الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترمضينة

عائشة التاج

2023 / 3 / 26
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إنها إحدى تمظهرات رمضان الكريم ، حيث كرم التوترات السلوكية ، اذ ترتفع حدة الغضب لدى بعض الفئات ،ويغدو الركح المجتمعي مسرحا للكثير من المشادات اللسانية التي قد تصل درجة عنف جسدي احيانا .
نعرف جميعنا ان الصيام من الناحية المبدئية والنظرية ليس فقط امتناع عن الاكل والشرب كما هو متداول في المخيال الشعبي.
إذ يحرص الوعاظ على التذكير بضرورة الصوم عن الكثير من السلوكات السلبية حتى يصل أداء هذه الشعيرة ألى مبتغاه الأمثل ،اي الامتناع عن النميمة والكذب والنفاق و الرياء ،وعن استعمال الكلمات النابية ،والتخلص من الأحقاد والغل وما الى ذلك ....
توصيات نسمعها بإسهاب عبر مختلف القنوات الوعظية ،لكن الى حد يتم تطبيقها يا ترى ؟
مما لا شك فيه ،أن الطبع يغلب التطبع ، ومسيرة شهور لن يغيرها شهر ،ثم ان الانسان ابن بيئته ، و محددات البيئة تؤثر الى حد بعيد على سلوكات الكثير منا ، فالإنسان الذي يعيش تحت تاثير ضغوطات كثيرة قد يصعب عليه التحكم في أعصابه كما ينصح بذلك الكثير من الوعاظ بانواعهم .
هؤلاء الذين ينفجرون غضبا تحت التاثير الظاهري للامتناع عن الاكل والشرب ،يختزنون بالضرورة ركامات من الغضب الكامن ،ذلك ان ظروف عيشهم غالبا ما تكون غير مريحة بتاتا ، قد يقطنون سكنا ضيقا يقتسمونه مع عدد من الناس ،فلاينعمون براحتهم داخله ، ويتنقلون في وسائل نقل مكتظة يقضون في انتظارها وداخلها ردحا من الزمن قبل ان يصلوا لعملهم ،
وفضاء العمل مليء بدوره بالتحديات والضغوطات ،فالتفاعل مع الناس المترمضنين بدورهم لا يكون سهلا في هذا الشهر ،
و نضيف شروط تدبير المصاريف اليومية في ظل غلاء فاحش يلتهم جيوب اوسع الفئات دون رحمة .
كيف لا تغضب عندما تذهب للسوق وتجد ان أثمان الخضار الأساسية تضاعفت بثلاث مرات عما كانت عنه ،أضف الى ذلك أثمان اللحوم والسمك والدواجن والبقوليات ووووو
اللهم الا اذا كان الانسان ذو عائدات لا تتاثر بالمستجدات مهما حدث ،او يحسن تدبير الامور بذكاء كي لا يشوش على سلامته النفسية .
كل هذا لا يلغي أهمية الحصانة النفسية ،والبعد الذاتي لكل شخص ،
فتربية النفس سيرورة مستمرة، ويتطلب الامر ان تمسك الأنا بزمام الامور كي لا تتمكن العوامل الخارجية من اختراق الزوايا المظلمة. عبر اي استفزاز مقصود او غير مقصود احيانا يمكن ان ينقر على زر الغضب ثم الانفجار الانفعالي.
قد تكون معتقداتنا هي البوصلة الرئيسية ،واعني بها نوعية الافكار التي نحملها والتي تؤثر على نوعية مشاعرنا
وبالتالي فإدراكنا للأمور محدد رئيسي .
عندما نتفاعل مع الناس فنوعية إدراكنا لتصرفاتهم او كلامهم يحدد نوعية ردود افعالنا ايضا ،والعكس صحيح،فالإيجابية سوف تعطينا تفاعلات إيجابية في الغالب ،والتغاضي او التجاهل ،قد يجنبنا اصطدامات مجانية
اعرف ان هذا كلام نظري وقد لا ينجح مع الجميع
،ومن كان مزاجه حادا بالطبيعة ،قد لا يسهل عليه الامر
عدا هذا تكون نظرة الانسان للصيام ذات دور هام في تحديد سلوكه كصائم يمارس شعيرة دينية ،فنوعية تمثله للشعيرة ،ومستوى روحانيته يؤثر حتما على نوعية سلوكاته
وللاشارة هناك فرق بين التدين الطقوسي الذي يختزل في اداء الشعائر و لو بطريقة ميكانيكية ،وبين الممارسة الروحانية التي تعنى بتربية الروح والاعتناء بالجانب الباطني
فإلى اي حد يطبق النوع الثاني في مجتمعنا ؟

ملاحظة : الترمضينة تعني انفجار الغضب خلال الصوم في رمضان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي