الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(آنّا ماري شيميل) والفيلسوف الشاعرالأديب(محمدإقبال)

هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)

2023 / 3 / 16
الادب والفن


ألقت( شيميل) محاضرة في متحف فيكتوريا وألبرت الملكي بلندن، والتي جاءت تحت عنوان

(أسرار العشق المبدع في كتابات محمد إقبال)

فما أحوج العالم الإسلامي في لحظته هذه أن يستحضر شيئاً من تلك الأسرار وأن يقف على رمزيات العشق المبدع وشفراته وكلها تمثل بواعث قوية نحو استعادة الذات بالتواجه نحو الوجود الفاعل.

استهلت (شيميل) محاضرتها هذه بأن
⭕الدين في نظر (محمد أقبال)ولد في الجزيرة العربية، وكانت مُثُله هي الهادية للمسلمين الأوائل والمتصوفة الذين جاهدوا لحفظ الإسلام ضد المغالاة في تطبيق الأفكار اليونانية في تفسير الإسلام

⭕وكانت كلمة( إقبال )الأخيرة تحذيراً من أسر الفكر اليوناني، ومن تفسير رسالة القرآن من خلال مصطلحات الفلسفة اليونانية
إذ إن القرآن يحمل كلمة الله الأزلية
فهو أزلي وأبدي مثل الله
وهو بالضرورة متعدد الجانب والصفات مثله مثل الله
وفي كل لحظة يكشف لنا عن حكمة جديدة.

⭕وكان (إقبال) يدين بالمبدأ الصوفي التقليدي
إنه إذا لم يوح لك القرآن شخصياً كما أوحي للرسول، فلن تفيدك شروح الرازي ولا كشاف الزمخشري شيئاً.
وفي رؤية( إقبال )يجب أن يقترن الدين بالقوة، والقوة خطيرة وشيطانية إذا انفصلت عن الدين!

فلا بد أن يعمل الاثنان معاً لبناء مجتمع جديد أفضل من القديم
🔸إذ إن الله هو الحي القيوم، وإنه
«كل يوم هو في شأن»
🔸وإن «ما لا يزال في طور التكوين، يعني أنه الإدراك الثابت لاحتمالات الخلق اللامتناهية للوجود الإلهي الخالق»
هي التي تحفظ كماله ووحدته طوال العملية جميعها
🔸أي أن الله يخلق دوماً، ويعمل دوماً، لكنه لا يتغير أبداً في أعمق أعماق وجوده.

واستطراداً، يجدر بنا كذلك أن نتأمل تفسير (إقبال )ألفاظ الشهادة
▪ إذ يركز على العلاقة بين «لا،» و «إلا»، كما فسَّرها المتصوفة في العصور الوسطى
▪فمن دون «لا»، أي من دون النفي
لا يمكن تأكيد الإيجاب، فمن «لا» يندرج الصعود إلى «إلا»
«من الـ لا إلى أعلى»
▪وإضافة إلى ذلك يشكل الإيقاع على «لا» و «إلا» أحد الجوانب المهمة لشعره وفلسفته، ومنه نتطرق إلى تفسير ذي أهمية للحياة.

وتبقى من أهم أفكار (إقبال )
🔸أنه كلما زاد صراعنا (مع الشر) علت درجة وصولنا
🔸ومن الأفكار الكلاسيكية التي يتبناها أن
«في الأعمال العظيمة تتوحد ذات الإنسان في الله من دون أن تفقد هويتها»

وهذه العبارة لا تعني تلاشي الصوفي في الإله الحق تعالى
بل نمو الذات بحيث تقترب وتزداد قرباً من الله
وفي التوحد مع الله من دون فقدان الهوية تعبر حدود الزمان والمكان

⭕وتتجه (شيميل )نحو الإشارة إلى الركيزة المحورية في فكر «إقبال» فترى

🔸أنها شخصية الرسول... إذ كتب في جواب الشكوى:
«أضيء العالم الذي طال إظلامه باسم محمد المنير»
إضافة إلى أننا نجد أروع وصف لدور الرسول في منظومته الثانية
«أسرار نفي الذات»، وهو أكثر دواوينه اهتماماً بالسياسة وأكثرها توجهاً نحو القرآن

حيث يقول:
🔸«حب الرسول يجري كالدم في عروق الأمة»
وهناك بيت آخر يأسرني دائماً بجماله
إذ يُشبِّه الأمة بوردة لها مئة بتلة تنضح شذًى واحداً هو روح الرسول، ولا أذكر أنني عثرت على وصف لدور النبي يفوق هذا البيت جمالاً.

ولا غرابة فهو واحد من الشعراء الذين حمل شعرهم إرث النبوة، وقد كتب (هرمان هيسه) الكاتب الألماني العظيم، مقدمة بديعة قال فيها عن إقبال:

«إنه يحلم باتحاد الجنس البشري باسم الله وفي خدمته»، وهذا وصف ممتاز لشاعرنا الفيلسوف.

⭕وتطرح( شيميل )فكرتها على العشق المبدع عند «إقبال» مؤكدة أنه يعادل ما يسمى عند الفيلسوف برغسون

▪العشق هو هذه التجربة التي قد تسنح للمؤمن في منتصف الطريق أو في آخره
▪العشق هو الرغبة في التمثل
إنه «أرقى صورة لإبداع القيم والمثل العليا، والجهد لتحقيقها»
وإنه عند الحديث عن الذات في ارتقائها سلم «الأنوية»، من الصعب أن يتحقق لها ذلك من دون العشق الخلاق.

▪فالإنسان ليس كائناً ساكناً أو ثابتاً، بل تشمله حركة نمو مضطرد، فالكون كله في نظر
( محمد إقبال) في نمو كل دقيقة وكل ثانية
حتى أصغر «أنا» في الوجود يريد أن يبرز
ويرقى إلى مكانة أعلى
وهذا السلم الصاعد للأنوات شائع في كل المخلوقات
وفي هذا التجلي لخير ما في الإنسان من صفات.

⭕ولعل (إقبال )في إحدى قصائده الكبرى في ديوان «رسالة المشرق»
يبين أنه من دون العشق وقدرته على التوليف والتركيب يصبح العلم من مظاهر الشيطان!

🔸ولكن بالتعاون بين العشق والعلم يمكن بلوغ الفردوس على الأرض!
وهذه القصيدة تعبر خير تعبير عن إيمانه بالتفكير التوليفي بدلاً من الاتجاه إلى التحليل الجاف

🔸في شعره شبَّه الإنسان الذي يقصر اعتماده على العلم بدودة الكتب التي تعيش بين صفحات الفلاسفة الكبار مثل الرازي والفارابي بكل ما تحويه من جمال
لكنها لا تعرف شيئاً عن الحياة في الحقيقة، ويقابل بين هذه الدودة والفراشة التي تلقي بنفسها في اللهب لتذوق لحظة واحدة من الوجد.
🔸ولعل كل هذه الأفكار في تداخلاتها وأعماقها ومراميها قد أوحت للأسقف
(كنيث كراج) قوله عن (إقبال)
«إنه المتحدث بصوت أشياء مهمة في أغوار الروح المعاصرة، وحتماً أحس عصرنا بالحاجة إليه»!

⭕وتلك هي لمحات فكرية صوفية روحية أفاضت بها (شيميل) على العالم المعاصر من وحي إشراقات (إقبال )التي يجب أن تستلهم دوماً لنسحق غيابات الجب الحضاري!

[منقول بعد الاختصار والترتيب]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا