الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (2 من 2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


التطرف والاستيطان
ليس ثمة تطابق كامل بين الاستيطان والتطرف، ولكن يوجد تقاطع كبير بين المفهومين، يتأكد ذلك بدراسة أنماط التصويت في المستوطنات حيث القاعدة الرئيسية لهذه الاتجاهات، أما قوى الوسط واليسار الإسرائيلي فلا أثر لها إلا في المستوطنات الكبرى مثل موديعين ومعاليه أدوميم التي هي فعليا مدن مستقلة أو ضواحي لمدينة القدس. ومن المؤكد وجود امتداد لهذا التيار المتطرف في مدن الساحل بعد أن تحول إلى تيار رئيسي من مكونات الخريطة السياسية الإسرائيلية. ويلاحظ نمو هذا التيار وازدياد وزنه النسبي مع اتساع الاستيطان وزيادة نسبة المستوطنين إلى إجمالي عدد السكان اليهود في اسرائيل، التي ارتفعت من 4% عشية اتفاق اوسلو عام 1993، إلى 12% في العام 2022.
تعد المستوطنات بيئة مواتية وخصبة لانتشار تيار اليمين المتطرف وأفكاره لعدة أسباب، من بينها ارتباط المعتقدات الدينية اليهودية بمواقع قائمة في الضفة الغربية، مثل القدس والخليل، وليس في الأراضي المحتلة عام 1967، ووجود المستوطنين على تماس واحتكاك مباشر بالفلسطينيين سواء من خلال شبكات الطرق أو بسبب سيطرة المستوطنات على أراضي القرى الفلسطينية، إلى جانب ما يتعرض له المستوطنون دائما عبر مؤسساتهم ووسائل إعلامهم من تعبئة وتحريض تظهر الفلسطينيين خطرا وجوديا يهدد بقاءهم ومستقبلهم.
حظيت المستوطنات بدعم مستمر من قبل كل الحكومات الإسرائيلية، التي أغدقت عليها مساعداتها وتسهيلاتها فاعتبرتها مناطق تطوير من الدرجة الأولى. ومثّل إقرار قانون القومية اليهودي في العام 2018 الذي اعتبر الاستيطان "قيمة قومية" للشعب اليهودي دفعة هائلة للمشروع الاستيطاني من خلال طرح مزيد من مشاريع البناء الاستيطاني وإقامة بؤر استيطانية جديدة، واستحداث نمط جديد هو الاستيطان الرعوي.
بنية تحتية للتطرف
مع اتساع أعداد المستوطنين وزيادة نفوذهم السياسي، نشأت في أوساطهم وبدعم حكومي كامل، تشكيلات شبه عسكرية منظمة ومسلحة، وذات اشكال تنظيم أقرب للميليشيات المدعومة بشبكة واسعة من المنظمات والجمعيات الأهلية والأدوات والمؤسسات الإعلامية. فللتغلب على معارضة بعض الأوساط المتدينة والمتزمتة للخدمة في الجيش الإسرائيلي بسبب الطابع العلماني للجيش، طور الجيش والمستوطنون تشكيلات مصممة خصيصا لاستيعاب الفئات المتدينة مثل وحدات دراسة التوراة المعروفة باسم "ييشيفوت سيدر"، وكتائب "نيتسح يهودا"، ولواء كفير. كما انتشرت على نطاق واسع مجموعات مدنية مسلحة مثل شبيبة التلال، وعصابات "تدفيع الثمن"، وكلها مسنودة بمنظمات حقوقية مثل مؤسسة "حانينا"، وجمعية "كلنا أسرى صهيون" ومقرها في الولايات المتحدة، هذه المنظمات تدافع عن عنف المستوطنين في حال ضبطهم يخالفون القانون، وتوفر لهم ولعائلاتهم مساعدات مالية. كما يملك المستوطنون وتشكيلاتهم السياسية والاجتماعية عددا من وسائل الإعلام المهمة مثل القناة 14، ووكالة الأنباء 404، وعدد من الصحف والإذاعات الجهوية والقطرية.
طبيعي أن يعمد المستوطنون إلى حيازة الأسلحة وهم وسط مجتمع مدجج بالأسلحة علاوة على التسهيلات الهائلة التي تقدمها الحكومة للتسلح واقتناء السلاح، ويسعى وزير الأمن القومي بن جفير إلى تتويج كل ذلك بإنشاء "الحرس الوطني"الذي يحتوي كل هذه التشكيلات ويربطها بالجيش مع الحفاظ على خصوصيتها المدنية والاستيطانية.
تُسمع أحيانا في صفوف المستوطنين أصوات تدعو إلى منح حق تقرير المصير للمستوطنين ردا على أي تنازلات سياسية تلوح للفلسطينيين، وبعضهم يدعو إلى إقامة دولة "يهودا والسامرة" إلى جانب دولة إسرائيل، ولكن بشكل عام كان المستوطنون وتشكيلاتهم جزءا لا يتجزأ من أدوات الاحتلال وآلياته التي تتكامل مع عمل الحكومة والمؤسسات الأخرى وتشكل رديفا لها، ويبقى السؤال هو: هل فعلا يملك المستوطنون خيارات سياسية للعمل بمعزل عن خيارات الحكومة الإسرائيلية؟ من المؤكد أن ذلك لا يرتبط بهم فقط، بل بموقف حكومتهم، وكذلك بموقف المجتمع الدولي من القضية الفلسطينية ومن عنف المستوطنين وانفلاتهم المتصاعد، وبخيارات الفلسطينيين الكفاحية في مواجهة عدو لا يكتفي بقمعهم واستعبادهم ولكن يعلن بصراحة عن نية اقتلاعهم من أرضهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-