الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جواب الديوان الملكي ، و( المعارضة ) الشاردة والتائهة .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما كنت أظن أن من يدعي المعارضة الراديكالية ولو بواسطة الفاسبوك ، والتوتير ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، يجهل كامل الجهل أسس ومشروعية النظام السياسي في المغرب ، وهنا لا استثني أحدا ، لان جميع الردود والتفسيرات التي أُعْطيت ، كانت خارجة عن السياق العام لنظام الحكم في المغرب .. ان هذه الفضيحة بجلاجلها ، والمنطوقة بلسان من يدعو الى الجمهورية ، ومن يدعو فقط الى الدولة الديمقراطية ، الملكية البرلمانية ، كانت تضرب اخماسا في اسداس ، وهي تتفضل بشرح " حدث " جواب الديوان الملكي ، على خرجت حزب العادلة والتنمية ، ورئيسه عبدالاله بنكيران الذي خصص له الملك تقاعدا ب 700.000 يورو شهريا ، الى جانب الامتيازات ، والحرس بجوار مسكن زوجته التي يقيم معها ..
أولا ان خروج الديوان الملكي بعد مرور سبعة أيام عن خرجت حزب العدالة والتنمية ، ومنه زعيمه عبدالاله بنكيران ، كان خطئا فادحا ارتكبه من يقف وراء اصدار البيان ، لأنه لأول مرة في التاريخ السياسي للدولة العلوية ، تتفضل الدولة بالجواب المباشر عن بيان حزب اكثر من ضعيف ، ونتائج الانتخابات الأخيرة التي حصل عليها ، شاهدة على ضعفه البين ، وسط الناخبين الذي غيروا أصواتهم لصالح جهات أخرى . فبيان الديوان الملكي جعل من حزب ضعيف ، في نفس مرتبة الدولة ، بل تم تفسيره بالخوف الذي أصاب الواقف وراء بيان الديوان الملكي ، من الحزب صنيعة بوليس الحسن الثاني ووزيره في الداخلية ادريس البصري ..
فهل بلغت الدولة من الضعف ، الى مستوى انْ تصدر بيانا يجيب عن خرجت حزب ، هي من رخصت له ، مع العلم ان قوته تراجعت الى دون المستوى الذي ابانت عنه نتائج الانتخابات الأخيرة ..
وبصيغة أخرى . هل كان للحزب ومنه عبدالاله بنكيران ان يصدر ما أصدره لو كان الحسن الثاني على قيد الحياة .. ؟ .. وهنا ، وهنا الخطورة . هل يستصغر الحزب ومنه عبدالاله بنكيران الملك محمد السادس ، ويستصغر نظامه الذي خرج ببيان على حزب نكرة صنيعة بوليس الحسن الثاني . ؟ .
فكيف سينظر أعداء النظام المغربي ، وبالأخص أعداء محمد السادس اليه ، والى نظامه ، وهو الذي ترك المغرب ورحل الى خارجه ، وكأن لا شيء يعنيه من الدولة ، ومن مشاكلها التي هي بالأطنان .
لقد تاهت ( المعارضة ) وهي تشرح حيثيات صدور بيان الديوان الملكي ، وبلغ الاجتهاد مبلغه بسبب الفهم الخاطئ ، الى الإتيان والخلط بين النظام السياسي المغربي ، وبين الأنظمة الملكية في الدول الديمقراطية ، متشبثين بخرق بيان الديوان الملكي للدستور، خاصة عندما جاء في البيان انّ السياسة الخارجية والمهام الدبلوماسية هي دستوريا من اختصاص الملك وحده . وهنا يردون على هجوم حزب العدالة والتنمية على وزير الخارجية ، عندما اتهمه بالصهيوني ، ومحام إسرائيل يدافع عنها باستماتة في المحافل الدولية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي . لان الديوان الملكي من خلال بيانه ، حاول اتهام بنكيران وحزبه بقصد الملك ، وليس وزير خارجيته ناصر بوريطة الذي ينفد الأوامر والتعليمات فقط ..
كل ( المعارضين ) الذين ركزوا على الدستور في تحديد الجهة التي تختص بالسياسة الخارجية للدولة ، وبالمهام الدبلوماسية ، اجمعوا على تكذيب بيان الديوان الملكي ، حين شدد على اختصاص الملك دستوريا بالسياسة الخارجية للدولة ، ومنهم من راجع كل أبواب وفصول الدستور ، فلم يجد نصا او مادة تركز وتشخص السياسة الخارجية في الملك . فاعتبروا بذلك ان بيان الديوان الملكي مليئا بالمغالطات ، وبالجهل التام لمقتضيات الدستور الذي يحدد اختصاصات السلط في المغرب ..
لقد سقط هؤلاء ( المعارضون ) La chute libre ، عندما انبروا يفسرون ويشرحون بيان الديوان الملكي ، وعلاقته بفقرة الإشارة الى تنصيص الدستور ، على ان السياسية الخارجية للدولة ، هي من اختصاص الملك شخصيا دون غيره . فظنوا انهم انتصروا ، وانهم عروا ابجدية المسؤولين في فقه مقتضيات الدستور ، وكأنهم حين يناقشون ، كانوا يظنون انفسهم في دولة علمانية ديمقراطية شأن الملكيات الاوربية ..
أولا ان هؤلاء يجهلون مشروعية النظام السياسي المغربي ، خاصة في عقد البيعة الذي يربط مباشرة السلطان كأمير ، وإمام ، وراعي كبير ، بالرعايا الذين هم رعايا جلالة الملك .
ثانيا . فإضافة الى عقد البيعة الذي يُغلّب السلطة الدينية على مقتضيات الدستور ، حين يحصل هناك تعارض او سوءا للفهم ، تُغلّب السلطة الدينية المبهمة والمضببة وغير محدودة السلطات والاختصاصات ، على الدستور الواضح ، رغم انه دستور الملك يختزل الحكم فيه ، والعكس صحيحا ، أي أنا الدولة ، الدولة أنا ..
-- فاذا اخذنا بعين الاعتبار انّ الانتخابات هي انتخابات الملك ، وانّ البرلمان هو برلمانه ، والحكومة حكومته ، والبرلمانيين والوزراء هم موظفون سامون بإدارة الملك مولانا السلطان قدس الله امره ...
-- واذا خلصنا الى ان برامج الأحزاب التي تتقدم بها الى الناخبين كي يصوتوا عليها ، ترمى في القمامة عند الإعلان عن نتائج الانتخابات ، وليتحول الجميع ، أي جميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، الى المنافسة لتنزيل برنامج الملك مولانا السلطان الذي لم يشترك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه احد ، بحيث الجميع يتنافس ليحصل له شرف تطبيق برنامج الملك ، أي انهم مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، تصبح جميع السياسات الحكومية و بما فيها السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي ، ووزارة الداخلية ، وكل الوزارات هي من اختصاص الملك ، لان الوزراء كموظفين سامين ينزلون برنامج الملك مولانا السلطان المعظم الله وليه ، لا برنامج احزابهم الذي تخلصوا منه عند اعلان نتائج الانتخابات ..
فالدستور الممنوح هو دستور الملك ، والدولة هي الملك ، والملك هو الدولة ، فكان طبيعيا ان يكون بيان الديوان الملكي عندما اعتبر السياسة الخارجية وبمقتضيات الدستور هي من اختصاص الملك ، يتماشى مع الدستور ولا يتناقض معه ، مثل من اعتبر بيان الديوان الملكي معارضا للدستور . بل اعتبروه تطفلا وتحريفا للدستور الذي ليس به مادة تسند السياسة الخارجية للملك وحده دون غيره .
ففي النظام السياسي ، المخزني ، البطريركي ، الرعوي ، البتريمونيالي ، الكمبرادوري ، الثيوقراطي ، الغارق في التقاليد المرعية ، والطقوس القروسطوية .. ، فان السلطان / الملك ، هو وحده المسؤول عن جميع سياسات الدولة ، وبما فيها سياسة البريد ، والاوقاف والشؤون الإسلامية ، والرياضة ... الخ .
ان بيان الديوان الملكي من حيث اعتبار السياسة الخارجية من اختصاص الملك دستوريا ، مثل جميع سياسات الدولة ، كان محقا وصائبا .. لكن صدور البيان ضد حزب العدالة والتنمية النكرة ، وزعيمه عبدالاله بنكيران ، كان خطئا قاتلا ، لأنه اعطى للحزب حجما لا يشغله ويفتقر اليه ، وساوى بين حزب من صنيعة بوليس الحسن الثاني وادريس البصري ، بالدولة ، وهو ما تم تفسيره بالارتباك ، وبالتيه الذي ضرب ( المعارضة ) التي زلقت عند تفسير العلاقة بين اختصاصات السلطات ، بمقارنتها بدستور من يتولى كل هذه الاختصاصات لوحده دون غيره .
الوزراء والبرلمانيين في النظام السياسي ، المخزني ، الرعوي ، البطريركي ، الكمبرادوري ، الثيوقراطي ، الغارق في التقاليد المرعية وفي الطقوس القروسطوية ، هم موظفون سامون بإدارة الملك ، يتولون تنزيل برنامجه بالحرف .
فهل نسيتم ما قاله بالحرف واكثر من مرة عبدالاله بنكيران " ان الملك هو وحده يحكم ، وأنا اساعده فقط " . كان يجب التفكير في التعامل مع بيان حزب العدالة والتنمية بطريقة اخرى ، وليس بالرد الذي ساوى الحزب الضعيف بالدولة ، فقدم خدمة للحزب ولعبدالاله بنكيران لم يكن ينتظرها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط