الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الساكت عن الحق شيطان اخرس...مثلا؟

محمد حمد

2023 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يقول الشاعر الشعبي العراقي عباس چيچان:
يا موطني...ليش انت من دون الدول صاحتْ عليك الصايحه؟".

نعم يا موطني !
كل شيء فيك مثار تساؤل وفضول وشكوك. والحقيقة، حقيقة ما يجري خلف وأمام الكواليس من احداث، شبه غائبة واحيانا يلفّها ضباب مجهول المصدر والهوية. وحتى في ألامور الدينية الصغيرة أصبح من الصعب على الإنسان أن يميّز بين ما هو ديني وما هو دنيوي. لكون رجل الدين أو المرجع الديني، ولا حاجة لذكر الاسماء هنا، يعيش في برج عاجي. وتفصله عن الآخرين عدة حُجب من الصعب جدا اقناع الناس البسطاء باهمية هذا الإجراء المتبع لدى المراجع الدينية.
في جميع بلدان العالم وفي جميع الاديان والطوائف والملل يكون مكان المرجع الديني قريب جدا من اتباعه. ان لم يكن بينهم، الا في العراق. وكانّ المرجع الديني في العراق يخشى اتباعه ويتجنّب التواصل معهم بشكل مباشر.
ومن المعروف منذ القدم ان الناس كانت، وما زالت حتى يومنا هذا، بحاجة الى الدين، ليس بالضرورة لدواعي دينية بحتة. وثمة شعوب خلقت لنفسها آلهة ودينا خاصا بها. فضلا عن حاجة الناس الى "مراجع" دينية تقودهم بشرط أن يرونها بالعين المجردة ويسمعون رنة ودفء صوتها الأبوي. وليس اشباحا تعيش في سرايب أو حوزات مظلمة. كما يفترض برجل الدين. خصوصا اذا كان له كاريزما ومركز حساس، ان ياخذ بيد الاتباع، بل وعامة الناس. كما يفعل بابا الفاتيكان على سبيل المثال. اي ينزل الى الشارع. لان التقرّب والتواصل مع الناس هو من جوهر الرسالة الدينية. يعطي زخما كبيرا لمشاعر الايمان والتديّن والثقة بالنفس بشكل عام. كما يعطي مصداقية ويقوّي العلاقة الروحية بين الطرفين. أما الوقوف في منطقة الظل وخلف ستائر وجدران عالية، ومتابعة احداث العالم بالخفاء وعبر وكلاء أو اطراف ثالثة، فقد يؤدي إلى زعزعة الايمان والثقة معا. ويفتح ابواب التأويل والقال والقيل على مصراعيها.
الشيء الغريب أن لدينا في العراق مراجع دينية عدة وجميعا تحمل القابا وصفات ما أنزل الله بها من سلطان. بين "آية الله العظمى" و "حجة الاسلام" وغير ذلك. كما يُضاف لها عادة وفي نهاية الاسم، صفات أخرى مثل قدّس الله سرّه، ودام ظله وطيّب الله ثراه اذا كان متوفي.
والحقيقة انا لا افهم ما هو سرّ هؤلاء الناس حتى يستوجب، اذا جاز القول، على الله أن يقدّسه ؟ خصوصا وأن علاقتهم شبه مقطوعة مع البشر.
لم يكن الرسول محمد ولا الامام علي بن ابي طالب ولا من جاء من بعدهم، يحمل صفة آية الله العظمى ولا حجة الاسلام او قدّس الله سره، او شيء من هذه البدع التي تدخل في خانة النرجسية والغلو والمآرب الشخصية. وذلك خلافا للشريعة والسنة النبوية.
واذا كانت الآيات القرآنية منزّلة من السماء وهي بالتالي كلام الله، فكيف لرجل، مثل المرشد الإيراني علي خامئني أو غيره، ان يقارن نفسه بآية منزّلة من السماء ويطلق على نفسه أو يطلقون عليه لقب " آية الله". بل آية الله العظمى؟ ولا ادري ما الذي فعله حتى أصبح "آية" من الآيات؟ وكيف لإنسان ليس فيه ميزات استثنائية أو نادرة أن يمنح نفسه مثل هذه الالقاب التي هي حصرا من شان الانبياء كما ورد في سورة مريم: "قال ربّ اجعل لي آية. قال آيتك ان الا تكلّم الناس ثلاث ليالٍ سويّا".
ولعلّ سائل يسأل من اين جاءت صفة العظمة لأشخاص يعيشون بعيدا عن الناس. ويحيطون أنفسهم بهالة من القدسية والتعظيم والغموض والاسرار. وكل مهمتهم كما نتابع هذه الايام هي تحديد هلال شهر رمضان أو شهر رجب او بداية او نهاية العيد...الخ. بدل من إصدار فتوى صارمة ضد الفساد والرشوة وسرقة المال العام.
ان هؤلاء الأشخاص فرضوا على أنفسهم هذا النمط الغير مالوف او متبع في ياقى البلدان وفضلوا العزلة لدواعي معظمها شخصية، حتى يضمنون لانفسهم. بعد رحيلهم عن هذه الدنيا، مقاما رفيعا ومميزا، يليق بالاتقياء والصالحين. وتُشيّد لهم، من قبل البسطاء من الناس، الاضرحة والمراقد الفاخرة التي تكلّف الأموال الطائلة، لتدر فيما بعد على عوائلهم بثراء فاحش. ثم يمنحون درجة امام "قدّس الله سرّه ! ".
لا أعتقد أن المرجع الديني الكبير سوف يخسر شيئا لو ظهر إلى العلن، ولو عبرة تسجيل فيديو من بضع دقائق ولمرتين في السنة، خصوصا ايام الأعياد الدينية التي تهم جميع المسلمين، عيد رمضان والاضحى، وتقديم التهاني والتبريكات دون الخوض في أوحال السياسة وتفرّعاتها. ولا اخطأ إذا قلت أن هذا هو واجب ديني وإنساني واجتماعي يتم إهماله دون وجهة حق ودون تفسير مقنع، من قبل مراجعنا العظام !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟