الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصة قصيرة بعنوان/ بيرل الفصل الاول
عبد الجبار الحمدي
2023 / 3 / 21مواضيع وابحاث سياسية
لونلي بيرل ..ج1/ الفصل الاول
جفلت وتيبست أوصالها، لما نظرت فجأة إلى الكلب الذي وقف مكشرا عن أنيابه، نابحا عليها وذلك اللعاب، الذي أخذ يتناثر في كل ناحية، فبعد ان كانت تسير بين أجمة من الخضرة منصتة إلى حفيف وريقات أشجار وهي تحاكي بعضها البعض، عندما سمعت صوتا ينادي..
كف عن النباح يا بلوم... كف هيا وقف مكانك، تطلعت باتجاه الصوت وإذا به يصدر عن شاب حسن الملامح بهي الطلعة، و حين رآها بادرها قائلا: عذرا لم يقصد بلوم إفزاعك، لكنه يتصرف دوما هكذا مع الغرباء، إنني أدعى.. سيتش مكروغر، وأعيش بالقرب من هذا المكان لقد اعتدت وبلوم على الاسترخاء في مثل هذا الوقت من كل يوم... هناك في ذلك المكان مشيرا بيده بالطبع افعل ذلك بعد العمل في مزرعتنا أنا ووالدي الذي أقوم بمساعدته في فترة إجازتي الدراسية، أتي لأمارس هوايتي وهي العزف على الهارمونيكا، لم يسمع لها صوت فأكمل... لا شك أنك الفتاة التي سكنت حديثا مع والدها بالقرب من المستنقع، فقد كان هذا المنزل مغلقا ومتروكا فترة من الزمن لم أشهد أن أحدا قد سكن به قبل اليوم، إلا أن والدي اخبرني بأنه كان ملكا لزوجين في وقت ما..
استغربت الفتاة!!! لاسترسال هذا السيتش بالحديث معها دون سابق معرفة، وقد بدا ذلك على وجهها
فقال لها: لا تستغربي!! فالأخبار هنا تنتقل بسرعة، خصوصا أن المنازل المحيطة معدودة والجميع يعرف بعضه البعض، عفوا هل لي بمعرفة اسمك؟ هذا إذا لم يكن لديك مانع...
كانت الفتاة قد انشغلت بما قاله طوال فترة حديثه معها وكأنه يعرفها ....
فأجابت: أنني أدعى لونلي بيرل..، اقصد بيرل رون، حضرت مع والدي حديثا إلى منزلنا هذا، فهو نفس المنزل الذي كان يعيشان والداي فيه بذلك الوقت الذي اخبرك والدك عنه، فقد ماتت والدتي أثناء ولادتي، فحزن كثيرا عليها، وقد أسماني بيرل، تيمنا بأسمها، كان يحبها كثيرا جدا، وكثيرا ما قص لي انه يود لو كان عنده لؤلؤتين في قلبه، إلا أن الموت خطف واحدة، وبقيت الثانية يتيمة وحيدة، لذا أطلق علي لونلي بيرل، وبعد إلحاح مني ورغبة بداخله، عدنا إلى العيش في المنزل الذي شهد ولادتي وممات والدتي بيرل، إضافة أن والدي أديب روائي يحب الهدوء والابتعاد عن الصخب، لذا رآها فرصة مناسبة للتغيير من الأجواء التي كنا نعيشها في المدينة...
- غريبة قصتك هذه وكأنها نسج من خيال ..
- لا أدري يا سيد سيتش، لم أصلا قصصت عليك قصتي، ربما لأنك لم تضع حاجزا للحديث بيني وبينك أو تكلف، لكني شعرت أيضا أني أعرفك منذ زمن، لا تسألني كيف يمكن ذلك؟ فأنا لا أدري؟ من أين أتى هذا الإحساس..؟!
كان في تلك الفترة قد تحرك بلوم نحوها، أخذاً بالتمسح بها، وهي بدورها قامت بالمسح على رأسه، فعمد بلوم الى لعق يدها تعبيرا عن أسفه لإفزاعها ...
- على أية حال مرحبا بك.. يسرني دعوتك ووالدك على العشاء، في أي وقت تحددونه، هذا بالطبع بعد موافقته، سيفرح والدي حين اخبره أن الذي سكن في المنزل هم نفس الأشخاص الذين تركوه طوال ذلك الزمن، عفوا... إذا لم يكن لديك مانع أأمل أن أراك هنا غدا في نفس الوقت، للحصول على إجابتك بالموافقة او الرفض على دعوة العشاء، عموما بالنسبة لي سأذهب الى مكاني المعتاد للعزف على الهارمونيكا، هل تريدين ان أريك إياه..؟
- لا شكرا لك لقد تأخر الوقت.. سأعود الى المنزل، لاشك ان والدي قد قلق الآن إلى اللقاء... قالتها وهي تتجه نحو منزلها مسرعة...
- إلى اللقاء، مناديا ... أأمل أن أراك في الغد ...
كانت لونلي بيرل تفكر طوال الطريق بما دار بينها وبين سيتش، والذي بدا لطيفا معها وكلبه بلوم، إلا أن قلقها على والدها جعلها تخرج من ذلك التفكير، حال رؤيتها له وهو يقف على شرفة المنزل يملئه القلق والخوف الذي بان عليه، فما أن رآها حتى صاح .. بيرل حبيبتي أين ذهبت؟؟ لقد شغلتني عليك وقلقت كثيرا، إن لهذا المكان ذكريات مؤلمة في ذاكرتي وقلبي...
- لا أدري يا أبي؟ لقد سرحت، شدني الهدوء والسكينة إضافة إلى روعة المكان والهواء النقي الخالي من كل عوادم السيارات والضجيج، إم كمية الهدوء الذي جعلني استمتع بسماع حفيف الشجر وزقزقة العصافير.. أنه مكان خلاب فعلا ..
- لا عليك عزيزتي.. هيا أدخلي لقد عادت السكينة إلى قلبي، هيا بنا إلى الداخل لإعداد العشاء، أم تريدني أن أعد العشاء لوحدي؟ فأنا أعرف طبقك المفضل... مع ابتسامة ودفئ حب
تذكرت دعوة سيتش لها ولوالدها فقالت:
- تذكرت يا أبي، لقد التقيت أثناء سيري في الأجمة بأحد الأشخاص الذين يسكنون بالجوار، أسمه سيتش واعتقد انه يعرفك ووالدتي، هذا ما قاله أثناء حديثه إليّ وقد دعانا لتناول العشاء معهم في أي يوم ..
- ماذا قلتِ يا بيرل!!؟.. سيتش؟ جيراننا!! نحدده معهم!!!.. دعوة على العشاء.. كل هذا حدث في غضون ساعات فقط من دخولك الغابة للسير والاسترخاء.. يا للعجب كيف حدث ذلك؟؟
- لا أعلم يا والدي؟ حدث ذلك فجأة و بسرعة جدا، الغريب!! كأني أعرف هذا السيتش منذ زمن، فبدا لي لطيفا خصوصا أن لديه كلب أسمه بلوم، شرس في البداية و وديع جدا حين تعرفت عليه وتعرف علي..
بدا مشغولا بتورد وجنتيها وهي تتحدث عن سيتش هذا وما دار بينهما، لكأنها كانت في مغامرة واختبار لنفسيتها في خلوة و وحدة ...
- يا لك من شجاعة يا بيرل الغالية... لقد اثرت فضولِ كثيرا وقلقِ في نفس الوقت اكملي حديثك ونحن نجهز الطعام ونعده.. سيكون موضوعا شيقا أليس كذلك؟؟... نظرت إلية هي تبتسم وراحت تعمل على تجهيز الطعام والمائدة معه و هي تسوق ما دار بينها وبين سيتش... كان والدها يتطلع إليها وهي مسرورة بما حصل لها مع سيتش فتركها تنساق وراء لسانها...
أما في تلك الأثناء، كان سيتش قد عاد هو الآخر، بعد ان قضى فترة استجمامه وعزفه على الهارمونيكا مع كلبه بلوم، في أثناء جلوسه على المائدة مع والديه اخبرهم بما حدث له وبمن ألتقاها في الغابة وما دار بينهما من حديث لطيف وعن دعوته لها ولوالدها على العشاء، هذا بالطبع بعد أن يوافق والدها عن ذلك، أما بالنسبة لكما فلا أظن ان لأحدكما أي اعتراض في ذلك..
- رد والده ماذا قلت... بيرل!! أظنني سمعت بمثل هذا الاسم... نعم إني أتذكره جيدا وأظن أن زوجها كان اسمه.. وهو يتطلع نحو زوجته كأنه يسألها المساعدة، بيد أنها كانت منشغلة في توزيع الأكل على المائدة، أظنه أسمه كان رون، أجل رون بالضبط، كان شابا رائعا وهي كذلك، لقد كنت قد خطبت والدتك توا وكانت والدتي سعيدة بذلك، بعد ان قضى والدي نحبه إثر سكتة قلبية، تركني ووالدتي وحيدين، لم تتغير حياتي إلا حينما سكن رون وبيرل بالقرب منا، كانا الاثنين شعلة متوهجة للحب، إنها بلغت كل حياته وهو بالنسبة لها كل حياتها، نعم .. نعم أتذكر جيدا حين ماتت بعد ولادة ابنة لهما لا أعرف ماذا أسماها فقد ترك المنزل بعد مراسيم الدفن فجأة، اختفى دون أن يعرف أي احد إلى أين؟ يا له من زمن ها هو رون قد عاد، أتذكرتي الان عزيزتي مارثا...
- نعم أظنني تذكرتهم .. يا للمصادفة!! ..
- هذا يعني أنك تعرف والدها، هذا جيد ... إذن سيكون هناك حديث بينك وبينه، و يمكننا أن نتعارف، لقد كانت بيرل شفافة خجلة..
- يبدو أنك قد أعجبت بها؟ يا للعجب! كيف وأنت لم ترها سوى لبرهة من الزمن، لا شك إنها فائقة الجمال تلك التي شدتك إليها .. فأنت لم تعجب بالفتيات بسهولة، رغم أنهن أمامك في المدرسة ..
- أبي .. إنك تفترض هذا .. أتدري! يبدو أنك محق فأنا أفكر بها منذ أن رأيتها، ولا أدري ما السبب؟
- هيا أنتما الاثنان تناولا طعامكما قبل أن يبرد، يا لكما من شقيين .. لا أدري كيف لكم أن تحكموا على مشاعر الآخرين دون العشرة معهم؟ وعليكم ان لا تنسوا ربما جاءوا لفترة استجمام ومن ثم العودة، هل فكرتم بذلك؟ أو ربما لا يوافق والدها على الدعوة أصلا ولا يريد الاختلاط مع الآخرين..
- أمي .. إنك دائما تفكرين بسلبية .. فقط ولو لمرة واحدة فكري بإيجابية، عل الصدفة التي جاءت بهما هي لأمر لا ندركه الآن فالأيام القادمة ستكشف لنا الكثير ....
كانت بيرل وبعد أن جهزت الطعام مع والدها صامتة، تعمل بهدوء، سارحة في غير عالم، لاحظ والدها ذلك فأراد أن يخرجها من ذلك الجو فقال:-
- صغيرتي بيرل.. ما هو رأيك في هذا المكان؟ أليس هادئا ومنعزلا؟ أنا متأكد أنه سيبعد عنك تلك الكوابيس التي كنت ترينها، كما سيريح أعصابك من التوتر ...
- هو ذاك يا أبتي، أن له عبق طيب وهدوء غير عادي، أأمل أن تنقطع تلك الأصوات التي كنت أسمعها في الآونة الأخيرة، والهوة المظلمة الذي تدفعني أيدي خفية نحوها...
- بيرل عزيزتي.. لا تذكري الأشياء السيئة، هيا لقد جهز الطعام لنأكل معا فأنا جائع جدا هيا ..
جلس الاثنان لتناول الطعام، كانت بيرل فرحة باهتمام والدها الذي يبديه، فهي تعلم أهميتها له، لقد ترك كل أعماله مقبعة لوحدها لمجرد انه يريد أخراجها من المكان الذي لا تشعر بالراحة فيه...
- أبي لم ترجع لي الجواب حول دعوة الجيران لنا على العشاء، هل لديك مانع في ذلك؟
كان والدها ينظر إليها وهي تتحدث ورغبة خفية تشدها إلى تلبية هذه الدعوة،
- لا أدري بيرل فأنا حتى الآن لم اعرف من هم الذين وجهوا لنا الدعوة، أو بالأحرى لك، يجب في بادئ الأمر أن أراهم ومن ثم أقرر، غدا سأرافقك و نذهب بحجة السير والاسترخاء، ونُعرج على مكانهم لنرى من يكونوا، ما رأيك بهذا الاقتراح؟
- أنه اقتراح لطيف منك يا والدي ... ليكن ذلك ، ومضيا يتبادلان الحديث المكان وذكرياته..
جاء المساء يسير مسترخيا هو الآخر، بيد أن بيرل قد وقفت على نافذة غرفتها تتأمل الظلام البعيد وقد خرقه نور القمر والنجوم معا الى جانب نسمة هواء بارد سخرت نفسها لتتلاعب بخصلات شعر بيرل، التي أحست بقشعريرة منها، فضمت يديها على عضديها مصطكة أسنانها، ثم رجعت إلى الخلف قليلا لتغلق النافذة حين رأت خيالا لاح لها يخطف من شجرة الى أخرى، ارتعبت .. رجعت إلى الوراء فجأة!!؟ ثم عاودت الاقتراب منها لترى حقيقة ما شاهدته، وإذا بخيال أمراة تقف بالقرب من الشجرة وهي معلقة في الهواء، فزعت!!! صرخت على والدها الذي هرع بسرعة الى غرفتها، دفع الباب مناديا .. بيرل ما بك يا فتاتي؟ هل أصابك مكروه؟؟ أمسك بها وهي ترتعش كالسعفة، أدرك إنها قد رأت ذلك الكابوس مرة أخرى، لكنها أشارت بيدها إلى النافذة، تطلع نحو ما أشارت إليه، وقال ماذا ؟ ماذا هناك؟؟
- أنظر يا أبي هناك إلى الشجرة البعيدة المقابلة لنافذة غرفتي، إنها أمرآة طائرة تنظر إلي بعد أن خطفت أكثر من مرة أما عيني ..
- ماذا تقولين بيرل؟ ثم اخذ ينظر نحو الشجرة البعيدة لكنه لم يشاهد أي شيء، فعلق:
بيرل لابد ان الكابوس قد عاد إليك حبيبتي، هيا عودي الى فراشك وأنسي ما رأيتِ، لا شك ان السفر و طول الطريق قد نال منك، لا عليك يا صغيرتي فأنا بقربك دوما لا تخافي شيئا... هيا نامي ثم جلس بقربها بعد أن دثرها، ماسحا بيده على شعرها مقبلا جبهتها..
- يبدو أنك لم تصدق ما شاهدته؟ أنا لم أتخيل ذلك، وحتى الكوابيس لم ارها منذ قدومنا قبل يومين، صدقني يا أبي لقد رأيت ما وصفته لك...
- أني أصدقك بيرل، ولأثبت لك سأذهب لأرى بنفسي المكان الذي أشرت لي عنه..
- لا يا أبي أرجوك لا تذهب أني أخاف الوحدة، كما أني أخاف عليك .. لا تذهب أرجوك ..
- حسنا .. حسنا، هدئي من روعك، لن أذهب، سأبقى معك سأنام على الأريكة...
- شكرا لك يا أبتي... أفضل أن تنام بغرفتك، ولكن ليس بعد أن تراني اسلم نفسي إلى النوم ..
- كما تشائين يا لؤلؤتي الصغيرة ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تصادم قطارين جنوبي الهند يخرج 12 عربة عن مسارها
.. سرايا القدس: مشاهد لقصف سديروت واستهداف مركز للقيادة في جحر
.. الانتخابات الأمريكية ببساطة.. قريبا مع أحمد فاخوري على الجزي
.. قراءة عسكرية.. ما آخر التطورات المتسارعة بشأن التصعيد في لبن
.. حملة ترمب.. طلبات أمنية غير مسبوقة لمرشح رئاسي