الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول للتصدي لهؤلاء العنصريين وكَيف؟

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2023 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


في ذات اليوم الذي انعقدَ فيه اللقاء الأمني بمدينة شرمِ الشيخ، الأحد 19 / 3 / 2023 بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بمشاركة الولايات المتحدة ومصر والأردن، وصدرَ عنهُ بيانا ختاميا كرّرَ مئات المرات ذات العبارات، وأولها الالتزام بكافة الاتفاقيات السابقة، وتعزيز الأمن والاستقرار ووقفِ التصعيد، ومتابعة إجراءات الثقة، وإنها الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3 إلى 6 أشهر، وتلتزم إسرائيل بِعدم مناقشة بناء أي مستوطنات جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف ترخيص أي بؤر استيطانية لمدة 6 أشهر (أي لا يُوجد امتناع وإنما تأجيل فقط)..
كما أكّد الطرفان على أهمية الإبقاء على الاجتماعات بينهما والتعاون لترسيخ أسس المفاوضات لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم ..
يعني منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 ، قبل ثلاثين عاما وحتى اليوم، لم يتمّ بعد ترسيخ أسُس المفاوضات..
طبعا السُلطة الفلسطينية لن تبخل عليهم بالاجتماعات، ولا حتى بالتنسيق الأمني، أو مُلاحقة الناشطين الفلسطينيين بالضفّة..
في ذات اليوم الذي تمّ فيه الاجتماع بِشرم الشيخ، كان الصهيوني "بتسلئيل سموتريتش" وزير المالية الإسرائيلي، وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" يتحدّثُ من باريس، وفي خطابٍ باللغة العِبرية، بمناسبةِ تكريم الصهيوني الفرنسي "جاك كوبفر"، رئيس منظمة "بيتار" الصهيونية العنصرية..(وتمّت ترجمتهُ إلى الإنكليزية)، ويقولُ أنهُ:
"لا يوجد شيئا اسمهُ الفلسطينيين لأنهُ لا يوجدُ شيئا اسمهُ شعب فلسطيني، ولا ثقافة فلسطينية" ..
وأضاف: (قبل عام 1948 كانت الأراضي التي تضمُّ الآن دولة إسرائيل الحديثة، تُسمّى فلسطين، وقد استخدم الرومان هذا المُصطَلح، للإشارة إلى تلك المنطقة بعد أن غزُوا دولة إسرائيل القديمة.. وإن الفلسطينيين عرب إقليميون وصلوا إلى أرض إسرائيل في نفس الموجة الأولى من الهجرة الكبرى في نهاية القرن التاسع عشر.. والأمة الفلسطينية موجودة منذ أقل من مائة عام) ..
إذا هكذا بكلِّ وقاحة يُزوِّر التاريخ بِما يتّفقُ مع عنصريتهِ..
*
منظمة "بيتار" هي حركة شباب صهيونية، تأسست عام 1923 بواسطة الصهيوني "فلاديمير جابوتنسكي" وكانت مرتبطة بِحزب حيروت، ثم بعدها بحزبِ الليكود..
**
رابطة حقوق الإنسان في فرنسا، انتقدت زيارة العنصري سموتريتش.. وقالت أنهُ غير مُرحّبٌ به، وندّدت بشخصيتهِ الاستعمارية، والمعادية للعرب..
هذا العنصري هو ذاتهُ من دعا قبل أيام إلى محوِ قرية "حواره" الفلسطينية..
وهذا ليس سوى عنصريا واحدا من ملايين الصهاينة العنصريين في إسرائيل، الذين يدعون لِمحو العرب، ويصفونهم بأقذعِ الألفاظ..
فقد سبقهُ العنصري "إيتمار بن غفير"، وزير الداخلية اليوم، وصرّحَ في نوفمبر/ تشرين ثاني 2022 ، "أنهُ لا يوجدُ شيئا اسمهُ الشعب الفلسطيني"..
هؤلاء العنصريون المتطرفون حصدوا غالبية مقاعد الكنيست.. فماذا يعني ذلك؟. إنهُ يعني أنّ عنصريتهم يدعمها ملايين الإسرائيليين الذين انتخبوهم..
فأيُّ سلامٍ يمكن أن نتوقعهُ من هؤلاء؟. وهل غيّرت كافة الاتفاقات "الإبراهيمية" مثقال ذرّة من عنصريتهم وتفكيرهم؟.
أعتقدُ تصريحات هؤلاء العنصريون يجب أن توضَع بِرسمِ كافة الدول التي وقّعت على ما يُعرفُ بالاتفاقات الإبراهيمية، ووعدَت في حينهِ أن هذه الاتفاقات سوف تُسرِّعُ بالحل على أساس الدولتين، وسوف تُساعدُ في وقفِ التوسع الاستيطاني..
فهل خسِرتْ الرهانات؟.
**
في الوقت الذي نعيشُ هذه العنصرية المتطرفة في إسرائيل ضد العرب، هناكٌ ثقافةُ تسامُحٍ واسعةٍ جدا في أوساط بعض الدول العربية..
وفي دولة الإمارات العربية الشقيقة، تمّ في 16 / 2 / 2023 افتتاح ما يُعرفُ بـِ "بيت العائلة الإبراهيمية" في أجمل مناطق أبو ظبي "السعديات" من طرف كبار مسؤولي الدولة.. ويضمُّ مسجدا وكنيسة وكنيسا..
ووفقاً لصحافة الإمارات، فإن هذا الصّرح يُتوِّج جهود دولة الإمارات بِنشرِ التسامُح والأخوّة الإنسانية..
ويعكس رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة وقيمها لتلاقي الإنسانية وحوار الثقافات، والتنوع الذي تتسم به دولة الإمارات العربية المتحدة، مكرساً جهوده لتعزيز التعايش السلمي للأجيال القادمة، ومستلهماً مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا (فرنسيس)، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في أبو ظبي عام 2019 ..
وبدأ باستقبال الزُوّار من أول آذار /مارس 2023 ..
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس بيت "العائلة الإبراهيمية": (يأتي تأسيس بيت العائلة الإبراهيمية ليشكل امتداداً لإرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد، والقيم التي بنى عليها دولتنا، ورؤيته للسلام وقيم التفاهم والاحترام المتبادل في دولة تحتضن اليوم أكثر من 200 جنسية من حول العالم، ونأمل أن يكون هذا الصرح مصدر أملٍ لأجيال المستقبل، ومنارة تجمعهم على الخير، لأجل عالمٍ متفاهمٍ ومتعايش بسلام)..
أي أنّ اليهودي الإسرائيلي، وغيرهِ من اليهود، يعيشون في الإمارات بأمنٍ وأمانٍ وسلام، كما أبناء 200 جنسية تحتضنهُم دولة الإمارات العربية المتحدة.. بينما ردُّ الصهاينة الإسرائيليين على هذا التسامُح عكسَهُ كلٍّ من (إيتمار بن غفير، و "بتسلئيل سموتريتش)..
التسامُح هو حالة أخلاقية من أفضل الأخلاق، وأسماها، ويعني التساهُل في الحق دون إجبار أو ضعف، وعدم رد الأذى والضرر رغْمَ المقدرة، والصفحِ عن المُسيء، وقطعِ الطريق أمام الأحقاد والعداوات، ولكن ماذا إن كان الطرف الآخر يعتبر التسامُح ضعفا وقلّة حيلة، ويتمادى بعدوانيتهِ وعنصريتهِ وأحقادهِ، ويطعنك في ظهرك كل يوم، بينما أنتَ تحتضنهُ وتُسامِحهُ؟.
مبروك علينا كعرَب هذا التسامُح.. ولكن يا ليتنا نُوسِّع من دائرتهِ، ونُلغي تأشيرات الدخول بين بُلداننا.. صدورنا واسعة جدا أمام الأجانب، وحتى الإسرائيليين الذين يؤكِّدون كل يوم على ازدرائهم لنا، ولكنها ضيِّقة جدا إزاء بعضنا، وإزاء شعوبنا..
لماذا؟. هل من جواب؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والناتو.. المواجهة الكبرى اقتربت! | #التاسعة


.. السنوار .. يعود للماطلة في المفاوضات|#غرفة_الأخبار




.. مطار بيروت في عين العاصفة.. حزب الله وإسرائيل نحو التصعيد ال


.. مظاهرة في شوارع مدينة مونتريال الكندية دعما لغزة




.. مظاهرة في فرنسا للمطالبة باستبعاد إسرائيل من أولمبياد باريس