الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براكسا، أو مشكلة الحكم للأستاذ توفيق الحكيم

سالم روضان الموسوي

2023 / 3 / 21
الادب والفن


من أقوال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين "ان النابغة أو الشاعر النابغ لا يستطيع ان يذعن للقيد، أريد القيد الذي يمس العقل والفن، وان اكره على ان يذعن للقيود والأغلال التي تمس الأيدي والأرجل والأعناق...؟"
هذه الكلمة اطلعت عليها وانا أتصفح العدد الرابع عشر مجلة الثقافة الصادرة بتاريخ 4/ابريل/نيسان/1939 السنة الأولى والتي كانت تصدر في القاهرة وصاحب الامتياز المفكر العربي احمد أمين، وطالعت فيها مقال لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في (الصفحة 45)، حيث تناول فيه مسرحية الكاتب الكبير توفيق الحكيم بعنوان (براكسا، أو مشكلة الحكم للأستاذ توفيق الحكيم) ويقول طه حسين بانها قصة قصيرة، ويخشى لو جاراها في النقد لكان مساوياً لها في الطول، وانا لست بصدد النقد الأدبي وإنما بصدد الظروف المحيطة بكتابة تلك المسرحية على وفق وصف طه حسين ، فيقول (إنها كتبت في وقت كل شيء يمس حرية الرأي من قريب او بعيد، قد تسكت عنه الصحف في هذه الأيام، ويعرض عنه الذين يجب ان يقبلوا عليه في هذه الظروف القاسية، لكن للأدباء والمثقفين قلوباً تشعر، وعقولاً تفكر، وضمائر تألم، ونفوساً تريد على اقل تقدير ان تأبى الضيم، وان لم تستطع ان تجهر بهذا الإباء، والعقل ممتحن في هذه الأيام ) ويستطرد الدكتور طه حسين في مقاله فيقول ( كانت محنة الأستاذ توفيق الحكيم، اذاً هي التي أثارت هذا الحديث حول حرية الرأي، وحول ما كان القدماء يستمتعون به منها، وحول المقارنة بين حرية الديمقراطية الاثينية القديمة في القرن الخامس والرابع قبل المسيح، والديمقراطية المصرية الحديثة في القرن العشرين) كما أشار إلى اصل المسرحية فإنها للشاعر اليوناني ارستوفان وعنوانها (مجلس النساء) وتدور أحداثها في بلاط أثينا، عندما تقرر مجموعة من النسوة ان يسيطرن على الحكم بدلاً من الرجال عبر مكيدة يتشبهن بالرجال وارتداء ملابس أزواجهن، ونجحن بذلك، وتسلمت المرأة براكسا جورا منصب رئاسة الدولة، وحصلت اضطرابات في حينه، وكثر عليها الطلب وعجزت عن تحقيق مطالب شعبها، ودعتها الظروف إلى الكذب وطرح وعود لم تستطع على الوفاء بها، وان تتورط في التناقضات، ولأنها امرأة جميلة وفيها ضعف تجاه قائد الجيش الوسيم والجميل، فترتمي باحتضانه، وتمضي القصة إلى نهايتها، ويذكر طه حسين (بان اضطراب الملكة يشبه اضطراب رؤساء الحكومات الحزبية في مصر آنذاك) ، ثم يستدرك القول (بان هذه القصة تلقي بلونها الشاحب على الناس، لان الحرية معرضة للخطر في كثير من أقطار الأرض، والنظام الديكتاتوري منتصر في بعض هذه الأقطار، ويختم بقوله ان أسلوب توفيق الحكيم كان تصويراً لسخرية الناس من مشكلات الحكم، ويوحي إلى ان الحرية والعدالة تناقضان النظام الذي يقوم على سلطان الفرد وتَّحكمَه، هذا المقال فيه الكثير الذي دعا إلى ان اقرأ تلك المسرحية بعد ان عثرت عليها في الأنترنيت ، وادعو إلى قراءتها، لأنها توضح لنا تصور المفكر والكاتب توفيق الحكيم عن أحداث كانت وما زالت قائمة، على الرغم من مرور اكثر من ثمانية عقود على كتابتها بقلم توفيق الحكيم، وعلى اكثر من خمسة وعشرين قرناً من كتابتها من قبل راستوفان اليوناني، وما لفت الانتباه هو قول طه حسين الوارد في الاقتباس الذي تصدر الموضوع ويقول فيه "ان النابغة أو الشاعر النابغ لا يستطيع ان يذعن للقيد، أريد القيد الذي يمس العقل والفن، وان أُكره على ان يذعن للقيود والأغلال التي تمس الأيدي والأرجل والأعناق...؟"، وفعلا وجدت ان عشرات الأدباء والمثقفين والشعراء وجدوا السبيل لقول كلمتهم مع ضيق الحال وسطوة الطغاة، منهم من اتبع التورية في القول والنتاج الأدبي مثل توفيق الحكيم، ومنهم من رحل عن المكان مثل الشاعر إبراهيم بن يحيى العاملي عندما ضاق به الحال في مدينته من جراء بطش أحمد باشا الجزار وارتحل الى أماكن عدة وصور حاله بقصيدة اقتبس منها مطلعها (منازلُ أهل العدل منهم خليّة * وفيها لأهل الجور جيش عرمرم)
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى