الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسارات جديدة... لنا

علي وتوت

2006 / 10 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في فوضى المطبوعات التي يزخر بها المشهد الثقافي العراقي، يطل علينا ثاني أعداد الفصلية (مسارات) في سنتها الثانية، ليرسخ ما بنيناه من تصور عن هذه الدورية، محاولاً أن يملأ جزءاً مهماً من إنشغالات الثقافة العراقية في ظل أوضاع استثنائية يعيشها هذا الوطن، ولا يمكن أن يشابهها أي وضع في أي مكان آخر... أوضاع ظلت استثنائية منذ أكثر من خمس وأربعون سنة، لكنها في ذات الآن متغيرة حد الذهول.
وكمدخل لعرض محتويات مسارات لابد لي أن أشيد بجهود فريق من المبدعين، يحاول جاهداً أن يضع بين أيدينا وتحت أنظارنا المنجز الثقافي العراقي في المكانة التي يستحق. وربما استطاع (سعد سلوم) مايسترو هذا الفريق أن ينّوه لهذا التطلع لدى (مسارات) بالقول بمناسبة ذكرى عامها الأول:
ولد العدد الأول من مسارات. آملاً بمستقبل منفتح وإبداع منتج مؤثر ومتفاعل مع محيطه. بدأ تحطيم القفل الأول في سلسلة أقفال الثقافة العراقية. وفي أعدادها اللاحقة انتقلت مساراتنا إلى إنضاج إطار عام ينمو فيه أفق للتلاقي في سبيل التأسيس لما هو دائم.
إنها إذن دعوة في التواصل لا القطع، في التكامل لا التجزأ، في التحاور لا التصارع، وفي ذلك ما يخالف ما تعارفت عليه بنية الثقافة العراقية خصوصاً، لغاية اليوم، في القطع مع ما هو مختلف، والاحتراب معه. وتبدو مسارات لغاية اليوم وهي تفي بوعودها... تباعاً، في الوصل بين المنجز الثقافي بتنوع أشكاله وأساليبه، بتعدد أنماطه وصيغه، بل وكما تصف قراءتها بمسارات للعصر، وأخرى للتنوير، وثالثة للشعر، ورابعةٌ للقص، وخامسةٍ للتشكيل، وسادسة للسينما، وسابعة للمسر، ولا ينسى المشرفون عليها أن يكون ختامها مسكاً بعرض واحد من الكتب الحديثة التي تخص الشأن العراقي تحديداً.
وفي ثاني ثانيتها تضيف (مسارات) منجزاً آخر لمشروعها الطموح بإصدار كتابٍ يرافق المجلة. وسأعرض في مناسبة قادمة للكتاب الأول الذي نشر مع هذا العدد من مسارات وهو بعنوان (إمبراطورية العقل الأمريكي ... الفوضى الشاملة والسلام الدائم). لكنني سأبدأ بافتتاحية رئيس التحرير الموسومة (في تحطيم الجدار) كصرخةٍ تعبر عن تحدٍّ واضحٍ لمفردات اللغة التي أصبحت تشكل جدراناً عالية يصعب النفاذ منها للتواصل والحوار... وكأن هندسة هذه اللغة استوعبت تواً كل هذا التنوع الذي شكل الواقع العراقي فجسدت أداةً لتحطيمه. (المصطلحات الجدران) كما دعاها الكاتب، أثبتت جبروت اللغة وقدرتها على الترسخّ بعمق في وعي البشر، على الرغم من غرابتها أو حتى بعدها عن توصيف الحقيقة في معظم الأحيان.
فيما يكتب سلوم في مسارات العصر بلغةٍ هي أقرب للشعر توصيفاً لرعب المثقف في العراق وذهوله بإزاء ما يحدث في واقعه اليومي، أنه واقع لا يمكن لهذا المثقف ممثلاً برفعة الفلسفة وروحها سبر أغواره ومعرفة كنهه، واقع هو أشبه ما يكون... بجحيم دانتي، يتلبس فيه الموت في كل مظاهره، بغداد أو مدينة الأرض الخراب، كما دعاها الكاتب، تنظر بعيون ميدوزا لشبح سقراط وهو يتجول بكل رعب الكون فيها... إنه يوم دينونة الإنسان في هذه البقعة من العالم.
وفي قراءة للتغير الاجتماعي ... هذه الظاهرة الممتدة في الزمان والمكان تضعنا مقالة باري بيرك أمام (ما بعد الحداثة) كمتغير أساس في التحول الاجتماعي في عالمنا المعاصر، مستعرضاً في البدء بعجالة مصطلح الحداثة، ليصل عبره إلى محاولةً لفهم مظاهر ما بعد الحداثة وآلياتها. متمثلةً بالفن ما بعد الحداثي، والفلسفة، وحتى المجتمع السبرانتيكي أو ما بعد الصناعي. مؤكداً أن الرأسمالية بعدم انتظامها الجلي في عصرنا الراهن، وعولمتها وتجلياتها الأخرى، تعيش فصول ما يدعى بالفوضى الخلاقة.
وفي مسار التنوير كان المحور هذه المرة (علي الوردي) رائد التنوير في العراق، وقد جاء عنوان الملف لماحاً بوصفه أستاذنا الجليل د. الوردي بـ (لحظة العقلانبة في تاريخ الثقافة العراقي)، وقد كتب مختصون بالسوسيولوجيا والثقافة كان على رأسهم د. متعب مناف، ود. سليم الوردي، وأيضاً كتاب علي حاكم صالح وأحمد المهنا ود. علي المرهج، مقالات تباينت في رؤاها وانطباعاتها، بل وحتى مآخذها على أطروحات الوردي، لكنها جميعاً احتفت بقدرة النقد لدى هذا المفكر العملاق، الذي شخص بأسلوبه السهل الممتنع، علل المجتمع في العراق وعلاجاته... ونجح في فضح وتعرية الشخصية العراقية أمام نفسها وأمام الآخرين... بسلبياتها الواضحة... لكن المسكوت عنها.. فضحَ المجتمع وكشفه بشكلٍ لا لبس فيه!! وهنا ينبغي لنا أن نعي لماذا لا زال السلاطين ووعاظهم يكرهون الوردي، مثلما يكرهه السياسيون، وكذلك رجال الدين والطائفيون يكرهونه.
وفيما قادنا مسار الشعر لقصيدةٍ طويلة بثلاث عشر مقطعاً لـ (شاكر لعيبي)، فإن مسار القص يتشكل في ثلاث محاور هي محاولة القاص أحمد خلف أولاً لإيجاد منظورٍ خاص قائم على الخبرة الذاتية في مقالةٍ بعنوان (بصدد تصورٍ خاص عن القص القصصي الحديث)، ونص شفاف للروائي العراقي المغترب نجم والي بعنوان (حروب فوق أراضٍ بعيد... أو إلى تريزا مع أطيب التحيات)، وأخيراً حوارٌ مع الروائي نجم والي، أجراه في مدينة لوس أنجلس الأمريكية الكاتب جلال نعيم، مذيلاً إياه بسيرةٍ ذاتية لهذا الروائي.
وفي مسار التشكيل كان محور العدد أعمال الفنان العراقي المبدع كاظم نوير، الذي كتب الناقد التشكيلي المعروف عادل كامل مقالةً عن مصغراته، فيما كتب الفنان والناقد المعروف عاصم عبد الأمير مقالاً بعنوان (كاظم نوير وتجويف الشكل)، وكتب صلاح عباس عن هم الإبداع لدى نوير في الأسئلة التجديدية للوحة، وتمثل ختام هذا الملف حوار مع الفنان كاظم نوير أجراه خضير الزيدي كشف فيه نوير عن رؤيته العميقة للفن مؤكداً أن الفن لا يعطي أسراره إلا لمن يعطيه حياته وأسراره.
أما في مسار السينما فقد كتب المبدع يوخنا دانيال قراءةً أخرى لـ(الدخول في عالم الماتركس) هذه الثلاثية التي أخذت بألباب المشاهدين. فيما كتب صالح حسن فارس في مسار المسرح مقالة نقدية بعنوان (قراءة في طفولة الجسد). وكان كتاب العدد هذه المرة هو للرحالة أوجين فلاندن بعنوان عن رحلته بلاد (مابين النهرين). ويختتم عبد القادر الجنابي بـ (تقاسيم رقمية) عدد مسارات الغني هذا كباقي السلسلة الذهبية. لكن الصفحة ما قبل الأخيرة لا تني تدعونا وتذكرنا للمشاركة في ملف عن سؤال الهوية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير