الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الثالثة/ ماذا بعد مرور عام على المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي

ماجد فيادي

2023 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


النظام الداخلي
هي الحلقة الثانية من النظام الداخلي اتناول فيها قضية فكرية، لها أهمية لا تقل عن أهمية القضايا التنظيمية، خاصة وان النظام الداخلي يعكس ما هية الحزب، ولان الشيوعيين تعرضوا الى التشويه والتنكيل باستخدام تهمة الالحاد، اتناول جملة ضمن النظام الداخلي تقول "يسترشد الحزب في عمله ونضاله، وفي رسم سياسته وبناء تنظيمه، بالفكر الماركسي والاشتراكي، وكذلك يستلهم كل ما هو تقدمي وأصيل في حضارة بلدنا وشعبنا بأطيافه المتآخية، وفي الحضارة العربية – الإسلامية، وفي حضارات شعوب العالم." وجدت في عبارة "والحضارة العربية ـ الإسلامية" إضافة قسرية، فحفزتني ان أوجه السؤال التالي للباحث والكاتب والأستاذ المتقاعد من المعهد البروتستانتي للدراسات الدينية والاجتماعية والتربوية، ومستشار حكومة جنوب مقاطعة بادن فورتنمبرك لشؤون اللاجئين العرب والمسلمين في المانيا الدكتور صادق أطيمش.
سؤال: ـ
هل من الممكن تعديل مفهوم الاستلهام الايجابي من الحضارة العربية ـ الإسلامية، المنصوص عليه في ديباجة النظام الداخلي، الصادر عن المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي، الى الاستلهام من التراث الحضاري لوادي الرافدين، بجميع ما يمثله هذا التراث من قوميات واديان.
الجواب: ـ
تحياتي وشكري الجزيل لطرح هذا السؤال الذي اجده ضرورياً جداً يساعد على مواكبة المسيرة التي يتبناها الحزب الشيوعي العراقي في نضاله اليومي الهادف الى نقل وطننا الى مواقع الحضارة العالمية والتواصل مع الثقافة الاممية التقدمية الساعية لإنقاذ الإنسان من كل ما يسلط عليه من ظلم واجحاف.
الحزب الشيوعي العراقي الذي يرتبط نضاله بكل مفاصل تاريخ العراق الحديث لا يمكنه ان يكون إلا جزءً من هذا التاريخ الذي تبلور خلال عصور مختلفة، وساهمت به كثير من الأقوام التي سكنت هذه البقعة من العالم، حيث اصبح اسم وادي الرافدين رمزاً لحضارات وقيم لم يستطع تقادم العصور على وضعها موضع النسيان، حتى وإن جرى إهمال منجزاتها في حقب زمنية مختلفة تشكل المرحلة التي يمر بها وطننا اليوم مثلاً صارخاً لها.
كل ذلك يجعل الحزب الشيوعي العراقي بما يستند اليه من فكر علمي ونهج تنويري ونضال جماهيري، كأقدر حزب على الساحة السياسية العراقية بإمكانه التعامل مع تاريخ العراق بكل ما يحمله هذا التاريخ، بما في ذلك الحمل المأساوي الذي يمر به شعبنا ووطننا اليوم.
إن ذلك يعني ان الحزب الشيوعي العراقي هو المؤهل الأفضل بين القوى السياسية الفاعلة اليوم على الساحة السياسية العراقية باستلهام احداث وقِيَم تاريخ بلاد وادي الرافدين كوريث موضوعي لتراث جاءت به وسطرت حيثياته جميع الشعوب والأقوام بكل انتماءاتها الدينية والقومية والمناطقية.
حينما تشير وثائق الانتماء للحزب الشيوعي العراقي الى عدم ربط هذا الانتماء بقومية او دين او اي انتساب آخر غير الانتساب للوطن، فإن ذلك يعني ان تاريخ هذا الوطن بكل مفاصله القومية والدينية، وليس العربية والإسلامية فقط، بل الى جانبها ايضاً جميع مفاصل تراث الأقوام الاخرى التي سكنت العراق قديماً وحديثاً، هو التاريخ الذي ينبغي على حزب كالحزب الشيوعي العراقي ان يستلهم تراثه وعليه يبني آفاق نضاله الجماهيري الذي سيعكس روح افكار الحزب الإنسانية وتوجهاته نحو غد افضل، غد مجتمع الرفاهية والعدالة الاجتماعية في الدولة العراقية العلمانية الديمقراطية.
صادق إطيمش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى
بعد السؤال عن تاريخ إضافة تلك العبارة الى النظام الداخلي، اتضح انها اضيفت في المؤتمر الوطني الثامن المنعقد في العام 2007، في زمن اسقاط الصنم واحتلال العراق وإرهاب الحرب الطائفية، المخطط لها ان تتصاعد بطريقة دراماتيكية. من يهتم لمعرفة المزيد عن ظروف انعقاد المؤتمر الوطني الثامن، يمكنه العودة لكلمة الرفيق حميد مجيد موسى التي القاها في المؤتمر، موضحا فيها ظروف تلك الفترة، بالإضافة الى تطلعات الحزب المستقبلية، عبر الرابط التالي
https://www.iraqicp.com/index.php/eighth-conference-documents/33835-2020-03-22-19-58-48
حتى اصل لمعرفة أسباب إضافة تلك العبارة الى النظام الداخلي، ناقشت عدد من الرفيقات والرفاق الذين شاركوا كمندوبين ومهتمين بشؤون الحزب فكريا وتنظيميا، وقد توصلت لرأيين متناقضين، احرص ان اقدمهما الى القراء بحيادية.
يرى الرأي الأول من أسباب إضافة تلك العبارة أنها محاولة لتمييز نضال الحزب عن الأحزاب الشيوعية الشقيقة، وان يربط أولوياته بواقعه الممتد عبر تاريخ العراق الطويل، وما يمكن استلهامه من عمق حضارات العراق منذ زمن الموسوبوتاميا، بمعنى توضيح مدى الترابط الثقافي والاجتماعي بين الفكر الماركسي الذي يستند عليه الحزب وخصوصيته العراقية. هذا يرتبط أيضا ببراءة الحزب من تهمة الالحاد التي الصقت به، بواسطة اعلام بعثي واسلامي وعالمي، مستغلا كل الإمكانيات لزرع فكرة عممها على كل من ينتمي للحزب الشيوعي العراقي، بغض النظر عن انتمائه الديني والطائفي، مرة باقتطاع وتحريف جملة "الدين افيون الشعوب" وأخرى بفتوى المرجع الديني محسن الحكيم ومرات بواسطة أكاذيب حزب البعث المنحل (بشهادة القيادي السابق في حزب البعث السيد حسن العلوي). في فترة عقد المؤتمر الثامن، لم يكن المجتمع العراقي مستعداً ومتهيئاً ان يفتح ابوابه مشرعة للشيوعيين، بدون ان تفند تلك الاتهامات بشكل عملي، فكان إضافة تلك الفقرة ضرورة فرضت نفسها، وهي تتناسب مع انتقال الحزب من العمل السري الى العلني، ومحاولة فتح نافذة بحاجز الوعي في زمن تراجع الثقافة، بعد عقود من حكم الدكتاتورية وتحكم الحروب والحصار بحياة العراقيين، وتأسيس نظام المحاصصة الطائفية الاثنية وشيوع الفساد والارهاب.
اما الرأي الثاني فهو ينطلق من قضية فلسفية وأخرى مبدأيه، الفلسفية تفند أصلا وجود حضارة إسلامية (وهذا ما لم ابحث فيه لأنه خارج نطاق الموضوع) وان الدخول في المحور الديني بهذه الطريقة، يجعلنا نناقش المحظور في مجتمع غير قابل لهكذا نقاش، او ان نسأل عن الإيجابي في الحضارة العربية ـ الإسلامية هل يختلف عما هو في الفكر الإنساني؟. مفهوم ان بعض ازمنة الدولة الإسلامية انتشر فيها العلم واستنساخ الكتب والمكتبات، لكن هذا موجود في تاريخ كل شعب استطاع ان يصنع حضارة، في وادي الرافدين مثلا كانت الالواح الطينية وفي مصر كانت أوراق البردي. اما القضية المبدئية فإنها تكمن في البراغماتية التي انتهجها الحزب بعد سقوط الصنم واحتلال العراق، فقد كانت سببا في إضافة تلك الجملة، وقد صنفوها تراجعا في نهجنا الماركسي وتخلي عن الثورية التي عرف بها الشيوعيون، امام الفكر الديني والقومي المتطرف.
للحديث عن تفعيل تلك العبارة، وكيف جرى ترجمتها في حياة الحزب اليومية، يمكن ان نرصد بعض الممارسات، مثل المبالغة في اظهار التفاعل الإيجابي مع الشعائر الحسينية، الرد على اتهمنا بالإلحاد بإقامة تحالف سائرون الذي فتح الباب للعمل في مناطق ومدن تنتشر فيها المليشيات، وتسيطر عليها الأحزاب الطائفية. في حين يرى المعترضون اننا لم نحقق شيء بعد التراجع الواضح في حجم التنظيم، وهيمنة فكرة رفض الأحزاب على الشارع العراقي، واتهام السيد مقتدى الصدر للحزب بالغدر، وتراجع وجودنا في الأوساط الشبابية، واستغلال تلك السياسة في توجيه المزيد من الاتهامات للحزب، في حين ان المجتمع العراقي ابتعد عن الأحزاب الإسلامية واصبح يبحث عن البديل العلماني القادر على إعادة الأمور الى نصابها.
في الختام اذكر بمناضلي وشهداء الحزب من مختلف الوان الموزاييك العراقي الذين ضحوا بالغالي والنفيس لأجل وطن حر وشعب سعيد، واقترح ان تعدل الفقرة الى "يسترشد الحزب في عمله ونضاله، وفي رسم سياسته وبناء تنظيمه، بالفكر الماركسي والاشتراكي المتطور، وكذلك يستلهم كل ما هو تقدمي في تاريخ شعبنا بأطيافه المتآخية، وفي حضارات شعوب وادي الرافدين والعالم."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح