الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (٤_٥)

وليد المسعودي

2023 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) ( ٤_ ٥)

الفصل الرابع

الدولة والقرار السياسي في الشرق الأوسط

ايران والقرار السياسي

وفي إيران يظهر القرار السياسي كما هو مؤسس له في الدستور الإيراني حيث السلطة وتعدد مصادرها بدءا بالمحرك الأول لها ، ألا وهو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنائي الذي يملك أوسع الصلاحيات والسلطات تلك التي تتيح له الكثير من تفاصيل التحكم في القرار السياسي كما سبق ان بينا في فصل الاحتكار السياسي للدولة والاقتصاد .. الخ ، ومن صلاحيات المرشد وسلطته تنبثق بقية السلطات تلك التي يتحكم بها الحرس الثوري الإيراني والسلطة القضائية والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي ومن ثم رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب إسلاميا (18)

والأخير لا يمكن أن تتقاطع قراراته وأفكاره وطموحاته بعيدا عن السياسة العامة التي يفرضها النظام الديني على المجتمع أو لا يمكن أن تتقاطع مع سلطات وصلاحيات المرشد الأعلى ، فهي تشكل انبثاق مباشر من توصياته وإرادته ، والسؤال هنا من ينتصر في النهاية الإيديولوجي أم البراغماتي في طبيعة ظهور أو صدور القرار السياسي في إيران أم كلاهما يعيشان " التوأمة " أو التصالح المادي والمعنوي ؟ !
وهل هنالك انفصال بينهما أحيانا خصوصا في دعم السياسة الخارجية ؟ !
إن الايدولوجيا حاضرة بقوة داخل إيران وبشكل سلطوي تحدده معايير الفرض العقائدي المادي قبل المعنوي ، قوة القانون قبل الرضا الجمعي للناس بالاسلمة السياسية ، وبالتالي يشكل هذا الحضور القانوني الأيديولوجي بقاء للحضور البراغاماتي النفعي المادي ، من خلال تعدد وسائل النفوذ الاقتصادي للسلطة الدينية وهرميتها المذكورة سابقا والتي تبدأ بالمرشد وتنتهي بالحرس الثوري والسلطة القضائية الداعمة لهذا التمكن المالي الداخلي والخارجي على حد سواء ، فالحجاب " أيديولوجيا " وتصدير إيران كقوة دينية " أيديولوجيا " هذا ما يجري في الداخل ، من اجل دعم " البراغماتيا " النفوذ السياسي والاقتصادي ، وكلما قل اثر الحجاب وقوة تصدير إيران كقوة دينية خارج البلاد كلما ضعف اثر السلطة السياسية والاقتصادية ، وهنا تحصل عملية " التوأمة " أو التصالح فيما بين الأيديولوجي والبراغماتي ، ولكن كيف سيكون الأمر مع خارج البلاد هل تظل عملية التوأمة هذه حاضرة أم هنالك الانفصال ، وهنا سوف نعطي مثلا بسيطا حول تعامل إيران مع أرمينيا وحضور الغاز المصدر إليها أفضل من تعاملها مع أذربيجان " الشبيهة مذهبيا فقط " حيث تتصدر التبادلات التجارية فيما بينهما يضاف إلى ذلك بالطيع تصدير الأسلحة أيضا ، وأذربيجان بدورها تفتقد لهذه العلاقة ، ولأنها قريبة من تركيا مثلما هي إيران قريبة من أرمينيا وضمن ذات العلاقات التجارية العسكرية ، فضلا عن المشاركة الحدودية والعرقية للجماهير الآذرية ، كل ذلك يجعل الايدولوجيا تنفصل عن البراغماتيا هنا في السياسة الإيرانية لان المصالح أهم من الاقتراب المذهبي خارج حدودها ، كذلك الحال مع التعامل في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وغيرها من الدول يشكل مدا إقليميا سياسيا مصالحيا ضمن ذات السياق ، وهذا الأمر يعد طبيعي جدا ضمن تفكير الداخل الإيراني السياسي فحسب وليس الداخل الشعبي المجتمعي حيث تردي الوضع الاقتصادي وكثرة العقوبات الدولية عليها .
إن القرار السياسي الإيراني يصدر سياسات قادرة على الهضم الإيديولوجي بشكل تام ناجز أم بشكل متعسر سواء في الداخل أو في الخارج ، والهضم الإيديولوجي مصطلح يشير هنا إلى القدرة على صناعة مخرجات فكرية متنامية للأسلمة بشكل يثبتها في ذهنية المجتمع المسلم التابع أو المؤيد أو المتعاطف معها ، فاللذين تهيمن عليهم أشكال حضور الدولة الدينية يكونوا في حالة اكتمال إيديولوجي قادر على الزيادة والنمو فضلا عن الدفاع المستميت عنها بحيث لا يترك أي مجال أو أي تفكير بحريات الآخرين ، وان وجد الآخرون فوجودهم هو وجودا يفوق إمكانيات السيطرة عليهم بشكل إيديولوجي دائم ، على سبيل المثال ، لا يمكن سحب جميع العرقيات المختلفة في إيران إلى نظرية ولاية الفقيه ، فالأكراد لهم مطالبهم بالحقوق القومية وبدولة تراعي الحريات والتعليم الهوياتي الضيق ضمن خانة استمرارية ثقافة الآباء ثروة للأبناء بشكل يشمل التقاليد والاحتفالات الدينية والعرقية فضلا عن التعليم اللغوي الأم ، وهذا ما يصعب على الأكراد تحقيقه في إيران . (19)

لذلك تبقى ولاية الفقيه الدينية غير مهيمنة ذهنيا على الجميع الإيراني ولكن مفروضة كوجود سياسي يستتبع المفروضات السياسية الأخرى كالحجاب والتعليم والقوانين الدينية الأخرى .
إما عن الخارج الإيراني فيظهر الهضم الإيديولوجي متطابقا مع المصلحة السياسية وليس بالضرورة مع هيمنة ولاية الفقيه حيث يكفي التشابه المذهبي والتأييد السياسي الذي يتطلب بالضرورة دعم دول ومؤسسات إعلامية تدافع عن مصالح ليس إيران فحسب بل جميع من يساندها او يتحالف معها ضمن خانة بين من هو موال ومناصر ومدافع أو بين من هو معارض ومختلف وغير مؤيد ، وهكذا نحو " انقسامية " طائفية مجتمعية في العالم العربي .

المصادر والهوامش : _

١٨ _ وهنا تكون الديمقراطية موجهة ضمن التصور الديني لها فحسب دون الدنيوي ، ويمنع وصول أحزاب ورؤساء وقادة لا دينيين
١٩ _ ان الأقليات الكردية (10 % ) تسكن أكثرها في مناطق حدودية لذلك تخاف المركزيات دائما منها ، وهذا الأمر ليس مسيطر فقط على إيران بل هنالك تركيا والعراق أيضا في زمن صدام ، وهذه الأقليات تكون عرضة للتأثيرات الخارجية ، لذلك تبرر السلطات المركزية كل حرب او تعسف او ظلم يقع عليها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي