الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الماضى المستمر

عيد اسطفانوس
عضو اتحاد الكتاب المصريين ــ شاعر وقاص وكاتب صحفى

(Eid Estafanous)

2023 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أو الماضى التام سمه كما شئت الا أنه ليس الماضى البسيط على أى حال ، لأننا مستلقين فى هذا المستنقع منذ قرون ولا ننوى مغادرته الى أن يرث الله الارض ومن وما عليها ، ورغم تعريف الفعل الماضى البسيط الواضح والجلى أنه حدث وقع وانتهى والزمن تجاوزه وجرت فى الأنهر مياه كثيرة ، الا أننا نأبى تصديق ذلك لاوين أعناقنا حتى تصلبت الرقاب على هذا الوضع المضحك المبكى نمشى الى قدام وعيوننا وعقولنا الى خلف ، ثم نتعجب من كثرة التعثر والسقوط والأعجب أن نتسائل (لماذا) هذا السقوط المهين ، ولا يجرؤ أحد على الاجابة والا دخل نفق التفاسير المظلم ويصبح محتما صلبه وتصويب السهام المسمومة عليه من كتائب حراس هيكل الماضى المقدس ، والأمثلة كثيرة ماضي وحاضر فما أن يعن لاى مفكر أو حتى شبه مفكر أن يتساءل مجرد تساؤل لماذا هذا العبث وما فائدة العيش فى الماضى الا وينبرى له جحافل الأولتراس المدافعين الغيورين عشاق الماضى .
والغريب أنهم لم يكتفوا بالغرق في تفاصيله المتحفية حتى آذانهم ، بل قرروا العودة اليه بحاضرهم ومستقبلهم أيضا ولم يكتفوا بأنفسهم فقط بل فرضوا قسرا على الجميع أن يصحبهم ( والا ) ، ونحن الآن ومنذ نصف قرن أو ينيف نعيش تحت تهديد مرحلة (والا) قتل وتفجير ودماء وترويع وحروب وانقسامات وتهجير ومخيمات ، وليس هذا فقط بل جرت وتجرى محاولات بائسة لاقامة ماكيتات رباعية الابعاد حوار واسماء وأزياء وخيام ، واستحضروا مومياوات تحللت منذ قرون لتخطب فينا ليلا ونهارا ، كل ذلك للتبيان مدى عظمة وجلال الماضى ، والذى لاشك فيه أن هناك فى كل حضارة نقاط مضيئة يجب الاعتبار بها والفخر أيضا لكن تظل نتاج بيئتها وزمانها وعصرها وثقافتها وليس أبعد من ذلك بأى حال .
والأمم التى استشرفت المستقبل ودعت الماضى (البسيط )بعد أن وعت دروسه باعتباره مرحلة كان لها ما لها وعليها ما عليها ، أما الحاضر الآن فهو( المضارع البسيط ) مرحلة ستعبر ولا يمكن استيقافها وما تلبث أن تصبح (ماضى ) وهكذا تعاقبت أزمنه وأمم وأعراق وحضارات وثقافات كلها أصبحت ماضى وكل مانستطيع أن نفعله هو أن نتدارس تجاربها وعبرها .
والعيش فالماضى هو المسوغ المبرر لاستمرار تجهيل البشر واعتقالهم داخل أسوار الماضى خشية اعمال عقولهم فيكتشفون الكذبة الكبرى أن الزمن تقدم قرون طويلة بينما هم غافلون او بالاحرى مغفلون ، وبالطبع لن يكون لهم اسهامات تذكر فى اعمار الكوكب وبالتالى هم عالة على بقية سكانه فلا منجز ثقافى أو علمى أو تقنى فقط مجتمعات مستهلكة ومتوترة بؤرة نزاعات دينية وعرقية ومذهبية مستدامة ولا يبدو فى الافق نهاية لها .
لكن يبدو أن هناك بصيص ضوء فى نهاية النفق فقد بدأت بعض هذه المجتمعات تفيق من سباتها العميق وبالطبع ستكون هناك مقاومة شرسة لأى تغيير ، لأن الخروج من الماضى الى الحاضر واستشراف المستقبل سيكون أشبه بصدمة عصرية ستؤذى الابصار والعقول ، وسيهب المقاومون حراس هيكل الماضى المستفيدون من ابقاء الوضع على ماهو عليه سيهبون بكل ضراوة لايقاف عجلة الزمن مسلحون بكل الاسلحة الفتاكة التى تمرسوا على استعمالها طيلة هذه القرون . عيد اسطفانوس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع