الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-إلى حوارة- للشاعر نبيل طنوس

رائد الحواري

2023 / 3 / 22
الادب والفن


تناول الحدث الساخن أدبيا في "إلى حوارة" للشاعر نبيل طنوس
صوت يناديني/ نبيل طنّوس
إلى بلدة حوارة

كيف أحكي قصتي وأنا
أبكي وأشهقُ بأعلى صوتي
أقول: "حُكَّامُكِ قومٌ مُتَمرِّدونَ
وشُرَكاءُ لقُطَّاعِ الطُّرُق.
كلُّهُم يُحِبُّ الرَّشوَةَ
ويسعى وراءَ الرِّبحِ"!
**
كيف أحكي قصتي وأنا
وأنا أرى مدينةً تحترقُ:
بيوتًا، أشجارًا، وحجارة.
مركباتٌ تحترقُ والكلُّ اسّودُ.
قطعانُ شعبِ الكتاب يمزقونه،
ولأنّه حقٌ وعدلٌ يخافونه!
**
كيف أحكي قصتي، لمن؟
"لا حياة لمن تنادي".
فــ "الوحوشْ قضاةَ المحاكم"
شظايا زجاجٍ تشِّع في كل مكان
وفأسٌ تقدست بالدم!
لن أعزي أحدًا فالألمُ درسٌ
**
لن أحكي قصتي لأحد
فالألمُ عبرةٌ وحكمة
سأترُكُهُ ينضج في الأحشاء
اصغِ! ألا تسمعُ صوتَ البكاء؟
البيوتُ ممتلئةٌ بصراخِ الأطفال
وتنهداتِ النسوةِ وصلواتِ الجدّات
**
الأبُ غاضبٌ والابنُ يتهددُ
والصوتُ من أعماقي يناديني
لكني لن اذهبَ لن
وهل أذهبُ إلى نفسي؟
والقطعانُ في كل مكان
والحكمة: دعهم يُخطئون أكثر
**
المكانُ يسكنني
لي أخوةٌ وأصحاب
كيف أحكي قصتَنا؟
فلتبقَ تشتعل فينا
علنا نبقى نبقى
سنبقى!
17.3.2023"

دائما فاتحة النص مهمة بالنسبة للمتلقي، فهي من تجعله يتقدم من النص، وبما أن الشاعر افتتح النص بصيغة سؤال "كيف" وبعدها مباشرة تحدث عما يعانيه من ألم: "وأنا أبكي وأشهق" كل هذا جعل الفاتحة جاذبة ومثيرة للقارئ، الذي وجد أن هناك همًا (شخصيا) يتناوله الشاعر.
وإذا ما توقفنا عند صيغة السؤال: "كيف" والتي جاءت في ثلاثة مقاطع، في الأول تناول الشاعر همجية المستوطنين: "متمردون، قطاع طرق، يحب الرشوة" فهنا نجد ثلاثة صفات سيئة يتصف بها هؤلاء المعتدون/المحتلون، وإذا أخذنا ما يحمله معنى رقم ثلاثة من فكرة الاستمرار والتكرار نصل ما أراده الشاعر، فهناك مجموعة تتصف قديما وحديثا بصفات ثلاث: "متمردون، قطاع طرق، يحب الرشوة" لهذا تحدث في المقطع الثاني عن أعمالهم الهمجية: "مدينة تحترق، بيوتا، أشجارا، وحجارة، مركبات" وبهذا أقرن الشاعر همجية المحتلين بسلوكهم وأفعالهم وأفكارهم التي جاءت من خلال: "شعب الكتاب" وكأنه بهذا يريد أن يؤكد أن هناك طريقة تفكير ونهج وسلوك قديما وحديثا لهؤلاء الهمج لم ولن يتخلوا عنه مهما حاول أن يظهروا أنهم (ناس/بشر).
في المقطع الثالث يؤكد الشاعر حسم موقفه من هؤلاء بصورة مطلقة، بحيث لا مجال لإصلاحهم أو تغييرهم لأنهم جبلوا بطريقة فكرية وسلوكية متوحشة، بحيث يستحيل إصلاحهم: "لا حياة لمن تنادي، الوحوش، فأس تقدس الدم" وهنا ينتقل الشاعر إلى صيغة خطاب جديد "لن أحكي قصتي لأحد" عاملا على تعبئة/تخزين هذا الألم/الحقد/الوجع ليخرج بالمكان والزمان المناسب: "فالألم عبرة، سأتركه ينضج" (والمبرر/الدافع) وراء هذا الموقف عدم وجود من يستمعون لألمه وألم شعبه/ألم مدينته التي تحترق: "ألا تسمع صوت البكاء؟، البيوت ممتلئة بصراخ الأطفال، وتنهدات النسوة، صلوت الجدات" اللافت في هذا المقطع أن الشاعر يقرن تحمل الألم بالإيمان: "صلوات الجدات" وهذا يستوقف المتلقي، فرغم حجم الألم والقهر والخراب/ والحرق الذي يتعرض له شعبه إلا أنه ما زال مؤمنا ومتمسكا بإيمانه، ولم (يقنط/يكفر) وهذه تحسب لهذا الشعب المؤمن والراسخ في وطنه والمتمسك بإيمانه.
نجد أثر الإيمان في إصرار البقاء والثبات في الوطن/المدينة المحروقة: "لكني لن أذهب" مؤكدا قدرته على تحمل الألم وتعبئته وتخزينه ليرد الصاع صاعين على هؤلاء المتوحشين: "والحكمة: دعهم يخطئون أكثر".
في خاتمة القصيدة يلخص الشاعر موقفه بالثبات والبقاء: "يسكنني المكان، وأنه ينتمي لشعب يتعذب ويتألم بسبب وحشية المحتلين: "لي أخوة"، مؤكد استمراره وأهله/شعبه في تحمل وتخزين الألم: "فلتبقى تشتعل فينا" ويختم بتكرار "نبقى" ثلاث مرات حاسما أمر صموده وثباته من خلال "سنبقى" ومن خلال معنى رمزية رقم ثلاثة التي تعني الاستمرار والتكرار.
وهذا يأخذنا/يعيدنا إلى صيغة السؤال المكررة ثلاث مرات" كيف" فالشاعر من خلال تكرار "نبقى" أنهى فكرة (الهزيمة/التراجع/التقهقر) التي يحاول المحتل أن يحدثها فينا، فالتوازن/التساوي بين "كيف ونبقى" أكد استمرارية وحشية المحتل واستمرارية ثبات/صمود/بقاء الشاعر وشعبه.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول