الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتفاق السعودي - الإيراني ، دوافعه وآفاقه المحتملة

محمود جديد

2023 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الانفراج السعودي - الإيراني دوافعه، وآفاقه المحتملة
========================

مقدمات ومعطيات عالمية وإقليمية موجزة :
——————————————————-
شهد العقد الماضي سلسلة من الأحداث والتطورات والمتلاحقة من أهمّها :
-صعود نجم الصين كقوة اقتصادية وعسكرية وعلمية عملاقة، تنتهج سياسة دولية منسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة، والمعاهدات والاتفاقات المنبثقة عنها، وتمتلك قدرة كبيرة على التنافس الاقتصادي من حيث التكلفة، وسرعة الإنجاز ، والابتعاد عن التدخّل في الشؤون السياسية الداخلية، ونهجها المعتمد في التعامل مع الدول ، هو : مبدأ رابح - رابح للطرفين .. هذا المبدأ يناسب دول العالم الثالث ، ويساهم في تنميتها ، ويجنّبها استغلال الدول الرأسمالية الغربية كما هو مألوف . كما أنّ طموحات الصين في السعي لتكون الدولة الأولى في العالم ، ومشروعها الاستراتيجي الحزام والطريق الذي يفتح تجارة الصين إلى آسيا وإفريقيا ، وأوروبا ، بأسرع الأوقات ، وعند تحقيقه مقروناً بتفّوقها في مجال المواصلات البرية ، ستستطيع الوصول إلى الريادة العالمية بجدارة .
- حدوث تغييرات كبيرة في السعودية قادها الأمير محمد بن سلمان ، تميّزت بالمراهقة السياسية في البدء ، وسبّبت له متاعب أمنية أدخلته المستنقع اليمني ولا يزال ، واستنزفت الكثير من ثروة السعودية ( مايزيد عن مائة مليار دولار ) ، وهدراً مادّياً استقر في خزانة الإدارة الأمريكية بدون مبرر موضوعي في حقبة إدارة ترامب جعلت الرئيس الأمريكي يتباهى بها أمام شعبه والعالم ، ثمّ جاء اغتيال جمال الخاشقججي ، وفظاعة التنفيذ، وما نجم عنه من متاعب وابتزاز .. غير أنّ الحياة علّمته الكثير ، وجعلته ينشد مستقبلاً للسعودية وفق رؤية 20-30 ، وبشكل يتناسب مع قدراتها الاقتصادية الضخمة .. وضمن هذا المسار، يبدو أنّه قرّر الخروج من قفص الوهابية ، والانفتاح على العالم بآفاق جديدة ..
- الخروج الأمريكي المذلّ من أفغانستان ، الذي أثبت بالملموس أنّ الولايات المتحدة الاميركية غير حريصة على حماية أتباعها، وحلفائها، ممّا أفقدها ثقتهم ، كما أنّ العلاقات بين محمد بن سلمان ، وبايدن لم تكن على مايُرام ، ولا تدعو للاطمئنان ..
- إنّ الثورة الإيرانية وانعكاساتها ، وما نجم عنها ، وتناقضاتها مع الوهابية ، وحملها راية تحرير فلسطين ، ودعمها للفصائل التي تقاوم العدو الصهيوني ، وإنجازاتها العلمية ، وتدخلها في العراق، وسورية ، واليمن ، ولبنان ، وفلسطين وسّع دائرة أعدائها ، وفي هذا السياق جاء التعطيل الأمريكي للاتفاق النووي عام 2015 في فترة رئاسة / ترامب / ، ولعقوبات اقتصادية موجعة ، ولسلسلة من الاغتيالات لعلمائها ، وازدهرت المتاعب الداخلية .. الخ ، ولذلك كلّه جاءت انعطافتها نحو روسيا والصين ، وعقدت معهما اتفاقات اقتصادية وتسليحية هامّة ، وشكّلت مع هاتين الدولتين ما يشبه المحور المناهض لأمريكا وحلفائها ..
- وبما أنّ طموحات ابن سلمان من نهوض اقتصادي وعلمي ، وسياحي ، وبناء / نيوم / كمدينة عصرية لا مثيل لها في العالم ، والاستفادة من تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة ، علماً أنّ قدرات السعودية أكبر بكثير منها ، وهذا كلّه، يحتاج إلى استقرار وأمن في المنطقة ، كما أنّ تحسّن علاقة السعودية مع الروس والصينيين شجّعها على العمل لتجاوز خلافاتها مع إيران ، ولهذا الغرض جرت لقاءات معها في العراق ، وسلطنة عُمان، غير أنّ التردّد كان بادياً على القيادة السعودية ، ولكنّ الصين وانسجاماً مع استراتيجيتها سعت مع الرئيس الإيراني عند زيارته الأخيرة إلى بكين للدفع قدماً على طريق إنجازه ، وممّا لا شكّ فيه أنّ دخول الوساطة الصينية بثقلها المعروف ، وحياديتها ، وكونها المستورد الأول للطاقة من السعودية، وإيران أعطت محمد بن سلمان بشكل خاص نوعاً من الضمان لجدّية إيران في هذا التقارب ، وهذا ما تمّ، وقد نصّ البيان الثلاثي المشترك الصادر في: 10 / 3 على مايلي :
- " إنّ المفاوضات جاءت استجابةً لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، وبناءً على اتفاق مع قيادتَي السعودية وإيران بأن تستضيف الصين المباحثات بين البلدين ورعايتها لحلّ الخلافات بينهما بالحوار والدبلوماسية. بناءً عليه، جرت في الفترة 6 - 10 آذار/ مارس 2023 في بكين مباحثات بين الوفدَين برئاسة مساعد بن محمد العيبان مستشار الأمن الوطني في المملكة، وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
- وقد أعلنت الدول الثلاث أنه قد جرى التوصل إلى اتفاقٍ يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران "وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهرين، وتأكيد احترامهما سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا على أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعًا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما". واتفق البلَدان على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقّعة في: 7 1 /نيسان/ أبريل 2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقّعة في 72 / أيار/ مايو 1998 ، كما أعربت الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.. "
- الانعكاسات الناجمة عن الاتفاق ، والنتائج المحتملة :
- ——————————————————————.
- يعتبر إنجاز هذا الاتفاق برعاية صينية بمثابة "اختراق سياسي كبير " لمنطقة نفوذ أمريكا منذ عشرات السنين ، وجاء مفاجئاً إليها ، وللكيان الصهيوني الذي كان يراهن على التطبيع مع السعودية ، ولإمكانية قيام تكتل مع الدول الخليجية المطبعة ضدّ الفزّاعة الإيرانية، ولذلك بدت خيبة الأمل واضحة على حكومة نتنياهو ، ومعارضتها أيضاً .. أمّا الإدارة الأمريكية فرحّبت بهذه الخطوة ، ولكن حاولت التشكيك بنوايا إيران من تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في نهاية المطاف .
- إنّ نجاح هذه الخطوة سيشجّع الصين أكثر فأكثر للمضي في الإقدام على طرح مبادرات سلام جديدة، والمشاركة بفعاليّة في مسار السلام العالمي .
- إنّ مفردات الاتفاق تشمل إحياء رزمة من الاتفاقات السابقة، ممّا يبشّر بعصر من السلم والازدهار والتعاون بين دول المنطقة .
- يبدو أنّ محمد بن سلمان اختار الشرق وجهة استراتيجية له دون رجعة ، ومزيداً من الانخراط في تشكيلاته الاقتصادية والسياسية .. وفي الوقت نفسه، سيساهم في خلق أجواء إيجابية داخل الوطن العربي ، ومؤتمر القمة العربية القادم في الرياض سينبئنا الخبر اليقين . .
- إنّ عقد هذا الاتفاق سيخلق ظروفاً ملائمة لمعالجة المسألة اليمنية ، والوضع السوري ، واللبناني .. وأخيراً ، نستطيع القول : إنّ احتواء هذا الاتفاق، وقطع مساره سيبقى هدفاً ثابتاً للتحالف الإمبريالي - الصهيوني ما استطاع لذلك الهدف الخبيث سبيلاً.. ولكن إذا صمد الوقت الكافي حتى يعطي ثماره المرجوة، سيصبح أكثر استعصاءً على أعدائه ، وهذا مانتمنّاه ..
في : 17 / 3 / 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم