الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلسوفة المصرية هيباتيا - شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة.. ((1))

السيد حافظ
كاتب مسرحي وروائي وصحفي

(Elsayed Hafez)

2023 / 3 / 20
الادب والفن


شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة..
رؤى للتاريخ
((1))
الفيلسوفة المصرية هيباتيا؛
اغتيال الفيلسوفة المصرية هيباتيا؛ لأنها رفضت اعتناق المسيحية.. وأسألكم: هل
التعصب عند المسلمين فقط؟؟.. هل التعصب مص ري الجنسية؟ لماذا رفضنا التوحيد بإله واحد
أيام إخناتون؟.. هل التعصب مسيحي الهوية؟.. هل التعصب يهودي النشأة على أرض
مصر؟.. هل التعصب هو فرعوني الأصل؟.. هل التعصب إسلامى السلوك؟
يقول الكاتب والأديب "طلعت رضوان": عندما دخلت المسيحية مصر، آمن بها
كثيرون وتخلوا عن ديانة جدودهم. وعانوا من اضطهاد الرومان 191 سنة، إلى درجة تقدمههم
للوحوش فى الملاهي الكبرى.. استمر الاضطهاد والقتل إلى عام 393 بصدور إعلان ميلان
الذي نص على "التسامح الديني"، واستقر الوضع أكثر بعد أن اعتنق الإمبراطور قسطنطين
المسيحية، ثم أصبحت هى الديانة الرسمية لكل الدول الخاضعة لروما.
كان من المنتظر أن من عانى الظلم ينشأ لديه وجدان يرفض أن يكون ظالما، ولكن
ما حدث هو العكس، إذ مارس الأساقفة الأتقياء المؤمنون ب "النص" الاضطهاد ضد الدين
رفضوا اعتناق المسيحية وظلوا على إمهانهم بالديانة القدمهة. كما شمل الاضطهاد بعض
الطوائف المسيحية وشمل تحطيم التماثيل باعتبارها )وثنية( وتحويل المعابد إلى كنائس وتحطيم
معبد السرابي ون، وهو تحفة معمارية. وكانت قمة التصاعد المأسا وي عندما قرر المؤمنون
بالمسيحية الأتقياء اغتيال الفيلسوفة "هيباتيا". فعل المؤمنون بالدين الجديد كل تلك الجرائم،
لأنهم اعتقدوا وآمنوا بأن )النص( يلغي العقل ويتعامى عن الرحمة..
999 ( فيلسوفة مصرية وعالمة فى الرياضيات، وهي ابنة )ثيون - هيباتيا ) 371 ( أستاذ
الرياضيات في متحف الإسكندرية. وكتب عنها ديورانت في قصة الحضارة – المجلد الثاني،
وجروج سارتون وإدوارد جيبون وبرتراند رسل وآخرون. ومن المصريين: د. توفيق الطويل ود.

زكى نجيب محمود، غير الروائيين والشعراء الأوروبيين. ووصل اهتمام العالم المتحضر بهذه
الفيلسوفة المصرية أن أصدرت جامعة الينوى الأمريكية مجلة فلسفية اسمها " هيباتيا"، كما تنتشر
في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية الجمعيات الثقافية، والمجلات الفلسفية التي تحمل اسم
الفيلسوفة المصرية هيباتيا..
كانت هيباتيا ذات جمال أسطو ري، ورغم ذلك رفضت كل عروض الزواج وفضلت
التفرغ للعلم والفلسفة، وكتبت عنها دائرة المعارف البريطانية أنها جمعت بين التواضع والجمال
والقدرة العقلية؛ "فجذبت عددا هائلا من التلاميذ"، وكان من تلاميذها أساتذة وفلاسفة،
كانوا يأتون من أكثر من دولة ليستمعوا إلى محاضراتها، من بينهم الفيلسوف اليوناني
"دمثيوس"، والعالم " سينسيوس" الذى اعترف بفضلها عليه فى تثقيفه، وأنها شرحت له فى
مؤلفات أرسطو وأفلاطون، وبعض العلوم الطبيعية مثل: الفلك والميكانيكا والرياضيات،
وكانت تكرس لأهمية الحب الروحى لا الجسدي.
ويقول عنها معاص ر وها أنها كانت تتربع بشرف "على قمة الأسرار الفلسفية"، وذكر
د. إمام عبد الفتاح إمام، أن هيباتيا أنجزت حسب ما كتب سويداس فى معجمه ثلاثة
كتب: شرح على كتاب ديفونطس السكند ري فى علم الحساب، والثانى شرح على كتاب
بطليموس )المجموع الرياضي(، والثالث شرح على )قطوع المخروط( أبولونيوس البرجي. كما
أنها اخترعت )البلانسفير(، وهى خريطة ذات ثلاثة أبعاد لنصف الكرة السماوية، أو الآلة
الفلكية القدمهة المسماة الأسطرلاب، والاختراع الثانى هو جهاز قياس الوزن النوعى للسوائل،
وهو نوع من الهيدرومتر.. ولأن الأصوليين فى كل دين متعصبون أحاديون منغلقون، لذلك
جاءت النهاية الدامية لهذة الفيلسوفة التي كانت تنادي ب ترسيخ قيم الحب والعدل والجمال كما
تعلمتها من الفلسفة المصرية، ولكن لأنها رفضت اعتناق المسيحية، ولأن شهرتها فاقت في
الأهمية شهرة رجال الدين، فقد دبر رئيس الأساقفة خطة اغتيالها، عندما أطلق شائعة هو
مصدرها تقول أن هيباتيا هى العقبة الوحيدة للتوفيق بين الحاكم أورستس ورئيس الأساقفة
كيرلس. ولأن المتدين يصدق رمزه الدينى، صدق المسيحيون ما يقوله كيرلس من بذاءات
وافتراءات ضدها، إلى أن جاءت لحظة اغتيالها فى شهر الصيام الكبير.
وعن مشهد الاغتيال كتب د . إمام عبد الفتاح إمام: "اعترضت جماعة من رهبان
صحراء النطرون، الذين قضوا فى الصحراء سنوات طويلة يصارعون قوى البشر كما يقولون
ويديرون معركة صراع باطني ضد شهوات الجسد، اعترضوا عربة هيباتيا بإيعاز من كبيرهم
كيرلس؛ فأوقفوها وأنزلوا الفيلسوفة الشابة الجميلة، ثم جروها إلى كنيسة قيصرون حيث تجردت
من ملابسها لتصبح عارية. وتقدم بطرس قارئ الصلوات من ذبحها . وقد أمسك بها مجموعة
من الرهبان ليتمكن قارئ الصلوات من ذبحها. ثم عكف الرهبان )الأتقياء القلب( على تقطيع

جسدها مستمتعين بما يفعلون. ثم راحوا يكشطون اللحم عن العظم بمحار حاد الأطراف. ثم
أوقدوا نارا وقذفوا فى النار بأعضاء جسدها وهى ترتعش بالحياة كما يقول رسل، حتى تحول
الجسد إلى رماد وهم يتحلقون حوله فى مرح وحشي شنيع على حد تعبير ديورانت"
ويرى د. إمام أن "الرهبان عجزوا عن قمع شهوات الجسد. ولما كان يصعب الوصول
إليه، فإنه يسهل عليهم تمزيقه " هذا هو التعصب: اغتيال الفيلسوفة والعالمة التى يعتقد بعض
المؤرخين أن العالم كوبرنيكوس تأثر بنظريتها فى علم الفلك، وأن الروائي الإنجليزى تشارلز
كنجزلي كتب رواية اسمها )هيباتيا( وكتب عنها الأديب الفرنسى Gille Me-nage فى
كتابه "الفلاسفة" قصيدة قال فيها:
"لابد لكل من يشاهد ويتأمل بيتك الطاهر/ الخالي تماما من كل زخرف أو زينة/
أن ينشغل بأمر الثقافة / حقا, لقد انشغلت أنت بالسماء/ هيباتيا.. أيتها المرأه الحكيمة/
لغتك عذبة.. ونجمك متألق فى سماء الحكمة"..
وذكر د. إمام عبد الفتاح إمام، أن سقراط المؤرخ المسيحي كتب عنها أنها "بزت أهل
زمانها من الفلاسفة، عنما عينت أستاذة للفلسفة بالإسكندرية، حيث هرع لسماع محاضراتها
عدد كبير من الناس من شتى الأقطار النائية. وكان الطلاب يتزاحمون ويحتشدون أفواجا إليها
من كل مكان. وكانت الخطابات توجه إليها باسم الربة Muse أو الفيلسوفة.
وعندما كانت هيباتيا تشرح مذهب أفلاطون وأرسطو، كانت قاعة درسها تكتظ
بأثرياء الإسكندرية وأكابرها، وكتبت عنها دائرة المعارف البريطانية "اجتمعت لها الفصاحة
والتواضع والجمال مع قدراتها العقلية الممتازة، فجذبت عددا هائلا من التلاميذ" وذكر المؤرخ
)جيبون( أن البابا كيرلس كان يشاهد بعين الحقد والحسد ذلك العدد الضخم من جمهورها
على باب أكادمهيتها )د. إمام عبد الفتاح إمام – نساء الفلاسفة – مجلد 9( وكتبت عنها
ماريا ذليسكا:
"لن يقدر الموت يوما/ أن يميتها/ إنها قائمة هناك.. بسكونها/ الموت لا يقدر أن
يميت مثلها / الموت يقدر فقط/ أن يبعثر هذا الزمن/ بعوالمه المرتجفة/ أما هى ستظل دائما
هى" )د. مرفت عبد الناصر – لماذا فقد حورس عينه – دار شرقيات – عام 2005 ص
21 (، وترجم حياتها فى شكل رواية الكاتب المصرى داود روفائيل خشبة بعنوان )هيباتيا..
والحب الذى كان( عن المركز الق ومى للترجمة – عدد رقم 9932 - عام 1191 – ترجمة سحر
توفيق. وذكر المؤلف فى المقدمة أن "القليل المعروف عن حياة هيباتيا وعملها موجود وسهل
الوصول إليه على الإنترنت "أما المصدر الرئيسى والكلاسيكى عن حياتها فهو ما كتبه )سقراط
سكولاستيكوس( الذي كان معاصرا لحياتها حتى اغتيالها عام 999 . كما أهدى الشكر
للكنيسة المصرية، التى بسببها فقدنا أعمال هذه الفيلسوفة المصرية / السكندرية العظيمة التى
2( هذه الفيلسوفة التي قتلها التعصب ، كانت تنتمي إلى المدرسة الأفلاطونية الجديدة )ص 7
والأحادية، كتب المؤرخ )جورج سارتون ( عنها "كان لها شرف مزدوج: فهى أول من اشتغل

بالرياضيات من النساء. وهى من أوائل الذين استشهدوا فى سبيل العلم " ألا تذكرنا مأساة
هيباتيا بمأساة المفكر الفارسى ابن المقفع الذى كان مصرعه بتقطيع جسده وهو ينظر إلى
أعضائه وهى تلقى فى النار، وبالنهاية المأساوية لعبد الحميد الكاتب الذى قتله العباسيون
بوضع طست محمى على رأسه، ومهنحة الإمام أبو حنيفة الذى رفض أوامر ابن هبيرة الذى
طلب منه تأييد تصرفه بقتل أحد الأشخاص؛ فقال أبو حنيفة "كيف أقبل هذا العمل؟ تأمر
أنت بقتل إنسان ظلما أو مصادرة ماله وأختمه أنا . هذا لن يكون أبدا"، وكانت النتيجة أن
أمر ابن هبيرة صاحب الشرطة بحبس أبى حنيفة وأن يضرب كل يوم عشرة أسواط. وفى عهد
أبى جعفر المنصور أيضا تم جلد الإمام مالك . وفى عهد الرشيد كاد الإمام الشافعى أن يقتل
لأنه اختلف مع أتباع الإمام مالك. وفى العهد الأموى قال الجعد بن درهم أن القرآن مخلوق
ومحدث؛ فأتى به الوالى خالد بن القسرى إلى مسجد الكوفة مقيدا بالأغلال بوم عيد
الأضحى وذبحه مثل الشاة. ثم يجيء المأمون ويبنى فكر المعتزلة حول خلق القرآن . واعتقل كل
من رفض تأييد رأيه وكان من بينهم الإمام أحمد بن حنبل الذى ظل فى السجن 12 شهرا
وكان يضرب بالسوط إلى أن يغمى عليه . وينخس بالسيف فلا يحس ) انظر سليمان فياض
– الوجه الآخر للخلافة الإسلامية – ميريت للنشر عام 9111 – أكثر من صفحة (
ويصل التعصب إلى درجة اغتيال الصوفى الكبير الحلاج الذى حاول التوفيق بين
الدين والفلسفة اليونانية، فكان مصيره السجن 2 سنوات وضربه بالسياط وحرق جثمانه ورغم
أن القضاة حكموا بتكف يره، فقد كان من الصالحين فى نظر الجماهير. والتعصب ينهش صدور
الفقهاء ضد السهروردى فيتآمرون عليه لدى صلاح الدين الأيوبى الذى أمر بقتله. وبعد نفى
ابن رشد إلى اليسانه كتب الخليفة الأندلسى المنصور منشورا أمر فيه الجماهير بعدم الاشتغال
بالفلسفة . والعداء لكل مفكر اختلف مع الكهنوت والعسكروت لم يتوقف، فيكون اغتيال
فضيلة د. محمد حسين الدهبى وفرج فوده ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ. والموقف من الفلسفة لم
يتغير، إذ فى عهد جمال عبد الناصر يصدر وزير التعليم كمال الدين حسين قرارا بإلغاء مادة

الفلسفة من المرحلة الثانوية ومع بداية الألفية الثالثة أصدر وزير التعليم قرارا بأن تكون مادة
الفلسفة اختيارية . وهكذا يتلازم ثنائى الشر المطلق: العداء للمعرفة )بمراعاة أن الفلسفة هى
المدخل للمعرفة( واغتيال كل صاحب فكر. وصدق من قال "من يبدأ بحرق الكتب ينتهى

بحرق البشر" ومع ذلك فإن الأحرار فى كل مكان ما زالوا يبحثون عن أية معلومة عن
الفيلسوفة المصرية هيباتيا. ويعيش سقراط فى الوجدان وفى الكتب، ولا أحد يهتم )مجرد
اهتمام( بمعرفة اسم القضاة الذين حكموا بإعدامه. ويقرأ الأحرار ما كتبه الحلاج والسهروردى
وابن المقفع وابن الراوندى. وصدق الفيلسوف الألمانى هيجل الذى لخص مأساة التعصب
المصحوب بالدم فى جملة تحمل الأمل لذ وي الضمائر الحية "إن الخنجر لا يقتل الأفكار "
أ وقول لكم إن مصر المسيحية العظيمة أنجبت هيباتيا ومصر المسيحية العبيطة
المتعصبة قتلتها على يد الأساقفة.. والأمة العربية العظيمة أنجبت السهروردى وابن المقفع
وابن رشد, والأمة العربية العبيطة هى التى قتلتهم جميعا..__








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس