الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا أهان النظام الموريتاني النظام المغربي ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


أدى استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني لوفد صحراوي مبعوث من قبل الرئيس إبراهيم غالي ، رئيس الجمهورية الصحراوية ، والاكتفاء باستقبال سفير النظام المغربي المعتمد بالجمهورية الموريتانية ، فقط من قبل وزير الخارجية ، الى استياء وغضب لكل المواقع المسماة بمواقع الدباب المغربي المفترض ارتباطها بالبوليس السياسي المغربي ، وهي مواقع منتشرة انتشار النمل وليس فقط الذباب .
فهل حرص الرئيس الموريتاني شخصيا على استقبال الوفد الصحراوي المبعوث من قبل إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية ، والاكتفاء باستقبال سفير النظام المغربي بوانكشوط ، من قبل وزير الخارجية الموريتاني ، ورفض استقباله من قبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني شخصيا ، هو إهانة ، او الحق إهانة بالنظام المغربي ، حتى تنبري كل تلك المواقع تكيل الكيل للنظام الموريتاني ، داعية الى الانتقام ، والى التعامل مع موريتانية كما كانت قبل 1961 ؟ . أي هناك من هدد بتشطيب الدولة الموريتانية من الخريطة كدولة .

ان مجرد القاء اطلالة ونظرة ولو قصيرة على كل هذه المواقع ، واسلوبها المستعمل ، خاصة دعوتها الى رد الصاع صاعين .. يبين ان هؤلاء يجهلون الجهل التام حقيقة الصراع بالمنطقة ، وحقيقة الإجراءات التي اتخذتها الأنظمة السياسية ، ويجهلون التطورات التي مر بها الصراع حتى وصل ، وحسب اعتقادهم انه لأول مرة تتجرأ القيادة الموريتانية على التعامل مع الجمهورية الصحراوية التي يسمونها بالوهمية ، وان ما قام به النظام الموريتاني غدر وضرب واضح لقضية الصحراء ، واصطاف الى جانب النظام الجزائري ... أي انهم مصدومون ، او ان ما قام به النظام الموريتاني عندما رفض الرئيس استقبال سفير النظام المغربي الذي اكتفى باستقباله من قبل وزير الخارجية الموريتاني ، وتفضله باستقبال وفد صحراوي مبعوث من قبل الرئيس إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية ، كما وصف ذاك جيدا التلفزيون الموريتاني ، قد الحق بهم ضررا لن يعوض الاّ بإرجاع الأمور الى نصابها ، والنصاب هنا وضع كل موريتانية وليس فقط نظامها في حجمها الحقيقي ..
ان الصراع بالمنطقة ، هو صراع أنظمة سياسية تتصارع السيطرة على المنطقة ، للظفر بثرواتها الكثيرة ، وللتمركز للتحكم في الممرات المائية ، وإعادة تشكيل الحدود ، ورسم جغرافية جديدة للمنطقة .. والصراع لم يبقى محصورا بين الأنظمة المتصارعة فقط ، بل اصبح صراعا دوليا كانت تشارك فيه من بعيد قوى استعمارية بلغات مختلفة ، وأصبحت تشارك فيه اليوم بطريقة مباشرة ، مستغلة الفهم المشوه للقانون الدولي ، وللمصطلحات القانونية بميثاق الأمم المتحدة ، لإعطاء الصراع نوعا من الشرعنة باسم القانون ، وباسم الحقوق التي توظف باسم الشعوب لضرب الشعوب ، وضرب حقوقها الأساسية ، وأول هذه الحقوق الحفاظ على وحدتها الجغرافية ووحدتها البشرية .. فعندما يصبح نزاع شمال افريقيا صراعا دوليا اكثر منه قاريا ، تصبح جميع الممارسات ، وجميع التصرفات التي تجري بمنطقة جغرافية معينة ، باسم السيادة الوطنية ، او باسم الدولة ، مفعول بها دوليا ، ومفعول بها استعماريا ، سيما عندما يسقط المتدخلون في التناقض الأساسي ، عندما يحللون الحرام ويحرمون الحلال ، إرضاء لنزواتهم الاستعمارية التي تحافظ على ارثها ( العظيم ) ، مخطط سايكس بيكو الذي جزّء الوطن العربي الى دويلات ، ورسم حدودا اصطناعية بطريقة لن تعيد ابدا جغرافية الوطن العربي، الى ما كانت عليه قبل سقوط الرجل المريض بالمنطقة ، الإمبراطورية العثمانية السجلوقية ..
فالصراع اليوم ليس بين الأنظمة السياسية التي تخدم اجندات خارجية ، وليس بالصراع الشخصي بين الحكام ، بل هو صراع دولي يوظف ويدار بيد محلية عميلة ، لتدمير المنطقة عن آخرها ، كما حصل ويحصل اليوم بالشرق الأوسط . فاين ليبيا ، وأين سورية ، وأين العراق ، وأين اليمن ، وأين لبنان ، والسودان ، وأين القضية الفلسطينية التي اقبرها بالمرة اتفاق ابراها . لقد انتهى حلم الدولة الفلسطينية ، وانتهى حق العودة ، وانتصرت إسرائيل ليس كدولة ، بل انتصرت كأرض يهودية حدودها غير معروفة ، ومجالها غير واضح ، ومجال ارض الميعاد غير معروف .. أي يمكن توقع نكبة جديدة ، ونكسة جديدة ، طالما ان الايدي المحلية موظفة في التدمير التي يجري بالمنطقة ، ضد الإرادة الحقيقية للشعوب ، وضد حقوقها الكونية الغير قابلة للتصرف ، واساسها الوحدة الجغرافية والوحدة البشرية ..
فحين تتصارع الأنظمة المحلية بدعوى خدمة الأنظمة ، وخدمة دولها على حساب حقوق شعوب أخرى بالمنطقة ، وعلى حساب وحدتها الجغرافية باسم القانون الدولي ، ، خاصة عندما يختارون منه المصطلحات المخدومة ويوظفونها ضد سياقها وبشكل خبيث ، كالاستفتاء وتقرير المصير لخلق الكانتونات ، وخلق الدويلات القزمية ، التي ستكون طعما في فم الامبريالية والاستعمار ، وهي جرائم منفوخ فيها باسم الأمم المتحدة ، مجزرة حقوق الشعوب Une battoire ، وباسم المؤسسات الدولية ، والقارية كالاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي ، وباسم القانون الدولي .. ، هنا يكون الخطر الداهم مفضوحا ، وهنا يصبح الدفاع عن التراب الوطني ، وعن وحدة الأرض ووحدة الشعب ، واجب شرعي وفرض عين ، لان المخطط يهدف التدمير والتخريب ، خاصة وان نجاح بتر جزء من التراب من التراب ، سيتسبب مباشرة في تشتيت كل الدولة ، وتشتيت شعبها .. فهل جائز السكوت والانتظار حتى يتحقق بتر التراب ، ومنه يتحقق ضرب وحدة الدولة ووحدة شعبها .. وهل من المنطقي الرضوخ والاستسلام لمشاريع التجزئة والتفرقة ، باسم مصطلحات محرفة من القانون الدولي .. فميثاق الأمم المتحدة عندما ينصص على الاستفتاء ، فهو يقصد حق الشعوب التي يستعمرها استيطان اجنبي ، ولا يعني حق شعب الدولة في تشريع التفرقة لضرب وحدتها ووحدة شعبها وترابها ، وهو نفس المعنى عناه لينين من الاستفتاء وتقرير المصير ، أي حق الشعوب التي يستعمرها استعمار اجنبي في تقرير مصيرها لاستعادة حريتها ، ولا يعني تشريع الانفصال والتجزئة ..
لذا وبالنسبة لقضية الصحراء الغربية ، فالاستفتاء وتقرير المصير كان واجبا عندما كان يحتلها الاستعمار الاسباني الذي هو استعمار اجنبي ، لكن عندما عادت الى المغرب ، فالاستمرار في الدعوة الى الاستفتاء وتقرير المصير باسم القانون الدولي ، هو حق يراد به باطل ، و يتناقض بالمطلق مع مطلب حق الشعوب في تقرير مصيرها ..
فمشكل الصحراء الغربية ، هو مشكل نظام مغربي تعامل مع الصحراء كثروة وخيرات ، واستعملها كحجاب يقيه السقوط ، ولم يتعامل معها كشعب وتاريخ وجغرافية ، والاّ لماذا اقتسمها قسمة الغنيمة مع النظام الموريتاني الذي بعد ان سيطر على الداخلة في سنة 1975 ، تركها في سنة 1979 ، وشرع في تنظيم ترتيبات تسليمها الى جبهة البوليساريو ، مع احتفاظه ب " الگويرة " التي هي جزء من إقليم وادي الذهب ..
ومنذ خروج موريتانية من " تيريس الغربية " في سنة 1979 ، واعتراف النظام العسكري الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، والعلاقات بين الأنظمة السياسية الموريتانية ، وبين البوليساريو متواصلة ، وكانت تتم على مستويات عليا ، بل ان الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني منذ اكثر من سنة اكد مرتين ، بان الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية هو اختيار استراتيجي للدولة الموريتانية لا رجعة فيه .. ومما شجع موريتانية المتحالفة مع النظام الجزائري ، والمدفوعة من قبل فرنسا التي انشأتها ، اعتراف النظام المغربي نفسه بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، حتى يدخل الاتحاد الافريقي ، ونشر اعترافه من خلال اصدار ظهير ( شريف ) وقعه محمد السادس شخصيا بخط يده ، بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 / يناير 2017 .
ان اعتراف الملك محمد السادس بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، وامام العالم ، هو اعتراف صريح ثاني من الملك ، بجزائرية الصحراء الشرقية ، بعد اعتراف الدولة العلوية بها ، عندما صادق برلمان الملك الحسن الثاني في سنة 1992 على اتفاقية الحدود الموقعة بين الحسن الثاني ، وبين الهواري بومدين في سنة 1972 ..
لقد قيم النظام الموريتاني اعتراف محمد السادس بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، واعتبره موقف ضعف افقد دوليا النظام المغربي كل حجج دفاعه عن الصحراء ، خاصة وان العالم على علم بالمواقف المتضاربة للنظام من الصحراء عند معالجته لازمتها .. فمنْ الصحراء في مغربها والمغرب في صحراءه ، ومن قبول اتفاق الاطار ل James Becker ورفضه من بعد ، ومن خلال اعترافه بتقرير المصير في سنة 1982 بنيروبي بمنظمة الوحدة الافريقية OUA ، والتراجع من بعد عن هذا الاعتراف ، ومن خلال اعترافه بحل الحكم الذاتي في ابريل 2007 الذي مات في حينه ورفضه المجتمع الدولي ، الى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار .. يكون النظام المغرب قد أضاع بوصلة نزاع الصحراء ، وافقده كل مشروعية يتحجج بها في مواصلة سيطرته على جزء من الصحراء ، لا على كل الصحراء ، لان ثلث الأراضي الخارجة عن الجدار ، تسيطر على اكثريتها جبهة البوليساريو ..
والنظام الموريتاني اعتبر اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، هو اعتراف بالشعب الصحراوي ، واعتراف بجيش الجمهورية الصحراوية التي سبق وابرم معه اتفاقيات عسكرية ، كاتفاق 1991 الذي فشل ، وفشل القرار 690 المنبثق عنه ..
فالنظام الموريتاني الذي لم يكن أمينا مع النظام المغربي ، كاد ان يسلم كل " تيريس الغربية " وفي غفلة عن النظام المغربي ، الى جبهة البوليساريو في سنة 1979 ، لتقيم عليها جمهوريتها ، قبل ان يتدارك الحسن الثاني الغدر ، ويدخل دون مشاورة احد ، الى وادي الذهب الذي خرج منه النظام الموريتاني .
فلو نجح غدر النظام الموريتاني في سنة 1979 ، لكنا اليوم امام معضلتين . المعضلة الأولى بسط نفود الجمهورية الصحراوية على كل الصحراء ، او المعضلة الثانية التي هي احتفاظ البوليساريو بجمهوريتهم على تراب " تيريس الغربية " ، واحتفاظ النظام المغربي بأراضي الساقية الحمراء ، لكن وامام احتفاظ النظام الموريتاني ب " الگويرة " ، ستكون الخلاصة ، وامام هذا الخلط والتضارب بالمنطقة بين سنة 1975 وبين 1979 ، ان الأمم المتحدة من خلال الجمعية العامة ، ومن خلال مجلس الامن ، يعتبران أراضي الصحراء الغربية هي أراضي خاضعة للاستعمار ، لهذا تناقشها كل سنة اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة .. وهي نفس الخلاصة وصل اليها الاتحاد الأوربي الذي يتخذ مواقف معارضة لمغربية الصحراء ، وأصبحت فرنسا الدولة الديمقراطية ، بلد الحريات وحقوق الانسان ، وراء الدفاع عن هذا الموقف الأوربي الذي هو نفسه موقف الاتحاد الافريقي ..
ففرنسا كانت قبل قطع العلاقات بين الرئيس Emanuel Macron ومحمد السادس ، وتعقيد العلاقات بين النظام المغربي وبين الدولة الفرنسية ، تصوت على القرارات التي يصدرها مجلس الامن بشأن الصحراء ، لكنها كانت تعطل تطبيق هذه القرارات بسبب الصداقة التي كانت بين محمد السادس وبين Emanuel Macron ، قبل ان تعري إسرائيل لقصر الاليزيه Le palais de l’Elysée عن الواقف وراء تفخيخ هاتف الرئيس الفرنسي وهواتف مسؤولين فرنسيين ، بالبرنامج الصهيوني Pegasus الذي اصبح Pegasusgate ..
لذا النظام الموريتاني المدعوم من قبل النظام الجزائري عدو النظام المغربي ، وعدو وحدة التراب المغربي ، ووحدة الشعب المغربي ، يعتبر النظام المغربي ، خاصة مع محمد السادس في موقف ضعف لم يسبق لأي ملك او سلطان علوي ان مر به .. وانّ اعتراف محمد السادس العلني وامام العالم بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، قد شجع النظام الموريتاني على المضي في توطيد علاقاته بالمنطقة ، بما يستفز القصر الملكي ، وليس الشعب ، لانهم يعرفون ان الشعب مغيب في صراع الصحراء ، وان وضع الفقر والتفقير الذي يعيشه ، حوّله الى رعية هامشي ، يبارك ما يقرره قصر الملك ، وحاشيته التي تسببت بخرجاتها الصبيانية في تأزيم قضية الصحراء ، بما يهدد بانفصالها خلال السنتين القادمتين .
وان نحن علمنا كما يعلم كبار المحللين الغربيين ، بان استقلال الصحراء يعني سقوط الدولة العلوية ، فهل سبب الخراب القادم المهدد ، هم أصدقاء محمد السادس الذي كان ولا يزال يجهل الاخطار التي تهدد الدولة ، وتهدد الوحدة الجغرافية ، والترابية ، والشعبية للمغرب ، أي جماعة البوليس السياسي ، وكلاء بوليس صهيون المتسببين في جرائم Moroccogate و Pegasusgate ، الذين حولوا المغرب الى مملكة رعب Une monarchie de terreur .. وتقرير الخارجية الامريكية الأخير عن حقوق الانسان في مملكة محمد السادس ، ومملكة البوليس السياسي ، له أسبابه ودوافعه المشروعة من جهة ، ومن جهة الاحتمالات المرتقبة من وراء هذا التقرير .
ان النظام الموريتاني الذي لا يحترم نظام محمد السادس ، كما كان الحال زمن حكم الحسن الثاني ، والمتحالف مع النظام الجزائري ، والذي يعترف كالنظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، ما كان له ان يذهب بعيدا في استفزازه للنظام المغربي ، لو لم يكن يد للمخابرات الفرنسية في الموضوع . فقصر الاليزيه Le palais de l’Élysée ، يرد صرف Pegasus بالهدوء ، ومن بعيد ، من جهة الرئيس Emanuel Macron قطع كل علاقاته مع محمد السادس الذي اضحى غير مرغوب فيه في فرنسا ، فرحل تائها الى ادغال افريقيا ، التي لن تعوضه الحياة الباريسية La parisienne ، ومن جهة شدد على تأزيم وضعية الصحراء داخل الاتحاد الأوربي الذي لا يعترف بمغربيتها ، ويتمسك بالمشروعية الدولية التي تعني الاستقلال ، وتكوين دولة صحراوية بالجنوب المغربي ، ومن جهة وفرنسا التي أنشأت الدولة الموريتانية بعد فصلها عن المغرب ، مثل فصلها الصحراء الشرقية التي أصبحت جزائرية ، هي وحدها تعرف حجم المخاطر التي قد يشكلها استمرار الحدود بين الدولة الموريتانية ذات النشأة الفرنسية ، بجوار حدود ( امبراطورية ) لن تتخلى يوما عن مطالبها التاريخية في موريتانية وفي الصحراء الشرقية . لذا فالدور الفرنسي بتأجيج الموقف الموريتاني ، الهدف منه ادماج الموريتان بتأييد انشاء دولة صحراوية تصبح حدودها حدودهم ، ويبتعدون عن حدود ( الإمبراطورية ) العلوية التي تهددهم بالابتلاع ..
ومن يعرف الوسائل التقنية للمخابرات الفرنسية ، وكيفية اشتغالها بمنطقة شمال افريقيا ( المغرب ، الجزائر ، وموريتانية ) ، سيستنتج بكل سهولة ، دور قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، او فرنسا ، او الطبقة السياسية الفرنسية ، في تلجيم سياسات الأنظمة السياسية بالمنطقة ، من خلال اللعب على التناقضات بينها ، مرة مع النظام المغربي ، ومرة مع النظام الجزائري ، والنظام الموريتاني صنيعتها دائما في جيبها ..
فلو لم تكن القيادة الموريتانية تدرك حجم الضعف الذي عليه النظام المغربي ، وبالضبط شخص محمد السادس . ولو لم يكن هناك دفع فرنسي للنظام الموريتاني ، باستفزاز النظام المغربي عمدا ، وبالضبط في هذه الفترة التي تعقدت فيها الأوضاع بالمنطقة ، خاصة المغادرة الدائمة للملك محمد السادس عن المغرب ... هل كان للنظام الموريتاني ان يستفز النظام المغربي / القصر الملكي بهذا الشكل الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات بين الأنظمة السياسية الموريتانية ، وبين القصر الملكي .. أي النظام العلوي .. ؟ .
ان موريتانية لا تحترم شخص محمد السادس ، وكذلك النظام الجزائري ، والنظام التونسي ، وغدا انتظروا النظام السعودي ، والاماراتي ... وخلق هذا الوضع الغير طبيعي لمحمد السادس ، وتلعب فيه فرنسا دورها من بعيد ، قد يذهب بعيدا الى اكثر من إهانة محمد السادس واهانة نظامه ، لان من يحدس المعطيات ، ويحدس ما يطبخ ويحضر له على نار هادئة ، من باريس وواشنطن ، وستحظى بموافقة الاتحاد الأوربي ، هو ابعد من شخص محمد السادس الغير مرغوب فيه ، بل هو يخص النظام انْ تم عزل واختيار شخصية تقبل بالإملاءات الغربية ، لاستمرار الدولة العلوية ، أي فرض ملكية برلمانية اوربية من خارج المغرب ، او القضاء على كل الدولة العلوية ، بالعمل على تحريك وتسريع ملف انفصال الصحراء ، لانفصال كل المغرب ، واسقاط الدولة لخلق الكيانات والكانتونات ..
ان تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول حقوق الانسان بدولة الرعب العلوي ، لم يكن بريئا ، ولم يأت صدفة . بل كان تحريضا مباشرا للشعب بالداخل على التحرك ، وتهيئة المناخ جغرافيا لتقبل تغييرا ما ، او لانتظار تغيير ما . وهو يضمر برامج تكرر دور القاعدة الامريكية بالقنيطرة في انقلاب الطائرة في سنة 1992 ، وحتى عِلم المخابرات الامريكية بانقلاب 1971 . فالسكوت الأمريكي / الهدوء الذي يسبق العاصفة ، ورفض البيت الأبيض اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، وتركيز البيت الأبيض على المشروعية الدولية ، وعلى الأمم المتحدة مجزرة الشعوب La battoire des peuples ، والدعوة الى تأييد مجهودات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة Steffen de Mistura ، ليس بالأمر البريء ...
فالدور الأمريكي من خلال تقرير الخارجية الامريكية لحقوق الانسان في مملكة الرعب العلوي ، وفي هذا الظرف بالذات ، وبهذه القوة والجرأة التي لم يسبق لأي تقرير سابق ان كان في مستواها ، مع التركيز على المشروعية الدولية التي تهدد النظام العلوي لمحمد السادس ، وقد تهدد كل الدولة ، ومنها تشرعن لبلقنة المغرب ... ان كل هذه الحيثيات التي يجب استيعابها ليست بالبريئة ....
كما ان دور الجمهورية الفرنسية الدولة العلمانية ، دولة الديمقراطية وحقوق الانسان بالمنطقة ، وقطع العلاقات الشخصية بين الرئيس Emanuel Macron ومحمد السادس ، وبين نظامه وبين الدولة الفرنسية ، وتمادي النظام الموريتاني استفزاز محمد السادس الغائب طول الوقت عن المغرب ، وهي استفزازات لم تكن من قبلِ قبْلَ تدهور العلاقة بين النظام المغربي وبين فرنسا ... ليس بالأمر البريء ، او هو حصل صدفة .. فالنظام الموريتاني ، الى جانب النظام الجزائري ، وحتى التونسي ، وبريادة قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، والولايات المتحدة الامريكية ، بصدد المراهنة على هزة او انفجار بالمغرب بسبب الازمة البنيوية ، حتى تشرعن باريس والبيت الأبيض إمكانية التصرف ضد شخص محمد السادس الغير مرغوب فيه ، بتعويضه بشخص آخر على مقاصهم من نفس العائلة .. وقد يشمل التغير الدولة ، والمدخل ، التسريع بفصل الصحراء ، لتبرير فصل المناطق المرشحة للاستقلال كالجمهورية الريفية التي تنتظرها الجزائر ، وموريتانية ، وتونس ، وباريس ، وواشنطن ، وعواصم الاتحاد الأوربي ، وجنوب افريقيا ... الخ ..
ان هذا السيناريو المنتظر ، وقد يحصل بطرق أخرى ، هو ما يؤكد انّ الصراع بشمال افريقيا ، خاصة صراع الصحراء الغربية ، هو صراع دولي اكثر منه صراع أنظمة المنطقة ..
لذا فان بث المخابرات الفرنسية ، فيديو لمحمد السادس وهو سكران وثمل صباحا في شوارع باريس ، ليس بريئا ، لأنه يحرض الشعب على شخص محمد السادس ، ويسقط عنه امارة المؤمنين بتهييج الاسلامويين ، ويمهد الطريق للفعل المنتظر والمعول عليه كثيرا ، هو انفجار شعبي داخلي ، لتبرير اسقاط نظام وشخص محمد السادس او اسقاط الدولة ..
اني أشم رائحة مؤامرة تدبر ضد وحدة المغرب وضد وحدة شعبه .. الخطر خارجي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط