الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاء زمن نظرية المؤامرة . . حقيقة أم اكذوبة خداعية – فيما يخصنا / الجزء الاول

أمين أحمد ثابت

2023 / 3 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مع انتهاء سيادية نظام القطبين الايديولوجي على العالم – أي من بعد 1990م. – وتحوله الى نظام القطب الواحد ( الرأسمالي- الامبريالي ) ، حلت مفاهيم جديدة بديلة مسوق لها عالميا – خاصة في مجتمعاتنا العربية – تعتمد واحدية التوجه الايديولوجي الامبريالي لكل بلدان العالم – حتى الصين او كوريا الشمالية ببقائهما على طابع نظام الحكم الشمولي للحزب الشيوعي ، إلا ان وجودهما لن يكون إن لم يذهبا مذهب النهج الرأسمالي ، ولن يعزز وجودهما عالميا إلا من خلال النظامية العالمية الواحدة ، بحيث يعد نظام الحكم السياسي حق داخلي يخص ذات البلد ، بينما نهجه الخارجي اقتصادي يقوم على مبادئ وقواعد وشروط المنافسة على اساس النظامية الرأسمالية ، ولا يمنع أن يكون هذا منعكسا على الداخلي كنهج اقتصادي للبلد بينما يتحرك بناء الطابع المجتمعي على اساس نظام الحكم السياسي ذات الطابع الاشتراكي لنهج الحزب الشيوعي الحاكم – فبدلا عن المتقابلين الدعائيين اتهاما لنظامية القطبين الماضية مثل الامبريالية الرجعية والشيوعية الملحدة – وبالطبع كل ما يتبع كل منهما من اصطلاحات لفظية تشنيعيه وتوصيفات ضدية لبعضهما – ليحل محل ذلك القديم العالمي ثنائي الايديولوجية مفردات لفظية اصطلاحية ( ممنتجة كمفاهيم ) بديلة تمثل منها ما يعد مبادئا تأصيلية لتحول النظام العالمي الجديد ( بقيم اكثر انسانية ) – كما يروج لها – والاخرى كموصفات ظاهرية لطابع ذلك التحول – مثلا انتهاء زمن التفوق الصراعي ( بين الايديولوجيات التناحرية ) – عالميا او داخل البلد الواحد – ليحل محلها التفوق خلال ( التنافس السلمي بين الاتجاهات المختلفة ) ، وهنا وضعت مفاتيح لفظية لهذه الهيكلية النهجية الاحلالية المستجدة عالميا – المروج لها – خاصة منها ( التعددية ، القبول بالآخر ، الحوار السلمي لحل الخلافات ، و . . من اخر مروجات تلك المفاتيح علينا . . التداول السلمي للسلطة و الشراكة في الحكم ، حيث توصف هذه الاخيرة على مستويين من الدلالة على مفهوم الشراكة ، شراكة بين سلطة الحكم والقوى سياسية المعارضة ، والاخرى الشراكة المجتمعية في الحكم ، أي شراكة ممثليات المجتمع في الحكم – أي الخارجة عضويا عن سلطات الحكم – وايضا شراكتها وقوى المعارضة الى جانب سلطة الحكم في اصلاح عيوب النظام وادارته .

وحتى لا نغرق في محيط واسع من التحليل في اتون ما سبق اعلاه ، نفضل تقييد انفسنا فيما يقوم عليه اصل عنوان مقالنا هذا – وعموما بشكل غير مباشر سيكتشف القارئ النبيه من العارفين ، بأن ما سيرد من تحليل استقرائي وحكمي فيما يخص جوهر موضوعنا المنحصر بعنوان المقال ، يمثل موجهات ارشادية النسق التقييمي ( العام ) للمروجات اللفظية تلك بتخريجاتها المثالية المطلقة مفهوميا ، والتي يستحيل وجودها واقعيا في أي مجتمع او بلد كان وفي أي زمن كان . . بتلك الصورة المسوقة لنا – حتى أن الغرضية وراءها ( المخفية ) تقوم على انهاء القوى الثورية ( الوطنية وليست الايديولوجية ) والفكر التحرري الوطني اجتماعيا المقاوم للتبعية الانقيادية للخارج – لأي قطب من اقطاب التسيد على العالم – فالأحزاب والتنظيمات التي لا تظهر ولاءا انقياديا لكل ما يملى من الخارج ، تعد غير ديمقراطية بقدر ماهي إلا مراوحة لطابعها القديم الثوري المعيق للتطور السلمي للمجتمع والحياة ، لكونها ما زالت مسيطرة عليها نزعات اخذ الحكم عبر الصراع – الذي غالبا ما يكون دموي برمزية اللون الاحمر للثورية والتغيير كما يروج له سيد الغرب – ووفقا لتمرير تلك الموجهات العصرية لادعاء التحول النوعي لمجتمعاتنا خلال حقيقتنا المطبوعة على التلقي التلقيني الانقيادي ، تجد بعد بضع سنوات قليلة أي من الاحزاب المدنية المقاومة للاستلاب . . فقدها لحاضنتها الشعبية – كون أن حقيقة انسان المجتمع العربي الحديث ( خلال القرن العشرين والعقدين الحاليين من القرن الحادي والعشرين والتي ستأتي ) . . إن لم نقل منذ قرون عديدة ماضية والى الان – بأن شعوب المجتمعات العربية تدور في فلك سلطة الحكم القابضة على المجتمع وحياته ، وهو دوران تطبعي لإنسان المجتمع كمنقاد تابع لمالك القوة والنفوذ تسلطا – حيث تجد ما بقيت من احزاب ( مستقلة عن الانقياد ) نفسها معزولة عن وجود قاعدة اجتماعية تقوم عليها ، بل حتى انها تجد نفسها معاداة من المجتمع المؤسسة قناعاته بالأوهام المساقة إليه وانها احزاب قد هرمت وفقدت اهليتها للبقاء والاستمرار ، وهذا غير قبول بقية القوى السياسية مشاركتها وسلطة الحكم – بإدارة الخارج – على اقصاء مثل هذه الاحزاب ، خاصة منها الممتلكة تاريخا طويلا من النضال الوطني غير الملوث ، وتحظى بشعبية واسعة مجتمعيا عبر ذلك التاريخ كقائدة للتحرر الوطني ودعوى بناء العدالة المجتمعية على اساس واحدية المواطنة – ومن خلال هذا الطرح الاخير يمكن للقارئ أن يجد ملامح اشارات واضحة للإجابة عن تساؤل يشغله ولا يعرف اجابة حقيقية له ، والمتمثل ب . . ( لماذا وكيف اختفت وتلاشت الاحزاب المدنية التقدمية العربية – رغم تسيد حاضنتها الشعبية وفارق نوعية كفاءتها لإدارة الصراع السياسي ، بينما بقت ونمت وتشعبت قوى اليمين واحزاب الدين السياسي . . لتحل محلها . . حتى انها اصبحت ذات حاضنة مجتمعية واسعة عكس ما كانت عليه قبلا ؟ ؟ ! ! ) – بل أن درجة التماهي في الغياب لمثل هذه الاحزاب التاريخية المعاصرة . . تصل واقعا لدرجة وجود بائس مقارنة بمفرخات رموز انتهازية عبر دعم طرف خارجي – احيانا تكون معلمة اجتماعيا برخصها او ظليتها او رجعيتها – لتحضر رقما في المشهد السياسي ، حيث اصبحت الحاضنة المجتمعية يتم شرائها بفعل الفقر والحاجة والتطبع بقيم الاستهلاك وتعميم فقدان الذاكرة عن كل قيمة من القيم الوطنية في دور الفرد مجتمعيا .

وعودة لذي بدء ، نفيد أنا لن نخوض في تأصيل نظري – فكري بحثي لمعرف مفهوم نظرية المؤامرة بصفاتها وخصائصها وما تقوم عليه من شروط وقواعد ، ولن نبحث في اصل مصدرها التاريخي للظهور ولمن تنسب وكيف اكتملت حلقاتها المعرفية لتعطي ذلك المفهوم المتعارف عليه نظريا – فهي امور يمكن استقصاءها بسهولة بطريقة البحث النظري العلمي الاكاديمي – بل أنا سنخوض طريقا معرفيا مبسطا يخص نوع الكتابة لمقال يقرأ فكريا وثقافيا ، متضمنا بعدا استقرائيا دلالي كاشف لما يهدف عنوان المقال الوصول إليه .

فلفظ المفردة المصدري ( مؤامرة أو تآمر Conspiracy ) : تبنى على طبيعة نهج فعل استهدافي يقوم على الخديعة او الخداع ( لطرف على طرف اخر ) – في مختلف صوره المحتملة الفردية او الخاصة او العامة ، ويتخذ هذا الاخير عادة معبرا رمزيا عنه فيمن يتخذ دور الاستهداف – ويعتمد مسار الفعل ذاك على خطة نظرية مسبقة مرشدة للخطوات الاجرائية الملزم اتباعها ، والتي تحتوي في باطنها على بنى افتراضية محددة للغرض المطلوب تحققه ، تقوم هذه البنى على الاحتمالات المتعددة التي يقوم عليها تعديل او تغيير الخطوات الاجرائية واحيانا يكون النهج محملا لمؤشرات في الخطة الاساسية لخطة او اكثر بديلة لمسار الاجراء بما يوصل نتيجة افضل للهدف او الاهداف المرجوة تحقيقها .
وفي حدود تصورنا القاصر – فيما نزعم به – أن لفظ المؤامرة او التآمر تعد سمة سلوك اجرائي طبيعي ليس في الانسان فقط ولكن في سائر الحيوانات المكتملة الدماغ – لكون هذا اللفظ لا يكون واردا خارج بعد الخديعة او المكر لوصول طرف لغايته على حساب طرف اخر منافس له – ويفرق بين نوع الانسان وبقية تلك الانواع من الحيوانات بأن لفظ مفردة المؤامرة والتآمر تخصه دون غيره ، لكونه عنصرا غائيا مخططا لأفعاله بوعي تجريدي ارادي قبلي لفعله الخداعي وليس كالحيوان المبني فعله على اساس غريزي مدفوعا بالحاجة البيولوجية ، ولكون سمة الانانية الفردية عند نوع الانسان تتعدى وحشية او انانية ذات السمة الغريزية عند الحيوان ، فالخديعة او المكر عند الحيوان لا يشترط إلحاق الاذى او مصادرة حق العيش او الحياة عند غيره إلا في حالة أن يكون الطرف الاخر يمثل مصدر الحاجة لبقائه حيا في تلك الظرفية الخاصة ، كما ويلجأ الحيوان لمسلك الخداع او المكر في الظروف الخاصة حين تكون قدرته اضعف على نيل ما يريده احتياجا مقارنة بقدرته في الاوضاع او الظروف الطبيعية – مثلا ادعاء الثعلب او ثعبان او غيرهما لحالة الموت امام مفترس اخر . . حين لا تتوفر له سبل اخرى للنجاة من الافتراس ، وايضا حين يوجد مرعى فسيحا للظبى او الغزلان لا يمكن القطط البرية من اصطيادها ، فتلجأ للعمل الجماعي المطوق للفريسة او محاصرتها للوقوع في مياه موحلة او ازراب مقيدة لحركتها او مواضع مقفلة للهروب منها ، هذا غير الملاحقة للقطيع ليتخلف عنه الصغار المولودين او الضعاف من الفرائس ، هذا وتنطفئ انانية الاستحواذ الاستقوائي للفرد الحيوان بمجرد اشباع حاجته وقتها – بينما عند الانسان فأنانيته لا تشبع ، ويعد المكر والخداع اسلوب عيش كغيره من الاساليب ، ويطبع المرء المتسيد على سلوكه وفعله وتفكيره هذا النهج بوصفه بالذكاء او فرط الذكاء او الدهاء – حيث يصل الى ما يريده بأية وسيلة كانت وتمرر على غيره – كما ويوسم الفعل الخداعي لدى الانسان بتعديه ليس قيم الفضيلة او القيم المثلى . . بل وسنن الطبيعة في موجودات الحياة ، حيث يبنى هذا النهج السلوكي على إلحاق الاذى بالآخر او الاخرين وحقوق وجودهم من العيش والحياة والكرامة ، وعادة ما يكون مضمون فعل الاذى مغطى ظاهريا بادعاءات كاذبة او مبررات زائفة تنخدع عقول الاخرين في تقبلها .
وبخلاصة فإن ممارسة المكر والخداع تحضر في الانسان وسائر الحيوانات مكتملة الدماغ – وفق ما اوضحناه سابقا – بينما لفظ المؤامرة او التآمر تخص نوع الانسان فقط ، وإن كانت تبنى اجرائيا على رافعة اساسها الخداع او المكر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟