الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس على حافة الإفلاس: الأسباب!!!

حاتم بن رجيبة

2023 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت صفارات الإنذار بالعويل معلنة عن كارثة وشيكة بتونس: إن لم تستجب الحكومة لطلبات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن العديد من المواد الأساسية كالبنزين والطحين والزيت النباتي ولم تتعهد بتقليص العدد الهائل من الموظفين في السلك العمومي كما إعادة هيكلة جل المؤسسات العمومية فإن إفلاس الدولة التونسية وشيك للغاية!!!

صفارات الإنذار أتت من عمالقة المنطقة: الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية مما يعزز من جدية و هول المصيبة !!! الحكومة الإيطالية بدأت بالصراخ والعويل أمام وشك زحف جحافل الماغول،، الإفريقية،، : عشرات الآلاف من المهاجرين إن لن يكونوا مئات الآلاف على أهبة الإستعداد للهجوم على السواحل الإيطالية متى أشهرت تونس افلاسها بعجزها عن الإيفاء بتعهداتها إزاء خلاص ديونها الخارجية!!!!

سيناريو رهيب بدأ التونسيون بالتمرن عليه منذ شهور: طوابير أمام المخابز والمحلات التجارية ومحطات البنزين والصيدليات!!! الجوع والعطش والفقر المدقع والألم والأمراض والحرمان والسهر على ضوء شمعة والتضور جوعا و موت الأطفال والشيوخ جراء سوء التغذية وفقدان الأدوية الأساسية!!! يا للهول!!!


لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الإنهيار؟؟؟؟ ما هي الأسباب التي لا أحد يذكرها وكأنها سر يحرم البوح به؟؟؟؟


هناك أسباب ظرفية طارئة وحديثة وأخرى هيكلية ومزمنة و لازمت الدولة منذ نشأتها سنة 1956 إبان الإستقلال من فرنسا.


سأبدأ بالأسباب الطارئة والحديثة لأنها هي من أدت إلى انفجار الكارثة وإلى انفتاح أبواب جهنم ليهلك الشعب التونسي في لهبها!!!

بدأت المصيبة الإقتصادية والكارثة باندلاع الثورة أواخر سنة 2010 وبداية ما يسمى بالربيع العربي. الثورة كان يمكن أن تكون بداية المعجزة الإقتصادية لكن للأسباب التي سأذكرها كانت بداية النهاية، فكيف ذلك؟؟؟؟

الثورة التونسية جلبت انهيار الدولة القائمة آنذاك. ولو لم يمسك الجيش التونسي بزمام الأمور لكان الإنهيار الشامل منذ سنة 2010 وليس الآن ، لكانت الصوملة أو الفوضى المطلقة كما في ليبيا والعراق!!

الفراغ الأمني نسف قطاعا مهما جدا في الإقتصاد التونسي ألا وهو: السياحة!!! الدولة البوليسية التي أسسها الحبيب بورقيبة ودعمها بن علي انهارت بانهيار هرم السلطة . لأن الأمن التونسي لم يكن وطنيا بل كان مرتبطا بمؤسسة الرئاسة، لم يكن مواليا للوطن وللشعب بل للرئيس، للسلطان، فمع انهيار السلطان انهار الجهاز الأمني، فعدو رجل الأمن لم يكن اللص والمجرم والمتحيل والإرهابي بل كان الشعب، المواطن!!! لأن هاجس السلطان والرئيس لم يكن المنحرفين واللصوص بل كان الشعب!!! كان دائما يخاف تمردهم.

الإنهيار الأمني أدى إلى بداية الإفلاس. ذلك أن قطاع الخدمات في تونس يمثل أهم قطاع اقتصادي فهو يشغل أكبر قدر من اليد العاملة، كما يضخ قدرا مهما من العملة الصعبة، وأهم قطاع خدمات في تونس هو قطاع السياحة!!! وبدون أمن لن يأتي السائح!!

الثورة التونسية صدرت إلى بلدان الجوار، وأهم بلدان مجاورة لها تأثير محوري على الإقتصاد التونسي هما ليبيا والجزائر. من ألطاف الله أن الجزائر بقيت مستقرة، لكن ليبيا انهارت ومع انهيارها انفتحت مغاور،، علي بابا،، تضخ كل أنواع الأسلحة، فكان بداية صناعة الإرهاب والدم.

بعد الإنهيار الأمني وولادة الإرهاب الإسلامي في الجارة ليبيا، جاء مارد كان مختفيا في أوروبا وفي دول الخليج، برز التنين الأصولي وانقض على كل ثورات الربيع العربي بدون استثناء، و منها تونس. استحوذ الإخوان المسلمون على السلطة في تونس كما في ليبيا ومصر و واصلوا مسار الإنهيار الأمني والقضاء على قطاع الخدمات. مع حركة النهضة توطد الإرهاب الإسلامي وبدأت الحرب الممنهجة ضد قطاع السياحة الذي تعتبره الحركة كقطاع رذيلة: كيف لأصولي إسلامي متزمت أن يقبل بالسائحات ذوات الصدور العارية على الشواطئ و النبيذ و الخمر و المراقص و المجون في كل مكان؟؟ الإرهاب انتشر في كل شبر من تونس بفضل حركة النهضة الإسلامية التي أرسته فكريا ولوجستيا وبفضل الأسلحة الليبية المبعثرة وبرعاية دول أجنبية: قطر وتركيا !!

الإخوان المسلمون كان همهم الأكبر السلطة و إرساء الشريعة. ذلك هو برنامجهم: أسلمة المجتمع الذي يعتبرونه كافرا ومرتدا حسب أدبيات مرشدهم السيد قطب !! لم يكن لهم مشروع اقتصادي أو اجتماعي أو حضاري : همهم الوحيد هو البقاء في السلطة لإرساء الشريعة الإسلامية: دولة متزمتة و أصولية. هذا أدى إلى انهيار قطاع اقتصادي محوري ثان ألا وهو تصدير الفسفاط. كيف ذلك؟؟؟ النهضة لم ترد الصمود أمام المطالب العمالية في ذلك القطاع خشية فقدان المساندة الشعبية إن هي قاومتها بالحديد والنار ما نتج عنه تفجر المطلبية في ذلك القطاع الحيوي فأصابه الشلل التام ولم يعد التصدير في قطاع الفسفاط إلى سالف عهده إلا مع إزالة النهضة كليا من الحكم في جويلية 2021.

أهم ينابيع للعملة الصعبة في الإقتصاد التونسي جفت جراء استحواذ الإخوان المسلمين على الحكم: السياحة و استخراج وتصدير الفسفاط.

ولو لم يتواصل تدفق السياح الجزائريين إلى تونس بعد الإنهيار الأمني والضربات الإرهابية ضد السياح الأوروبيين لكانت الدولة أعلنت افلاسها مبكرا جدا: منذ 2014 . قرابة ال-6 مليون جزائري سنويا بقدرة إنفاق تتجاوز ثلاثة أضعاف السائح الأوروبي أمنوا الإقتصاد التونسي ضد الإنهيار الكامل.

لكن جاءت جائحة كورونا سنة 2019 و تسببت في غياب الإخوان الجزائريين و ما بقي من الأوروبيين: مئات الآلاف من مواطن الشغل المفقودة والمليارات من الإيرادات من العملة الصعبة.أما قطاع الفسفاط فبقي على حاله: مغلقا و مشلولا.

لذلك أرى أن العشرية السوداء وسيطرة حركة الإخوان المسلمين على الحكم أهم سبب في إفلاس الدولة التونسية.

أما عن الأسباب الهيكلية التي تسببت على أمد بعيد في الإنهيار الإقتصادي فهي: الإقتصاد الريعي- المحسوبية - غياب الديمقراطية والمسائلة وكل مقومات الحوكمة الرشيدة- إهمال التصنيع والإعتماد على قطاع الخدمات مثل السياحة و المناجم: الفسفاط. إهمال القطاع الفلاحي- الإحتكار وغياب المنافسة الحرة- الإنفجار الديمغرافي- إهمال قطاع التعليم مع تفشي الإنقطاع المبكر عن التعليم والإهمال الكلي للتكوين المهني. لذلك بقيت تونس دولة متخلفة اقتصاديا ورهينة قطاعات هشة مثل الخدمات والمناجم مرتبطة بالسوق العالمية والإستقرار الأمني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو