الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقومات الأساسية للمجتمع الديمقراطي

حسن الشامي

2023 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


توجد أربعة مقومات موضوعية تشكل جوهر المجتمع الديمقراطي وهى :
1 ـ احترام حقوق الإنسان :
ما يجرى على ارض الوطن من إفقار وتهميش لقطاعات كبيرة من المصريين ومن سجن واعتقال وتنكيل ومحاربة الناس في أرزاقهم بسبب الخلاف في الرأي، يغنى عن الإفاضة في الحديث عن حق المواطن في أن يؤمن على حياته وحريته الشخصية. ولكن بالرغم من ذلك فإن هذا الأمن المفقود لا يكفى في حد ذاته. لأن للمواطن حقوقا أساسية كثيرة تتحقق بها إنسانيته، ويأتي في مقدمتها تحريره من العوز والحاجة والعجز عن إشباع احتياجاته المادية الأساسية واحتياجاته الإنسانية التي يتفرد بها كإنسان وهذه الحقوق تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي أقرته الأمم المتحدة ويهمنا هنا التأكيد على ثلاثة أمور مهمة :

أولها - الحقوق الاجتماعية للإنسان كالحق في العمل المرغوب، والحق في التعليم، والحق في الرعاية الصحية، والحق في الرعاية الاجتماعية، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحرية العقيدة والدين، وحق الضمان الاجتماعي، والحق في الانضمام إلى النقابات، وحق الراحة والاستحمام، وحق التمتع بمستوى معيشي مناسب، والحق في المشاركة في حياة المجتمع الثقافية، والحق في العيش في ظل نظام اجتماعي يعترف بحقوق الإنسان.

والثاني - الحقوق السياسية: كالحق في المساواة والتحرر من كل أشكال التميز، والحق في الحياة في الحياة والحرية والأمن الشخصي، والتحرر من التعذيب والمعاملة المهينة، وحق الاعتراف به كفرد أمام القانون، والتحرر في المحاكمة العلنية أمام القاضي الطبيعي، وعدم التدخل في خصوصياته وفي الأسرة والبنت والمراسلات، وحرية الرأي والوصول إلى المعلومات، وحق الاجتماع السلمي والانتماء إلى الأحزاب والجمعيات، وحق المشاركة في الحكم والانتخابات الحرة.

والثالث - أن العبرة ليست بما يحتويه الدستور من نصوص مكتوبة ولا بإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، وإنما العبرة بالممارسة العملية والفعلية لهذه الحقوق ممارسة إيجابية تجعل الشعب مشاركا بالفعل في صنع القرارات التي تمس حياته حاضرها ومستقبلها وعلى مختلف مستويات وجوده الفردية والاجتماعية.

والرابع - هو المساواة الكاملة في ممارسة الحقوق وأداء الواجبات ودون أى تمييز بين المواطنين شركاء الوطن على أسس وأصول عرقية أو متوهمة، أو اختلاف في العقيدة الدينية، أو تباين في الاختيارات الفكرية أو السياسية، أو تفوق مزعوم للرجل على المرأة.

2 ـ التعددية السياسية :
معنى الديمقراطية الحقيقية هو حكم الشعب. والمواطنون لا يتولون إدارة شؤون المجتمع مجتمعين كما كان يحدث قديما في الديمقراطية المباشرة في المثال الاثينى اليوناني القديم، وإنما اصبح حكم الشعب يتم على أساس النيابة في مستويات محددة، وحيث يقوم المواطنون الراشدون باختيار ممثلين ينوبون عنهم لفترة زمنية محددة في الإدارة والحكم.

والاختيار هنا هو اختيار سياسي بطبيعته وهو يفترض تعدد الفرص أمام من يمارس الاختيار، أي تعدد وتنوع وتباين الاتجاهات السياسية التي يختار من بينها الناخب. وبالتالي فأي شكل للانتخاب يقتصر على مرشح واحد لا يكون انتخابا أصلا. وحتى الانتخابات من بين ممثلي اتجاه واحد يرد الاختيار إلى عوامل ذاتية تتعلق بالأفراد كأفراد وتنتفي معها إمكانية الاختيار السياسي على أساس برنامج معين.

والتعدد موجود بالضرورة طالما كنا بصدد مجتمع منقسم إلى طبقات متعارضة ومتقابلة في مصالحها وأهدافها، وطالما كان هناك بشر يفكرون ويجتهدون ويبدعون. والتعدد والتنوع خير في كل الأحوال. والحكمة من التعدد تتأتى من كون أمور المجتمع الإنساني المعاصر ومهما كان تركيبة الاجتماعي قد بلغت درجة من التركيب والتعقيد حدًا يستحيل معه أن يدعى حاكم فرد بعينه، أو حزب واحد أنه يمتلك كل الحكمة والصواب المطلق. والرؤية الصحيحة في فهمه وتحليله وفى صنع وتبنى الإجراءات ولسياسيات والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحقق التقدم والازدهار والسعادة للمصريين في غالبيتهم أن وجود حزب واحد مسيطر يتوحد في شخص رئيسه أو زعيمه ويصبح قول هذا الزعيم لا يرد ومشيئته هي إدارة الحزب، وكلمة الزعيم هي كلمة الوطن العليا وكأنما اختزل كل أبناء الوطن في شخص هذا الزعيم الأوحد.

إن سيطرة الرأي الواحد، والحزب الواحد، والانفراد بالسلطة وإغلاق دوائرها على جماعات بعينها تحمل في طياتها خطر الجمود والتصلب وافتقاد القدرة على الرؤية الصائبة والقدرة على الإبداع مهما كانت نيات هذا الحاكم الفرد او الحزب الحاكم طيبة ومخلصة، وكانت قياداته على درجة من القدرة والكفاءة وفى كثير من الأحوال تكون احتمالات الأخطاء الفادحة كبيرة إذا ما كانت القرارات تتعلق بمصير أمة بأكملها خاصة إذا ما فسدت ممارسة واحتكار السلطة لسنوات طويلة من من يتفردون بها ويحتكرونها. ولذلك يكون تعدد وتنوع واختلاف الاتجاهات السياسية وصراعها حول قضايا الوطن وهمومه وآماله وطموحاته هو الضمان الأكبر للقدرة على التجديد وحسن التعامل مع المتغيرات والمستجدات المحلية والخارجية والاقتراب من الصواب والصحة في هذا كله.

3 ـ إمكانية التداول السلمي والشرعي للسلطة السياسية :
فلا معنى للتعددية السياسية إلا إذا كانت الآليات المعتمدة في تسيير المجتمع كله. وكذلك مختلف المؤسسات والتنظيمات، تتيح للاتجاه السياسي الذى يحظى بتأييد الاغلبية أن يتولى سلطة الدولة والحكم ليقوم بتنفيذ البرنامج الذى يدعو له. ويجرى تداول السلطة بين الجماعات الاجتماعية والسياسية في كل المجتمعات بصورة أو بأخرى لأن استمرار سلطة فى يد واحدة لعشرات السنين هو مرض ووهم كبير تصاب به المجتمعات. وأهم مميزات الديمقراطية وأكبرها هي أنها توفر الآليات الشرعية للتداول السلمي للسلطة بعيدا عن الانقلابات والعنف والتصفيات الدموية. وهذه الآليات الشرعية تجعل من الجماهير وحدها هي الحكم بين الاتجاهات السياسية المتعددة والمختلفة. وتصدر الجماهير حكمها من خلال اطلاعها ومعرفتها ووعيها بالخلافات بين هذه الاتجاهات وتفضليها لاتجاه بعينه عن غيره من الاتجاهات بالنظر إلى مدى قربه من التعبير عن مصالحها الآنية والمستقبلية وذلك من خلال اقتراع دوري.

ونؤكد هنا ثانية أن العبرة بالممارسة العملية وليس بالنصوص الدستورية وحدها فتعدد الأحزاب الشكلي وحصار الأحزاب داخل مقارها وتقييد حركتها في الاتصال بالجماهير، ووجود حزب يندمج في أجهزة الدولة والحكومة ويرتبط بالمصالح المادية للنخب المسيطرة اقتصاديا والسائدة سياسيا يضمن أن تجرى الانتخابات لصالح تعددية شكلية زائفة قد تسمح بدرجة ما بسماع الرأي الآخر، ولكن الممارسات العملية تحول بالفعل دون حرية الآراء المتعددة في الاهتمام بالجماهير وبمصالحها، وتحولها إلى قوى سياسية فاعلة أمام بعضها، على الأقل فرص جدية للفوز في انتخابات حرة.

4 ـ المساواة :
ونعنى بها المساواة بين المواطنين شركاء الوطن في التمتع بالحقوق وفيما عليهم من واجبات ودون أي تمييز بينهم بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الأصل الاجتماعي، أو الثروة، أو الميلاد، ودون أي تفرقة بين الرجال والنساء. ولكن إذا كانت المساواة بين المواطنين شركاء الوطن هي الأساس السليم الذي تقوم عليه الديمقراطية فانه ليست بالمساواة أمام القانون، أو المساواة السياسية على أهميتها تتحقق الديمقراطية. فجوهر المساواة هو المساواة الاقتصادية في نصيب عادل من الثروة المادية المنتجة. وانعدام هذه المساواة الاقتصادية واختلال ميزان العدل الاجتماعي وسوء توزيع الدخل والثروة يؤدى بالقطع إلى استحالة المساواة السياسية. ويعنى هذا وجود ارتباط جنينى بين الجانبين السياسي والاجتماعي للحرية، أو بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية. فالمواطن لا تكون له حرية التصويت والاختيار في الانتخابات إلا إذا توفرت له الضمانات الكافية التي تكفل تحرره من الحاجة والاستغلال في جميع صورهما وشاهد على هذا عمليات بيع وشراء أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية حيث دفعت الحاجة الفقراء إلى بيع أصواتهم لمن يقهرونهم ويسحقونهم ويعملون ضد مصالحهم الحقيقية.

ومن أهم هذه الضمانات أن تكون لكل مواطن فرصة متكافئة في نصيب عادل من الثروة الوطنية، وأن يتخلص من أي قلق يبدد إحساسه بالأمن على مستقبل حياته ويعنى هذا أيضا أن النظام الاجتماعي العادل من شأنه أن يهيئ الظروف المواتية لإمكانات ممارسة الحقوق والحريات للجميع. وإذ ما اختلت موازين العدالة فإن ما قد يكون مسطورًا في الدستور والقوانين من نصوص تقرر الحقوق والحريات تكون عندئذ قليلة الفائدة في الواقع أو منقوصة الفائدة على أقل تقدير. ولقد قدم عمال مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى مؤخرًا وخلال إضراباتهم واعتصامهم واحتجاجاتهم المتتالية مثالا رائعا لهذا الربط الجنينى بين الديمقراطية الاجتماعية والديمقراطية السياسية بتأكيدهم في مطالبهم العادلة على أنه لا انفصال بين قضية الحرية وقضية رغيف الخبز وعلى أنه لا انفصال بين النضال من أجل الدستور والنضال من أجل الطعام الجيد والعلاج الصحة والتعليم وفرصة العمل والأجر العادل.

خصائص الدولة الديمقراطية.
لا تتحقق ممارسة الحقوق والحريات على تنوعها بمجرد النص عليها في دستور الدولة. والقوانين ولا تتحقق بمصادقة الدولة على الاتفاقيات والمواثيق الدولية بشأن تلك الحقوق والحريات. وإنما العبرة هنا في أن ممارسة الحقوق والحريات تكون في ظل نظام حكم حر قبل أن نجدها في النصوص المكتوبة.

الحرية في كل صورها تعنى حق المواطن في مواجه سلطة من السلطات ولذلك تقوم الحرية في ظل نظام حر، أي نظام يقوم على إدارة مجموع الشعب داخل إطار من التنظيم القانوني الذي يكفل للمواطنين الأحرار حق المشاركة في تكوين هذه الإدارة العامة الحرة العاقلة التي تتولى مسئولية تسيير شئون المجتمع وفق قواعد وضوابط محددة سلفا.

وهذا التنظيم القانوني هو ما نسميه بالدولة الديمقراطية. دولة القانون التي تعترف بخضوع الجميع فيها للقانون، خضوع سلطة الحكم للقانون وخضوع المحكومين له دون أي تمييز بينهم. وحيث تشكل حقوق وحريات المواطنين قيودا على سلطة الدولة.

ونظام الحكم الديمقراطي يتعين أن تتوافر فيه مجموعة من الخصائص وبدونها لا يجوز الحديث عن نظام ديمقراطي، ومن أهم هذه الخصائص ما يلي :
1 ـ وجود دستور يضع القواعد الأساسية لنظام الحكم وكيفية تشكيل السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية والعلاقات فيما بين هذه السلطات الثلاث والمقومات الأساسية للمجتمع، وحقوق الأفراد وضمانات كفالة هذه الحقوق.
2 ـ سيادة القانون وتعنى في ابسط مدلولاتها خضوع المحكومين له فما يقيد سلطة الحكم هو الدستور الذي يضع القواعد الأساسية لنظام الحكم في الدولة ويقرر حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم والقانون الذي تكون له السيادة في دولة القانون يجب أن يكون صادرا عن مجلس منتخب من الشعب ولا يكون مخالفا للدستور.
3 ـ امتناع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وحرمانهم من قضائهم الطبيعي المدني وعدم ممارسة الجهات العسكرية أي سلطة من سلطات الضبط القضائي.
4 ـ الفصل بين السلطات، ويحدد الدستور لكل من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية اختصاصاتها التي تقوم بها ولا تتجاوزها. ويستهدف هذا الفصل الحيلولة دون قيام حكم مستبد أو مطلق إذا تجمعت هذه السلطات في يد واحدة. ويتضمن ذلك قيام نوع من الرقابة والأشراف من سلطة على أخري.
5 ـ استقلال السلطة القضائية وهو أمر طبيعي تفرضه طبيعة عمل القضاء ويعتبر قيام القاضي بأداء وظيفته حرا مستقلا هو اكبر ضمانة لحماية الحقوق العامة والخاصة واستقلال القضاء يعد قضية حيوية ومحورية لضمان حريات المواطنين وتمتعهم بحقوقهم الأساسية. ولابد من إحاطة القضاء بسياج منيع من الاستقلال الفعلي.
وهناك مجموعة من الضمانات الضرورية واللازمة لتحقيق استقلال القضاة لعل من أهمها منع اشتغال القضاء بالعمل السياسي في التنظيمات الحزبية، خاصة الحاكمة، والنص في الدستور على أن القضاء سلطة مستقلة ولا سلطان عليها وعدم فصل القاضي أو عزلة بقرار إداري أو سياسي وأن يحاط ذلك بضمانات تؤكد على استقلالية القاضي واطمئنانه على نفسه وأن تكون مسؤولية القضاة أمام مجلس أعلى للقضاء يتكون من القضاة أنفسهم مع بعض كبار المحامين ولا يسمح بأن يكون مسئولا أمام رئيس الدولة والنص في الدستور على عدم التدخل في الشئون المالية والإدارية للقضاء من قبل السلطة التنفيذية وان يكون ذلك حقا أصيلا للهيئة القضائية.
6 ـ حرية إنشاء وتكوين الأحزاب السياسية ومن شأن تعدد الأحزاب أن يسمح بمعارضة الحكومة، الأمر الذي يوفر وجهات نظر مختلفة في القضايا العامة، كما يضع أمام المواطن اختيارات متعددة من شأنها إثراء المعرفة والحياة السياسية وذلك خلافًا للنظام الديكتاتوري والحالة التي يكون فيها حزب واحد متسلط.
7 ـ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين شركاء الوطن فجمعيهم متساوون أمام القانون، ولا يتم التميز بينهم بسبب العنصر أو الجنس أو الدين أو العرق أو الاتجاه السياسي، على أن يحدد لهم الدستور واجباتهم ويضمن حقوقهم.
8 ـ حرية التعبير للآراء المتعددة وتتمثل بصفة خاصة فى إطلاق حرية الصحافة والنشر.
9 ـ تمثيل الأغلبية للحكم.
10 ـ الانتخابات الحرة الدورية.
11 ـ وجود حكومة تخضع لسلطة نواب الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة