الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (1 من2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش
أعادت أحداث "محرقة حوارة" في 26 فبراير الماضي إلى الأذهان سلسلة من الجرائم المروعة التي ارتكبها المستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين، وأشعلت أجراس الإنذار حول الخطر الذي يمثله المستوطنون، ليس على حياة الأفراد وأمن القرى الفلسطينية التي يستهدفونها فقط، وإنما على مآلات الصراع وعلى مستقبل وجود الفلسطينيين على أرضهم في ضوء توظيف اليمين الحاكم لجماعات المستوطنين المسلحة، ضمن خطته لحسم الصراع مع الفلسطينيين.
التاريخ حافل بجرائم المستوطنين التي باتت عملا شبه يومي ويشمل قطع طرقات الفلسطينيين، وحرق المزروعات والسطو على المحاصيل الزراعية والماشية، وتسميم آبار الشرب، والسيطرة على الأراضي، وترويع الرعاة والمزارعين لإبعادهم عن أراضيهم. شملت الجرائم كذلك مذابح فظيعة وأبرزها مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل التي نفذها الطبيب المستوطن باروخ غولدشتيان في فبراير 1994، وراح ضحيتها 29 فلسطينيا قتلوا أثناء صلاة الفجر في رمضان. ومن الجرائم المشهودة كذلك جريمة إحراق عائلة دوابشة في يوليو 2015، وحرق الفتى محمد أبو خضير (16 عاما) حيا بعد اختطافه من أمام منزله في شعفاط /القدس في 2014.
لكن واقعة حوارة التي وصفها بعض المعلقين الإسرائيليين ب"ليلة البلور"، تذكيرا بليلة هجوم النازيين على اليهود وممتلكاتهم عام 1938، تتميز بعدد من الخصائص التي تجعلها أخطر من كل ما سبقها من حوادث العنف:
- فهي عملية جماعية شارك بها مئات المستوطنين بينما العمليات السابقة فردية أو من قبل مجموعات محدودة.
- وقوعها تحت سمع وبصر جيش الاحتلال، واستغرق التحضير لها عدة ساعات وعبر سلسلة من الاتصالات وعمليات التحشيد والتجمهر.
- جاءت في ذروة تصعيد تقوده حكومة اليمين لحسم الصراع مع الفلسطينيين.
- مباركة قيادات سياسية ووزراء، وهؤلاء دعموا ما جرى، واعتبروه نموذجا للردع المطلوب تجاه الفلسطينيين.
يربط البعض بين التفاهمات التي جرى إبرامها في لقاء العقبة (بمشاركة ممثلي السلطة الفلسطينية والأردن ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل) وبين محرقة حوارة التي وقعت في نفس يوم الاجتماع، لجهة محاولة الحكومة الإسرائيلية التظاهر بالتزامها التفاهمات، وإلقاء المسؤولية على الفلسطينيين والمستوطنين. لكن حكومة نتنياهو بددت هذه الفرضية من خلال سلسلة الاجتياحات وعمليات القتل التي نفذتها شمال الضفة. كما أن متابعة ظاهرة تصاعد عنف المستوطنين واعتداءاتهم على الفلسطينيين، تخلص إلى أن "نموذج حوارة" كان متوقعا، وهو تتويج لعملية طويلة من التعبئة والتنظيم المستندة إلى بنية تحتية متكاملة. مع دعم حكومي مطلق بتوفير الغطاء السياسي والقانوني، والحماية الأمنية، والتسهيلات اللوجستية من طرق وخدمات وشبكات اتصال حديثة.
طفرة جديدة لليمين المتطرف
عُرف حزب الليكود بوصفه الحزب الرئيسي في معسكر اليمين الإسرائيلي الذي يسمي نفسه باسم "المعسكر الوطني"، وتدور مواقفه حول تعزيز الهوية اليهودية ورفض تقديم أي "تنازلات" للفلسطينيين. وقد نشأت على يمين الليكود حركات أكثر يمينية منه مثل "هتحيا" و"موليدت "، و"تسومت"، والاتحاد الوطني ، و"يمينا". وإلى جانب هذه الأحزاب المشرّعة، تواجدت حركة "كاخ" التي بدلت أسماءها للتحايل على قرارات حظرها. كما ظهرت حركات وائتلافات تدور حول مطلب واحد بعينه، مثل حركة "غوش إيمونيم" الاستيطانية، وحركة "هذه أرضنا" ، وائتلاف "أرض إسرائيل الكاملة". ويمكن ملاحظة امتدادات هذا اليمين المتطرف حتى في الأحزاب التي تصطف في المعارضة حاليا مثل حزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان الذي يعتمد على المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق ويتخذ مواقف شديدة التطرف تجاه القضية الفلسطينية، وحزب "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر الخارج من رحم الليكود. وبشكل عام شكلت هذه الحركات حليفا ثابتا لحزب الليكود، ولكنها كانت تنشأ وتنحل بسرعة ولا تصمد أحيانا لأكثر من دورة برلمانية.
ظل المنحى العام للخريطة السياسية الإسرائيلية هو الانزياح المستمر نحو اليمين واليمين المتطرف، وانتقال ممثلي هذا التيار الأخير من هامش الخريطة السياسية إلى مركزها المقرر، وبوزن مؤثر في البرلمان. حاليا يتمثل تيار اليمين المتطرف من خلال قائمة "الصهيونية الدينية" والتي تعد بمثابة طفرة جديدة أكثر تطرفا وتبنيا صريحا لخيارات العنف وترحيل الفلسطينيين. تشكلت هذه القائمة من ثلاث قوى على أقصى يمين الخريطة السياسية هي حركة الصهيونية الدينية وريثة حزب الاتحاد الوطني، وحركة "عظمة يهودية" وهي امتداد لحركة "كاخ" ، وحركة "نوعم" التي يغلب عليها الطابع الديني، ولأسباب انتهازية حظيت هذه القائمة بدعم معلن من قبل بنيامين نتنياهو في دورتي الانتخابات عامي 2021، و2022 فكانت المفاجأة في الانتخابات الأخيرة أن هذه القائمة كانت ثالث أكبر القوائم الإسرائيلية الممثلة في البرلمان مع 14 مقعدا من أصل 120.
يطلق دارسو الوضع الإسرائيلي على هذا التيار اسم "الحردلية" وهي كلمة مشتقة من كلمتي "ديني متزمت" و"قومي"، فقد عمد قادة هذا التيار إلى إنجاز تسوية انتقائية بين الفكر الديني المتزمت ( الحريدي الذي كان يرفض الفكرة الصهيونية أساسا) والفكر القومي الصهيوني المتشدد. ولعل أبرز من يعبر عن ايديولوجية هذا التيار هو الوزير سموتريتش الذي يدعي أن لا حقوق جماعية للفلسطينيين في "أرض إسرائيل"، فإن شاؤوا تجسيد حقوقهم السياسية والقومية فليقوموا بذلك في السعودية أو سوريا! أما الوزير بن جفير فتغلب على أدائه المواقف الصاخبة والتهديدات التي تمثل امتدادا لعنف الشوارع الذي اعتاد عليه في شبابه المبكر حيث يملك سجلا جنائيا من 53 قضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة