الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملفات الفساد تعالج علي الهواء مباشرة

سامي الاخرس

2006 / 10 / 20
القضية الفلسطينية


إن تحدثنا بالعاطفة والأمنيات والرغبات سنبقي نصفق ونهلل ويعلو صوتنا حتي نتوه في غابة الفوضي والتلاعب والاستهزاء بالعقول ، ولن نتمكن من لمس مكمن الخلل وتشخيص المرض ووضع سبل العلاج الجذرية ، بل سينتشر السرطان حتي ينهش أخر أمل بالشفاء ، ويفترس الجسد حتي يتواري التراب .
أما إن اخترنا السير بالدرب الأخر وفق منطق العقل والنوايا الحسنة للعمل الجاد الحقيقي بعيدا عن الشعار البراق والأهواء الحزبية والشخصية ، سنتمكن من قيادة الدفة ،والسير بمسيرة تحقيق حلمنا جميعا بوطن مستقل تشرق عليه الشمس لتدفئه ، وطن يحتكم للقانون وللسيادة الوطنية ، وبناء مجتمع تسوده العدالة والأمن ، ليتمكن من الصمود في مواجهة البقاء والنصر ، وانتشال الوطن من فتيل الفتنة والحرب الأهلية التي باتت تقتحم منازلنا ومدننا وكل أرجاء الوطن .
لا يوجد فلسطيني فوق سطح هذه المعمورة مهما كان إنتمائه أو حزبيته يرفض أو يعارض محاربة الفساد والمفسدين ، بل يقاومه بعنف وصلابة ويتصدي لكل أشكاله وأنواعه ،والضرب علي أيدي المفسدين والمساومين والمتآمرين ، بما أننا نقف وجهه لوجه أمام فلسطين .
ولكن كيف يتم التصدي للفساد ؟ وما هي السبل الكفيلة بمعالجة مظاهر الفساد؟
قامت في الأونة الأخيرة إذاعة الأقصي المحسوبة علي حركة حماس بفتح ملفات الفساد علي الهواء مباشرة وتداول أسماء المتورطين بقضايا فساد ، وفتحت المجال مفتوحا للجماهير للمشاركة في إبداء الرأي والتعليق ، وتباينت الآراء والمواقف من هذا السلوك الذي انتهجته الإذاعة منها المؤيد والمشجع ، وأخر معارض مهاجم منتقد ، وبكلا الحالتين يأتي هذا من باب الفهم العام لكل طرف ، والنظر له كسلوك نظري محض .
أما لو تفحصنا واقع نشر هذه الملفات بهذا الشكل فأنها لا تخرج عمليا عن إفتقاد النهج والأسلوب القانوني والواقعي لما سيترتب عليه من نتائج ستصب حتما في صالح طرف واحد ألا وهو إذكاء روح الفتنة ، وتبادل الاتهامات بين الطرفين .
الفساد لا يحاكم ولا يتم إنهائه بالخطابات والمهرجانات ومن علي منابر الإذاعات والفضائيات ، بل يتم عبر طرق ووسائل ممنهجة ذات سند علمي قانوني ، تخضع لإجراءات تنتهي بمحاكمات قضائية ، ثم تتبع الشق الثاني وهو الإعلامي بعد انتهاء كافة الإجراءات وإصدار القانون لحكمه النهائي .
أما ما يجري حاليا ما هو سوي حملات إعلامية تأتي ضمن الحرب الدائرة لثني الذراع بين فتح وحماس ، حيث يحاول كل طرف خوض الحرب بوسائله وطرقه الخاص لتشويه الطرف الأخر ، وهذا لا يحصد سوي مزيدا من الحقد والغل وتوتير الساحة التي تغلي نارا ... وهذه الأهداف الحقيقية المعلن منها والغير معلن ... والتي تم استخدامها في السابق مثل الاعتداء علي مدير الشرطة غازي الجبالي ، واغتيال موسي عرفات ، وعمليات الاغتيال والقتل السابقة التي شكلت دافعا للبعض لتوتير الساحة الفلسطينية ونشر حالة الفوضي ، والتي فعلا تحققت ، هذه الأساليب التي افتقدت لأي غطاء قانوني أو أخلاقي ، جني ثماره شعبنا من فوضي وقتل واعتداء وغياب المؤسسات الامنية والمدنية .. الخ مما تشهدة غزة والضفة حاليا .
فإن أتبعنا هذا المنطق في معالجة قضايا الفساد فما المبرر لمجلس تشريعي يسن القوانين ، ولحكومة تشرف علي تنفيذ القانون ،وهيئات دستورية وقانونية ، فالأجدر تسريحها وترك المجال لسيادة شريعة الغاب .. وترك المواطن يعيش وفق ما تسنه له عقليته وشرع الفوضي والفلتان ...
يعيش الوطن مآساة فعلية وحقيقية ، حيث يتعرض لأشرس هجمة صهيونية تروج وتبرر لما تقوم به من جرائم علي مدار الساعة ،وتُعد لمزيدا من هذه الجرائم تحت مرأي ومسمع العالم ، ولا زلنا نحن نغوص عميقا في وحل حزبيتنا التي أضحت سيفا مسلط علي رقاب الوطن ورقابنا ، مسلسل ممل هزيل نجس يتمثل بعمليات الاقتتال والسرقات والخطف والاغتيال ،وحملات قاسية تشوه كل ما هو وطني وشريف ، ففي شمال وجنوب غزة يقتحم العدو ويمارس كل الجرائم ، وصوت الرصاص لم يتوقف بين الأخوة أبناء الهم والقضية والمعركة الواحدة ، الاحتلال يمارس جرائمه من خلال قصف المنازل علي رؤوس ساكنيها ،وقادتنا يتسابقون علي الفضائيات لتوزيع التهم فيما بينهم ، وإذاعة الأقصي وغيرها لا زالت تمارس الدور الذي يشعل الساحة الفلسطينية . فأي فساد الذي تتحدثون عن محاربته بهذه الطريقة؟!!!
"خطوة عملية واحدة أفضل من مليون برنامج عمل" فمن يريد محاربة الفساد عليه أن يبدأ عمليا علي الأرض ، وينفذ القانون ، والاستناد لأدلة ووثائق وحقائق ، بلا جعجعة فضة ،وبلا أساليب تزيد من إذكاء روح الفتنة والعداء والبغضاء ... فحكومتنا الفلسطينية لو فتحت ملف واحد للفساد فعلا لوجدت شعبا يدعمها ويقف خلفها ، ولن يسمح لها بالانكسار لو فرض عليها أي حصار كان ، ولكن لازالت حكومتنا الفلسطينية تلعب دورا في حصار نفسها من خلال تجميد أي نشاط لها سوي عقد المؤتمرات والمهرجانات الخطابية ، والاجتماع بالجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء ، نعم هناك من يقول أن الحكومة محاصرة وهي فعلا تخضع لحصار قاسي وعنيف يدفع ثمنه شعبنا لوحده ، لكنها تكتلك حرية الحركة علي الأرض ، وتمتلك فتح العديد من الملفات والقضايا ، وتمتلك ضبط الأمن وتهدأة الساحة من توترها ، كما تمتلك محاسبة المعتدين علي أرواح أبناء شعبنا ، لكنها للأسف غرقت في وحل المهاترات ،وخلقت فرصة لزيادة التوتر والعنف ،حتي قوتها التنفيذية التي تم تشكيلها لحفظ الأمن تحولت لمليشيات تقتل المتظاهرين وتحاصر الأجهزة الأمنية وتختطف علي خلفيات حزبية ...
محاربة الفساد لا تخضع لمعادلات حزبية أو فئوية بل تنطلق من علي قاعدة العمل لصالح الوطن والمواطن ، ولا تخضع لتعيين الموظفين وفق الانتماء الذي لا زلنا نعاني منه من الحقبة السابقة ، وهذا ما مارسته الحكومة في تعيين القضاة والحقوقيين ، والوظائف الأخري .......
فما هو الحل ؟
الحل لا يكون وفق قاعدة التعصب الحزبي ،والحقد الذي أضحي يغل الأيدي ،ويعمي الأبصار عن الحقيقة ، وإنما ينبع من قاعدة العمل وفق مصلحة الشعب والقضية بما يتوافق مع الظرف السياسي والاقتصادي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: لو كنت مكان إسرائيل لاخترت بدائل عن ضرب حقول النفط ال


.. نديم الجميل: فراغ سياسي منذ مقتل نصر الله وهذه خيارات لبنان




.. اختبار لقدرة إسرائيل.. هل تنجو منشآت إيران النووية من هجوم إ


.. موازين | حضارة الغرب.. أفول أم كبوة؟




.. أهالي المحتجزين الإسرائيليين يلاحقون رئيس لجنة الخارجية والأ