الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتفاق الثلاثي.. والتمهيد لتعدد الأقطاب

سليم يونس الزريعي

2023 / 3 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


شكل الإعلان الثلاثي المفاجئ ومن بكين وبرعاية صينية عن عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات في كل من السعودية وإيران صدمة في كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في وقت كانت الولايات المتحدة وكيان الاحتلال يعملان على عزل طهران عن محيطها العربي والقيام بعمل عسكري يستهدف برنامجها النووي يحظى بتوفير الدعم اللوجستي من القواعد الأمريكية في دول الخليج، فيما بات الكيان الصهيوني حاضرا بقوة في دول الخليج عبر العلاقات الدبلوماسية أو تلك التي لم ترتقي إلى هذا المستوى بعد ومن كل دول الخليج باستثناء الكويت.
لكن أن تقوم الصين التي ترفع قضية تايون العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة من تخوم المنافسة الاقتصادية وتمدد النفوذ الصيني العالمي إلى مستوى الصراع العسكري، بهذا الدور التوفيقي، أي بطي صفحة الصراع الذي كان يجري بين البلدين بأشكال مختلفة، إما مباشرة أو عبر ، وفي منطقة تعتبر مجالا للهيمنة الأمريكية التاريخية التي حاولت أن تصور أن إيران هي العدو لتلك الدول، وأنها تمثل خطرا يهددها، بل وإشاعة ما يمكن تسميتها بالرعاية الأمنية الأمريكية لتلك الدول في مواجهة مزاعم خطر إيران العسكري وتأثيرها الأيديولوجي، أما أن تتجاوز بكين كل ذلك وتقوم بهذا الدور التوفيقي بإنجاز المصالحة بعد سنوات من القطيعة الدامية فذلك هو المتغير الذي يتعدي حدود المنطقة إلى العالم. أي إلى الدور الصيني كقطب عالمي قادر ومؤثر وهو ما تكافح واشنطن وحلفائها ضده كي تبقي واشنطن هي القطب الأوحد في حين أن الواقع الموضوعي يقول إن ذلك أصبح من الماضي، خاصة بعد حرب أوكرانيا ، التي دشنت ميلاد هذا العالم متعدد الأقطاب.
وفي المشهد الإقليمي فإن نجاح الصين في إعادة العلاقات بين إيران والسعودية يشكل صدمة إيجابية ستطال تلك الدول التي تعاني من تقاطعات إيرانية سعودية بعضها دام جدا كما في اليمن، ناهيك عن العراق ولبنان وسوريا، ومن جانب آخر تؤشر إلى فشل واشنطن والكيان الصهيوني حشد رأي عام خليجي ضد أيران فيما تجاهر الدولتان بأنهما ستوجهان ضربة عسكرية ضد مشروع إيران النووي.
وهي بالنسبة لواشنطن هو تجاوز سعودي لموقفها وسياستها في تبني دول الخليج لشيطنة إيران وإثارة رعبها من نزعات طهران التوسعية وتصدير الثورة، وخلق بؤر توتر في تلك لدول خاصة تلك التي توجد بها مكونات مذهبية شيعية، ليأتي هذا الاتفاق ليسكب ماء باردا على رؤوس صناع السياسة في واشنطن، وربما هذا يشير إلى أن واشنطن لم تعد اللاعب الوحيد المقرر في سياسات دول منطقة الخليج رغم قواعدها المنتشرة في تلك الدول، في ظل أن من قام بإنهاء مرحلة القطيعة السعودية الإيرانية هي الصين التي تربطها علاقات هامة ونامية في مختلف المجالات مع كل من السعودية وإيران.
إن لعب الصين هذا الدور يعني تقليص لمساحة الدور الأمريكي الذي ظل المهيمن في تلك المنطقة خاصة السعودية إذا ما ربطنا ذلك بعدم استجابة السعودية للطلب الأمريكي بزيادة إنتاج النفط ليحل محل النفط الروسي بعد قرار حظره من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وحلفائها في العالم بعد قرار روسيا شن عملية عسكرية خاصة في إقليم الدونباس في أوكرانيا لإنقاذ مواطنيها في ذلك الإقليم، وهو ما أثار حفيظة وغضب واشنطن.
ومع أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية موضوع شرق أوسطي بامتياز كونه سيعيد ترتيب خريطة المنطقة مجددا خاصة تلك الدول التي تعيش حالة تجاذبات سعودية إيرانية بشكل مباشر أو غير مباشر كالصراع في اليمن وقي لبنان والعراق وسوريا . وإذا كان صحيحا أنه من الصعب تجاوز سنوات التصعيد خلال الفترة الماضية الذي وصل حد الاشتباك المسلح في اليمن بكل تدأعياته، لكن من المهم هنا التذكير أن هناك أطراف ليست مع عودة العلاقات واستقرار المنطقة وفق رؤية السعودية وإيران كالكيان الصهيوني وأمريكا التي لن تقبل بسهولة نفوذا صينيا يحل محلها ، لكن كل يبقى رهنا بإرادة الدولتين اللتين تدركان مصالحهماـ وأن هناك أطراف متضررة لا تريد رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة وفق ذلك وإنما وكما تريد هي كقوى مهيمنة حسب مصالحها هي فقط ولعل العامل الإيجابي هنا هو أن الصين طرف أساسي وراعية للاتفاق وهذا من شأنه أن يكبح جماح الكيان الصهيوني وأمريكا إلى حد ما.
ومن المتوقع إذا عمل الطرفان على تجاوز المرحلة السابقة وعدم السماح لأطراف أخرى العبث بهذا المسار خاصة وأن أمريكا شككت في نوايا إيران من الاتفاق، لكن المؤشرات تشير إلى أن الطرفين جادان في ذلك وهذا يعني فرصة لانتشار الاستقرار ليشمل العديد من الدول في المنطقة كاليمن ولبنان والعراق وسوريا وينهي أحلام الكيان الصهيوني في أن تكون دول الخليج جزء من حربة على إيران سواء بشكل مباشر أو بتوفير الدعم اللوجستي.
ليبقى القول إن الدور الصيني في عقد الاتفاق ورعايته هو تحول نوعي في سياسة بكين التي كانت تنأى بنفسها عن لعب مثل هذا الدور السياسي والدبلوماسي ، ولكن الحرب في أوكرانيا واعتبار أمريكا أن الصين أكثر من منافس وإنما خصم ودعمها تايوان ضد محاولة الصين استعادة الجزيرة التي هي جزء من إقليمها الترابي، جعل الصين تمارس هذا الدور المرحب به ، وهو دور من شأنه القول إن العالم أمام حقبة جديدة من توازن القوى تعني عالما متعدد الأقطاب، بعد أن ساهمت الحرب في أوكرانيا في كسر حلقة النظام أحادي القطب لتتسع لعالم جديد متعدد الأقطابـ يكسر هيمنة الولايات المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي