الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رئيس قسم الاقتصاد .. قصة عشرون عاماً

أحمد فاروق عباس

2023 / 3 / 11
سيرة ذاتية


فى صيف ١٩٩٦ أنهيت المرحلة الثانوية الأزهرية ، وكان اختيارى الأول هو الالتحاق بكلية التجارة ، وبقسم الاقتصاد بالذات ، وكان لقراءاتى المتنوعة السبب الأكبر في هذا الاختيار ، لم يعجب ذلك أغلب المحيطين بى ومنهم والدى ، خاصة وأن مجموعى يؤهلنى للالتحاق بكليات أعلى من كلية التجارة ..
كانت امنيتى منذ البداية الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، ولكن حال التحاقى بالتعليم الازهرى دون ذلك ..
وقد قضيت في التعليم العام حتى الصف الخامس الابتدائي ، وكعادة أهل الصعيد قرر والدى - وأولياء أمور أغلب أصدقائي - تحويلى من التعليم العام إلى التعليم بالأزهر الشريف ، خاصة وأن جدى كان حائزا على شهادة العالمية من الأزهر الشريف فى عشرينات القرن العشرين ، وجاء عمله قاضيا شرعيا في محافظة المنيا ، لولا ان قرر والده انه لا داع للغربة ، وضرورة البقاء إلى جانبه والتفرغ لرعاية أرضه ..
دخلت كلية التجارة جامعة الأزهر فى أكتوبر ١٩٩٦ طالبا ، وفى السنة الثالثة من الكلية اخترت قسم الاقتصاد ، وسط استغراب أغلب زملائي ، فقد كان معروفا أن قسم المحاسبة هو القسم الذى يتجه إليه أغلب الطلاب ، فخريج المحاسبة أمامه العمل كمحاسب في البنوك أو فى الحكومة أو فى القطاع الخاص ، أما خريج قسم الاقتصاد أو قسم الإحصاء أو حتى إدارة الأعمال فماذا سوف يعمل ؟!
وفى يونيو ٢٠٠٠ أنهيت دراستى بها ، وفى الأول من أغسطس عام ٢٠٠٠ أعلنت النتائج ، لأجد نفسى - وكل الحمد وبالاعتراف بالمنة لله - الأول على الكلية بتقدير إمتياز ..
وبعدها بشهرين دعيت - مع أوائل الخريجين من كل الجامعات المصرية - لتقديم اوراقنا للعمل بالجهاز الإدارى للدولة ..
كان رئيس الوزراء وقتها د عاطف عبيد - وهو أستاذ إدارة الأعمال بتجارة القاهرة - قد قرر مع توليه منصبه عام ١٩٩٩ اختيار أوائل الجامعات وتعيينهم فى أماكن مهمة بالحكومة ، لإعطاء دفعة من الحيوية والكفاءة للجهاز البيروقراطي المصرى العتيد ..
( وهو تقليد استمر ثلاث سنوات فقط ، سنة ١٩٩٩ ، ٢٠٠٠٠ ، ٢٠٠١ وتوقف - للأسف - بعد ذلك )
ومع تقديمى لأوراقى طُلب منى اختيار الوظيفة التى أريدها طبقا لمؤهلى ، وكان لكل واحد منا الحق في ثلاث رغبات ..
كانت رغبتى الأولى هى العمل بوزارة الخارجية ( ملحق تجارى ) ، وكانت الرغبة الثانية العمل بالبنك المركزي ، وكانت الرغبة الثالثة العمل بوزارة الاقتصاد ..
كان العمل بوزارة الخارجية أو فى البنك المركزي خارج إطار الاختيارات المعطاة لنا ، فهى جهات يقتضى العمل بها - كما عرفت فيما بعد - التقدم لها عندما تعلن رغبتها في عاملين جدد ، وتحدد هى بنفسها الشروط والاختبارات الواجب اجتيازها ..
وتحققت الرغبة الثالثة ، ووجدت نفسى اعمل بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بدءا من مايو سنة ٢٠٠١ ، وكان المسمى الوظيفى باحث اقتصاد دولى ثالث ..
قبلها بشهر اجتزنا - أوائل الجامعات المصرية كلها - دورة فى اللغة الانجليزية وفى الكومبيوتر عقدت لنا فى مركز الخدمة العامة فى جامعة عين شمس ..
ثم استلمنا وظائفنا ، كل فى مكان عمله ، وفى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عملت أولا ولمدة شهر فى مبنى الوزارة فى شبرا ، والمجاور لمعهد ناصر على نيل القاهرة ..
ثم انتقلنا إلى مبنى الوزارة فى شارع عدلى بوسط القاهرة ..
ثم دعينا لمقابلة الدكتور محمود محى الدين - وكان وقتها مستشارا لوزير الاقتصاد الدكتور يوسف بطرس غالي وقبل تعيبنه وزيرا للأستثمار فيما بعد - وقام د محمود محى الدين بتوزيعنا على قطاعات وإدارات الوزارة المختلفة ..
كان من حظى أن وقع الاختيار على - مع زميلة من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - لأعمل في مكتب الوزير ، بينما ذهب زملاء لى إلى قطاعات أخرى كقطاع السياسات المالية وقطاع التجارة الخارجية وغيرهما ..
كأن يرأس قطاع مكتب الوزير يومها سيدة فاضلة هى السيدة منال حسين ، وكانت الصحافة تطلق عليها لقب إمرأة الوزارة الحديدية ..
وبعد شهور - فى ديسمبر ٢٠٠١ - تركت العمل بوزارة الاقتصاد لألتحق بالعمل في الجامعة .. معيدا في كلية التجارة جامعة الأزهر ..
ومازال حتى الآن هناك من يلومنى على اختيارى ذلك منذ أكثر من عشرين عاما ، فالمقابل المادى المرتفع للغاية والنفوذ المترتب على عملى فى مكتب وزير الاقتصاد لا يقارن بمرتب معيد الجامعة شديد التواضع ، وهو العمل الذى لم يكن يتمتع إلا بمكانة أدبية كانت تتلاشى مع السنين وتقلب أحوال المجتمع ..
وكان والدى من ضمن المعترضين .. وربما مازال .
نسيت أن أقول أن مسمى وزارة الاقتصاد ألغي فيما بعد ، وتحولت إلى وزارة التجارة والصناعة ، وفى التغيير الوزارى الذى جاء بالدكتور أحمد نظيف رئيسا للحكومة فى يونيو ٢٠٠٤ ، ذهب د يوسف بطرس غالي إلى وزارة المالية ، وأخذ معه اغلب الطاقم الذى عمل معه فى وزارة الاقتصاد ، ومازال أصدقاء لى يعملون هناك فى مكتب وزير المالية ، ومازلت العلاقة مع بعضهم مستمرة ..
عملت معيدا بالجامعة منذ ديسمبر ٢٠٠١ ، واجتزت مرحلة تمهيدي الماجستير - سنتين - ثم سجلت لدرجة الماجستير عام ٢٠٠٣ ، وكان عنوان الرسالة أثر الاستثمارات الأجنبية المباشرة على القطاع الصناعى المصرى ، ونوقشت الرسالة فى شتاء ٢٠٠٦ ..
وأصبحت مدرسا مساعدا ..
وبدأت فى مرحلة تمهيدي الدكتوراه - سنة واحدة - وفى بداية ٢٠٠٨ بدأت في إعداد رسالتى للدكتوراه ، وكان عنوانها قياس القدرة التنافسية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر ، ونوقشت الرسالة فى ١٥ مايو ٢٠١١ ..
ومع مجئ عهد الثورات والتغيرات السياسية الكبرى في مصر ، اخذتنى السياسة بعد ٢٠١١ ، اهتماما ومتابعة وتفاعل ..
ولم يكن هناك فى ظروف مصر المضطربة خلال عهد الثورات فى ٢٠١١ و ٢٠١٣ وما بعده متسع لأحد يهتم بشئ آخر ..
كان عملى فى الكلية فى التدريس للفرق الدراسية المختلفة وفى أعمال الإمتحانات والكنترول يسير في مجراه الطبيعى ..
لكن عملى البحثى كان قد توقف مع ظروف مصر السياسية الصعبة ، ولم أجد فى نفسى أى قدرة على الكتابة الفنية في الإقتصاد ومصير البلاد كلها فى مهب الريح ..
وبدءا من عام ٢٠١٧ بدأت أرجع الى عملى البحثى ، وأعمل في أبحاث الترقية ، ومع نهاية ٢٠١٩ كنت قد كتبت ستة أبحاث كبيرة ونشرتها في مجلات ودوريات علمية كبيرة ومحكمة ..
قدمت للترقية لدرجة أستاذ مساعد فى الاقتصاد فى أواخر ٢٠١٩ ، وأخذ الاورق المطلوبة وإعدادها وقتا ، وفى مارس ٢٠٢٠ توقفت الدراسة فى مدارس وجامعات مصر ، وبعدها بقليل توقفت الحياة كلها فى مصر وفى العالم بسبب فيروس كورونا ..
وكان على أن أنتظر انحسار كورونا ، وحتى تعود الحياة العادية والعلمية إلى طبيعتها ، ويرجع البشر إلى ممارسة حياتهم ومهامهم ..
وهو ما تحقق نسبيا في منتصف العام ، وفى ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠ اجتمعت لجنة الترقيات وكان قرارها بترقيتى لدرجة أستاذ مساعد فى الاقتصاد ..
وانتهت الأوراق والموافقات في الجامعة فى أواخر يناير ٢٠٢١ ..
عرض على عميد الكلية السابق أ د . محمد يونس - متفضلا وكريما - العمل معه في منصب وكيل الكلية ، فاعتذرت مقدرا للرجل فضله وكرمه ، فقد كان منصب وكيل الكلية يستدعى إقامتى الدائمة في القاهرة ، وهو ما لا أستطيعه حاليا لارتباطات عائلية غالبة ..
عرض على الرجل الكريم وكالة الكلية مرة ثانية فى الفصل الدراسي الأول من العام الماضي ، وتكرر الاعتذار والشكر والاعتراف بالفضل ..
ومع تغير عمادة الكلية فى شهر أغسطس الماضي كان على أن اختار بصفة نهائية ، إما العمل وكيلا للكلية أو رئيسا لقسم الاقتصاد بالكلية ، واخترت رئاسة القسم ذات الأعباء الإدارية الأقل ..
وانتهت الموافقات والأوراق في الجامعة بتوقيع رئيس الجامعة على القرار يوم الإثنين ٦ مارس الماضى ..
رحلة طويلة وجميلة قطعتها منذ دخولى كليتنا طالبا في خريف ١٩٩٦ ، ثم معيدا فى قسم الاقتصاد عام ٢٠٠١ حتى رئاسة القسم فى مارس ٢٠٢٣ ..
عملت فيها مع أصدقاء ورفقاء وزملاء - من قسمنا أو من أقسام الكلية الأخرى - كانوا اعز الأصدقاء وأخلص الزملاء ..
وعشت معهم وبينهم فعلا اوقاتا جميلة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات