعت أدوات استمرارها أو اخترعت الزراعة، كما عبّر عن ذلك عالم الاجتماع يوفال نوح هراري في كتابه “العاقل”.
مقابل ذلك ثمة من يزعم بطراً أن أوقات الفراغ تتسرب منه، بينما إحدى أحجيات الحياة الحديثة هي أن الكثير منا يشعر بضيق الوقت، على الرغم من أننا نعمل أقل من أسلافنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه