الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسْتِدارة التجديد عند الروائي حسن البحار / تتطلب النقد الثقافي

جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)

2023 / 3 / 14
الادب والفن


تمهيد:
يعود انشغال الروائي حسن البحار في روايته: " بحر أزرق.. قمر أبيض " إلى منجز يخالطه تماثل الاختصار، وهو ما يرشد القارئ بكل ما يتعلق ويقترن بالسردية من جهة الحبكة باليَقِيْن في جناس نمطين:
النمط الأول: الاعتماد على فصاحة الألفاظ حيث يكون المعنى يحتمل مسراها، خبراً، وحديثاً، ووضوحا.
النمط الثاني: هوية التغاير السارية بما يدل على معنى مختلف بقرينه، فيكون الاشتقاق من وارد الحديث، وهو الذي يأخذ مسار التفويض.
وههنا يصبح النص شديد الولوع بخصال التأسيس من معيون مبدأ واقعيته المعبر بقوانين ملحمية يعرف بها أحوال التراكيب النحوية المعرفة بصحة الكلام، وهو ثبوت شيء لشيء تعبر عن إفادة معنى تحكمه مهارة الصورة النصية النظامية المقرة بالحَوَاس البَاطِنَة، وهي القوة التي توثق سلطة طبيعة النعت المؤثر على منهاج الحَيِّز المنظور في الجناس المشترك، بوازع مساق المكانة الفنية من حيث رؤية الوجد في جوهر المحادثة بين الروائي والخصم من ناحية، وبين الروائي والمتلقي من ناحية أخرى، وهذا نماء لا غبار عليه، ليكون النص يحاكي المواجهة في مواقع الطبائع المختلفة عند المعنين بالحكاية، على أساس تنوعي محكم بتوزيع بنيوي حسب ظهور الفرد المتمثل في خصوبة الجهر المُحكَم في مسلمات الوجود، على أن يثير مقابلة المجاز العقلي الواضح في العلوم اللغوية من غير صعوبة أو عسرة، بوازع منظور الفرد الذي يلبي طبيعة الإثارة غير المباشرة والتصريح بها بأسلوبية لها علاقة بواقع المتكلمين بتأصيل العقل الفعال بمخيلته.
وبهذا الوارد أصبح السرد الحداثي يتضمن معيون باطنه في التبشير بما يتطلبه الوجوب العقلي من مغازي تعاشر مقبولية الاستطراد الدال على مفعول الكلام أنْ يستمر عليه الوعظ فيخرج إلى غيره، في سياق يناصب التجلي مع الحكاية، والشكل في هذا الخصوص يستدعي توظيف المعاني على أن تعبر عن مغزى الذات المثقفة بغير إرجاء أو تردد على أساس أنَّ العقيدة الاجتماعية في الزمن المعاصر تتمثل في ثقافة الكاتب أو الأديب بعقيدة المفهوم الاشتراكي العلماني، وقد جرى التحديث عند الكثير من الأدباء على تطوير المفهوم التنويري بالتجديد المريح ومنهم الأستاذ القاص والروائي حسن البحار الذي نحن في صدد تناوله، وبالخصوص تصوير اللباقة الاجتماعية بوازع اشتقاق سلم الحدث، وعلى ضوء هذه المبادئ تجدنا نبحر في عالم البحار إلى شواطئ شاءت ميزاتها أن تتعدد فيها مواهب إرادته المتحدة مع انجازات العلم اللغوي المتجه نحو الإبانة الملخصة في حداثية الجملة السردية. وبهذا يدلنا الناقد د. إسماعيل شكري إلى رأي محكم حيث يقول: " تعتبر الصورة البلاغية بوصفها إسقاطات أو محسنات معجمية، خاصة أنه ينظر إلى الذكاء البلاغي وفق هذا المنظور الزمني المعرفي، باعتباره قوالب ذهنية تمكن الإنسان من التواصل مع العالم وليس مجرد مُحسن للكلام.1 "وانطلاقاً من منظور إحكام المادة بذواتها توسع البحار في موسوعته الأدبية ليقف جنبا إلى جنب مع روائيين الحداثة ومنهم، حيدر حيدر، وغائب طعمة فرمان، وأ. د قصي الشيخ عسكر، والطاهر وطار، والطاهر بن جلون، وغسان كنفاني.
1- شكري، د. إسماعيل: مجلة عالم الفكر، مطابع دار السياسة، الكويت، الطبعة الأولى،2009، ص129
وهنا نجد البحار يلجأ من خلال معالجاته الروائية والقصصية الحيويّة هذه إلى محاكاة التفوق الأدبي المعاصر في العراق وبعض الدول العربية، بأنه يُعَرفْ لغته الخاصة على أنها وضعت سردية جديدة في سياق أختص به هو، ويعرف التعبير عن رأي أو موقف في تركيب المعاني الصادرة من المواقف الاجتماعية التي تصاحب البطل أو الخصم أو ما بقي من الأشخاص المشاركين في هذ النص الروائي، بالصفات التي يختلفون في حملها، سواء أكان تميزها عن بعضها البعض بما يطرحه الفرد من حيث المنظوم الموزون في صفاته بالذوق بمعيون مسلسل ومرتب يعبر عن الذات كما لو أنه يوصل للآخر مرتبة التحليل والتعليل للخروج برأي يتمتع بصورة كاملة تطرح الأفكار الدالة على الواقع المتواصل مع المتخيلات بصورته الحسيَّة المتكاملة في بيان تلاقي الأفكار الموزونة على طبيعة النص بإحكام تتفوق لغته وسرده وفصاحة تداور التسجيع على ضوء بناء التحليل مأمون النسق المتقن والدال على ما تنطق من الذات التي لا تحتمل النسخ. والبحار يعلم من منظور معرفته الثقافية فيما يتعلق بأصول ما تتطلبه اللغة الأم وما يتفق معها من فنية علمية كالمجاز والتنوير والبلاغة والمحاسنة اللفظية والتحكيم والتسجيع، فلكل علم من هذه العلوم اللغوية المحكمة له منهجه الخاص عندما يتعلق الأمر بالنقد الأدبي الثقافي، لأن الاتجاهات الحديثة التي توسعت وتغيرت قواعدها على أساس تطورات الحداثة الأدبية بشكلها العام، تتطلب من الروائي أو الشاعر أو القاص أن يعالج نصه وإعطائه الكثير من مَحق المحادثة في طبائع الوعي التطوري، والاتصال بالمجتمع من موقع متطور ومختلف. وهنا يقول الناقد د. إسماعيل شكري: " المحصن أن نستحضر لغة واصفة للإنسان المتعلقة بالصور البلاغية، حيث ننعت النسق بوحدة المفهوم، أو تعدد المفهوم، وذلك ضمن البحث عن الغايات والمقاصد المحركة لكل نسق2"
تميزت الرواية العربية بين الأربعينية والسبعينية بأنها أخذت تعالج المتغيّر في أسلوبية تأثيرها منهجياً لحظيّاً خاصة عند الروائي المصري نجيب محفوظ، واحسان عبد القدوس، ومحمد عبدالحليم عبدالله، حيث أصبح السرد المطول يرتكز بشكل أساسي على المتخيل الفطري الذي يشتمل على أحكامٍ جزئيةٍ، وكأنه يسرح في الفضاء الحسي العاطفي الذي يرتكز على الكثير من المتصورات بوازع قواعد وشروط معينة تستمد الثقافة الذاتية من منظور دائرة التنبيه والتعيين بالشكل الملحوظ المستحسن حاله، بينما نجده في مكان آخر وكأنه يعوم بتطويل المقطع التصويري، وبالشرح الممل في المحادثة، وتفضيل مسايرة المعاني بصور متلاقية ليس لها فطنة تختصر الأحكام الجزئية، غير المكررة في مستدر تعمقَ بالإسهاب في طرح المبادئ في اتفاق الفواصل في المنثور عندهما، وعلى أثر هذه الأسلوبية برزت مجموعة من النقاد اللغويين العرب الذين تواصل اهتمامهم بالدقة والمعرفة بأسلوبية نقدية أكاديمية توازن بين أديب وآخر بالمحكم في دقة المادة المدونة بالحرفية في مستواها، كما عاينوا النظر في الصفات الفنية وحرصوا على بيان دقة العلم اللغوي على أشكاله التي يتطلبها الموضوع المطلوب تفعيله، كما عمدوا على إحصاء الصحيح عن غيره بشكل تفصيلي من معيون المفاضلة والموازنة بين الأدباء، وهنا ينظر الدكتور عبدالرحمن بدوي على أن التصاريف والنظائر ضرورة أن تتبع "الأجناس لأجناس، والحدود لحدود، فواحد3" ومن خلال هذا المدرك الفلسفي وصفَ المُرشد علمه النقدي بالمرجئة، بمعنى إذا اعترف بالأول فالواجبٌ ومن الضرورة أن يعترف بالباقية. خاصة في تَمَيّزْ الجنس الروائي، بعد أن برز كتاب الحداثة مبينين الطاقة المختصرة ذات الوقع المؤثر في صحبة تجمع الروائي بالقارئ، بمعيون الاتجاه الذي يعتمد الثقافة المؤثرة في العلم الروائي الملموس نجاحه بتأثير تفضيل المتلقي له، كما فعل الحسن بن بشر الآمدي في كتابه الرائع الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري.
2- نفس المصدر، ص131
3- بدوي، د. عبد الرحمن: منطق أرسطو، الجزء الثالث، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى،1980، ص719.
إذا قلنا أن البحار يبصر المناكب بالمعنى الذي قصده في استطراد يحرك المحادثة بين ثنين أو ثلاثة أو على ما يزيد مع الخصم فهذا يعني شيئا أن الروائي "البطل" لائق في تنظيم الحديث، لأنه إنما يراد الكشف عن ثقافة ووعي الفرد الذي يجعل من مهمته تحرك المتابعة للأحداث بدقة ومهارة، وهذا لا يدل على توظيف الذات في اكتشاف تجربتها الباحثة عن تجربتها المعاصرة، بقدر ما تبحث بانتباه شديد المعرفة التي تدل على ربط مسيرة الحقيقة بالواقع في زي كلاسيكي يتساوى مع التجارب المجددة، مقابل ما هو منسحب على أهمية الزمن وهو أن تخذ في بيان تصور حدث في مكان ما، فيكون الكلام يعني شيئاً يتواصل مع السياق اليقظ في المودة بين الشخصيات التي تكمل التناصب الواعي بين البطل والخصم وحاشية الرواية، وبهذا التوظيف تكون الفترة الروائية مثمرة لموضوع جدي ومتنوع يحصد ثمار الثقافة الشخصية حيث تمضي مستقيمة لا غبار عليها ولا دثار يثير قلقاً ونزاعاً لا يتقبله القارئ، ولأجل ما تقدم وجدنا حسن البحار يبحر في زوايا مضيئة التدوير السردي المركب بعناوينه، من بيان تلاقحه المعنوي وكأنه يواجه المفكرين والباحثين والنقاد في اكتشاف اسلوب متفق على تنصيب رواية ذات شأن تعاصر التاريخ الأدبي العربي بإلمام لجيل فضل مقاربة الفواصل الحسيّة في المركب المضاف بحالاته المختصرة وبأحوالها الملفتة للانتباه المعزز بالتباين بين الجمل القصية التي اتسعت بها المعلومة المحكمة، بما جاز واختصر فيها السردية التي كانت في الرواية الأربعينية منفتحة على الأوهام والملل والتثاؤب.
بعد جيل السبعين في عموم البلدان العربية حدثت تطورات ملموسة في تجديد السرد الروائي على نحو مختلف في بنية الأسلوب الروائي المعاصر، التي اتسعت دائرتها، أي الرواية بالاهتمام المجدد للخلق الحداثي معتمداً التتميم النسبي في التمييز، ومن خلال اطلاع الكاتب على السّر المنفصل في بيانه المعبر عن السر الوجودي الكامن في عبقرية الأديب، بالمهارة التي وافت العقيب المؤسس لبنية ما يحتاجه الكلام السابق إلى الكلام اللاحق فتصبح اللاقحة متممة لما ينكشف عن المعاني التي تفرش بساطها أمام المتلقي على اختلافه، يدلنا يحيى بن عدي إلى: " من الكلام ما خلا النحو إن لم يظن ذلك في التركيز على مقام النحو، أن يكون عارضاً في طوائف الكلام ما خلا، فإنه لا يظن ذلك به 4". ومن خلال هذا الخلق اتجه الروائي حسن بحار إلى تخصيص علم التدوير في تثوير الإيقاع والرشاقة الأسلوبية في جو المحادثة، فبدأت مناقشة الأفكار تصحح تفعيل الاتصال بين الجماعة أي بين أبطال الرواية، لجعل النص يأخذ مجراً في تبادل الخبرة والموازنة أن تختلف عن ما سبق، وأن حظيت المجانسة العلمية على تطابق التفعيل الفني بالتكنيك المُحدث في مركباته ودلالاته الكلاسيكية، وهذا لم يحصل في رواية الجيل الثاني بين: "1921 – 1980" بعد خصب التطورات التي حصلت على يد يوسف إدريس في روايته " العسكري الأسود "، وعبد الرحمن الشرقاوي في روايته " الأرض "، والطيب صالح في روايته " دومه ود حامد " حيث كان الفارق واضحاً ومفيداً للجيل المشار إليه أعلاه، الذي تقدم فيها نجيب محفوظ بتوسع كبير في بعض من رواياته، وهذا مما لم يحصل في الجيل الأول الذي اعتمد الحكواتي المكرر سُلَمَه، فأصبح القارئ أو المشاهد يفضل الحكاية السمعية أكثر من الورقية، وجهاً يحسنُ اللغة لأجل البيان الذي يُحَكمْ أن يورد ملازمة المذهب الكلامي ملزم يفيض اللازم به، ثم يدخل الروائي قارئه بتفضيل مرتبة المرادف على حالتين:
4- بن عدي، يحيى: كتاب منطق أرسطو، الجزء الثالث، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى 1980، ص997.
الأولى.. أن يؤكد التفعيل على المجرى الذي يستثني المديح، ويعالج بما يكون مُشبها بالذم.
الثاني.. على الروائي أن يكون ملماً في مكان وزمان التوجيه، وهو في معالجة شيء يقتضي المدح، على أن لا يمعن بالتوهم أنه استثنى بما يذمّ به الممدوح.
وفي نهاية التمهيد وجب أن أقف مبيناً الشخصية الروائية الدالة على علوّ الدرجة، التي يتمتع بها العراقي حسن البحار أنه جعل من النثرية المتحولة من الشاعرية إلى الروائية تتسم بالسردية المركبة من حيث باطن المحادثة، بعد أن عالج التعليل بالتفعيل فسقى المحادثة وسع القرب من أجل ما اختص به من الموازنة على جهة التتميم، بصفات تأتي على جهة الاستشراق بصفة يسردها أحد أبطال الرواية حسب ما يقع عليه الكلام من معرفة تؤسس فصاحة الدلالة في موقعها، وهنا تم علمنا بالتدريج كيف أصبحت الفصاحة التي تزدان بها رواية البحار واضحة كما تقتضي المعاني حضورها من أجل اثبات المحاثة في النفس المعللة بالتواصل الذي يحاكي التَّأكيد اللَّفظي في محصول الأدب النقي من جهة النظم والسياق الذي يواجه رأي المتلقي، ومن هذه المكانة التي أجادها البحار كروائي بين مشتهاة المتلقي أو رفضه، كان قد حدث هذا مثله بين ديستويفسكي والمتلقي لا على التخصيص، وأنا واحد من هؤلاء وخاصة بعد أن أنصب اهتمامي على تفكيره وعلى العلاقة بين المرتبة الأحدية والقارئ من جهة، وبين المركب التام في تحقيق الإفادة اللغوية وخاصة في منظور حكمة المجاز العقلي، لأن لكل ثقافة أسلوب خاص بها، ومضمون يحكم شكلها الذي يشتمل علم الفاعلية، المفترض أن ينحى بخصوصيته حتى يكون مكرراً فيصبح مملاً.
الرواية
نؤكد ما تناولته رواية " بحر أزرق.. قمر أبيض " ومحققها الروائي والقاص العراقي حسن البحار أنه لم يترك له أمنية يرجو حصولها إلا وحققها، ونحن هنا نؤكد لِما دلت عليه الرواية من شاعرية النثر في سياق الرواية المجددة بجمع مضمونها الدال على شكلها الوارد في فائدتها بعد أن ذيَّلها بتبيينين أنه جعل من النثر يتساوى بالتصور مع السرد، لأنه مصرحٌ بأن حداثة السرد يمتع القارئ إشاع التلقي المكثر من غاياته المتجانسة مع الشعر الرومانسي الذي سميَ بأدب المديح، لأنه عزز مفهوم الوجه الأول على أن يحاور الوجه الثاني، ثم أكد هذا المفهوم لكل قاطع في المنفى بالظن واليأس، وفي الوقت ذاته أنار الجودة ظاهرة الحمل لوارث أتم النجاح، وحال العطاء يقول كأني أصحب التأويل بين النص ومتعة المكان بالأمل، يقول هارلود بلوم: " علينا أن نتجه إلى فكرة الوصل التي سميناها تكامل وتضاد " tessera” التي تعبر عن نوع تختفي شفافيته من القواسم التنفيذية في مرحلة التكامل التضادي 5". وهذا تأكيد لما دلت عليه شكيمته بواقعها الدفين وشكلها المعلن بفائدتها الدالة على مضمون واقعيته، أن تكون حياته الخاصة مسوقة بما أختص به من المكانة الاجتماعية والزلفة الخاصة التي هي تكابر نجاعة الشخصية، لأن هذا العموم قاطع لكل مستوى اجتماعي وثقافي وإبداعي، فالفعل يدوم والشخصية تغادر مع بقاء فعلها، " وفي القرآن: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد" فالجنس البشري لا يتمنى شيئاً مثل ما يتمنى بقاء الذِكْرُ الحسن، وتلك صفة تعم النجاح لكل فرد يحقق لذكراه التجلي الذاتي، وهذا تفعيل
5- بلوم، هارلود: كتاب قلق التأثر، ترجمة: د. عابد إسماعيل، دار الكنوز الأدبية، بيروت 1998، الطبعة الأولى 1998، ص74.
الاشتقاق لما ترك في الدنيا من أثر حسن، وكأن رواية البحار تستمد مكانتها وقوة تأثيرها على القارئ من مصدرها الذي هو تنظيم ثباتها المرن، وتأثير الجملة السلسة بسياق التلاقي ببعضه، خاصة في تَبشير البطل في وصف شخصيته واعتدال علاقاته الشخصية، وهنا ندخل تخصيص التَّحَرِّي من سلطنة التخارج فيما توزع بالنص من أثمان الكلام بالصحبة وطبيعة العلاقات الاجتماعية قوله:
" يبدو من المناسب عند هذا الحد أن أذكر كيف تعرفت على ريتا، وأين؟ قبل كل شيء كنت أحمقَ في نظر بعضهم، منشغلاً في بحثي عن الهدوء. لا أخفي شعوري بالحياة، نقطة ضعفي الحيوية أومئ للناس بوديّة مفرطة. أتجنب الوقوع في المهالك، أغوص في عالمي الخاص متسائلاً عن معنى الحواس وما تبعثه للروح من ملذات كانت بعيدة عن واقعي حتى في أحلامي القليلة، ما كان بوسعي أن أدرك أنني قد أفسدت علاقاتي بمن حولي، وانتهيت وحيداً، ذلك لأن عفويتي كانت تفسر تصرفاً ساخراً حتى جاء اليوم الذي أشعلَ في نفسي شرارة التميّز عن غيري عندما جمعتني الصدفة و " ريتا " الراكضة قرب حدائق الخرافة مثل مصباح منير لمحتها هناك."
يتجه البحار في روايته هذه إلى يتناول محاور فقرة هي الغربة، والغرام المعنون في شخصية "ريتا"، والعمل في كل المواضيع الصعبة، حيث يكون الارتجال ببعض المقاييس وارداً، ولذا فنحن نجده يحدد موقفه المنفعل تجاه محور الغربة والغرام بآن، لكنه مضى يتحدث في إسهاب حول محور الغرام الممكن، على أنَّ ولعه بالحب يجده محرضاً ورافداً لاهتمامه بالتعرف على تاريخ البلد المضيف، وهو الموضوع الذي يترك فيه المجال الحر للاطلاع المعرفي على ثقافة أهل المدينة الغريبة التي حط الركاب فيها، حيث يجده شائكاً مع أنه يواجه حالة طبيعية لكل أديب سواء أكان روائياً، أم شاعراً، أم ناقداً، ومن خلال التركيز على هذا الموضوع أخذ البحار يقارن جمال المدينة بجمال ريتا، وفي بدء التعرف بريتا كان مندهشا بجمالها العذب كما أسماه هو في قوله: " أغوص في عالمي الخاص متسائلاً عن معنى الحواس وما تبعثه للروح، من ملذات كانت بعيدة عن واقعي، حتى في أحلامي القليلة" وهنا فهو يحدد انجذابه الخاص لهذا العنصر الهام في حياة الفرد بكلها، وقد تضمّن سياقه تركيباً وتداخلاً مع المجتمع بشكله العام، كما قال ماركس: "الخاص جوهر العام" ومن خلال هذه الأدائية نستسلم لإثارة تحرك المشاعر الصادقة، لذلك لا يستطيع أحد أن يلوم الكاتب البطل الذاتي بالمباشرة، بخصوص تفجير مشاعره الصادقة اتجاه ريتا، في قوله: "حتى جاء اليوم الذي أشعلَ في نفسي شرارة التميّز عن غيري عندما جمعتني الصدفة مع ريتا." لا شك أن البحار تحامل على أمنيات الوجدان الحر بميوله إلى العلاقات المنفتحة، التي تساقي الانفعالات من قوالب التراث القاسي الذي سبق وأن ترعرع فيه.
نستمر نطرق أبواب التحصين والتغاير بما يدل على أنواع البديع المقرون بالفصاحة المعنوية، التي أثارها البحار في روايته: "بحر أزرق.. قمر أبيض" قائلاً:
" كنت أهتز من الداخل أمام عينيها المتألقتين، يحركني لهاث السؤال: " ما سرّ هذا الترحاب؟ بعد كثير من التردّد في الرد، نافضة شعرها إلى الخلف، كشفت لي عن وجهها الذي يضفي عليه بعض من المطر الذي توقف قبل دقائق لمعاناً. "
أبحر البحار في إيراد علم البيان بما يدل على معنى بشبيهه كما نراه موضحاً بالوصف الدال على جمالية ريتا، معتمداً على فصاحة الألفاظ على أنها تعبر عن بلاغة التثوير العاطفي المرتبط بالمعاني المتحركة، وهذا يوضح طبيعة نمط التغاير بوازع اعتبار الذات حالة تؤجج الذروة في لحظة تستمر لزمن مسجونة في المتخيل النوعي، وهذا يعني أن كل ما ورد في المقطع أعلاه تضمن ما يرشد إلى المدح الذي اقترن به جمال ريتا، لأن الإنسان إذا وقعت مشاعره في الحب يغلب عليه التصور المعلن، لأن هذه الحالة هي من يحكم فيها المدح بصدق لا محالة، ويجوز أن يكون المغرم صادقاً، وتسمى بهذا المعنى الغرام المتبادل أو المشترك باتصال يمثل حالة التجلي الهادئة بينهما، وهذا مقترن في قوله: "كنت أهتز من الداخل أمام عينيها المتألقتين." هو الشعر إذاً عظيم الولوع بالخصال التي تخالط السرد وتفرض التمسك بالصورة التي تضمنت كمال المدح والإعظام، وهنا يعود انشغال البحار في فترة مبكرة في حياته وسط غربة بعيدة كل البعد من حيث نمط العلاقات الاجتماعية عن واقعه وأسلوبية عاداته وتقاليده التي تربى عليها في وطنه الأم، ومع هذا المحمول الاجتماعي القاسي نجده تأقلم مع الحضارة الاجتماعية في بلد آسيوي، فأصبح هذا التأقلم يتعلق بالخيارات الأخلاقية سواء أكانت على المستوى الفردي أم على المستوى الجمعي، وهكذا فان البحار لا هم له إلاّ التَّداني الشخصي من الواقعية الجديدة، لأن حياته وبعد التعرف على ريتا أصبحت مثالية تختلف عند غيره من الأفراد.
ونحن نتواصل بالإيماء المتضايف في الإيمان الروائي المطعم بالشاعرية النثرية في مقامها الاستثنائي، على قدر الجودة التي نقرأها كما سنقرره ونظهر أمثلته من المعاني واستنباطها ونفصل المتأملات بالإجمال والإثبات، تارة يكون ذلك من النقائض والأضداد، وتارة من الفطنة وفصاحة البرهان حيث يقول:
" تعاملت معه بطريقة الاستدراج أدفعه للبوح بكل شئ لكنه تكلم عكس ما تخيّلته عندما قال بسعادة غامرة:
- دوماي بلدة عزيزة علينا، دافع عنها أجدادنا زمن الاحتلال بقوة رجل واحد، رغم اختلاف انتماءاتهم العرقية والوثنية،
- كيف أتفق أجدادكم كرجل واحد أمام هذه التحديات من اختلاف انتماءاتهم مثل ما تقول؟
- أنظر، أنظر هناك عند تلك الجبال العالية بسفوحها الخضراء المزدحمة الأشجار المختلفة المحملة بالثمَّار، نحن هكذا."
تعتبر اللغة المُرًكّبة في القضايا التي قياساتها معها تحاكي الكفاءة التصويرية ا في لغة حسن البحار وذلك في توازن سرد الصورة القَوليّة الوجودية، وعلى ضوء مكننة إحكام الكناية الجناسية التي تقع في البنية اللغوية وَتُعَدْ من مركبات المجاز، كالمجاز العقلي، والمجاز المركب، والمجاز اللغوي، والمجاز المجمل، وتتم لغة البحار بين الفصيح والأفصح كما عبر عن هذا بن بشر الآمدي، وهذه هي فائدة علم البديع كما عبر عنها علي بن إبراهيم العلوي اليمني، وفي هذا الكَيْف نجد الروائي البحار يذهب في جولات طويلة ومتعددة في أماكن محدود، يخاطب الطبيعة وكأنه لا يمتنع انفكاكه عن ماهيتها من حيث هي هي، خاصة في مفهوم الحريات التي يتمتع بها المواطن في مدينة دوماي، ومن ثم ينتقل إلى مساع للبحث عن التاريخ في أحد مدن إندونيسيا: حيث تتحرك المُسامَرة في المدينة دوماي بواسطة مرافقه أنطونيو صاحب الدراجة، حيث يشرح له كيف للسفينة أن تسير بدون القبطان.
يتواصل أنطونيو المرافق قائلاً: "صمد أهل المدينة بالدفاع عنها رغم اختلاف انتماءاتهم العرقية والوثنية"، لعل وفرة الصورة الروائية تَحكم الجاذبية السياقية تشكل حافزاً مقبولاً يثير انفعال الناقد العربي وهو يفكر أمام تأثير النص الروائي عليه، فتكون استجابة الناقد تلازم وفرة رغبته بالدخول إلى النص الروائي المطعم بالحداثة والتجديد، وباعتقادي فأن هذا الأمر مرتبط بقدرة الروائي على إلزام الناقد بالتعامل الايجابي مع الحكاية وعلمها اللغوي، ومجازها النحوي، وهذا ما يجعل هذه الرواية أو تلك مفضلة عنده.
وفي هذا الفصل " رائحة الرغبة " يدخل الروائي البحار في المواظفة والطباق المعنوي فيمن توازن الرشاقة، حيث نجده يظهر بنظر دقيق البيان، باستخراج معدل لما قبله من سرد للأحاديث التي مرت بتفطن كثرة التزامه بمعان متداخلة يشتمل عليها استمراريته وتعلقه العاطفي المتكاثر بريتا حيث يقول:
" في زحمة الأفكار عند قراري الذي اتخذته للتو كنتُ أتخيل القادم، بقيتُ لوقت ليس بقصير في بحر من الأخيلة ألمس الضوء، أحتمل الجنون من الانتظار، أعوم بالصمت تارة، وأخرى أشق التفكير إلى السطح حيث لا أحد.
لوقت مضى ولا أعرف كم كنت قد قررت مناداتها "ريتا " وإذا بها تظهر من وراء ظهري، ضاحكة تلاعب بيدها شعري وتقول:
أأنت القبطان؟
قبل الإجابة، أفرغتُ في فمي ما تبقى من الشراب، ثم ألقيت عليها نظرة، تبادلنا الصمت طويلاً، احتويتها بكامل قامتها، ونظراتها ممتنة، فما كان بمقدوري أن أحول عنها، فائقة الجمال، طفلة تائهة تتحرى جواباً، عيناها تتسع تساير صمتي، تمنيت لو كذبت عليها وقلت: "نعم" لكن سرعان ما قلتُ في نفسي أن هذه الأمنية
تتعارض مع مبادئي، وأنا ما زلت مع نفسي، وإن لم أك القبطان فأنا رقيب الماكينة التي تجعل من السفينة تسير ليكون القبطان قبطاناً، حقيقياً فهو البحار، أجبت مؤكداً على مخارج حروفي: لا"
لعل مشكلات المغتربين هي الوحدة التي تجعله يدور حول نفسه، تلازمه براءة الخاطر التلقائية، حيناً يكون مفرطاً في الدهشة التي تسبب له انشغالاته بالمكان وما يُنظر فيه، والزمان وما يحتسب له من الوحدة وقسوتها، ومنهم من ينظر إلى الزمن المكاني على أنه حصاد ينتهي، حيث تظهر تأملاته المخصصة أو المعينة لتحقيق المراد أن يحقق التركيز المصاحب للتريث ومعالجة المقرر في زيارته لهذا البلد، وهذا هو حال بطل الرواية الذاتي، ولعل السمة البارزة في هذه الرواية هي ذلك السياق الذي يفضي إلى تداخل الحالة الذاتية "أي البطل" مع الواقعية المحيطة به، تشاطره الأخيلة لعله يلمس الضوء، فهو كما يقول تحاصره المشاغل في زحمة أفكاره، في قولك " في زحمة الأفكار عند قراري الذي اتخذته للتو كنت أتخيل القادم" لم يحدد من هو القادم وهو لم يلتق إلاَّ بشخصين هما قائد الدراجة والحب ريتا، إذن فالقادم غير معيون أو محدد، ربما ننتظر لنعرف من هو المشار إليه بالانتظار!، وهكذا فعقدة الصمت انتهت بوجود ريتا حيث كانت تقف خلف ظهره، فالمشهد الذي فاجأه به أزال عنه صعوبة كادت تدخله إلى الأحوال المعقدة المحيطة بأجوائه، خاصة بعد أن نقلته من حال إلى حال تمثل بالدهشة المحكمة بالحبكة.. قائلة له: "هل أنت القبطان؟" مسته حالة تشكيك بموقعه في السفينة ومكانته العلمية أو الفنية لكنه دخل يصاهر السؤال ويجيب من واقع الذات وطبيعة تخصصه، لكنه وبالتالي أجاب بالتَّشريع.
ونحن أمام براعة التوشيح وتمكنه من صناعة الحبكة بالمقتدر في تفوقه على كثير من الأساليب، نستمر نقصد المصدر المعبر عن الدهشة الروائية عند البحار في معيون ما نجده في: " قرية سادرون " نقرأ ما حصل بعد كل ما ورد في متخيله من أحداث وتصورات وحوارات تلهمه الخبرة عن المكان، والعشرة مع المحبين له، وهكذا نستمر:
" يبدو أن ريتا تعرف جيداً أين تقودني بين يديها أتحرك بثقل وهي تحت ذراعي اليمنى تلفني بذراعها اليسرى، نترنح بصعودنا التلة، من فرط الضحك سقطنا على الأرض، كانت الطريق الترابية زلقة ما زالت الرطوبة مستمرة، بسبب الأمطار التي تركت برك ماء في مناطق مختلفة على مسافات متقاربة، تركت الأقدام أثراً على الطين من الذين سبقونا في الصعود، كانت آثارها تؤدي إلى الأعلى، ومن حولنا بنات الأزهار الواقفة وقد نظّفتها الأمطار، بينما كانت جذوع الأشجار المقوسة مغطاة بطبقات من الطين، مدت ريتا يدها إلى الأغصان وهزتها عبثاً، تناثر من الأوراق قطرات ماء لفحت وجهينا وبللت ملابسنا، سمعتها تضحك، وعندما رأيت السرور نابعاً من أعماق قلبها ضحكتُ معها وفكرت في نفسي أنني في الجنة، على الرغم من تخبطات أقدامنا في البرك المائية، وتلوث أطرافنا بالوحل كنا في غاية الاستمتاع، نسير مثل عصفورين بللهما المطر يبعدان الماء باهتزاز جسديهما، إلى حد الركوع في الصمت فقلت في نفسي: إنها من النساء اللطيفات الاتي يشبهن قطرات عسل."
يستمر البحار في حَمْل المُوَاطَأةِ في الوصف بالظاهر المعبر اشتقاقه عن إدراك الملائم الفعلي للمساقاة المختصرة في إيحاء الحكمة المنطوق بها، خاصة في تمكين الحداثة من الانتشار عند الروائي العراقي عامة، وبالتحديد عند المثقف اليساري المجتهد في الأمور الحضارية عامة من وجهة نظر فكرية وسلوكية وإبداعية، بخصوص الأدباء الذين يعرفون حقيقة المؤسسات الحكومية أو السياسية العميلة، أو الأحزاب الإرهابية، ومن جهة أخرى لو أن البحار كتب الشعر بدل السرد الروائي والقصصي هل يتجاوز اتساع الحركة الشعرية العربية كما فعل في السرد الروائي؟ مع بعض التحفظ على الأنوية القاتلة، أو المثالية، أو التراحم الذي يضيع في السيرة الذاتية عن عمر توسط الأربعين، والحقيقة أن البحار أراد من روايته أن تلبس قلب الحداثة والاتجاه بها إلى تكثيف الجملة التعبيرية بدرجة مقبولة أو بأخرى تتألق في صلب التوهج المشاعر الذي لا يجرده عن الإخلاص لمن حوله من المحبين، وبهذا يقول نيتشه: " تصحيح الأسلوب يعني تصحيح الفكر، لا غير، ومن لا يصلحه فإننا لن نقنعه بذلك أبداً 6" وتلك الإشارة تعني عشرته مع طبيعة قرية سادرون، فقد اختار الروائي الصعود الطبيعي في المناخ وعلى الأرض ليجعل من هذا اللقاء متمماً للعلاقة الحبية بينه وبين ريتا، وبالتالي هل أن الفكر العربي أتسم بطابع ناجم عن التوحد تحت لواء علم البيان ولطائفه المعبرة عن فصاحة اللسان باختلاف مناخية الطبيعة في قوله: " مدت ريتا يدها إلى الأغصان وهزتها عبثاً، تناثر من الأوراق قطرات ماء لفحت وجهينا وبللت ملابسنا، سمعتها تضحك. كما عبر عن هذا الوجود بن محمد البغدادي أن علم الوجود مباين لعلمه، والحركة التي فعلتها ريتا بهز الشجرة تعبر عن دلالة الحركة العلمية الوجودية، فالشجر يتحسس فعله الذاتي بوسيط زمني قصير، ولا أخال أن ثقافة البحار في غياب عن فلسفة الوجود.
6- نيتشه، فردريك: كتاب العقول الحرة، ترجمة محمد الناجي، دار أفريقيا الشرق، المغرب، الطبعة الثانية2001، ص159.

الهامش:
1- شكري، إسماعيل: مجلة عالم الفكر، مطابع دار السياسة، الكويت، الطبعة الأولى، 2009، 129.
2- نفس المصدر.
3- بدوي، د. عبد الرحمن، منطق أرسطو، الجزء الثالث، دار القلم بيروت، الطبعة الأولى، 1980 ص719.
4- بن عدي، يحيى، كتاب منطق أرسطو، الجزء الثالث، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى، 1980، ص998.
5- بلوم، هارلود: كتاب قلق التأثر، ترجمة عابد إسماعيل، دار الكنوز الأدبية، بيروت، الطبعة الأولى 1998، ص74.
نيتششه، فردريك: كتاب العقول الحرة، ترجمة محمد الناجي، دار أفريقيا الشرق، المغرب، الطبعة الثانية 2001، ص159.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته