الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دروس المنتخب الوطني.
سعيد الكحل
2023 / 3 / 26عالم الرياضة
الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني لم يأت من فراغ ولم ينتهي تأثيره بنهاية البطولة العالمية لكرة القدم في نسختها القطرية. والفوز على المنتخب البرازيلي في مباراة ودية يؤكد على أهمية إسناد المسؤوليات لمن هو أهل لها. إذ لا بد من استخلاص الدروس من هذه الانتصارات وتعميم تطبيقها على كافة المستويات والقطاعات الحكومية. ذلك أن الفريق الوطني يجسد، بكل جدارة على مستوى كرة القدم، أن "مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس". مغرب جديد يساهم أبناؤه البررة، بكل وطنية صادقة، في بلورة معالمه وصنع ملاحمه التي فجّرت الروح الوطنية في كل مواطنيه داخل المغرب وعبر ربوع العالم، وجعلتهم يفتخرون بالانتماء إليه ويعتزون به. ففي كل المدن والقرى المغربية وعلى امتداد المملكة وكذا في عواصم دول العالم خرجت جموع المواطنين المغاربة تهتف بالمغرب مرددة النشيد والأغاني الوطنيين. فرحة لا يمكن إلا أن تكون نابعة من القلب ومعبّرة عن الروح الوطنية العالية التي وحّدت بين عموم المواطنين. واليوم يعيدنا المنتخب الوطني إلى أجواء المونديال، كما يعيدنا إلى مطلب تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة لتطهير مناصب المسؤوليات من كل الانتهازيين وفاقدي الكفاءة وعديمي النزاهة. وهذا درس بليغ لكل المغاربة على اختلاف مناصبهم ومسؤولياتهم أن الوطنية الصادقة إبداع وتضحية لا يعرفان المستحيل. ومن أهم الدروس التي تفرض نفسها على جميع المغاربة، مسؤولين ومواطنين:
1 ـ الإيمان بالكفاءات والخبرات الوطنية: هذا درس هام لكل مسؤولي المغرب، على اختلاف درجاتهم ومجالات عملهم، أن المدخل الرئيسي لتحقيق انتظارات الشعب المغربي في كل ما يتعلق بالشأن العام هو الإيمان بالكفاءات الوطنية والكف عن الاستجداء والتوسل بالأجنبي منها. وما حققه الناخب الوطني على مستوى كرة القدم ينبغي أن يكون قدوة وحافزا لكل المسؤولين على الشأن العام، المحلي والوطني على السواء، لفتح المجال أمام الكفاءات والخبرات الوطنية أينما وُجدت. إذ من العار مثلا أن يلجأ مسؤولون عن تسيير المجالس الترابية إلى تفويت قطاع جمع النفايات إلى شركات أجنبية كما لو أن المغرب تنعدم فيه شركات وطنية ذات الاختصاص.
2 ـ إسناد المسؤوليات لمن هم أهل لها: إن آفة المغرب التي تعرقل نموه على مستوى كل القطاعات هي المحسوبية والزبونية في إسناد المسؤوليات لمن هم أقل كفاءة وخبرة، وفي نفس الوقت تهميش الكفاءات الوطنية القادرة على تحقيق الإنجازات الجبارة في مجالات تخصصها تضاهي ما حققه الناخب الوطني. فالشعب المغربي يزخر بالكفاءات التي يتم تهميشها عن قصد بسبب طغيان شعار ومعيار "باك صاحبي" الذي ينعكس سلبا على المردودية ويعطل، في نفس الوقت، مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه الدستور. وسبق لجلالة الملك أن شدد، في خطاب العرش 2019، على ضرورة فتح المجال أمام "نخبة جديدة من الكفاءات في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة.. نريد أن نوفر أسباب النجاح لهذه المرحلة الجديدة، بعقليات جديدة، قادرة على الارتقاء بمستوى العمل، وعلى تحقيق التحول الجوهري الذي نريده". إن المغرب فعلا، بحاجة إلى كل كفاءاته الوطنية أينما وجدت، وكل تهميش لها هو جريمة في حقه وفي حق الشعب.
3 ـ الصدق والفعالية أساس الفوز والنجاح وشرط لتعبئة كل فئات الشعب: إن حالة الانسجام المثالية التي خلقها المدرب وليد الركراكي بين كل أعضاء الفريق الوطني لهي نتيجة مباشرة لصدقه ومصداقيته بينهم، كما أنها عامل رئيسي في جعل اللاعبين يبذلون أقصى جهدهم من أجل الفوز وإسعاد الشعب المغربي. لقد نجح المدرب والفريق الوطني في خلق تعبئة شعبية عامة دعما واحتضانا لهم. ولعلها رسالة مباشرة إلى كل مسؤولي المغربي، في مختلف المواقع، أن يتحلوا بالصدق والوضوح وتغليب المصلحة العامة؛ حينها سيجدون كل فئات الشعب داعمة لهم ومنخرطة في المجهود الإنمائي العام. وضعية الإخلال بالمسؤولية وغياب الثقة بين المواطنين والمسؤولين سبق لجلالة الملك أن انتقدها بشدة في خطاب العرش لسنة 2017 كالتالي (ممارسات بعض المسؤولين المنتخبين تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات؛ لأنهم، بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل”. لهذا تساءل جلالته (ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد والشعب وهمومه في واد آخر؟). إذن لا تنقص المغرب الكفاءات الوطنية بقدر ما ينقصه صدق المسؤولين في التجاوب مع مطالب المواطنين وانتظاراتهم.
4 ـ الوطنية مشاعر ومواقف وأفعال وليست شعارات ومزايدات وريع: لقد لمس المغاربة، من خلال تتبعهم لحوارات أعضاء الفريق الوطني وأخبارهم، أن حافزهم الرئيسي لحمل القميص الوطني وخوض المباريات بروح قتالية عالية حتى إن بعضهم تغلبوا على أعطابهم الجسدية دفاعا عن الراية المغربية، ونزلوا لمواجهة منافسيهم في الميدان؛ هو حبهم لوطنهم ورغبتهم في إدخال الفرحة إلى بيوت كل المغاربة أينما يوجدون. لم يطمع هؤلاء في التعويضات المالية والمكافآت التي هي حق من حقوقهم ككل رياضيي العالم، ولا سعوا إلى الحصول على الامتيازات. وهذا درس لكل من يجعل الريع والمال العام محفزه الرئيسي نحو كل مسؤولية أو مبادرة. فالوطنية الصادقة التي تربى عليها أعضاء الفريق الوطني جعلتهم أكثر حبا وارتباطا بوطنهم وشعبهم من تجار الوطنية وسماسرة حقوق الإنسان الذين تخصصوا في مهاجمة المغرب والتشهير به دفاعا عن الإرهابيين والمجرمين والتجار في البشر. لقد جعلوا العالم يتكلم "المغرب" ويهتم به ويتابع إنجازاته الكروية. إنها الصورة المشرقة للمغرب التي صنعها هؤلاء الأبطال بإبداعاتهم الفنية، وجعلوا كل وسائل الإعلام العالمية تتنافس في ترويجها على أوسع نطاق.
إن المغاربة يتطلعون إلى أن يكون لهم فريق حكومي على مستوى الفريق الوطني في الجدية والحماسة والفعالية في تحقيق آمال الشعب في الفرح كما في الكرامة والتنمية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تشديد الإجراءات الأمنية في بولونيا بالتزامن مع مقابلة ماكابي
.. الأهرامات تستضيف اجتماع رابطة أندية العالم تحت تنظيم الشركة
.. محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في ليفربول خلال شهر أكتوبر
.. أون سيت - مايكل أوين نجم ليفربول وريال مدريد السابق يشارك في
.. تفاصيل اشتباكات مشجعي مكابي تل أبيب وعرب.. عمر مرموش ينافس ع