الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية العولمة

محمد رياض حمزة

2023 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


العولمة.... مصطلح استخدم لوصف الترابط المتزايد لاقتصادات العالم ، بما في ذلك من أنماط واساليب ووسائل الانتاج وحركة السكان والتبادل التجاري الحر عبر الحدود للسلع والخدمات ، والتكنولوجيا ، وتدفقات الاستثمار ، والأشخاص ، والمعلومات.فأتاحت العولمة قيام شراكات اقتصادية بين مختلف دول العالم . إكتسب تطبيق فروضها رواجا في أوائل تسعينيات القرن الماضي، إلّا أنه خلّف آثاراً معقدة واسعة النطاق مشحونة بالتناقضات السياسية المصاحبة للتطورات التكنولوجية. لذا فإن العولمة أفادت شركات الدول الراسمالية المتقدمة ، إلّا أنها اضرت عددا غير قليل من الدول النامية .
ـــــــ ساد العالم تصور بأن النظام الرأسمالي، نظام السوق، على غرار ما تطبقه الولايات المتحدة الأمريكية، هو النظام الذي سيأخذ بيد الشعوب الفقيرة إلى مصاف دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة. مع أن الرأسمالية في أوروبا الغربية تُطبَّق بأساليب مختلفة عن تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. سارع العديد من الدول الفقيرة والنامية في العالم إلى " خصخصة" مؤسساتها الانتاجية ممتثلة لتعاليم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المشجعين والراعيين الرسميين بالتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية لذلك النهج بالتعاون مع " المنتدى الاققتصادي العالمي ــ دافوس".(1)
ـــــــ منذ عقد التسعينات من القرن العشرين وقبله تنبهت القيادة الصينية لما يمكن ان تجنيه من تبنيها الإنتقائي للعولمة وفق فهم وفلسفة الحزب الشيوعي الصيني. كما أدركت الخلل في تطبيق الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية ، فأتاحت حريات اقتصادية للقطاع الخاص التي تنامت في أطار رقابة مركزية باتت تشكل اليوم أكثر من 40% في أنشطة الخدمات والتجارة والصناعات غير الاستراتيجية. وبقي الحزب الشيوعي الصيني يطور علاقاته مع النظم الراسمالية على اسس عولمة الاقتصاد العالمي وفتح ابواب الاستثمار الاجنبي برحابة وخلال اربعة عقود بدأً من عام 1978 بقيادة "دنغ شياو بينغ" .. فالصين ومنذ عام 1979 تحولت إلى مقصد إستثماري لا منافس له في العالم . بدأت الشركات الغربية تُرَحِّل شركاتها إلى الصين بهدف خفض كلف الإنتاج في صناعاتها الذي مصدره رخص أجور الأيدي العاملة الصينية ورخص ووفرة المواد الأولية لمنتجاتها . لم يكن في عام ( 1979) أكثر من 100 شركة أجنبية تعمل في الصين، وفي نهاية القرن العشرين تصاعد عدد الشركات الغربية العاملة في الصين إلى عشرات الآلاف . وفي عام 2014 تجاوز عددها 960 ألف شركة أجنبية ، معظمها أمريكية وأوروبية ، صغيرة ومتوسطة وكبيرة تستثمر في مختلف الأنشطة الإنتاجية وتشغل أكثر من 30 مليون مواطن صيني. وسجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين زيادة بنسبة 18.4% عام 2018 لتصل إلى مستوى نقدي قياسي قدر بأكثر من 2.1 تريليون دولار . كما نتج عن التطبيقات الإنتقائية للعولمة أنْ حققت الاستثمارات الصينية في الخارج أيضاً مستويات قياسية على صعيد العالم. فيما تجاوزت القروض التي منحتها الصين للدول النامية قروض البنك الدولي. المصدر : قانون الاستثمار الأجنبي لجمهورية الصين الشعبية ـ شبكة المعلومات ( ويكيبيديا)
ـــــ مع بدء القرن الواحد والعشرين توالت أزمات نظم الاقتصاد الرأسمالي بتفجّر الأزمة المالية 2008 ، ممهدة لتراجع عولة الاقتصاد العالمي . هذه ملخصات بتصرف لثلاثة إصدارات وثقت أزمات دول الاقتصاد الراسمالي وإنهيار العولمة . ألفها متخصصون تابعوا نشوء وتطور العولمة .... إلى إنهيارها.
ـــــ الكتاب الاول بعنوان " نهاية العولمة - بداية الاشتراكية العالمية" (2). ركّز هذا الكتاب على (تقرير المخاطر العالمية لعام 2023 ) . الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي ( دافوس) . توقع التقرير نهاية ازدهار أنظمة الاقتصاد الرأسمالي الذي أتاحته تطبيقات العولمة. إذ عملت الأحداث الجيوسياسية على تمزيق التعاون الاقتصادي فبدأ العد التنازلي لنهاية العولمة. كتب "هاندلسبلات" في 11 كانون الثاني (يناير): "لقد زادت العولمة من الازدهار العالمي ، لكنها الآن على وشك الانتهاء. ،" قبل وقت قصير من اجتماع منتدى دافوس ، كان صناع القرار يرسمون صورة قاتمة للمستقبل . " بإن الازدهار الاقتصادي الذي شهدته عقود النصف الثاني من القرن العشرين بدأ بالتلاشي مع بدء القرن الواحد والعشرين ، ذلك ، في الواقع، يوحي بتوقعات قاتمة ، وأن الحلول المقترحة تنذر بأسوأ.
ــــــ يعرض الكتاب ما جاء في موقع منتدى ( دافوس) على الإنترنت: "لقد نفذت الكلمات لوصف ما يحدث في العالم اليوم ، لذا فإن ( تقرير المخاطر العالمية ) تضمن إصداراً جديداً يؤشر حدوث أزمات حادة متعددة متولية . وفقًا للتقرير ... "إن طبيعة تلك الازمات فرضت العودة إلى أعادة تقييم أداء العناصر الاساسية المحركة لأنشطة الاقتصاد العالمي (... الغذاء ، الطاقة والأمن ) هذه العناصر واجهت المشاكل التي كان يُعتقد أن العالم يمكن ان يجد لها الحلول"، لكن تلك المشاكل تصاعدت بسبب تصاعد التناقضات الجيوسياسية.
ــــــ يذكر التقرير أنه.. " كان من منجزات العولمة ، أو التعاون الاقتصادي العالمي الذي روجت له الولايات المتحدة الامريكية والنظم الرأسمالية الأخرى ظهور بلدان ناشئة. تسارع هذا التغيير ليشهد العالم حقبة اقتصادية جديدة إنطوت على التباين المتزايد بين البلدان الغنية والفقيرة ، الأمر الذي نتج عنه تراجع التنمية البشرية" . هذه توقعات قاتمة ، لكنها تصف الواقع الذي تردد صداه في قصة مجلة "دير شبيجل" الالمانية التي أوحت بحل مثير للاهتمام ... " بالقول أن علينا تطبيق المزيد من فروض الاشتراكية. وتساءلت "شبيجل" "هل كان "كارل ماركس" على حق بنبوءاته في كل ما نشهده اليوم من تصدع النظم الرأسمالية ؟"
ـــــ كتبت شبيجل: "الرأسمالية الكلاسيكية لم تعد تعمل. لأنها مبتلاة بأزمات عالمية جديدة متوالية . انهيار وشيك للمناخ ، نمو أقل ، المزيد من تدخل الحكومات في إدارة الاقتصادات ". وتابعت:"إن نقد الرأسمالية ليس بالأمر الجديد ، لكنّا و العالم في العام الرابع من ظهور وباء ( كوفيد ــ كورونا ) والسنة الثانية من حرب أوكرانيا المتفاقمة بقوة وبشكل ملحوظ في تبعاتها على مستقبل العلاقات الاقتصادية الدولية . محاور عدّة في النظم الرأسمالية ، الكثيرة منها لم يعد يعمل ... وهذه النتائج ":
ـــــ العولمة تنهار ومعها يشهد النموذج الألماني للازدهار إنهيارا متسارعا . دول العالم تحصن نفسها في تكتلات متناحرة معادية. التضخم يتسبب بمزيد من التباعد بين الأغنياء والفقراء. إغفال جميع الأهداف المناخية . لم يعد بإمكان السياسيين مواكبة ترقيع جميع الشقوق الجديدة في النظم الرأسمالية التي تسببتها العولمة . الاستهلاك المجنون للموارد يدمر الكوكب. أزمات الصناعة المالية تنغمس في تناقضات لم تشهدها من قبل . والمحصلة يمكن أن نشهد تحولاً من عالم كان الأمل أن يتواصل فيه الرخاء إلى عالم يتزايد فيه الفقر. لكن هل المزيد من تحكّم الحكومات وتدخلها في صنع القرارات الاقتصادية سيأتي بالحل ؟
ــــــ تقول " شبيجل" أن الكاتبة (ماريانا مازوكاتو) الإيطالية الأمريكية أنها المفكرة "الاقتصادية الأكثر نفوذاً في العالم التي صارت تزود العديد من الحكومات بنصوص" الصفقات الخضراء الجديدة "، أي إعادة الهيكلة الصديقة للمناخ و للاقتصاد وللصناعة." تدعي "مازوكاتو" أن نظم السوق ليس لديها فرصة لمواجهة تحديات القرن الوحد والعشرين ". لذلك فهي تطالب "حكومات الدول بتحديد توجهاتها وتضع أهدافًا طموحة". بعبارة أخرى ، تدعو إلى وضع حلول عملية " لمتغيرات المناخ الكارثية التي نجمت أصلا عن تطبيقات النظم الرأسمالية). وتطالب حكومات الدول الرأسمالية بالمزيد من الرقابة على انشطة الإنتاج . وبما أن الحكومات هي سبب الأزمات ، مثل العقوبات والحروب. التي نتج عنها تراحع حركة الاستثمار. و تفاقم أزمة طاقة بسبب الحرب في أوكرانيا. هذه الأزمة من صنع ذات النظم الرأسمالية.(2)
ـــــــ الكتاب الثاني " نهاية العولمة: دروس من الكساد الكبير"
يقدم "هارولد جيمس" منظورًا تاريخيًا واقعيًا ، مستكشفًا الظروف التي تسببت بأزمات الاقتصاد العالمي تحت ضغوط أحداث غير متوقعة.ذلك بدء إنهيار "العولمة" التي كانت السبب في تغيير سياسي واجتماعي عميق في جميع أنحاء العالم ، و يبدو أن لا رجعة للعولمة . يستعرض " جيمس "أحد أكبر الكوابيس التاريخية حدثت في نهاية العقد الثالث في القرن العشرين .. أنه الكساد الكبير 1928 الذي نشهد الان مسبباته ذاتها مع الفارق في واقع الاقتصاد العالمي .يمكن تحليل اسباب الانهيار من منظور ثلاثة مكونات رئيسية: تدفقات رأس المال والتجارة والهجرة الدولية . يجادل "جيمس" بأن ماحدث لم يكن مجرد نتيجة لتوترات الحرب العالمية الأولى ولكنه نتج عن تفاعل الاستياء ضد كل هذه العناصر. في عالم اليوم فإن سياسات الحكومات المصممة لتهدئة تهديدات إنهيار العولمة تواجه بذات الاستياء . ويتساءل هل يمكن أن يحدث كساد كبير مرة أخرى؟ ويؤكد " جيمس" هناك أوجه تشابه كبيرة بين ما حدث وبين ما نشهده اليوم: الأنظمة الرأسمالية تعتريها الأزمات ، الأسواق المالية العالمية ضعيفة وغير مستقرة. ومع أن " جيمس " لا يتوقع حدوث كساد كبير آخر ،إلّا أن كتابه يحذر من فكر وتوجهات منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي ، الذي قد يؤدي إلى تدمير كل من الازدهار والسلام العالمي. (3)
ـــــ الكتاب الثالث أفضل الكتب مبيعًا من إصدارات مؤسسة " نيويورك تايمز". بعنوان ( نهاية العالم مجرد البداية: رسم خريطة لإنهيارالعولمة) يقول مؤلفه ( بيتر زيهان) كان عام 2019 آخر أعوام الاقتصاد العالمي المزدهرة . منذ أجيال ، كل شيء أصبح أسرع وأفضل وأرخص. وأخيرًا ، وصلنا إلى خدمات تسوق مبتكرة . أصبح بالامكان الحصول أي شيء تريده تقريبًا ويصلك إلى منزلك في غضون أيام - حتى ساعات . تحققت خدمة التسوق تلك في الولايات المتحدة . ولكن على صعيد التجارة الدولية . فقدت أمريكا الاهتمام بإبقاءانشطة التجارة مستمرة. كما دعت له مؤتمرات المنتدى الاقتصادي العالمي.
اصبحت سلاسل التوريد التي تغطي الكرة الأرضية ممكنة ولكن بحماية البحرية الأمريكية. كما واصلت أمريكا دعم الدولار كعملة رئيسة في أسواق الطاقة والأسواق المالية في معظم دول العالم . تم إنشاء صناعات معقدة ومبتكرة لإرضاء المستهلكين الأمريكيين. أجبرت السياسة الأمنية الأمريكية الدول المتحاربة على إلقاء أسلحتها. تم إطعام وتعليم مليارات من الناس مع انتشار النظام التجاري الذي تقوده الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم. غير أن كل ما تقدم كان مصطنعا مؤقتا . وبدأت النهاية . يرسم المؤلف والاستراتيجي الجيوسياسي "بيتر زيهان" خريطة للعالم على النحو التالي: دول العالم لن يكون أمامها أي خيار سوى صنع سلعها الخاصة ، وزراعة طعامها ، وتأمين طاقتها الخاصة ، وخوض معاركها وحدها . المجموعات السكانية في معظم مناطق العالم آخذة في الانكماش والشيخوخة. ستتجه حكومات البلدان نحو الاكتفاء الذاتي ما امكن . في الصناعة والزراعة والطاقة والنقل والنظام المالي . رسم " زيهان" صورة قاتمة للمستقبل الذي سببته سياسات العولمة . (4).

المصادر :
(1) المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum) ) منظمة دولية هدفها تشجيع الاعمال وسياسات العولمة. أسسها " كلوس شواب" عام 1971 في جنيف بسويسرا و افتتحت لها في عام 2006 مكاتب إقليمية في العاصمة الصينية بكين ونيويورك في الولايات المتحدة.وتضم في عضويتها ألفاً من كبرى شركات العالم رأس مال كل منها أكبر من 5 مليار دولار أمريكي.

(2) The End of Globalization—the Start of Global Socialism
This is bad news for not only America but the entire world. BY JOSUÉ MICHELS • (Author)

(3) The End of Globalization: Lessons from the Great Depression – October 15, 2002. by Harold James (Author)
(4)The End of the World Is Just the Beginning: Mapping the Collapse of Globalization – June 14, 2022>by Peter Zeihan (Author)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور