الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرون عاما من البؤس - قطار الديموقراطية الأمريكي

قاسم علي فنجان

2023 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


اللعنة على هذا القطار، لا يتوقف ابدا، انه دائم الدوران علينا، في بعض الأحيان يتوقف لينزل منه القتلة والمجرمين والبلطجية، فهو محمل بهم، او كأن فيه مصنع خاص ينتج ويولد مثل هؤلاء؛ وهو يسير ينشر الخراب والدمار، يجعل الأرض يباب؛ لا يقدر أحد ان يحرف مساره او يعطله، فهو محروس بعبارات الديموقراطية والليبرالية، هذه الزخارف تبهج الكثير من الحمقى والمغفلين من ليبراليي-نا وديموقراطيي-نا.

جاء هذا القطار عام 1963 محملا باعتى المجرمين، سٌمح لهم بالنزول، بعد ان دربهم وسهر الليالي لتعليمهم على القتل والاجرام، أشار وأعطى أسماء وعناوين من يجب عليهم قتله، ذهب خيرة شباب وشابات البلد ضحية قطار الموت هذا، لم يشفع لهم شيء ابدا، لا كبر في السن أو شيخوخة، ولا طفولة او صبا، ولا مريض او معاق؛ الة قتل وحشية وعمياء، لا تفرق بين هذا وذاك؛ كان رؤساء القطار يرفعون كؤوس الشراب منتشين بذلك الانتصار، لقد حققوا ما يبتغون، واستتب لهم الامر.

كان رؤساء القطار يصفون البعثيين بالديموقراطيين، لكننا لم نعرف ما الذي حصل وأصبح البعثيين نظام ديكتاتوري شمولي!

تراجعت أوضاع البلد منذ ذلك الحين، واقع بوليسي بامتياز، في الجامعات والمدارس، في المعامل والمصانع والمزارع، مؤامرات ودسائس، اغتيالات واعتقالات، دس البعث انفه بكل شيء، توجت تلك المرحلة المظلمة بمجيء صدام حسين، وما أدراك ما صدام حسين، ابن القطار المدلل، لقد تعبوا على تربيته واعداده لهذه المرحلة؛ صدام لم يخيب ظن رؤساء القطار الديموقراطي، فقد افتتح فترة حكمه بمجزرة ما تسمى ب "قاعة الخلد"، التي أعدم فيها قيادات البعث من الصف الأول، والمشتركين بمجازر شباط 1963.
لم يكن القطار ينشر الديموقراطية في العراق فحسب، بل كان يوزعها في أماكن عدة من العالم، "اندونيسيا، تشيلي، فيتنام، السلفادور، السودان، نيكاراغوا" وغيرها الكثير، كان حريص على نشر الديموقراطية، وإزالة الأنظمة الشمولية، لقد نعمت بعض تلك الدول بالديموقراطية، خصوصا "اندونيسيا وتشيلي".

قطار الديموقراطية الامريكي هذا لم تعجبه ديموقراطية البعث وصدام، ورأى فيه حكم شمولي ديكتاتوري، واعتبر صدام أحد مجرمي الحرب، فهو بدأ يطور أسلحة غير تقليدية، وكانت بعض الحدائق الخلفية لهذا القطار، او ما تسمى "محطات الوقود" "دول الخليج" أبدت امتعاضها وانزعاجها من تصرفات صدام، فكان لزاما على رعاة القطار ان يفكروا بطريقة في التخلص منه؛ ترى ما هي هذه الطريقة؟

الطريقة الاسلم لتمرير التدخل العسكري هو ان صدام يمتلك أسلحة كيماوية وبيولوجية، رغم انها كانت مزحة، ف "المفتشين الدوليين" كانوا قد جردوا العراق من كل أسلحته، وأعلنوا خلوه من الأسلحة الفتاكة؛ لكن رعاة القطار الديموقراطي أبوا الا ان ينزلوا الجنود والدبابات لنشر الديموقراطية في العراق، كانوا يكررون القول "يرطنون" بالخطر المحدق بالعالم من صدام، كانت "لغة الرطانة الرثة هي اللغة الوحيدة المفهومة لحاضرنا النبيل" نيتشه.

صلى راعي قطار الديموقراطية في الكنيسة، طالبا من الله ان ينصره على أعداء الديموقراطية من أمثال صدام والبعث "مصالحنا التي في العراق، لتتقدس اسماءك"، بكى بوش لأنه لم يستطع ان يحقق السلام والديموقراطية الا بالطريقة العسكرية، لكن ما باليد حيلة، فواجب عليه نشر الديموقراطية، فهو الراعي الرسمي لقطار الام الحنون، هلل وطبل لهذا القرار جوقة مثقفي الليبرالية والديموقراطية الامريكية، مجموعة من التافهين والمبتذلين وضيقي الأفق، نرجسيتهم وذاتيتهم واناهم فوق كل شيء.

عشرون يوما فقط كانت كفيلة بأسقاط النظام الذي يهدد العالم! بدأت ملامح الديموقراطية الامريكية بنشر الفوضى من خلال تأسيس "مجلس الحكم"، مجموعة من النهابين واللصوص و"المجادية" والبلطجية والمجرمين والجواسيس والعملاء، إسلاميون وقوميون وعشائريون وذكوريون، جمعتهم أمريكا ووضعتهم في القطار الديموقراطي، الذي أنزلهم في العراق ليحكموه ويتحكموا بمصيره.

اليوم أنهى العراق عشرون عاما من الديموقراطية الامريكية، رفل فيها ببحبوحة الحرية والديموقراطية التي وهبتها له الام الحنون، اصحبنا "كيمريون"1، هذا العام يحكم العراق القوة الإسلامية الأشد تطرفا "الإطار التنسيقي"، برعاية السيدة السفيرة رومانسكي، التي اجتمعت بقادة الميليشيات واعطتهم دروس في الديموقراطية، جلست مع "شياع السوداني، هادي العامري، عمار الحكيم، قيس الخزعلي، محمد الحلبوسي، خميس الخنجر، مسعود بارزاني، بافل طالباني" غير رجال الدين وشيوخ العشائر، لترتيبات جديدة يعدون لها للمرحلة المقبلة.

تسعة ملايين انسان يعيش تحت خط الفقر، لا يهم، فهناك ديموقراطية؛ ملايين الارامل والايتام، لا يهم، فعندنا ديمقراطية؛ ملايين المعطلين عن العمل، لا يهم، هناك ديموقراطية؛ عشرات الالاف من المغيبين، لا يهم، لدينا ديموقراطية؛ نهب وسرقة واستنزاف ثروات البلد، لا يهم، الديموقراطية اهم؛ لا مصانع او معامل او مزارع، لا يهم، لدينا ديموقراطية؛ جفاف أنهر وتصحر، لا يهم؛ مئات الالاف من المهجرين، لا يهم؛ مدن مخربة ومهجورة، لا يهم، واقع صحي وتعليمي وخدمي منهار تماما، لا يهم؛ لا كهرباء ولا ماء ولا سكن ولا شوارع مبلطة، لا يهم؛ ميليشيات وعصابات ومافيات تحكم، لا يهم؛ دعارة واتجار بالنساء ومخدرات ملئت البلد، لا يهم؛ لا يهم؛ لا يهم؛ المهم الحفاظ على الديموقراطية، وعلى مشاعر مجموعة من الليبراليين والديموقراطيين، الذين يعيشون الحرية في أوروبا وكندا وامريكا وأستراليا، والذين يخافون على سياسات الام الحنون، مجموعة من القاذورات والنفايات العفنة والمتفسخة والمتحللة، والتي يخرج منها الصديد والقيء.

الألماني ديفيد شتراوس كان يقول: "إذا كان العالم شيئا فقد كان من الأفضل ان لا يكون"؛ حسنا اذن، إذا كان العراق شيئا فقد كان من الأفضل ان لا يكون.

1-الكيميرون.... شعب توهم وجوده هوميروس وقال عنه انه يعيش في ظلام دائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو