الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انا والمُحقق والزنزانة؛ سعيد ابو غزة

مهند طلال الاخرس

2023 / 3 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


انا والمحقق والزنزانة كتاب لسعيد ابو غزة، الكتاب يقع على متن 253 من القطع المتوسط، وهو من اصدارات وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله/فلسطين2021.

الكتاب نص سردي سلس كتب بلغة بسيطة بعيدة عن التكلف والتصنع وبفكرة واحدة يشي بمضمونها عنوان الكتاب :" انا والمحقق والزنزانة" هذا العنوان الذي نجح في البوح بمضمون الكتاب وتلخيص محتواه فاستحق الثناء باعتباره عتبة للنص تلج منها مباشرة للمضمون دون اي مواربة او مجاز.

والكتاب يتناول عبر صفحاته 253 حكاية موظف الامم المتحدة الذي اعتقلته اسرائيل على حاجز ايريز لعدة ايام. هذا الحاجز الذي يورد الكاتب كثير من التفاصيل حوله؛ اهمها انه نقطة اصطياد وتجنيد للمواطنين الفلسطينيين وايقاعهم في براثن المخابرات الاسرائيلية بوسائل وطرق شتى ص 149 وحتى 150.

وفي تقليب الصفحات ما يشير الى ان الموظف هو الكاتب نفسه؛ والذي يعمل في غزة ويتجهز لاستقبال مديرة عمله الاممية القادمة من نيويورك الى زيارة وظيفية لغزة، ويكلف صاحبنا بترتيب امور استقبالها وزيارتها ، وينهمك جاهدا في التحضير والترتيب لها، فيأخذ منه هذا الترتيب ماخذه من تعب وسهر وصحو وجهد متواصل لايام.. حتى ان الصباح يستفيق عليه وهو في المكتب مواصلا عمله.

والى حين انتهاء الزيارة يقرر مغادرة المكتب صباحا والذهاب لمنزله ليخلد للنوم والاستراحة، وما ان تتداعبه حبات النعاس حتى يرن جرس هاتفه، فينزعج ويضرب اخماس باسداس، وسرعان ما ينقلب الحال ويتطاير النوم من العينين حين سماعه الخبر عبر سماعة الهاتف غير مصدق، فيسأل ويطلب التاكيد مرة ومرتين وثلاث..ولذلك اسبابه المتعددة التي يوردها الكاتب تباعا.

اخبره موظف الارتباط على الحاجز بصدور تصريحه لزيارة القدس حيث مكتبهم الاممي الاخر في البلاد ..

يطير صاحبنا فرحا ويخبر امه ذات الملامح الفلسطينية الاصيلة بسبب الفرح ... والتي بدورها حذرته من غدر اسرائيل وان جانبها لا يؤتمن وهي صاحبة سوابق لا حصر لها في هذا المضمار، لكن لهفة صاحبنا للاقصى والبلاد منعته من استشعار الخطر الداهم على قلب الام.

يتجهز سريعا وينطلق للمعبر، وهناك يتم اعتقاله، ويساق للتحقيق ومن ثم يزج بالسجن ويحاكم بتهم [الارهاب] الانتماء لصفوف المقاومة وعمله معها في تهريب الاسمنت لبناء الانفاق والاستفادة من عمله الاممي في ذلك من خلال تحويل كميات من الاسمنت للمقاومة .

وهذا الاسمنت يدخل غزة للاستخدام في مشاريع الامم المتحدة هناك وصاحبنا وبحكم عمله فيها مشرفا ومديرا يقتنص الفرصة ويحول كميات من الاسمنت الى غير الغاية المخصص لها، هذا طبعا حسب ادعاءات المحتل وحسب ماورد في التحقيق والذي ينفيه صاحبنا طيلة فترات التحقيق ويسرد البراهين والادلة على صحة اقوله، اضافة الى محاججته للمحققين في طبيعة الصراع على هذه الارض وما الى ذلك من حوارات تجري على لسانه في مواجهة المحققين ..

وبعد ممارسة شتى انواع التعذيب والتحقيق بحقه وباستخدام وسائل التحقيق المتعددة والمتنوعة والتي يستغرق الكتاب معظم الصفحات في سرد تفاصيلها يطلق سراح صاحبنا ويعود الى غزة، ومع ذلك ولهول ما جرى في التحقيق يبقى صاحبنا متشكك في قرار الافراج عنه، ويستمر هذا التشكيك والخوف من اعادة الاعتقال واشياء اخرى، حتى تسليمه على معبر ايريز، وعند هذه النقطة بالذات بقي الشك مستمرا ومستحوذا عليه الى ان يستقبله موظف الارتباط في الشؤون المدنية الفلسطينية على الجانب الاخر من الحاجز، حينها فقط تنفس صاحبنا الصعداء وايقن انه قد تحرر وعاد الى غزة.

تلك الاحداث الواردة عبر الصفحات 221 وحتى 235 والمتعلقة بخبر الافراج عنه [بعد اعتقال لايام فقط] وحتى وصوله لغزة تعتبر الاكثر حيوية وشغفا بالكتاب؛ فهي تصور معاناة الفلسطيني في الكذب والمماطلة والتسويف من جانب المحتل، وفي جانب اخر تشي بعدم الثقة في كل اجراءاته والمقصد والمراد منها حتى وان ادعى المحتل بغير ذلك، طبعا هذا مرده الى اسبقياته العاطلة والمقيتة في هذا المضمار. وهذا كله يضاف الى نجاح الكاتب هنا وفي هذه الصفحات بالذات بتصوير متعة الحرية بعد الاعتقال والقدرة على رصد حركاتها وكلماتها وانفاسها الصامتة وما يختلج الصدور من شك بحقيقة مايجري، الى ان ينتهي الموقف بالتاكد من الحرية ومايرافق ذلك من شعور مختلط بالفخر والاعتزاز والالم والامل بغد افضل خالٍ من الاحتلال ومنغصاته.

بغية تحقيق الفائدة والمنفعة الوطنية المرجوة من هذه التجربة، وهنا بالذات تكمن قيمة واهمية هذا الكتاب؛ والذي يعد:

اولا شهادة حية على واقع التحقيق والمعتقلات وما فيها من اجراءات واساليب وادوات للتحقيق والتعذيب.

وثانيا يعد الكتاب وثيقة جرم وادانة للمحتل وفضح ممارساته السادية والعنصرية بحق ابناء شعبنا المناضلين.

وثالثا الكتاب يصلح لدراسة التجارب النضالية في المعتقل بغية التصويب والاضافة بما يضمن استمرار العملية النضالية عند الاعتقال باقل الخسائر والكلف.

رابعا الكتاب كغيره من الكتب التي كتبت في هذا المضمار يقدم كثير من الدروس التي يستفاد منها في تجربة التحقيق والاعتقال... ونحسب للكاتب ما اورده في ص 71 حين قال:"لقد اثمرت قراءاتي لادب السجون ثمرا وفيرا من المعلومات والقدرات لاحاور واواجه هذا المحتل والمُختل عقليا بكل ما اوتيت من قوة..".

ونحسب له ايضا تأكيده على ماتوصل اليه اعلاه في الصفحة 132 حين قال:" في التحقيق لن تندم على الوقت الذي استثمرته في قراءة كل ورقة أمنية وثورية خرجت من المعتقلات، فأنضجتك أمنياً، وثورياً لهذا اليوم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح