الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الصحراء الشرقية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


هل تم الحسم في جنسية واشكالية الصحراء الشرقية ، ام ان الملف ما يزال مفتوحا على الطاولة ، ويقتضي التصحيح لإرجاع الأمور الى نصابها ؟
فمنذ ان نشرت مديرة الوثائق الملكية ، وثائق وخرائط تؤكد الانتساب الجغرافي ، والقانوني ، والتاريخي للصحراء الشرقية للمغرب ، وفي هذا الظرف الأكثر من حساس ، حتى انبرت المواقع المحسوبة على النظام المغربي ، والمواقع المنتسبة للنظام الجزائري ، وفي حملة هستيرية تؤيد مغربية الصحراء الشرقية ، وأخرى تؤيد جزائريتها ، وملوحين بقرب نشوب نزاع عسكري بين النظامين لحسم إشكالية الصحراء الشرقية ، وتحديد جنسيتها المغربية او الجزائرية ..
النظام المغربي التزم الصمت ، ولم يخرج عنه ما يفيد تراجعه عن المعاهدات التي ابرمها مع النظام الجزائري بخصوص رسم الحدود ، في حين كان جواب النظام الجزائري بإجراء مناورة عسكرية بالذخيرة الحية بالقرب من الحدود المغربية ، ترأسها قائد الجيش الجنرال سعيد شنقريحة ، و استعملت فيها الأسلحة الثقيلة ، أي محاكات حرب قد تنشب افتراضا بين جيشي النظامين المغربي والجزائري . و ادلى بدلوه في هذا الخلط الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عندما وجه تهديدا قويا للنظام المغربي ، بقطع اليد الذي ستنال من ارض الجزائر ، المبللة بدماء شهداء حرب التحرير .. فالنظام المغربي وبسكوته عن الضجة المفتعلة إعلاميا ، ابان عن اتزان وعن ضبط للأعصاب ، وعن تعقل ورشد ، بخلاف ردة النظام الجزائري العنيفة من خلال المناورات العسكرية المقامة بجوار الحدود المغربية ، او من خلال تصريح الرئيس الجزائري ، الذي ليس له من تفسير غير الشعور بالخوف وبالارتباك ، خاصة وان النظام الجزائري عندما قطع علاقاته الدبلوماسية مع النظام المغربي ، واغلاقه للحدود بين الدولتين ، يكون بمن يعتبر نفسه في حالة حرب قد تشتعل في كل لحظة وحين .. بدعوى التهديد الإسرائيلي للدولة الجزائرية من داخل المغرب .
وبغض النظر على التهريج الإعلامي المناصر للنظام المغربي او المناصر للنظام الجزائري ، فان سلوك النظام المغربي السكوت وبعدم الرد ، هو رسالة من النظام المغربي للمجتمع الدولي باحترامه للمعاهدات التي ابرمها ووقع عليها ، وطمأنة للنظام الجزائري بان ما تم التوقيع عليه ، ومن قبل الراحلين الحسن الثاني والهواري بومدين ، لا رجعة فيه ، خصوصا وان نسخ من المعاهدات موجودة بكتابة الأمانة العامة للأمم المتحدة .
السؤال هنا . ما الفائدة في هذا الظرف الحرج من طرح وثائق وخرائط ، أصبحت متجاوزة بحكم توقيع اتفاقية الحدود ، ووجود نسخ للاتفاقيات او المعاهدات بالأمانة العامة للأمم المتحدة .
ما هي القيمة المضافة التي ستحدثها تلك الخرجة ، لوضع تم ترتيبه من قبل النظامين ، ومرت عليه اكثر من ثلاثة وخمسين سنة مضت ؟
فهل خرجة مديرية الوثائق الملكية ، انها كانت تجهل الانتماء التاريخي والجغرافي للصحراء الشرقية التي هي مغربية ، وكشفتها لأول مرة عندما عثرت على الوثائق والخرائط ، وارادت بعرضها للخرائط وللوثائق فتح نزاع الحدود من جديد ، ام ان جهة ما قد تكون وراء دفع المديرة لعرض الخرائط والوثائق ، التي تؤكد مغربية الصحراء الشرقية مثل مغربية الصحراء الغربية ؟ فما هو الهدف الذي يريد الوصول اليه من يقف وراء اخراج الوثائق والخرائط التي تثبت مغربية الصحراء الشرقية ؟

الكل يتذكر حرب الرمال في سنة 1963 بين النظامين الجزائري و النظام المغربي ، والكل يتذكر تملص النظام الجزائري من الاتفاقيات التي ابرمها مع النظام المغربي ، بخصوص الاستغلال المشترك لثروات المنطقة ، التي اخلف ولم يلتز بها النظام الجزائري .. ومع ذلك سيوقع الحسن الثاني والهواري بومدين اتفاقية الحدود في سنة 1971 بالرباط ، تنازل فيها النظام المغربي عن مغربية الصحراء الشرقية التي اعترف بجزائريتها . بل ان النظام المغربي وحتى يعطي للاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مصداقيتها القانونية ، لترتقي الى درجة المعاهدات الدولية ، سيدفع ببرلمان الملك للتصديق على اتفاقية الحدود الموقعة بين البلدين في سنة 1992 ، وستوضع نسخة من المعاهدة بكتابة الأمانة العامة للأمم المتحدة ، وهو ما يعني ان تلك المعاهدة حاسمة في الصراع الذي انتهى باعتراف النظام المغربي بجزائرية الصحراء الشرقية .
نعم الصحراء الشرقية هي مغربية فوتتها فرنسا الاستعمارية الى الجزائر طمعا في ثرواتها الباطنية ، لان فرنسا كانت تعتقد انها لن تخرج ابدا من الجزائر . لكن بعد معاهدات الاعتراف بجزائرية الصحراء الشرقية من طرف الراحل الحسن الثاني ، وتصديق البرلمان المغربي على المعاهدة ، أصبحت الصحراء الشرقية جزائرية بحكم احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار . والنظام المغربي العارف بأصل الصحراء الشرقية ، والموقع على اتفاقية الحدود ، لم ينزلق كالنظام الجزائري يهدد ويتوعد ، سواء تهديد الرئيس عبدالمجيد تبون ، او قيام جيش النظام الجزائري بإجراء مناورات عسكرية ، وبالذخيرة الحية ، وبالأسلحة الثقيلة بجوار الحدود المغربية ..
فتهديد النظام الجزائري هو دليل على الارباك الذي أصابه ، ودليل على يقينية النظام الجزائري بمغربية الصحراء الشرقية .
النظام المغربي لن يدخل حربا مع النظام الجزائري بسبب الصحراء الشرقية ، لان هناك معاهدات موقعة من جانبه في هذا الصدد . لكن النظام المغربي قد يدخل في حرب مع النظام الجزائري وليس مع جبهة البوليساريو ، بسبب الصحراء الغربية ، لأنه من جهة سيشعر بغبن قل نظيره ، أي فقدانه للصحراء الشرقية والصحراء الغربية في الطريق ، ولان فقدانه للصحراء الغربية ، حتمية سقوطه وسقوط دولته ، بل وحتمية بلقنة المغرب الى دويلات قزمية تكون بيد الامبريالية ، وبيد الاستعمار الذي يتربص شرا بالمنطقة ..
ومثل اصل الصحراء الشرقية المغربي ، فان مغربية الصحراء الغربية ، لا شك فيه ، والجزائر المدركة بحقيقة الوضع ، ركبت عليها ليس بسبب تدعيم النظام الجزائري حركات تحرير الشعوب من خلال شعار مخدوم هو تقرير المصير ، بل ان النظام الجزائري ركب على مشكل الصحراء الغربية المفتعل ، حتى يشغل ويبعد دعوات المغرب المشروعة باسترداد الصحراء الشرقية ، لأنها مغربية . فالهاء النظام المغربي بمشكل الصحراء الغربية ، مكن النظام الجزائري من الاطمئنان على جزائرية الصحراء الشرقية ، لان بمصادقة البرلمان المغربي على اتفاقية الحدود الموقعة بين النظامين ، أصبحت الدولة المغربية هي من يعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، والاعتراف هذا طبعا يورث مسؤوليات قانونية على الطرف الذي يتصرف ضد ما وقعه من معاهدات واتفاقيات ملزمة لجميع الموقعين عليها .
الصحراء الشرقية منذ حرب الرمال في سنة 1963 ، وبعد توقيع اتفاقية الحدود من قبل الحسن الثاني والهواري بومدين ، هي جزائرية مثل لواء الإسكندرون السوري الذي تحتله تركيا .
فان افترضنا جدلا ان النظام المغربي سيخوض حرب استرداد واسترجاع الصحراء الشرقية ، بدعوى ان اصلها مغربي ، سيكون بمن ينتحر عن طيب خاطر دوليا ، لان وجود نسخة من معاهدة ترسيم الحدود بالأمانة العامة للأمم المتحدة ، تعطي للنظام الجزائري كامل الحق في ما اعترف به الحسن الثاني ووقعه بخط يده اليمنى .
فما معنى ان تدخل حربا ستخسرها دوليا ، وستزيد في تعقيد الوضع القانوني للصحراء الغربية ، التي تتعرض لمؤامرة دولية تشارك فيها اطراف كثيرة ، حفدة سايكس بيكو الذين دمروا الشرق الأوسط ، ويخططون لتدمير شمال افريقيا ..
النزاع بين النظام الجزائري والنظام المغربي هو نزاع ازلي ، توارثت بقاياه من الحرب الباردة التي قسمت العالم ، وكان من المفروض ان تنتهي قضية الصحراء الغربية ، بمجرد نهاية الحرب الباردة ، لكن للأسف سيستمر النزاع ، لان النظام الجزائري عدو النظام المغربي ، لا يرتاح له بال ، الاّ وقد اصبح المغرب جزءا ، او تابعا للجزائر التي تحلم بوضع جزمات جيشها في مياه الأطلسي الباردة . فعند الاعتراف بالجمهورية الصحراوية من قبل الأمم المتحدة ، بمخطط تيمور الشرقية ، ستتوحد الجزائر والجمهورية الصحراوية في شكل من اشكال الوحدة ، كالفدرالية ، او الكونفدرالية ، او الادماج ، لتصبح حدود الجزائر تطوق المغرب من جميع الجهات ، فتحكم بخنقه ، هذا اذا ظلت الدولة العلوية في الحكم بعد فصل الصحراء عن المغرب .
ان انفصال الصحراء الغربية ، هو شرعنة لانفصال أقاليم وجهات ، ومن ثم القضاء على الدولة الواحدية لصالح الكانتونات ،والدويلات القزمية التي ستكون طعما سهلا في فم الامبريالية والاستعمار ، الذي يضمر شرا ليس للمغرب فقط ، بل يضمر الشر حتى للجزائر . فإيواء فرنسا لل " ماك " ، ولجمهورية القبائل ، ومساندة الدول الاوربية لهذه الجمهورية الانفصالية كسويسرة والمانية .. هو رسالة واضحة على الاخطار التي تنتظر الدولة الجزائرية شعبا وارضا ..
الحرب لن تقوم بين النظامين الجزائري والمغربي بسبب الصحراء الشرقية التي أصبحت جزائرية ، لكنها تبقى متوقعة ومنتظرة بسبب الصحراء الغربية الذي يرتبط وجود وبقاء النظام المغربي ببقاء الصحراء بين ايديه ، وبسبب انها ستشكل اختراقا خطيرا لوحدة المغرب المهدد بالانفصال والبلقنة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط