الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد قاسمي محمد بن المسعود

أسامة هوادف

2023 / 3 / 27
سيرة ذاتية


الشهيد قاسمي محمد بن المسعود " سي مهني" (1903- 1957)

ولد محمد قاسمي بقرية بومقر من بلدية نقاوس في 5/01/1903 في أحضان عائلة متوسطة الحال ، تمتهن زراعة الأرض كمصدر وحيد لدخلها اليومي في ظروف كان الأهالي يتخذون من الفلاحة موئلا لسد الرمق ، والحصول على الضروري من الرزق فمع شحه كانوا راضين به على قلته لندرة السيولة النقدية والمنعدمة أحيانا بين أيديهم ، في زمن كانت فيه الإدارة المحتلة تضيق عليهم بفرض ضرائب مجحفة في حقهم لا يستطيعون منها إلا المقايضة بأنعامهم ، فإن تعذر ذلك تصادر أراضيهم مع عقوبة السجن القاسية ، هكذا فتح الصبي مهني حياته على ظلم وجور الاستدمار على قومه يقابله قلة ذات اليد ، ليقوده والده إلى أقرب كتاب لإقراء القرآن الكريم وتحفيظه ، فحفظ ماتيسر له من كتاب الله العزيز الحكيم ، غير أن قساوة الظرف المعيشي يومئذ إضطرته إلى الاشتغال بالفلاحة لمساعدة العائلة ، فترك الكتاب إلى أن حدث بعض الإنفراج جعله يلتحق بجامع سيدي قاسم بنقاوس ، حيث تلقى في حلقات الدرس مبادئ اللغة العربية ، نحوها ،وصرفها ،وشيئا من العلوم الشرعية على أيدي ثلة من الشيوخ الأفاضل الأعلام ، وسرعان ما أشتد نهمه إلى طلب العلم فالتجأ في بداية الثلاثينات من القرن العشرين إلى مدينة قسنطينة منظما إلى الدروس الباديسية بالجامع الكبير ، لينال قسطا من علوم العربية ، وآدابها وقدرا من الفقه وعلم الحديث ، فتاقت نفسه للإستزادة من العلم فالتجأ طالب إلى جامع الزيتونة المعمور بتونس ليعود منه مؤهلا بشهادة الأهلية سنة 1936 إلى مسقط رأسه بومقر مشتغلا بأول مهنة مارسها في مقتبل عمره ، وهي فلاحة الأرض أردفها بتربية الأنعام ، منبريا في نفس الوقت إلى توعية النشئ الجديد من الشباب ، بتلقينه حب وطن الأجداد الأشاوس ، والتمسك بالعقيدة السمحاء ، و الاستعداد لأستعادة الكرامة المسلوبة بالقهر المسلط عليهم من شذاذ الآفاق القادمين من وراء البحر.



وكلها أفكار كان قد خلص إليها بعد الدراسة في تونس، ولقائه مجموعة من أبناء الوطن، الذين تشبعوا بما إطلعوا عليه من تاريخ وأمجاد الأسلاف في المشرق والمغرب العربيين ، في وقت كانت تتناحر فيه دول الحلفاء والمحور في الحرب الكونية الثانية.

وما إنتهت هذه الحرب الطاحنة حتى عاد على اثرها إلى تونس ثانية وإلى جامع الزيتونة الذي تحصل فيه على الشهادة الأهلية ليواصل دراسته به ، وبعد سنوات من الكد نال أعلى شهادة تمنحها وهي الشهادة العالمية التي فتحت أمامه أفقا جديدا ، وهو الأنخراط في مهنة التعليم تحت وصاية جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منضويا تحت لوائها مع مجموعة من علماء الجزائر البارزين كالشيخ أحمد توفيق المدني، والشيخ العربي التبسي ، والشيخ الطيب العقبي ، والشيخ أحمد حماني ، وكان أول منصب نصب فيه معلما بالمدارس التابعة للجمعية العتيدة في قرية بن يخلف التابعة لبلدية مالية التي مكث بمدرستها مدة سنتين ، معلما مربيا و إماما مرشدا فنال بذلك حظوة لدى أعيانها، وشيوخها ، وشبابها ، ثم نقل إلى ناد خالد التي تتوسط كل من منطقة عين الفكرون ، وسيقوس ، وبعد مضي سنتين نقل إلى بلدة زيامة المنصورية من ولاية جيجل ، وصادف وجوده بها إندلاع الثورة التحريرية المباركة ، فكانت له مساهمة فعالة في إيقاظ همم الشباب ممن تمدرسوا على يديه وبلغوا مبلغ الفتوة ، فانخرط الكثير منهم في صفوف المجاهدين تبعا لتوجيهاته وارشاداته الحثيثة ، وفي أوائل السنة الدراسية 1955 نقل إلى مدرسة قرية قنزات القريبة من بوقاعة إلا أن مقامه بها كان قصيرا ، وفي نفس السنة اوقفه الدرك الفرنسي وقاده الى زنزناته في المكان ثم أبعد منفيا الى حاسي بحبح ، ثم ڨلتة أسطيل ، ثم إلى معتقل نوسري بسيدي بلعباس ، وفي سنة 1956 أطلق سراحه بعد عناء طويل من النفي والإعتقال ليعود من منفاه إلى عائلته بنقاوس ، فكان له اتصال بالثوار بمنطقة بومقر مسقط رأسه فعين في مهام قاض بالمنطقة وكان خلالها مقيما ببلدة نقاوس منسقا مع لجانها تحت إشراف صهره الشهيد بلقاسم معامير رفيق مفجر الثورة مصطفى بن بولعيد ، إلا أن عين إدارة الاحتلال كانت تراقبه من بعيد نظرا لمساره النضالي في المناطق التي درس بها ، وفي يوم 1957/12/25 اعتقل من طرف جيش الاحتلال واقتيد إلى ثكنة بريكة مع ثلة من رجال المدينة، حيث تعرض مع رفاقه لأشد ألوان التعذيب تحت الأيادي الآثمة من أزلام المكتب الثاني وبعد مضي أيام قليلة نفذ فيه حكم الأعدام رميا بالرصاص في فيض بوالرتم قريبا من مدينة بريكة أين وجد جثمانه مسجى على قارعة الطريق رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

بقلم الأستاذ فاروق معامير

جمع المعلومات الأستاذ أسامة هوادف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في