الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة من الذاكرة

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2023 / 3 / 21
سيرة ذاتية


فزني صوت في النوم مناديا: هيا قم الى المدرسة! نهضت مسرعا وبحثت عن حقيبتي المدرسية، ووجدت حقيبة في غرفة النوم، ثم لبست ملابس المدرسة ونزلت الى الشارع، ومشيت نحو المدرسة، ولكنني سرعان ما أدركت بأنني لا أتذكر موقع المدرسة! ولا المرحلة الدراسية التي توصلت اليها! ولا أتذكر أصدقائي بدقة، ولكنني بقيت ماشيا لتقودني خطواتي الى المقبرة، فوجدت الكثيرون وبينهم أصدقاء كنت اتوق لرؤيتهم وهم ينتظرونني، وبقي للامتحان دقائق! فتحت الحقيبة وكانت تحوي أوراقي الرسمية ودراساتي وبحوثي وشهادة وفاة، فزني الموقف وصحوت فوجدت نفسي في فراشي، اواه لقد كان حلما في زمن التقاعد..
فاليوم ليست كالأمس، انام ليلا كما اشاء دون موعد مسبق دافناً رأسي في مخدة الفراش مطمئنا دون قلق لما ينتظرني صباحا من الاعباء والواجبات، انهض صباحا من النوم في اوقات متباينة تارة السابعة وتارة العاشرة دون خوف، واتناول الفطور مستمعا لاغان خفيفة او موسيقى، والنهار كله فراغ، اطالع فيها واسقي الحديقة وأتأمل الايام الخوالي، واتناول سيكاره مع قهوتي عصرا واكتب، ثم اتفرج التلفزيون الى وقت متأخر غير مبالي بأي توقيت.. لا يشغل فكري اي شيء على الاطلاق، بعكس الامس، حيث كان القلق ينخرني ايام الدراسة لئلا اتأخر عن الدوام، ويقلعني من فراشي الدافئ قلعاً مكرهاً، وتقودني قدماي للمدرسة حيث ارهاصات الامتحانات والنتائج والمقارنة التنافسية مع الاصدقاء وسوء العلاقات وتباين معاملة المدرسين معنا، وأحيانا تجلب لنا الصداقة والطيبة والمشاعر العاطفية سعادة، لنتذوق نعيم الجنة وسعير النار في نفس اليوم.. اليوم حيث شاخ بنا الزمن، لا ينتابني خوف يناضر خوف التأخر عن الدوام سواء في المدرسة او بعد التخرج عن الوظيفة، ولا يقلقني محاسبة المسؤول او تأخر الانجاز او الاسراع لإجابة كتب مهمة ضلت عالقة في ذهني منذ البارحة! ولا أفكر في متابعة اطفالي والوقوف على احتياجاتهم او اكمال معاملات رسمية ودفع الفواتير ومتطلبات البيت والسكن، والقلق على الترقية والتنافس.. لقد تسرحت من كل تلك الاعباء، وليس لي الا دفع فواتير الكهرباء والماء وشراء احتياجات البيت.. محصور الفكر في حدود بلدية البيت ومتطلباتها، تمام الانعزال عن البشر.. حياة تنتظر المجهول بهدوء.. اما الموت فهو التفرغ التام للسكينة والتحرر من كل قيود الحياة والتسامي فوق كل الهموم والكدر، تماما كما كنت رضيعا لا اتذكر من الحياة شيئا ولا اتذكر ما سبقت طفولتي من زمن، كذلك سأكون خالي الوفاض من كل تلك الذاكرة التي ارهقتني حملها عبر الزمن..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا