الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغير مفاهيم حقوق الانسان وغلبة الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية

صادق الازرقي

2023 / 3 / 12
حقوق الانسان


عندما صدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 كان الجانب السياسي قد طغى على غيره من الجوانب، ربما تأثرا بتبعات الحرب العالمية الثانية والحروب التي قبلها، ومنذ ذلك الوقت حدثت تغيرات هائلة في الحياة البشرية جرى فيها منح الاهتمام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما مع الأزمات التي تعيشها بلدان العالم وارتفاع الأسعار والاوبئة المتكاثرة، والكوارث الطبيعية.
وبالتمعن في الصيغة الرئيسة للإعلان كان قد جرى التأكيد في الديباجة على الأسباب التاريخية والاجتماعية التي أدت إلى ضرورة صياغة الإعلان، فنصت المواد من 1 إلى 2 على المفاهيم الأساسية للكرامة والحرية والمساواة، والمواد من 3 إلى 5 على حقوق فردية أخرى، مثل الحق في الحياة وحظر الرق والتعذيب، واشتملت المواد من 6 إلى 11 على الشرعية الأساسية لحقوق الإنسان مع توفير سبل انتصاف محددة للدفاع عنها عند انتهاكها.
ونصت المواد من 12 إلى 17 على حقوق الفرد تجاه المجتمع، بما في ذلك حرية التنقل. وأقرت المواد 18-21 ما يسمى «الحريات الدستورية» والحريات الروحية والعامة والسياسية، مثل حرية الفكر والرأي والدين والضمير والكلمة والتجمع السلمي للفرد.
وقد افردت المواد من 22 إلى 27 الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفرد، بما في ذلك الرعاية الصحية. والدعم الواسع لحق الانسان في مستوى معيشي، ويوفر أماكن إضافية في حالة الوهن الجسدي أو الإعاقة، ويذكر بشكل خاص الرعاية المقدمة إلى الأمومة أو الطفولة.
وتقول الامم المتحدة انه منذ إعلان فيينا بشأن حقوق الإنسان في العام 1993، تجلّت، في العقود الأخيرة، عودة إلى الهيكل الأصلي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأكّدت مجددًا عدم قابلية كامل حقوق الإنسان للتجزئة، بحسب بيانات الأمم المتحدة؛ في موازاة ذلك برز اهتمام متجدّد بأهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا سيما في سياق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومعالجة الأزمات ومنعها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك جائحة كوفيد-19.
وجرى التشديد على الدول بضمان ألا تؤدي سياساتها وتدابيرها إلى تقويض الوصول إلى الرعاية الصحية أو تعويضات الضمان الاجتماعي، كما تضمنت حظر التمييز و يشمل ذلك القوانين والسياسات والممارسات التمييزية السارية بغض النظر عن النية. ويتطلب احترام مبدأ عدم التمييز اتّخاذ تدابير محددة لضمان حماية حقوق السكان المهمشين كأولوية.
وحتى عندما تكون الموارد محدودة، يقع على عاتق الدولة واجب اعتماد التدابير المطلوبة لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، وقد تشمل هذه التدابير الضرائب والتحويلات الاجتماعية للتخفيف من التفاوتات التي تنشأ أو تتفاقم في أوقات الأزمات، وفق قرارات الأمم المتحدة، التي ارفدت ذلك بضرورة اتخاذ الخطوات المطلوبة نحو الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع، باستعمال الحد الأقصى من الموارد المتاحة. ويقع على الدول واجب استعمال أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشكل تدريجي. حتى إذا كان من الواضح أنّ موارد الدولة موارد غير كافية، فلا يزال يتعين عليها أن تقدّم برامج منخفضة التكلفة وموجّهة لمساعدة مّن هم في أمسّ الحاجة إليها، فيجري استعمال الموارد المحدودة المتوفّرة بكفاءة وفعالية، بحسب تأكيدات مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة الخاص بحقوق الانسان.
وحدد المكتب انتهاكات حقوق الانسان بإخلاء الأشخاص قسرًا من منازلهم والإساءة الى مرافق معالجة المياه التي تلوّث مياه الشرب والفشل في ضمان حد أدنى للأجور كافٍ لعيش حياة كريمة و الفشل في منع المجاعة و كذلك الحرمان من الوصول إلى المعلومات والخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية و فصل الأطفال ذوي الإعاقة عن المدارس العادية وغيرها من الانتهاكات التي تكاثرت بسبب الفوضى السياسية في كثير من البلدان وكذلك بسبب فشل الحكومات في تنمية مجتمعاتها.
وفي العراق جرى انتهاك اهم حقوق الانسان تلك بالاستيلاء على مئات بل آلاف العقارات التي يمتلكها عراقيون باستعمال القوة او بتزوير وثائق الملكية؛ وعلى سبيل المثال تقول البغدادية بيرونيا إبراهيم أوديشو (67 عاماً) انها قضت مدة طويلة تدور بين المحاكم والدوائر العقارية لاسترجاع منزل العائلة الكائن في بغداد بعدما فوجئت بأنّه تمّ بيعه ثلاث مرات منذ عام 2012 بتزوير توقيعها وتواقيع إخوتها العشرة. هاجرت بيرونيا، وهي عراقية مسيحية في سبعينات القرن الماضي، ثمّ التحق بها أفراد عائلتها في التسعينات، وتركوا مستأجراً في منزلهم الواقع بمنطقة الآثوريين في مدينة الدورة بالعاصمة بغداد.
في العام 2019 عادت بيرونيا لزيارة قبر والديْها، لتكتشف أنّ منزلهم قد جرى بيعه في عام 2012 بتزوير توقيعها وتواقيع إخوتها العشرة، علماً أنّ أحدهم توفي قبل بيع المنزل لكنّها وجدت اسمه ضمن أسماء الموقّعين.
لجأت بيرونيا لتوكيل محامٍ وقامت بمراجعات متكرّرة لدوائر العقار والمحاكم أملاً في استعادة منزل العائلة الذي يمثل آخر جذورهم المتبقية في العراق، على حد وصفها، في المقابل، وبحسب أرقام غير رسمية يملكها نائب سابق في البرلمان الاتحادي يرتفع العدد إلى أكثر من 60 ألف عقار تعود لأفراد جرى الاستيلاء عليها في جميع المحافظات خارج إقليم كوردستان، كثيرٌ منها في محافظات الوسط والجنوب التي لم يدخلها "داعش"، بحسب تعبيره.
ومن المهم الإشارة هنا الى الإهمال المتعمد بحسب المراقبين لأملاك يمتلكها كورد عراقيون فيليون معظمهم بغداديون، هجروا ظلما في عقود سابقة وسرقت أملاكهم واموالهم ولم يجر حتى الآن حسم ملفات كثير منهم وإرجاعها في انتهاك فاضح لشرعة حقوق الانسان على حد وصفهم.
ويقول اكاديميون انه في ظل الحكومات المتلاحقة على حكم العراق منذ عام 2021، ارتفع مستوى البؤس الذي يعيشه السكان، وأصبح من المستحيل على الانسان العراقي أن يعيش في بلد لا تتوفر به أبسط لخدمات الإنسانية المطلوبة لأي إنسان في العالم، أصبح توفر التيار الكهربائي أمنية للإنسان العراقي، وكذا الحال في خدمات الشوارع النظيفة اذ تخلوا أحياء كاملة في بغداد من الشوارع المعبدة، ويتساءلون فما بالك بشوارع الأحياء في بقية المحافظات؟ ويزيدون القول انه لا زال في العراق تجري طريقة الصرف الصحي من خلال الحفر الموجودة في مقدمة البيوت والتي تُفرغ محتوياتها بعربات نقل المياه الثقيلة، ونحن نعيش في الالفية الثالثة، ومازال العراق يحلم بمدارس محترمة لأبنائه، لا مدارس من الصفيح أو الطين المنتشرة بقرى وأقضية العراق، والخالية من ابسط الوسائل التعليمية، بحسب قزلهم، مشيرين الى ان رغبة المواطن أصبحت في التغلب على برد الشتاء، وحر الصيف التي هي من الامنيات الصعبة، لا يستطيع تحقيقها إلا من اوتي حظ كبير أو لديه ثروة كبيرة، بحسب تعبيرهم، مشددين على ضرورة معالجة انتهاكات حقوق الانسان تلك لبناء مجتمع سليم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط