الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازنة العراقية: حصّة ثلاثة اسود للسيد مسعود

محمد حمد

2023 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


اعتبر نفسي من اتباع مبدأ "الشك أساس اليقين" وبالتالي من الصعب عليّ التفاؤل أو تصديق أن الخلاف والاختلاف بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان دخل في مرحلة الحلحلة والانفراج. ولا تثير فضولي كثيرا علامات الرضا والانشراح والغبطة البادية على وجه رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني او وجه صاحب الامر والنهي مسعود البرزاني. فقد تعودنا ومنذ سنوات على سياسة المد والجزر في العلاقة بين الطرفين. ونضيف من عندنا فنقول ان الكثير من العراقيين ما زالت لديهم ذقون تستحق ان يضحك عليها وبكل سهولة من قبل سياسة العراق.
ولهذا، ولأسباب كثيرة أخرى، لا أجد سبباً مقنعا لتغيير قناعتي في بعض أو في مجمل ما يحصل من "تفاهمات" بين حكومة بغداد الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق. ايمانا مني بان شؤون الدول لا تدار بالتفاهمات وانما بالدستور والقانون.خصوصا في ما يتعلق بالموازنة العامة او بالاموال بشكل اوسع. فالعوائل الحاكمة في الاقليم لا علاقة لها بالعراق اطلاقا، الا باعتباره جمعية خيرية او مؤسسة إنسانية من واجباتها تقديم المساعدات على شكل قروض" غير معلوم تاريخ استرجاعها أو تسديدها.
ولكن هناك خبر مفرح على اية حال ويستحق الثناء فعلا. وهو أن مدينة حلبچة الجريحة أصبحت محافظة. فألف مبروك لأبناء المحافظة العراقية الجديدة. لكن المؤسف ان هؤلاء الناس (اقصد حكام الاقليم) لا يرفعون علم الدولة الاتحادي حتى في مدينة اصبحت المحافظة العراقية رقم 19. ولا اعرف سببا وجيها لكل هذا الحقد والكراهية للعلم العراقي .وكانّ محافظات الاقليم تقع في دولة اخرى. ان من يطّلع على تفاصيل الموازنة العراقية الثلاثية الأبعاد أو الاعوام سيجد أن الاقليم. اقصد حزب مسعود البرزاني، حصل على حصّة ثلاثة اسود بجهود بسيطة جدا. وهم على التوالي (مسعود ومسرور ونيجرفان) وليس أسدا واحدا كما كان يحدث في الحكومات السابقة. وكيف هذا؟ سيقول أحدكم. نعم لا توجد صعوبة في العثور على هذه "الحصص" المتناثرة خلف سطور مشروع قانون الموازنة المقدم من قبل حكومة بغداد، فالشيطان كما يقال يختبيء بين التفاصيل. وبين تفاصيل كل شيء !
توجد في الاتفاق بين الطرفين تسعة بنود. كل واحد منها يستحق مقالا مطولا. فمن الناحية النظرية تبدو معقولة ومقبولة للجميع وكانها انجاز عظيم لحكومة السوداني. ولكن من الناحية العملية، يعني التنفيذ، جميعها تقريبا تصب في مصلحة حكومة الاقليم. ولنأخذ على سبيل المثال، بعضا من البنود التسعة التي نشرت في وسائل الاعلام:
1 - "يتم إيداع الإيرادات الكلية من النفط المنتج في حقول الاقليم في حساب مصرفي واحد. تودع فيه جميع الايرادات المتأتية من بيع وتصدير النفط الخام ومشتقاته بدون اي استقطاعات لاي غرض كان. ويكون رئيس مجلس وزراء الاقليم أو من يخوّله (لاحظوا الحيلة الكبرى !) الأمر بالصرف ويخضع الحساب المذكور لرقابة الحكومة الاتحادية ".
هل يحق مثلا لمحافظ البصرة، التي هي أغنى من الاقليم الف مرة كما قال السيد بافل طلباني، أن يتصرّف في حساب ايرادات نفط البصرة؟ فلماذا هذا "الدلال" يا حكام الاقليم؟ . ولماذا لا تذهب ايرادات نفط الاقليم الى خزينة الدولة مباشرة؟ هذه القضية بيها إن !
٢ - "تلتزم حكومة اقليم كردستان بتسليم الإيرادات غير النفطية الى خزينة الدولة".
يا سبحان الله... ايرادات النفط في حساب واحد غير معروف حتى الآن. أما الايرادات الغير نفطية فالى خزينة الدولة. والقضية هنا ايضا بيها إن !
ومن يضمن لك يا سوداني ان الاقليم سوف ينفّذ ويطبق هذا البند أو يسمح لك برقابة حسابات نفط الافليم؟
٣ - "تخصّص نسبة 50 بالمئة من ايرادات المنافذ الحدودية الى المحافظات الموجودة فيها تلك المنافذ، بما فيها اقليم كردستان ".
ان هذا الإجراء متّبع حتى في دول اوروبا. وهو صحيح لو تم تطبيقه بشكل سليم. ولكن يا سيد سوداني هل اخبروك عن وجود حوالي 30 منفذ غير شرعي في الاقليم؟ وهذا ما صرّح به قبل ايام السيد وفاء محمد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني. طيب كيف تحل هذه المشكلة يا دولة رئيس الوزراء الاتحادي؟
٤ - تلتزم وزارة المالية الاتحادية بتسديد مستحقات الاقليم بموجب هذا القانون شهريا". وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد!
طبعا هذا البند الاخير سوف يصبح قميص عثمان بالنسبة لحكومة الاقليم. واذا لم يُنفذ فورا فسوف تقوم الدنيا على رأس محمد شياع السوداني وحكومته.
واخيرا، لو تحقق خمسة بالمئة من الاتفاق بين بغداد واربيل، فعلا لا قولا، فانا سوف انذر نذر للامام العباس (ابو راس الحار) واذهب مشيا على الاقدام من اوروبا الى كربلاء.
يا سيد سوداني انك تناسيت او تجاهلت ربما اغراك سحر المنصب الرفيع، أن السيد مسعود البرزاني "بايع فرّارات بخبز يابس". وسبق له أن ضحك على عقول ستة رؤساء حكومات اتحادية. خدعهم وقشمرهم دون أن يخسر دولارا واحدا ودون أن يفقد برميل نفط واحد من نفط الاقليم. وان زيارتك الأخيرة والأولى من نوعها إلى أربيل، ومأدبة الغداء الدسمة التي أقيمت على شرفك من قبل السيد مسعود الذي يأمل إنّ الزاد والملح سوف "يغزّر بعينك" بما فيه الكفاية لتكون أكثر كرما واريحية من سيء الذكر سلفك "المبخوت" مصطفى الكاظمي. ان نتائج زيارتك هذه الى اربيل سوف يعتمد عليها بقاؤك في المنصب لاطول فترة ممكنة, وربما مستقبلك السياسي أيضا. وكل شيء يعتمد يا فخامة الرئيس على مدى سرعتك في تلبية مطالب صاحب الامر والنهي السيد مسعود البرزاني، المتعطّش دائما إلى الأموال. والّا فأنت في ضلال مبين ومن القوم الخاسرين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة