الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانتظار القمر؛ مي الصايغ

مهند طلال الاخرس

2023 / 3 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


بانتظار القمر رواية لمي الصايغ تقع على متن 300صفحة من القطع المتوسط والرواية من اصدارات المؤسسة العربية للدراسات والنشر سنة 2002.

تدور احداث الرواية في بيت عائلة فلسطينية سكنت وعاشت في غير مدينتها؛ وتشاء الاقدار ونتيجة احداث النكبة عام 1948 تتشرد العوائل الى بقاع شتى ويكون نصيب هذه العائلة بالعودة الى مدينتها الاصلية[غزة].
وحسب الاحداث فإن المرجح ان المدينة التي سكنتها العائلة هي يافا، والمدينة التي لجأت اليها او عادت اليها هي [غزة]، ومن الحوارات التي تدور بين افراد العائلة يتضح ان العائلة مسيحية وبان احد زوجات الابناء وهي [راشيل] يهودية.

الرواية ذات مضامين اجتماعية ووطنية بحتة، وهي رواية نسوية من الطراز الاول؛ وهذا يتبين من طبيعة الحوارات ومضامينها، علاوة على انه يشي بشيء من طبيعة وشخصية الكاتبة نفسها؛ فهي ثائرة ومناضلة، ثائرة تحمل السلاح باتجاه العدو المحتل واعوانه، ومناضلة تجاه مجتمعها وعاداته البالية والمتخلفة.

وعلى هذين المرتكزين: النضال ضد التخلف والرجعية والعبودية وتبعية الانثى للرجل وانتزاع حقوق المراة، وعلى النضال والثورة ضد المحتل وانتزاع الارض من المحتل واسترداد الوطن المغتصب بنيت احداث الرواية بمجملها.

تدور احداث الرواية بين افراد هذه الاسرة، مرتكزة على ما تنتجه طبيعة العلاقات الاسرية من احوال اجتماعية وعادات وانماط سلوكية لها تداعياتها وافرازاتها السلبية من نكد وخلاف وكيد النساء ولت وعجن وزواج وطلاق ونقل الحكي .. وما الى ذلك من تفاصيل عائلية تخدم فكرة الرواية وتشرع لها الابواب وتفتح لها النوافذ.

ورغم تعدد شخصيات الرواية بتعدد افراد العائلة واصدقائهم وتنوع علاقاتهم وامتدادها وتشعبها إلاّ ان هذا التعدد بدل من ان يمنح الرواية ديناميكية وافق ارحب إلاّ انه اوقع الرواية بشيء من الرتابة والبطيء حتى ان القاريء يحصل ان يتوه ويعود مجددا للامساك بزمام الامور، ويتتبع لسان الراوي كي يقف على احداث الرواية ويتمكن من احداثها الفقيرة، وهذا كله افقد الرواية الكثير من التشويق والمتعة ؛ اضافة الى ان هذه الحوارات جاءت على لسان الراوي فقط مما اضعف الديناميكية التي تتطلبها الاعمال الروائية.

لغة الرواية سلسة وشاعرية وغنية بالصور الادبية، والحوارات جاءت مركبة بحيث تخدم فكرة الرواية ومضمونها الاساسي [انتظار القمر] .

والقمر هنا ذو مضامين مجازية عدة:
اولها ان النضال النسوي تجاه قصاياه المجتمعية مازال بانتظار القمر.
ثانيها ان الثورة المسلحة لا يمكن لها ان تنهض وتستمر دون تقدم المجتمع وتطوره في شتى الدروب والمعارف؛ لذلك فالثورة ايضا بانتظار القمر.

لذلك فإن الرواية تبدأ من عند عنوانها: بانتظار القمر، ومنه تبدا الاحداث وتدور حول فكرة انتظار القمر، وهذا يستتبع سؤالا هاما ومركزيا تطرحه صفحات الرواية باستمرار..
من الذي ينتظر القمر؟ ولماذا؟
ولماذا انتظار القمر دون سواه؟

لنكتشف طبعا حجم الترابط والبث المعنوي والمجازي الذي ارادته الكاتبة من خلال العنوان، خاصة اذا ما عرفنا ان كل علاقات الحب والغرام والامل والمستقبل تبدأ وتنتعش اول خطواتها تحت ضوء القمر؛ إلا ان المجاز الاهم والاجمل المراد توظيفه من خلال العنوان هو ان كلمة السر لعملية انطلاقة الثورة الفلسطينية واعلان الكفاح المسلح سنة 1965 كانت [بإنتظار القمر].

واخيرا، بقي ان نستعرض بطاقة السيرة الذاتية للمناضلة والكاتبة مي الصايغ فهي أديبة وشاعرة ومناضلة وقيادية في منظمة التحرير الفلسطينية وهي ناشطة ومناصلة نقابية ووطنية، عرفت باهتمامها بالقضايا السياسية والاجتماعية والفكرية والدفاع عن قضايا المرأة الفلسطينية والعربية.

ولدت مي الصايغ في مدينة غزة عام 1941 لملاك الأراضي موسى الصايغ أحد كبار مصدري البرتقال الفلسطيني إلى أوروبا، وحين قام الإنجليز عام 1930 بالسماح لليهود بإنشاء مستعمرة "بيار تعبيا" في منطقة المجدل (عسقلان) قام موسى الصايغ ومجموعة من أصدقائه بإحراق المستوطنة، اعتقل على أثرها وحكم عليه بالإعدام فأضربت غزة بالكامل، ما شكل ضغطا كبيرا على حكومة الانتداب البريطاني التي اضطرت إلى الحكم عليهم بالبراءة وخروجهم، لكنه ما لبث أن فارق الحياة بعد أن أصيب بجلطة قلبية توفي على إثرها عام 1950.

درست الفلسفة وعلم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ودخلت معترك الحياة السياسية مبكرا، فانضمت عام 1966 لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في العاصمة الأردنية عمّان. وأصبحت عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح، والمجلس المركزي، والمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1973.

وشاركت في تأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وشغلت منصب الأمينة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ما بين عامي 1971 و1986، وأصبحت عضوا في المكتب الدائم للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي من عام 1975 وحتى عام 1982.

أصبحت مي عضوا في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ومثّلت دولة فلسطين في لجنة المرأة في الأمم المتحدة، ومثّلت المرأة الفلسطينية في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية.

وقادت الجهود النسائية الشعبية لدعم صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني أثناء حصار بيروت عام 1982 من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كتبت الشعر والرواية ونشرت في مجلة "فلسطين الثورة"، و"الآداب" لبنان، و"أقلام" العراق.

صدرت لها أول مجموعة شعرية في عام 1968 وحملت عنوان "إكليل الشوك" ثم توالت أعمالها الشعرية : "قصائد منقوشة على سلسلة الأشرفية" وهو ديوان مشترك عن احداث ايلول الاسود، "قصائد حب لاسم مطارد"، "عن الدموع والفرح الآتي"، "ليت هندا لم تعد".

وحملت روايتها الأولى عنوان "الحصار: سيرة ذاتية" عام 1988، فيما كانت الرواية الثانية بعنوان " بانتظار القمر" عام 2002 وهي موضوع مقالنا اعلاه.

وقدمت عدة أوراق عمل ودراسات نقدية حول المرأة العربية، وصدر لها كتابان في هذا الشأن هما: "دراسات حول المرأة" عام 1981، و"المرأة العربية والفلسطينية" في نفس العام..

توفيت في الخامس من شهر شباط 2023 في العاصمة الأردنية عمّان عن عمر ناهز الـ82 عاما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟